الراب والأندرجراوند والمهرجانات.. حكايات من نبض الشارع    فتاوى.. عدة الطلاق أم الوفاة؟!    فتاوى.. بلوجر إشاعة الفاحشة    يصل إلى 8 جنيهات، ارتفاع أسعار جميع أنواع الزيت اليوم في الأسواق    النيل.. النهر الذي خط قصة مصر على أرضها وسطر حكاية البقاء منذ فجر التاريخ    الري تعلن رقمنة 1900 مسقى بطول 2300 كم لدعم المزارعين وتحقيق حوكمة شاملة للمنظومة المائية    بعد تهديدات ترامب للصين.. انخفاض الأسهم الأوروبية    ترامب: سأتحدث في الكنيست وأزور مصر.. ويوم الاثنين سيكون عظيما    ترامب يعتزم فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 100% على الصين    بعد فوزها بنوبل للسلام.. ماريا كورينا تهدي جائزتها لترامب    بعد اتهامه بالتعسف مع اللاعبين، أول تعليق من مدرب فرنسا على إصابة كيليان مبابي    بعد رحيله عن الأهلي.. رسميًا الزوراء العراقي يعين عماد النحاس مدربًا للفريق    التعليم: حظر التطرق داخل المدارس إلى أي قضايا خلافية ذات طابع سياسي أو ديني    حريق يثير الذعر فى المتراس بالإسكندرية والحماية المدنية تتمكن من إخماده    حرب أكتوبر| اللواء صالح الحسيني: «الاستنزاف» بداية النصر الحقيقية    وفاة المغني الأسطوري لفرقة الروك "ذا مودى بلوز" بشكل مفاجئ    بالأسماء، نقابة أطباء أسوان الفرعية تحسم نتيجة التجديد النصفي    عيار 21 يسجل رقمًا جديدًا.. انخفاض أسعار الذهب والسبائك اليوم السبت بالصاغة    أطباء يفضحون وهم علاج الأكسجين| «Smart Mat» مُعجزة تنقذ أقدام مرضى السكري من البتر    استعداداً لمواجهة البحرين.. منتخب مصر الثاني يواصل تدريباته    أولياء أمور يطالبون بدرجات حافز فنى للرسم والنحت    بالأسماء.. إعلان انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء في القليوبية    «الوزراء» يوافق على إنشاء جامعتين ب«العاصمة الإدارية» ومجمع مدارس أزهرية بالقاهرة    عمرو أديب: شيء ضخم جدا هيحصل عندنا.. قيادات ورؤساء مش بس ترامب    محمد سامي ل مي عمر: «بعت ساعة عشان أكمل ثمن العربية» (صور)    مصطفى كامل يطلب الدعاء لوالدته بعد وعكة صحية ويحذر من صلاحية الأدوية    الموسيقار حسن دنيا يهاجم محمد رمضان وأغاني المهرجانات: «الفن فقد رسالته وتحول إلى ضجيج»    أسعار التفاح البلدي والموز والفاكهة في الأسواق اليوم السبت 11 أكتوبر 2025    موسم «حصاد الخير» إنتاج وفير لمحصول الأرز بالشرقية    تصفيات كأس العالم 2026| مبابي يقود فرنسا للفوز بثلاثية على أذربيجان    مع برودة الطقس.. هل فيتامين سي يحميك من البرد أم الأمر مجرد خرافة؟    برد ولا كورونا؟.. كيف تفرق بين الأمراض المتشابهة؟    وصفة من قلب لندن.. طريقة تحضير «الإنجلش كيك» الكلاسيكية في المنزل    بمشاركة جراديشار.. سلوفينيا تتعادل ضد كوسوفو سلبيا في تصفيات كأس العالم    فلسطين.. 155 شهيدًا خلال 24 ساعة رغم بدء سريان وقف إطلاق النار    حروق من الدرجة الثانية ل "سيدة وطفلها " إثر انفجار أسطوانة غاز داخل منزلها ببلقاس في الدقهلية    العراق: سنوقع قريبا فى بغداد مسودة الإتفاق الإطارى مع تركيا لإدارة المياه    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. ترامب يعتزم عقد قمة مع دول عربية وأوروبية خلال زيارته لمصر.. الخطوات التنفيذية لاتفاق شرم الشيخ لوقف حرب غزة.. وانفجار بمصنع ذخيرة بولاية تينيسى الأمريكية    ترامب: اتفاقية السلام تتجاوز حدود غزة وتشمل الشرق الأوسط بأكمله    13 ميدالية حصاد الناشئين ببطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالعاصمة الإدارية    د. أشرف صبحي يوقع مذكرة تفاهم بين «الأنوكا» و«الأوكسا» والاتحاد الإفريقي السياسي    من المسرح إلى اليوتيوب.. رحلة "دارك شوكليت" بين فصول السنة ومشاعر الصداقة    وزارة الشباب والرياضة| برنامج «المبادرات الشبابية» يرسخ تكافؤ الفرص بالمحافظات    وزارة الشباب والرياضة.. لقاءات حوارية حول «تعزيز الحوكمة والشفافية ومكافحة الفساد»    15 أكتوبر.. محاكمة أوتاكا طليق هدير عبدالرازق بتهمة نشر فيديوهات خادشة    التصريح بدفن طالب دهسه قطار بالبدرشين    مقتل كهربائى بالمنصورة على يد شقيق طليقته بسبب خلافات    غادة عبد الرحيم تهنئ أسرة الشهيد محمد مبروك بزفاف كريمته    صحة الدقهلية: فحص أكثر من 65 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية    هالة صدقي تهنئ الإعلامية إيناس الدغيدي بعقد قرانها: "تستاهلي كل خير"    انطلاق بطولة السفير الكوري للتايكوندو في استاد القاهرة    جنوب سيناء.. صيانة دورية تقطع الكهرباء عن رأس سدر اليوم    تفاصيل طعن مضيفة الطيران التونسية على حكم حبسها بتهمة قتل نجلتها    جلسة تصوير عائلية لنجل هانى رمزى وعروسه قبل الزفاف بصحبة الأسرة (صور)    فوز أربعة مرشحين في انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء القليوبية وسط إشراف قضائي كامل    أدعية يوم الجمعة.. نداء القلوب إلى السماء    أصحاب الكهف وذي القرنين وموسى.. دروس خالدة من سورة النور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 10-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفقر قرية
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 03 - 2014


ولاتعلم بناتها ...
وانتم تطالعون هذه التقارير الباكية المؤلمة ، لعلكم مثلى تفكرون فيما أفكر فيه ألان وهو السؤال عن تلك الجمعيات الأهلية الخيرية التى تصدع رؤوسنا ليل نهار عن عطائها وانجازاتها وأفعالها الخيرية العظيمة وكل هذا الفقر مازال يسيطر وتوغل وينتشر ويفترس مئات بل الآف من قرى ونجوع صعيد مصر وريفها.
فأين إذن تذهب هذه الأموال التى تجمعها تلك الجمعيات بالملايين من التبرعات إذا لم تكن تذهب الى هؤلاء الفقراء والمكلومين ، ام أننا أمام مؤسسات خيريه تفتقد الخطة والمعلومات والرؤية ، فتاهت تبرعاتنا ولم تصل إلى مستحقيها .
بطبيعة الحال لن أحدثكم عن ألاف الجنيهات التى تنفقها هذه الجمعيات والمؤسسات على إعلاناتها بالفضائيات لكى تتفاخر بانجازاتها وخيرها ورعايتها الشاملة للمهمشمين والمحتاجين ، ولن أحدثكم أيضا عن وصف مصر الفقيرة فى الصعيد التى لاتعرفها الحكومة والإعلام ولاعن أحوال الآلاف من القرى والنجوع المترامية فى أحضان الجبال والثأر والعزلة والتلوث والمرض وقسوة الحياة حتى ظننا انها فارقتنا و تقطعت صلات أرحامها ..
إنما سأحدثكم عن قرى فى الصعيد حتى الآن لاتعلم بناتها وقد تندهش أكثر عندما تعلم ان ان هذه القرى فى محافظة المنيا بلد هدى شعراوى أهم وابرز ناشطة وقيادة نسائية مصرية وعربية فى القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين ، فبنت المنيا التى سافرت الى باريس وامستردام وروما عام 1923 تتحدث عن حرية المراة والبنت المصرية وحقوقها فى التعليم والعمل وقامت بتأسيس اول « ايجبتن « اول مجلة نسائية ناطقة بالفرنسية .. كم اشعر بحسرتها وهى فى قبرها على بنات قرى محافظتها وهن محرومات من التعليم بأمر الفقر واحيانا العادات والتقاليد ..
لقد كنت اعتزم ان احدثكم الان عن « عرق ابو الجود - الجرما - كوم التين - نجع فانا – مزروع – نجع نجم – الهماملة – سيد على – و الخرابة والسلسله والبربيطة واولاد سعداوى – مفوز صيبة – كفر المغربى – قصر الرقيب – قصر لملوم – بنى وركان – المسيد –برمشا – زاروية برمشا- برطباط وكفر الصالحين ) اشهر قرى ونجوع مراكز مطاى وبنى ومزار والعدوة ومغاغه وكيف ان الفقر نجح فى ان يمنع هذه القرى من أن تعلم بناتها ولكن تراجعت حتى لاازيدكم ألما وحسرة واستغراب مثلما استغربنا .. التفاصيل المؤلمة كثيرة والحكايات الحزينة عن الفقر وجرائمه لاتنقطع .. ولكن ولأننا وكما قلنا من قبل قد قطعنا على أنفسنا عهد بأننا سنستكمل وصف مصر الاخرى التى يعرفها الكثيرين .. فإن للحديث بقية ولقرى مصر حكايات اخرى.

«الحجيرات »
من لم يمت بالفقر .. مات بالثأر
قنا أسامة الهوارى:
«الفقر والثأر « قرينان يكشران عن وجه واحد يطل هناك داخل قرية الحجيرات او قرية الدم والفقر كما يسميها اهالى محافظة قنا , بل اهلها ذاتهم يعترفون بذلك فالدولة غابت عنها لعقود وتركتها فى فقر مدقع كما «يسميه اهل الصعيد هناك «الذى يرفض ان يغادر اركان الحجيرات , طلقات الرصاص لاتتوقف داخل القرية وسلسال الدم ايضا لا يندمل من جرح غائر يحتاج الى مشرط الدولة لكى ينجى 35 الفا من البشر يعيشون حياة لا انسانية وفى الوقت ذاته حياة غير آمنة فمن لم يمت بالمرض مات بالرصاص هكذا هى الحياة هناك .
احمد عمر احمد اول من صرخ امام «الاهرام» قائلا نحن نموت بالبطئ والدولة غائبة ويشير بكلتا يديه لجركن مياه قائلا لنا انه جاء حاملا اياه من قرية ملاصقه لقريتهم بسبب تلوث وملوحة مياه قريتهم «الحجيرات» واكمل قائلا الفشل الكلوى يصيب 40 بالمائة من اهل قريتنا ونتحدى الصحة ان تثبت عكس هذا فالمياه ملوثة وغير صالحه للشرب لانها تأتى من ابيار ارتوازية
اما على احمد اسماعيل فقد اوقفنا بعد طلقات متعاقبة للرصاص انتهت حسبما عرفنا باخلاء مدرسة الحجيرات من 2500 تلميذ بعدما كانت رصاصات الثأر بين عائلتين كعادتها تخلى على اثر انطلاقها المدرسة وقال لنا ان مدرسة الحجيرات كثافة الفصل الواحد 80 تلميذا وعدد من فيها يتجاوز 2500 تلميذ يخدمهم عامل واحد ويمسك بيدنا ليشير لنا على قطعة ارض مخصصة منذ اعوام كمدرسة اعدادى وقطعة ارض مخصصة لمعهد ازهرى لكن دون جدوى او دون تنفيذ
فى الوقت الذى توقف امامنا وهو يلوح بيديه محمد ابراهيم عرفنا بعد ذلك انه مهندس زراعى قائلا لنا 35 الف نسمه يعيشون هنا وكل اسره تحتاج الى 4 جراكن مياه يوميا واستطيع ان اقسم لك ان اهل الحجيرات يدفعون يوميا اكثر من 5 آلاف جنية لشراء المياه الحلوة المحملة فى جراكن تنقل بواسطة التوكتوك رغم ان النيل لايبعد الا 1000 متر فقط عن القرية ويلتف حولها وفى الوقت ذاته يشكو من الفقر الذى يصفه «بالكافر» والذى لا يرحم ويقول 1200 فدان هى زمام القرية ونحن عددنا 35 الف نسمة بما يؤكد عدم وجود ارض كافية
