دخلنا - جميعا- فى ساحة جدل عقيم وسخيف - منذ شهور- حول (المحاكمات العسكرية)، وتمسك البعض خلالها - فى زرزرة ونحنحة- بضرورة الغاء تلك المحاكمات، وبالا يحاكم المصرى الا امام قاضيه الطبيعى، واحاط ذلك طقس من احياء الشعارات الساقطة والخائنة عن العسكر وحكمهم، ومحاولات مستميتة من فلول جماعات النشطاء ومجالس الحكماء والائتلافات الثورية والمجالس الثورية التنفيذية لتصنيع حالة شعبية تعادى القوات المسلحة، وهو ما فشلوا فيه على نحو كاسح، كونهم - او من يمولوهم ويحرضوهم- غير مدركين للوشيجة الفريدة التى تربط المصريين بجيشهم.. على اية حال - وبالحاح من بعض اعضاء لجنة الخمسين لاعداد الدستور الذين احاطهم رفض جماهيرى او شكوك وعدم ارتياح- فقد انعقدت الارادة على دستور صادق عليه الناس فى استفتاء شعبى، وتحددت - ضمنه- مبررات المحاكمة العسكرية فى الهجوم على منشأة عسكرية او الافراد العسكريين اثناء ادائهم خدمتهم ومهامهم المكلفين بها لحماية الوطن او الاضرار بالمعدات العسكرية. وبالطبع فان معنى ذلك الكلام يعنى تجريم وتأثيم (الاعتداء المباشر على القوات المسلحة وجعله من اختصاص المحاكم العسكرية).. فما هو القول - ياترى يا هلترى- فيما كشف عنه وزير الداخلية اللواء محمد ابراهيم - مؤخرا- من تفاصيل جديدة فى قضية التخابر المتهم فيها المخلوع المعزول محمد مرسى، والتى تشير الى قيام بعض المتهمين بتوجيه من ذلك الرئيس بتهريب وثائق خاصة بتسليح الجيش من الخزائن الحديدية لرئاسة الجمهورية بعد ان انعقدت نواياهم على تسليمها الى حمد بن جاسم رئيس الوزراء القطرى السابق ومذيع مصرى يعمل فى قناة (الجزيرة)؟!.. اذ ان اى منطق عاقل يقودنا - على الفور- الى ان تلك العملية هى اعتداء صريح ومباشر على القوات المسلحة، ومن ثم فإن المحاكمة العسكرية تصبح - تلقائيا- هى المختصة بنظر الوقائع والحكم فيها. ان التعثر الاجرائى والبطء الشديد فى اجراءات جميع قضايا محاكمة مرسى وعصابته، صار امرا ضاغطا على اعصاب افراد الشعب، وعلى حقوقهم فى الثأر والقصاص ممن عبثوا بمقدراتهم وقتلوا أبناءهم او حرضوا على ذلك.. اختصاص المحاكم العسكرية فى هذا الامر لم يعد يحتمل لجاجا او رغيا، ودعونا نفرغ من تلك الصفحة ونطويها، ونتطلع الى كتابة نص المستقبل. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع