تعقد القمة العربية ال 25 وسط ظروف وتحديات غاية فى الخطورة وأثناء متغيرات شديدة الحساسية والصعوبة، فدول الربيع العربى تتأرجح بين الأزمات. فهذه مصرنا تعانى من اضطرابات سياسية، ومن ارهاب دينى منظم مدفوع الاجر، و سوريا ايضا تتناحر فيها قوى وتيارات ثورية و دينية فى حرب واسعة قد تمتد الى لبنان دولة الجوار الديموغرافي، والسعودية والامارات والبحرين تكشف عن مؤامرة قطريه تستدعيهم لطرد السفير القطرى فى ازمة مرشحة للتصاعد، و تونس تبنى نظامها السياسى بعد ثورة الياسمين بصعوبة بالغة، ليبيا ترضخ تحت النيران وتتصاعد فيها تدخلات الناتو وجماعات المصالح ولوبيهات البترول والارهاب، أزمات السودان بعد الانفصال، والاردن يدفع اثمانا مباشرة للحرب فى سوريا، والقضية الفلسطينية المزمنة والتى تحل ضيفا دائما على القمم العربية دون حل شاف وناجز، والتدخل التركى والقطرى والامريكى المتحالف ضد الشعب المصرى والسوري. فضلا عن ايران ودورها المتنامى فى سوريا والمنطقة وتقاربها مع أمريكا، والعراق ووضعه المشتعل منذ عشرات السنين، وأزمات الحرب الباردة بين امريكا وروسيا، وقد يكون الوطن العربى ارضا لها فى القريب ان لم يكن بالفعل قد حدث، و أزمات فى الطاقة والنقل والاقتصاد والعمالة وغيرها لا تنتهي. واقع عربى مأزوم وقمة عربية عادية تحاول اللحاق بقطار الأمن القومى الموحد، ومخططات تقسيم تلوح فى الافق وتتنامى مسبباتها كل يوم، كل هذا وأكثر مطروح على طاولة القمة العربية القادمة. أريد التركيز هنا على الأزمة فى كل من مصر وسوريا، لأنهما مرتبطتان بمحاور عدة، فمصر بوضعها الاقليمى وتكوينها السكانى الذى يمثل ربع سكان الوطن العربى تقريبا، وجيشها الذى يعد اقوى الجيوش الوطنيه وأكبرها حجما فى المنطقه، وموقعها الذى يمثل قلب العالم العربى والاسلامي، وهى حلقة الوصل بين اسيا وافريقيا، لذلك هى ركيزة العالم العربى السياسيه وقوة ردعه العسكرية العربية ، فهى البلد الذى يرفض دائما وجود قواعد عسكرية امريكيه على ارضه، ولديها الجيش العابر للحدود الذى حارب بجوار الكويت لاسترداد ارضها من عراق صدام ، كل هذه الاهمية القصوى تحاصر بمشروع ارهابى يريد تدمير الهوية المصرية والعربيه، بنثر بذور التقسيم فى ربوع مصر، بمساعده قطر وتركيا، وقد يكون بتدخل من دول ترى مصلحتها فى تقسيم مصر، أو على أقل تقدير فصل سيناء وجعلها موطنا لفلول الارهاب الدينى وفى القلب منهم منظمة حماس والقاعدة وأنصار بيت المقدس وغيرهم من روابط الافك والتكفير والارهاب والتدمير. فطبيعة سيناء الجبلية تغرى البعض الطامع فى (تورا بورا) مره أخرى، وحدودها مع غزه تزيغ نظر العصابات المسلحة فى استخدامها فى اثارة صراع مع اسرائيل يطول أمده، ولا يعرف احد نتيجته او عواقبه، مشروع اثاره النزاع ايضا مع السودان على حلايب وشلاتين قائم وتغذيه قوى الارهاب، وتعمل على تسريب اسلحة وارهابيين للتوغل فى تلك البقعة الحساسة التى تريد أن تدخل الصراع لقلب محافظة البحر الاحمر المتصلة بمحافظات السويس ثم القاهرة، وأيضا تلك الحدود الممهدة الطويلة مع ليبيا، والتى تستخدم فى اثارة صراع طائفى وفى خطف المصريين وقتلهم لنصرة قوى الارهاب فى مصر، كما انها بؤرة واسعة لتهريب الاسلحة الثقيلة قبل الخفيفة الى مصر لزعزعة الاستقرار، وتوريد الارهابيين من كل الدول لتوطينهم فى مصر، لمقاومة وتفتيت الجيش المصرى بإدخاله فى صراعات متعدده مع عصابات متناثرة ، أملا فى أن تأكل وينشغل بالداخل ويبعد عن مهمته الاصلية بالدفاع عن الحدود، تلك المؤامرات التى تمثل التوتر على الحدود (الثلاثية) لمصر من شرق وغرب وجنوب، وبمباركة وتمويل قطرى، قد يكون مدفوعا برغبة امريكية. كل الدوافع والمخاوف السابقة، أعتقد انها يجب ان تحل فى اولويات جدول القمة العربية، ففلسطين وليبيا والسودان تلك الدول المتصله بالحدود المصريه يجب ان تعلن رفض استخدامهم كحد سيف لقلقلة الامور فى مصر، وقد يكون مشروعا عقابيا لتلك الدول رادعا فى حال اصرارها أو استخدامها لزعزعة استقرار مصر واجباً فى هذه اللحظات الحاسمة، ايضا اتصور ان إعلان (وحدة الامن القومى للوطن العربي) مسألة مهمة جدا فى هذه اللحظات لردع الدول التى تتبنى أجندات التقسيم وتستخدم أذنابها من العملاء فى الداخل العربي، من بلاد لا ترى الا مصالحها الضيقه فقط، أى أن إعلان جامعة الدول العربية خالية من أى دولة عميلة امر مهم جدا، ومؤثر ويضع الصراع على خريطته الحقيقية، فضلا عن إنشاء صندوق لدعم الأمن القومى العربى الموحد بقيادة جيوش المنطقة، قد يكون امراً فعالا فى هذه الأثناء . أما أزمة سوريا، فليست ببعيدة وتأثيرها البالغ على زعزعة امن لبنان، واستدعاء ايران للمشهد، كما أن توريط الاردن فى استقبال اللاجئين، ربما يكون أمرا خطيرا، أيضا وجود نحو ستين جنسية تقاتل فى سوريا، وتنظيمات تكفيرية مثل داعش والقاعدة وجيش النصرة، وغيرها قد يكون مرآة لسوريا بعد التقسيم، هنا أنا لا أناقش ديكتاتورية بشار، أو والده الأسد أو استبداد حزب البعث السوري، لكن يجب أن أناقش مستقبل وطن على (حافة الزوال)، وبالأحرى لو كان أيضا على خط المقاومة مع العدو الصهيوني، الذى مازالت هضبة الجولان من أرضه تحت أسر الاحتلال، سوريا محور مهم جدا للوطن العربى وانفراط عقدها سيكون تأثيره مدمرا ومباشرا على دول الشام، وقد يفتح بابا للتدخل التركى فى الصراع. الأمر جد خطير ويحتاج الى قمة عربية غير عادية تطرح حوارا جادا مخلصا عادلا متجردا لانها ازمة وطن بالكامل، قد يتفتت فى غضون سنوات قليلة ويعاد ترسيم الخريطة العربية باستخدام مصطلحات عرقية وطائفية واثنية ارهابية، تلك هى القمة الأهم فى التاريخ، وعلى قادة شعوبنا العربية أن يكونوا على قدر الحدث الجلل . لمزيد من مقالات باسل عادل