على تل من القمامة اوقفنا تلاميذ بمدرسة الحجيرات كانوا فى طريقهم للفترة الدراسية الثانية غير مبالين بالمرض القابع اعلى تل القمامة والذى لم يحرك ساكنا للوحده المحلية لتلك القرية قالوا لنا انهم لايجدون تعليما بسبب الثأر والرصاص الذى قتل قبل نحو عام تلميذا داخل فصله بسبب الثأر وكذلك ناظر المدرسة وقالوا ان المدرسة تغلق ابوابها بعد العاشرة صباحا اما الفترة الثانية فمدة الدراسة هى ساعة واحده فقط
امام مسجد الحسين قال لنا بوضوح رغم الفقر لدى اهل القرية الا ان القرية غنية بالسلاح اكثر من أى قرية اخرى وذلك للثأر ومن ثم فان الشرطة لابد ان تتحرك وان تمر سياراتهم داخل القرية فنقطة الشرطة بلا ضابط شرطة ودخلنا نقطة الشرطة لنجدها مجرد غرفة يتواجد بها خفراء القرية فقط رغم ان القرية من القرى «المشهورة بالدم والثأر والسلاح الا انه لايوجد بداخلها ضابط شرطة لحفظ الامن فيها. تركنا الحجيرات تحت نيران بنادق آلية اطلقت وقت المغادرة وكأنهما كتب عليها ان تعيش هكذا بعيدة عن اعين الدولة متناسية اياها قسرا او تجاهلا ايهما اقرب للواقع «المٌر».
«بهنموه»
وكأنك فى العصور القديمة
بنى سويف مصطفى فؤاد:
على بعد 40 كيلومترا جنوب غرب مدينة بنى سويف فى مركز أهناسيا عاصمة الدولة الفرعونية القديمة عندما تطأ قدماك « بهنموه» القرية التى تم تصنيفها كأفقر قرية على مستوى مصر تشعر وكأنك فى العصور القديمة فى مجتمع ريفى يفتقر لأدنى مستوى من الحياة الآدمية ، وعلى الرغم من أننا فى عصر التقدم الحضارى المذهل إلا أن تلك القرية مازالت تعيش فى غياهب الظلمات ولم تلحق بركب التطور الذى شهده الريف المصرى مقارنة بالعهود السابقة وغابت شمس هذا التطور ولم تشرق بعد على أهالى « بهنموه « والتى صنفها تقرير الصندوق الاجتماعى للتنمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى والبنك الدولى والجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء كأفقر قرية على مستوى الجمهورية حيث تبلغ نسبة الفقراء بها 97.1% من إجمالى السكان
وللتعرف على الأسباب الحقيقية وراء وضع تلك القرية فى هذا التصنيف والظروف الاجتماعية والاقتصادية المحيطة بها توجهنا للقرية وجلسنا مع الأهالى الذين كشفوا لنا عن معاناتهم والأوضاع المزرية التى يعيشونها فى البداية يشير محمد معوض ( عمدة القرية) الى أن خريطة الفقر التى أعلن عنها الصندوق الاجتماعى للتنمية كشفت عن تركز الفقر فى الصعيد بوجه عام، حيث تضمنت قائمة أفقر 10 محافظات كل محافظات الوجه القبلى التسعة بالإضافة إلى شمال سيناء واحتلت قرية بهنموه التابعة لمجلس قروى ننا مركز أهناسيا بمحافظة بنى سويف المركز الأول ضمن 10 قرى على مستوى الجمهورية، موضحاً أن القرية تفتقر للعديد من الخدمات الأساسية وبلغت نسبة البطالة بها 70% ولا يوجد بها أى مشاريع استثمارية والحرفة الأساسية لأهلها والبالغ عددهم 2500 نسمة تقريباً هى الفلاحة ومعدل امتلاك الفلاح للأرض الزراعية التى يقتات منها ضئيل بالنسبة لمعدل عدد أفراد الأسرة حيث تجد أسرة مكونة من 7 أفراد تعيش على نصف فدان مثلاً كحد أقصى وتلك الأسباب السابقة تعد أبرز الأبعاد الاجتماعية التى وضعت القرية فى هذا التصنيف.
