وزير الاتصالات يتابع أعمال تنفيذ مشروع إحلال الشبكة النحاسية بالألياف الضوئية المنصورة    دبلوماسي روسي سابق: الضغوط الغربية تسهم في تشكيل موقف موسكو.. ولن تغيّر سياساتها    رئيس شركة مياه القليوبية يتفقد فرع شمال الخانكة ويشدد على جاهزية المحطات لفصل الشتاء    تأجيل محاكمة متهمي قتل شاب بالخصوص إلى فبراير    هيئة الكتاب تهدي 1000 نسخة من إصداراتها لقصر ثقافة العريش دعمًا للثقافة في شمال سيناء    نظام «ACI».. آلية متطورة تُسهل التجارة ولا تُطبق على الطرود البريدية أقل من 50 كجم    رئيس «القابضة للمياه» يجري جولات موسعة ويتابع أعمال التشغيل والصيانة بمحطة الجيزة    إطلاق الشهادة المرورية الإلكترونية رسميًا.. خطوة جديدة نحو «مرور بلا أوراق»    قوافل علاجية ومعرض للمشغولات اليدوية لأسر الأشخاص ذوي الإعاقة    التعاون الإسلامي تناشد تقديم الدعم المالي للأونروا لاستمرارها في تقديم الخدمات للفلسطينيين    عاجل- رئيس الوزراء القطري: مفاوضات السلام في غزة تمر بمرحلة حرجة    "الشرع": سوريا تعيش حاليًا في أفضل ظروفها منذ سنوات.. وإسرائيل تصدّر الأزمات إلى الدول الأخرى    سفير الإمارات بمصر: نفخر بما يربط القاهرة ودبي من علاقات أخوية راسخة    خطوة جديدة من الأهلي بشأن مفاوضات حامد حمدان بعد التألق فى كأس العرب    الشوط الأول| بايرن ميونخ يتقدم على شتوتجارت في الدوري الألماني    الاتصالات: 22 وحدة تقدم خدمات التشخيص عن بُعد بمستشفى الصدر في المنصورة    غدا، نظر 300 طعن على المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    العثور على فتاة متغيبة بالشرقية بعد تداول منشورات عن اختفائها    ضبط عاطل اعتدى على شقيقته بالمرج    الحبس شهر وغرامة 20 ألف جنيه لمساعدة الفنانة هالة صدقي بتهمة السب والقذف    عمرو عابد يكشف سر عدم تعاونه مع أبطال «أوقات فراغ»    بعد إعلان أحمد سعد.. إنجي كيوان تواصل تصوير «وننسى اللي كان»    هذا هو موعد عرض فيلم الملحد في دور العرض السينمائي    قبل بداية عرض فيلم الست.. تصريحات سابقة ل منى زكي دفاعا عن تنوع أدوار الفنان    سفيرة واشنطن: تنمية إسنا مثال قوى على نجاح الشراكة المصرية - الأمريكية    عاجل استشاري أمراض معدية يحذر: لا تستخدم المضادات الحيوية لعلاج الإنفلونزا    الجمعية العمومية لنقابة المحامين تقرر زيادة المعاشات وتناقش تطوير الخدمات النقابية    لماذا يزداد جفاف العين في الشتاء؟ ونصائح للتعامل معه    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    موعد مباراة أتلتيكو مدريد ضد أتلتيك بلباو والقناة الناقلة    مواعيد مباريات دوري كرة السلة على الكراسي المتحركة    احذر.. الإفراط في فيتامين C قد يصيبك بحصى الكلى    الشرع: إسرائيل قابلت سوريا بعنف شديد وشنت عليها أكثر من ألف غارة ونفذت 400 توغل في أراضيها    خمسة قتلى بينهم جندي في اشتباك حدودي جديد بين أفغانستان وباكستان    المرحلة النهائية للمبادرة الرئاسية «تحالف وتنمية»: قبول مبدئي ل9 تحالفات استعدادًا لتوقيع البروتوكولات التنفيذية    15 ديسمبر.. آخر موعد للتقدم لمسابقة "فنون ضد العنف" بجامعة بنها    