من حسن حظي أن شاهدت هذا الأسبوع مسرحية كنت أتوقع أن يلازمني الحزن والأسي, ولو أنه الحزن الجميل الذي يدفع الإنسان عادة الي نبذ مانراه مؤثرا بالسلب علي المجتمع وبالذات في صعيد مصر. حيث الثأر مازال ذلك المرض العضال بهذا المكان الغالي من أرض وطننا مصر. لكن لم أكد أنس مشهد ذلك الجثمان الراقد أمامنا علي خشبة الموتي قبل أن يوري التراب حتي بدأت أتنفس بلحظات سعادة حقيقية مع بداية الرقص بالعصي أي التحطيب المشهور أيضا في الصعيد ثم تتوالي مشاهد العرض الذي يحلل أو يبحث من هو الجاني الذي قتل هذا القابع في صندوقه أخذا بالثأر بطبيعة الحال.. لدينا المحقق الذي يحاور ويتحاور مع كل من المشتبه فيهم ليقدم لنا من خلال هذه التحقيقات صورة لأهالي صعيد مصر, ولكن هنا الصورة وإن كانت تقدم تقاليد وعادات هذا الإقليم الجنوبي إلا أن المخرج ببراعة شديدة حول بعضا بل كثير من مشاهد العرض الي لحظات مليئة بالسخرية والكوميديا التي تنطلق من المواقف وليست من تلك المفروضة علي العرض. لدينا الفتاة الصعيدية ولدينا الرجل ولدينا أهم المتهمين في هذه الجريمة ولدينا أيضا بهلوان القرية الساخر الذي يرقص طربا وهو لايدري أي شيء من حوله وهكذامعظم نماذج ذلك البشر النقي, برغم تملك تلك العادة العميقة فيهم وهي عادة الأخذ بالثأر خرج بنا النص.. بمعني العرض فالنص كتبه رأفت الدردير منذ أكثر من ثلاثين عاما ولكن هذا العرض وهو المنسوب أساسا للمخرج إميل شوقي خرج بنا من هذه المشاهد الي البحث عن ثورة25 يناير.. من فقد حياته فيها ومن إعتدي علي الثوار الأبرياء لينضم في النهاية المحقق الذي تاه بين الأقوال المتضاربة الي أن يخلع رداءه الرسمي ليظهر من تحته ملابس الصعيدي الذي حاول الوصول بكل الطرق الي مايبغيه من حظ في العمل لكن البعثة التي كانت من حقه ذهبت لآخر قد لايستحقها ليظهر لنا أنه هو شخصيا معتدي عليه إذن أن الكل هنا مجني عليه. براعة المخرج في تحريك الشخصيات بطريقة جديدة تماما من خلال مقعد متحرك في وسط المسرح وبراعته في تقديم حركة جيدة وبسيطة في الوقت نفسه للممثلين تم تقديم قبل النهاية للغازية التي هي أيضا من المظاليم مع رقصات بسيطة وجو ممتع في الوقت الذي نبحث فيه عن الجاني. لدينا مجموعة من الممثلين أصفهم يالموهوبين بالفعل ومنهم المحقق مجدي فكري وهاني النابلسي في دور البصاص ومراد فكري في دور الغندور ثم عبير الطوخي في دور مرة وسمية عب دالهادي في دور جليلة ونهاد سعيد في دور الغازية وحسان العربي في دور أبو قردان والواقع أن الكل قدم دوره بالأسلوب والطريقة المثالية للأداء. شكرا علي مسرح يجذب المتلقي المتفرج برغم برودة الجو الذي حضرت فيه العرض.