وتؤكد ذلك (علية على جابر) ربة منزل وتقول أنا أرملة وأربى 7 أبناء أعيش معهم فى غرفة ولا أمتلك من حطام الدنيا سوى ربع فدان أصرف به على أبنائى فى حين يطالب أبو الخير محمود محمود عبدالقادر (52 سنة) فلاح المسئولين بتوصيل المياه والكهرباء إلى أهالى القرية المحرومين من المرافق.
ويضيف حسين على على ( 47 سنة ) فلاح من أهالى القرية أرجو من المسئولين توصيل الصرف الصحى دون تكاليف خاصة وان الخدمة دخلت القرية لكن الرسوم تفوق طاقة المواطن البسيط .
ومن جانبه أوضح المهندس سيد الروبى رئيس مركز ومدينة أهناسيا أن القرية ليست محرومة من الخدمات ويوجد بها مدرستان «ابتدائية وإعدادية» ووحدة صحية وتم توصيل الصرف الصحى لها ولكن تم تصنيفها كأفقر قرية نظرًا لحالة المعيشة ومعدل البطالة المرتفع بين شبابها لافتاً إلى أن الدور القادم هو دور الصندوق الاجتماعى للعمل على تنمية المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر التى قد تنتشل شباب القرية لمستوى أفضل مما هم عليه الآن.
وأشار إلى أن قرية «ننا» الأم وتوابعها (كفر ابو شهبة، الشوبك، منشأة عبد الصمد، منهرة وبهنموه) وعدد سكانها 36.5 ألف نسمة صنفها تقرير التنمية البشرية فى عهد النظام الأسبق كأفقر قرية على مستوى الجمهورية وعانى سكانها عدم جودة مياه الشرب واستخدام الآبار الارتوازية للحصول على المياه الجوفية وتأثيره البالغ على المنازل وعدم وجود مراكز شباب لننا وتوابعها وسوء الخدمة الصحية، حتى جاء قرار الحكومة آنذاك بتطوير ألف قرية من القرى الأكثر احتياجا والأولى بالرعاية على مستوى الجمهورية وتحويلها إلى قرية نموذجية مطورة.
باويط
..
«الضلمة» والعزلة وحضن الجبل
أسيوط حمادة السعيد:
عندما تتكلم عن القرى الفقيرة بأسيوط لا تكاد تجد قرية بمحافظة أسيوط إلا ونالها قسط من الفقر والحرمان، ويكفى أن محافظة أسيوط لا تزال حاملة اللقب وتتربع على عرش أفقر محافظات مصر، وجاء تقرير التنمية البشرية الأخير كسابقه لتحتل أسيوط عن جدارة الصدارة باحتوائها على 212 قرية من بين أفقر 1000قرية على مستوى الجمهورية كما حلت 8 من قرى أسيوط من جملة 10 قرى هى الأكثر فقرا على مستوى الجمهورية، وجاءت فى الصدارة قرية باويط مركز ديروط، حيث تعدت نسبة الفقر والحرمان فيها حاجز ال 77.7%،.
وقرية «باويط» التى أشبه ما تكون بمكان من العصر الحجرى لا أحد يدخل إليها إلا أهلها، و بحثت عن وسيلة مواصلات توصلنى لتلك القرية الموجودة فى حضن الجبل فلم أجد سوى عربات ربع نقل متهالكة.