الزراعة توزع أكثر من 400 "فراطة ذرة" مُعاد تأهيلها كمنح لصغار المزارعين    وزير الصحة يشهد انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها ال32    وزير الخارجية يكشف تفاصيل العلاقات مع قطر والصفقات الاقتصادية    الإعلان التشويقى لفيلم "القصص" قبل عرضه فى مهرجان البحر الأحمر السينمائى الدولى    فيلم السلم والثعبان.. لعب عيال يحصد 65 مليون جنيه خلال 24 يوم عرض    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    بكم الطن؟.. سعر الحديد اليوم السبت 6 -12-2025    وزير الأوقاف يعلن عن أسماء 72 دولة مشاركة في مسابقة القرآن الكريم    السيسي يوجه بمحاسبة عاجلة تجاه أي انفلات أخلاقي بالمدارس    تحليل فيروسات B وC وHIV لمتعاطي المخدرات بالحقن ضمن خدمات علاج الإدمان المجانية في السويس    حارس بتروجت: تتويج بيراميدز بإفريقيا "مفاجأة كبيرة".. ودوري الموسم الحالي "الأقوى" تاريخيا    محافظ الشرقية يتابع الموقف التنفيذي لسير أعمال إنشاء مجمع مواقف مدينه منيا القمح    اندلاع حريق ضخم يلتهم محتويات مصنع مراتب بقرية العزيزية في البدرشين    وزير الأوقاف: مصر قبلة التلاوة والمسابقة العالمية للقرآن تعكس ريادتها الدولية    الصحة: فحص أكثر من 7 ملابين طالب بمبادرة الكشف الأنيميا والسمنة والتقزم    التخصصات المطلوبة.. ما هي شروط وطريقة التقديم لوظائف وزارة الكهرباء؟    الصحة: توقعات بوصول نسبة كبار السن من السكان ل 10.6% بحلول 2050    لاعب بلجيكا السابق: صلاح يتقدم في السن.. وحصلنا على أسهل القرعات    بيراميدز يسعى لمواصلة انتصاراته في الدوري على حساب بتروجت    استكمال محاكمة 32 متهما في قضية اللجان المالية بالتجمع.. اليوم    بعتيني ليه تشعل الساحة... تعاون عمرو مصطفى وزياد ظاظا يكتسح التريند ويهيمن على المشهد الغنائي    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر وحروب إفريقيا غير المقدسة
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 03 - 2014

ارتبطت أفريقيا خلال معظم سنوات ما بعد الاستقلال فى الادراك الغربى والدولى بصور الفقر والمجاعة والحروب الأهلية والنزاعات المسلحة ، وهو ما أفضى إلى تبنى نزعة تشاؤمية حول المستقبل الأفريقي. بيد أن هذه الصور الذهنية والمدركات السائدة عن أفريقيا سرعان ما أصابها التبدل والتحول مع بداية الألفية الجديدة حيث تحدثت المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية عن ارتفاع معدلات النمو الاقتصادى للقارة ككل، وهو ما يعنى صعودا أفريقيا فى منظومة الاقتصاد العالمي.
وعليه فقد أعطى انضمام جنوب أفريقيا إلى مجموعة «البريكس» الصاعدة زخما للقول بأن القرن الحادى والعشرين هو قرن أفريقي. لكن «يافرحة ماتمت» كما يقولون فى العامية المصرية للدلالة على خيبة الأمل والرجاء. فقد شهدت أفريقيا ظهور جيل جديد من الحروب والصراعات يمكن أن نطلق عليه «جيل الحروب غير المقدسة» الذى دشنته وقادته جماعات الاسلام الراديكالى العنيف فى قوس الأزمة الأفريقى الممتد من دول الشمال حتى موريتانيا فى الغرب ليخترق فضاء الساحل والصحراء مرورا بالنيجر ومالي، وصولا إلى كينيا والصومال.
