عرض هذا الأسبوع الذى شاهدته لك فى مسرح الطليعة أحب أن أسميه «ليلة جنوبية» إلى جانب الاسم الأصلي وهو «هاى يا ليلة هوى». إنه باختصار الصعيد.. صعيد مصر بالغ الثراء فى الآثار وفى الإنسان وفى الفن وفى الحكاوى وفيه تقريبا مصر التى لم يتعرف عليها عدد ليس بالقليل من الجمهور المصرى أو لنقل أبناء العاصمة والمدن وبالطبع الشمال. العرض كتبه وأخرجه شاذلى فرح وهو من أبناء الصعيد الجوانى الذى تعرف على هذا المكان العزيز من أرض الوطن وتعرف أيضا على تلك العلاقة بين ماضيه وحاضره الآن.. البشر.. العادات.. الحكايات. كل ما يتعلق بالجنوب ليقدم لنا هذه الليلة الجنوبية التى تحمل الصدق فى كل ملامحها. لدينا فى البداية ديكور مصرى قديم يحتوينا بمعنى أنه ينتشر على جوانب خشبة المسرح فتحتوى المتفرجين ولنجد أنفسنا تراجعنا إلى آلاف السنين فى مصرنا الفرعونية القديمة. وعلى خشبة المسرح يبدأ العرض لأسرة من الصعيد تختفى لنشاهد أسرة أو مجموعة من الصعيد أيام الفراعنة بملابسهم المعروفة وحكاياتهم التى قد لا تختلف عن حكاياتنا حاليا.. علاقة الحب بين الفتاة والشاب، والعلاقات الإنسانية بصفة عامة بين الحديث والقديم وفرق راقصة بديعة تقدم الرقص الحديث.. ثم رقص من أيام الفراعنة بالملابس الجميلة التى لا يخطئها عين أى متفرج، بل أى إنسان على وجه الأرض. وهنا أقول إن الملابس والأزياء كانت من عناصر نجاح هذه الليلة الجنوبية كما كان الديكور أيضا من عناصر هذا النجاح، وكان التغيير الوحيد عندما تتحرك إلى مصر الحديثة أى مصر الصعيدية هو تلك اللوحة الكبيرة التى تنزل لتقدم لنا بيوت الصعيد الحالية ومنظر البيوت وأيضا مناظر الزخارف التى تحملها بعض هذه البيوت. مزج رائع للقديم والحديث وهو أمر طبيعي للمؤلف والمخرج الصعيدى فعندما يكون لدينا المخرج هو الكاتب نجد أننا أمام ما نصدقه بالفعل.. العرض قدم أيضا بعضا من المرح كما قدم لنا الشاعر أو المؤرخ التاريخي الذي يجلس إلى جانب المسرح ليقدم لنا رؤيته أو ما يشبه المؤرخ الذى يكتب التاريخ.. الممثلين كانوا فى الصورة الجيدة خاصة وقد كان عددا منهم ليس بالقليل كبير الشبه بنساء ورجال الصعيد، خاصة بالنسبة للمكياج.. ماكياج العين بالكحل الثقيل للمرأة.. كما كان الماكياج للمصريين ؟؟ يعطى نفس ما نشاهده على آثارنا العظيمة التى يحتضن معظمها مناطق صعيد مصر.. وبالطبع من المؤثرات المهمة فى أى عرض مسرحى أن تكون موسيقاه وأغانيه حية.. بمعنى أنها موسيقى غير مسجلة بل تنطلق من فرقة موسيقية شعبية مع مطربة تقدم هذا اللون من الغناء. وقفة صغيرة للمؤلف والمخرج شاذلى فرح قد تفيد العرض الجيد وهو بعض الاختصار حتى لا تؤثر الإطالة على العمل.