وبحسب قول عبد الرحمن داخلى «بدون عمل» فان باويط تعانى من كل مشكلات الدنيا فهى لا تعانى من الفقر ولكنها الفقر نفسه، فلا توجد مشكلة فى الوجود إلا ونالت باويط جزءا منها وتوزيع الخبز لايتم لمن يستحقه خاصة الفقراء الذين لا يجدون حتى المال ليشتروه وإذا دبروا ثمنه يقفون طوال اليوم فى الطابور ولا يأخذونه لأنه يذهب إلى أقارب وأحباب صاحب الفرن، رغم رداءته الشديدة.
ويضيف محمد أحمد «موظف» وإذا أردنا الحديث عن مياه الشرب فحدث ولا حرج فالشوائب وتغير طعمها هو سيد الموقف وكلما تم أخذ عينة لتحليلها جاءت النتيجة بعدم صلاحيتها حيث يظهر فيها الصدأ وتغير اللون.
ويضيف محمود عيسى «فلاح» أن الوحدة الصحية الموجودة فى القرية تعانى من نقص فى كل الإمكانات والخدمات فلا يوجد بها طبيب منذ فترة وكل ما فيها والحمد لله تطعيمات الأطفال وربنا يسترها «وميلغوهاش».
محمد عيسى «فلاح» يؤكد أن أغلب أهالى القرية يعملون فى الزراعة بالأجر فالجميع «تحت تحت» خط الفقر بمراحل .
ويشاركه الرأى أحمد صابر: ومعظم الأراضى المتاخمة للقرية بالجبل يسيطر عليها عدة أشخاص بعينهم والجميع محروم منها وهو ما يستدعى سرعة قيام الدولة بحصر هذه الأراضى وتوزيعها على أهالى القرية لأن هؤلاء بعد أن استولوا عليها بدأوا يقسمونها ويبيعونها بملايين الجنيهات وباقى أهالى القرية التى يصل تعدادها لنحو عشرة آلاف محروم تماما ومنذ أيام حدثت خلافات على هذه الأراضى التى هى فى الأساس أملاك دولة راح ضحيتها أكثر من 10 أشخاص.
اقترب منا مصطفى عبدالوهاب طالب ثانوى قائلا انا وأسرتى نعيش فى «الضلمة» وعندما تقدمنا بطلب للوحدة المحلية لتركيب عداد أخبرونا بأن المسافة القانونية بين الضغط العالى والمنازل يجب ألا تقل عن 25.5 متر وعندما جاءت المعاينة أخبرنا المهندس أن المسافة بين بيتنا والضغط العالى هو 25.20 متر أى أن هناك نقصا يقدر ب 30سم وهو ما يتعذر عليه توصيل الكهرباء لنعيش «كعب داير على مسئول يرق قلبه لحالنا ويوصل لنا الكهرباء».
قرى الانبياء .. الرحمة الغائبة
الفيوم منتصر على مفتاح:
انطلقت السيارة من مدينة الفيوم فى تمام الساعة التاسعة صباحا لتقطع 130 كيلو مترا شمال غرب الفيوم تعبر شواطئ بحيرة قارون ووادى الريان ووادى الحيتان لتستقر فى قلب الصحراء عند سيدنا موسى وسيدنا الخضر وهما اسمان اطلقا على قريتين من قرى المنتفعين الذين اضيروا بقانون المالك والمستأجر تبركا بنبى الله موسى والرجل الصالح الخضر.
اكثر سكان القريتين من محافظات الصعيد الذين اتت بهم الحكومات السابقة بعد ان ضاقت بهم سبل العيش فى محافظاتهم لينالوا قسطا من الاهتمام الا انهم وجدوا انفسهم فى حال يرثى له ومعهم اهالى قريه الخريجين رقم واحد والتى اطلق عليها اسم قريه جهنم من فرط البؤس الذى يعيشه ابناؤها.
«الاهرام» تجولت فى القرى الثلاث لترصد حال ابنائها كان يونس على جمعة رئيس الجمعية الزراعية هو دليلنا فى هذه الرحلة والجمعية الزراعية لمن لايعرف هذه القرى هى الممثل الوحيد للدولة لديهم.
