هذا الذى تمارسه الجماعة منذ أكثر من ثمانية أشهر تحت وهم الاعتقاد بقدرة أعوانها على إحداث الفوضى وإرباك الدولة من خلال تسيير مظاهرات العنف وتصعيد وتيرة الإرهاب لا يكشف فقط عن غباء وعناد الجماعة وإنما يكشف عن جوهر المأزق الذى تعيشه هذه الجماعة عندما تصر على فكر جامد لا يتجاهل فقط حقائق التاريخ وإنما يعكس إصرارا على البقاء خارج التاريخ. نحن إزاء جماعة ترتكز فى وجودها إلى أوهام عدم الاعتراف بالحدود والخرائط وتروج لمغالطات ملفوفة بضباب الوهم بشأن إعادة استنساخ دولة الخلافة التى تمتد من أندونيسيا شرقا حتى شواطيء المغرب على حافة المحيط الأطلسى غربا ودون النظر لطبيعة التوازنات الدولية الراهنة التى لم تعد تسمح لأحد بأن يتصور امتلاك القدرة على العبث فى خرائط الدول وعلامات الحدود. والحقيقة أن أكثر ما يغيب عن قادة الجماعة - فى الداخل والخارج - أن محاولة تفكيك الدولة المصرية محكوم عليها بالفشل لأن الشعب المصرى يعلم تماما أن تفكيك الدولة هو المقدمة لتفكيك الوحدة الوطنية والوحدة الجغرافية والوحدة السياسية لأرض وادى النيل التى عاشت وحدتها واستمرت لآلاف السنين من خلال بوتقة انتماء عميقة امتزجت فيها مياه النهر مع دماء المصريين الذين صنفوا أسطورة الاستهانة بالموت طلبا للحياة! ولست أتجاوز الحقيقة إذا قلت إن جوهر أزمة الجماعة منذ نشأتها يتمثل فى غياب الإرادة المستقلة فقد نشأت بمباركة المخابرات البريطانية عام 1928 إلى الحد الذى لم ينكر كثير من قادة الجماعة الذين انشقوا عنها أن الهامش الضيق بين إرادة المخابرات البريطانية وإرادة قيادة الجماعة كان يختفى ويتلاشى فى أحيان كثيرة وهو الأمر الذى ينسلخ حاليا على العلاقة بين أمريكا والجماعة بشكل عام وكذلك العلاقة بين قطر وتركيا من ناحية والجماعة وحلفائها من ناحية أخري! ويحسب لثورة 30 يونيو أنها أيقظت الخلايا النائمة وأجبرتها على النزول إلى الشارع بشكل همجى وعشوائى على شكل أشباح هائمة وفلول تائهة! خير الكلام: عناوين الفشل ثلاثة... الجدل والمكابرة والإصرار على الخطأ ! لمزيد من مقالات مرسى عطا الله