لقد ازدادت التهديدات الأمنية التى مصدرها فضاء الساحل والصحراء عقب سقوط حكم العقيد الليبى الراحل معمر القذافى بسبب تدفق الأسلحة والمقاتلين على نطاق واسع عبر الجنوب الليبى إلى منطقة تعانى فى الأصل من تبعات فشل الدولة الوطنية وغياب التنمية ، وهو الأمر الذى أعطى فرصة ذهبية لوجود جماعات المعارضة المسلحة والمهربين عابرى الحدود والإسلاميين المتشددين المرتبطين بتنظيم القاعدة فى المغرب الاسلامي. ورغم أن خطر الجماعات الاسلامية العنيفة موجود فى الداخل الأفريقى منذ عدة سنوات فان خبرة العام الماضى وحتى اليوم تشير إلى وجود ثلاثة تحولات فارقة فى الخطاب الفكرى والسياسات الميدانية «العملياتية» لهذه الجماعات:
أول هذه التحولات عبر عنه تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الاسلامى والجماعات الدائرة فى فلكه بمنطقة الساحل والصحراء. فقد لجأت هذه الجماعات إلى تبنى سياسة خطف الرهائن الغربيين مقابل الفدية بحجة أنهم بحاجة للأموال من أجل شراء الأسلحة التى تمكنهم من مواجهة النظم الحاكمة زالمرتدةس. بيد أن التحول الذى تؤكده شواهد الواقع يتمثل فى أن تراجع الاعتبارات الأيديولوجية الراديكالية كمصدر جاذب للتجنيد فى عضوية هذه الجماعات قد دفعها إلى الاعتماد على بريق المال لجذب مزيد من الشباب المحرومين والمهمشين فى هذه المجتمعات.
التحول الثانى يعبر عنه تنظيم الشباب المجاهدين فى الصومال عندما اتجه بعد التدخل الاقليمى والدولى فى الصومال إلى توسيع دائرة استهدافه لتشمل الأنظمة زالكافرةس الأخرى فى المنطقة وهو ما جسده الهجوم على العاصمتين الأوغندية والكينية. ولعل ما يثير الدهشة والاستغراب أن مقاتلى الشباب الذين هاجموا مركز زوست جيتس التجارى فى قلب العاصمة الكينية نيروبى أواخر سبتمبر الماضى كانوا يقومون بعملية فرز دينى لقتل ضحاياهم من خلال سؤال المتسوقين عن اسم والدة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
التحول الثالث يشير إلى الانتقال من مرحلة مواجهة الدولة ز الكافرة أو المرتدةس لمرحلة مواجهة الدولة والمجتمع معا من أجل الوصول للهدف الأسمى وهو اقامة دولة الخلافة. حدث ذلك بشكل مأساوى عندما استهدفت مجموعة من مقاتلى بوكو حرام النيجيرية مدرسة حكومية يوم 25 فبراير الماضى وأضرموا فيها النار فقتلوا مايربو على الخمسين طفلا بحجة أنهم يتلقون تعليما غربيا علمانيا بالاضافة إلى التحاقهم بمؤسسات الدولة الكافرة. ولعل هذه التحولات فى فكر وممارسة الجهادية الاسلامية العنيفة فى أفريقيا وحروبها غير المقدسة لم تكن مصر المحروسة بمنأى عنها حيث إنها اكتوت بنيرانه الغادرة التى تخالف أصول الدين ومبادئه الصحيحة.