المسافة بين مدينه الفيوم واول هذه القرى 130 كيلو مترا فى الشمال الغربى للمحافظة، البيوت كلها طابق واحد لايزيد ارتفاعه على المترين وكأنها مقابر شيدت لاستقبال الموتى وكلما وصلنا الى قريه من القرى الثلاث وجدناها خاوية على عروشها وما هى الا دقائق ويخرج علينا ساكنو هذه القبور كملح الارض حياتهم لاتختلف كثيرا عما كانت عليه الحياة قبل الف عام، اشار الحاج يونس الى سيدة تقود عربه كارو محملة بالجراكن وقال هذا هو حال قرى الانبياء كما ترون مياه الشرب عبارة عن خليط من مياه الصرف الزراعى القادم من الوادى مختلط بكل الملوثات وكل ما فعلته الدولة هو أن انشأت لنا محطة تحلية نقالى تعمل على تنقيه المياه بالترسيب بالرمال والزلط وتعمل يوما وتتعطل الف يوم ولم نجد امامنا الا استخدام مياه المصرف لحياتنا اليومية ونشترى مياه الشرب من مدينه اهناسيا التابعة لبنى سويف لانها الاقرب الينا فهى لاتبعد عنا اكثر من 65 كيلو مترا ناهيك عن العقارب والافاعى كما يقول يونس فمن يلدغه ثعبان او عقرب لن يجد من يسعفه لان اقرب وحدةصحية مجهزة على بعد 80 كيلو مترا اما الموتى فمصيرهم سيارة ربع نقل وكومة من القشة حتى يصل الى محافظته لنتمكن من دفنه فلا مقابر بهذه القرى ولا طبيبا يمنح تصريحا بالدفن .ويضيف ان من يقوم على ادارة مرفق الكهرباء هو الجمعية الزراعية مقابل مبلغ 100 جنيه شهريا من كل اسرة لشراء السولار والزيت والصيانه ( لوابور ) النور كما نسميه هنا فى هذه القرى وتتم اضاءة القرية من السادسة مساء وحتى الحاديه عشر اما الشوارع فظلام دامس تعود عليه اهل هذه القرى لتعطل ( وابور النور ) معظم ايام السنه او بسبب ازمة السولار التى تعانى منها الدولة الآن ونحصل على السولار من السوق السوداء بسعر ما بين 35 و45 جنيها للصفيحة وتنادينا سيده تحمل بين يديها رغيفين من الخبز لايصلحان للاستخدام الادمى فينظر الينا الحاج يونس ويقول رغيف الخبز من الاشياء النادرة هنا فليس لدينا مخبزا رغم ان اننا جهزنا مخبزا بكل معداته بالجهود الذاتية ومع ذلك رفضت مديرية التموين الترخيص لنا فنضطر الى شراء الخبز من مدينه اهناسيا.
ويصل سعر الرغيف المدعم الى 25 قرشا او نشترى الدقيق من السوق السوداء من بنى سويف ونصنع منه خبزا بدائيا على النار مباشرة ولم تصلنا خدمات وزارة التموين بعد فلا بطاقة تموينية ولا سلعا مدعمة ولا حتى اسطوانات الغاز للقلة القليلة الذين اشتروا بوتاجاز فيحصلون على الاسطوانات ايضا من بنى سويف تصل قيمه الواحدة الى 50 جنيها وفى ايام الازمات وصل سعر الاسطوانة الى 175 جنيها.
ليس هذا فحسب فكما يقول يونس ان قرية سيدنا موسى لا تعرف من التعليم الا مدرسه صديقه للفتيات المتسربات من التعليم وبالطبع كل القرية متسربات اما سيدنا الخضر ففيها مدرسة للتعليم الاساسى تركها الاطفال بعد ان حولهم المدرسون الى عمال نظافة للحجرات الدراسية وسعاة لاعداد الشاى لهم ومعهم كل الحق لانعدام الرقابة على مدارس اقرب واحده فيهم للادارة التعليمية بمركز يوسف الصديق تبعد 50 كيلو مترا ولا تتوافر وسيلة مواصلات لقطع هذه المسافة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.