لا تزال خبرة مكافحة الإرهاب،ومنذ وقت طويل، تعبر عن احتكار ذكورى صارخ من حيث مكافحة الارهاب ومساعدة الضحايا، الذين هم غالبا من النساء والأطفال. ومع ذلك تظهر كثير من الدراسات أن النساء ولاسيما الأمهات منهن على وجه التحديد ، يمكنهن القيام بدور محورى فى مراقبة ومنع التطرف وعليه فان تسليط الضوء على الدور الذى يمكن أن تقوم به المرأة يعطى الكفاح ضد التطرف وجها إنسانيا عاما.
ومن الواضح أن الحكومات الأفريقية بالرغم من أنها لاتزال تتبنى اقترابا أمنيا فى مواجهة الإرهاب من خلال التركيز على تحديد واعتقال أو القضاء على الجناة ، فان هناك استعدادا متزايدا للنظر فى نهج أكثر «ليونة» يعتمد على تبنى استراتيجيات وقائية . ففى شرق أفريقيا، وتحديدا فى كينيا، وإلى حد ما فى الصومال ، تم إطلاق العديد من مثل هذه المبادرات الوقائية. إذ تبحث أجهزة التحقيق والأمن على نحو متزايد فى الكيفية التى يمكن من خلالها اسئصال شأفة الإيديولوجيات المتطرفة. ولعل ذلك كله يدفع باتجاه ضرورة تبنى اقتراب شمولى لمواجهة هذه المشكلة المعقدة ومتعددة الأوجه. وعلى سبيل المثال بينما تشكل الصور الذهنية النمطية والأدلة القولية أبرز دوافع ومبررات القرارات السياسية المتعلقة بمواجهة هذه الحروب غير المقدسة ، فان الأسباب الجذرية للإرهاب والتطرف تكمن فى بنية الظروف الاجتماعية والاقتصادية السيئة . لم يكن مستغربا أن تركز استراتيجيات مكافحة التطرف العنيف بشكل حصرى تقريبا على مقترب تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية .
إن الاقتراب الشمولى فى تفسير هذه الظواهر الغريبة على العقلية الأفريقية يرى أنه اذا كان الفقر قد أوجد أرضية خصبة لتجنيد واجتذاب المتعاطفين مع الحركات والجماعات الراديكالية العنيفة التى تعادى الدولة أو المجتمع أوكليهما معا، فان الإحباط السياسى فضلا عن التهميش العرقى والدينى أو السياسات الاقصائية تمارس جميعا دورا مهما فى إيجاد بنية التطرف. بل ومن المهم كذلك ادراك حقيقة الدوافع الشخصية التى تدفع الفرد فى نهاية المطاف للانضمام إلى جماعة متطرفة. على أن مواجهة هذه الحرب الجديدة على الارهاب تقتضى ضرورة تبنى مقاربة عولمة الارهاب وضرورة تنسيق جميع الجهود الاقليمية والدولية. فقد ظلت حكومة نيجيريا ترفض باصرار شديد تدويل قضية جماعة بوكو حرام باعتبارها مسألة داخلية يمكن التغلب عليها دون مساعدة خارجية .
كما أن المؤسسة العسكرية النيجيرية كانت تنظر إلى أن أى تعاون خارجى مع الدول الغربية فى مجال مكافحة التطرف والارهاب ينال من شرفها وهيبتها العسكرية. ومن جهة أخرى فإن المغرب التى ظلت خارج الترتيبات الأمنية الاقليمية فى أفريقيا فترة طويلة اضطرت مؤخرا لقيادة تحالف أفريقى فرنسى لمواجهة خطر الراديكالية الاسلامية العنيفة حيث تم تدشين شراكة اقليمية واسعة باعلان الرباط فى العام الماضى الذى يتبنى استراتيجية شاملة لمواجهة الارهاب تستند على مكونات عسكرية واستخباراتية واقتصادية ودينية. فهل يمكن لنا أن نستفيد من هذه الخبرات فى مواجهة هذا الجيل الجديد من الحروب الأفريقية ونتعلم منها؟
لمزيد من مقالات د. حمدى عبد الرحمن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.