تواجه حكومة المهندس إبراهيم محلب 5 ألغام رئيسية، هى البطالة والديون والفساد والأجور والأسعار، فما بين ملايين من الشباب ينتظرون على رصيف الحياة فرصة عمل، الى أسعار لا تهدأ، وخلل فى نظام الأجور، مرورا بفساد متفشى فى مؤسسات الدولة منذ عشرات السنين، وصولا الى ديون تهدد قطاعات الاستثمار. يؤكد أحمد السيد النجار رئيس مجلس إدارة »الأهرام« والرئيس السابق لوحدة الدراسات الاقتصادية بمركز الأهرام للدراسات، على وجود سلة من المشاكل التى تشير الى وجود أزمة اقتصادية طاحنة يعانى منها الاقتصاد الوطنى وتمثل أهم التحديات أمام حكومة ربراهيم محلب. ودلل النجار على هذه الأزمة بعدد من المؤشرات والأرقام المخيفة، أبرزها 375 مليار جنيه عجزا فى الموازنة، وقرابة 1700 مليار جنيه ديون داخليةوما بين 50 مليار الى 52 مليار دولار ديون خارجية، فيما بلغت نسبة البطالة 135%، ووصل الفقر الى 45% من حجم المجتمع، وتدنى نمو الاقتصاد الى حدود 18%، وقارب معدل الاستثمار نحو 15% من الناتج المحلى الاجمالي، ويجرى تقدير دعم للطاقة بنحو 156 مليار جنيه يذهب معظمه للأغنياء. ويرى النجار أن البداية فى أى عملية للنهوض بالاقتصاد وتشجيع الاستثمار وبناء المشروعات لتشغيل الشباب تكون ببناء بيئة سياسية وأمنية مستقرة وأيضا ايجاد نظام اقتصادى واجتماعى قائم على درجة مقبولة من العدالة الاجتماعية المبنية على التراضى وليس على القمع، مع ضرورة إستغلال الامكانيات المتاحة بأفضل وضع مع ضرورة ترشيد الواردات والدعم وتوجيه التمويل المتاح لبناء استثمارات انتاجية فى اشارة الى قيام حكومة الببلاوى باستخدام مساعدات الخليج فى بنود بعيدة عن الاستثمار والإنتاج وايجاد فرص عمل. الأجور والفساد ويرى الدكتور حمدى عبدالعظيم أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية والرئيس الأسبق للأكاديمية أن التحدى الأساسى أمام حكومة محلب، هو إنهاء الإضرابات والاعتصامات العمالية والفئوية وتطبيق الحد الأدنى للأجور والفساد وبعد ذلك أو بالتوازى مع هذا الملف يتم التخطيط لكيفية التعامل مع ملف الطاقة خاصة مع تزايد ظاهرة إنقطاع التيار الكهربائى ومواجهة الارتفاع الجنونى غير المبرر للأسعار ويأتى ذلك بتنشيط وتفعيل جهازى حماية المستهلك وحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية وليس كما يقال بوضع تسعيرة جبرية وإنما بوضع حد أقصى للأرباح بما لا يزيد عن 30%، وكانت هذه السياسة مطبقة على السلع المستوردة طبقا لقرار وزير التجارة رقم 113 والخاص بتحديد هامش الربح للسلع المستوردة، وهذا القرار توقف العمل به فى منتصف التسعينيات لصالح رجال الأعمال المستوردين. ويقترح الدكتور حمدى فى هذا الصدد تطبيق نظام تحديد هامش الربح على السلع والمنتجات التى تحصل على دعم من الدولة مثل الأسمنت والحديد والأسمدة، خاصة أن قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية فى مادته العاشرة يعطى لمجلس الوزراء حق وضع تسعيرة جبرية عند الضرورة على السلع الاحتكارية لحماية المواطنين من الاستغلال، واللافت أن هذه المادة من القانون لم تفعل على الاطلاق سواء قبل الثورة أو حتى بعدها حتى الآن. وينبه الدكتور حمدى عبدالعظيم الى ضرورة عدم اهمال ملف الفقر والعشوائيات، والاسراع بتنفيذ المهندس إبراهيم محلب لبرنامج تطوير العشوائيات الذى اعتمدته وزارة الببلاوى وبدأ بتنفيذ 500 منطقة مع الأخذ فى الاعتبار أن لدينا قرابة خمسة آلاف منطقة عشوائية على مستوى الجمهورية، وأخيرا الإسراع نحو ترشيد الدعم وترشيد النفقات الحكومية وحسن استغلال الصناديق الخاصة لمواجهة عجز الموازنة. التعثر الصناعي وعن رجال الصناعة وكيف ينظرون الى الحكومة الحالية، يقول المهندس محمد البهى عضو هيئة المكتب التنفيذى لاتحاد الصناعات المصرية أن رجال الصناعة لديهم مشاكل تتطلب الإسراع فى ايجاد الحلول غير التقليدية لها بداية بالمصانع المتعثرة والتى وصل عددها الى ما يقرب من 7 آلاف مصنع مابين صغير ومتوسط وكبير باستثمارات تقارب 30 مليار جنيه يمكن أن توفر مئات الآلاف من فرص العمل. ويرى البهى أنه مع رفض البنوك تمويل هذه المشروعات المتعثرة فمن الضرورى إنشاء صندوق لدعم وتمويل المصانع المتعثرة وهذا الصندوق يتولى مسئوليته مجموعة من رجال الإدارة وأصحاب الخبرة تقدم لهم دراسات الجدوى حول المشروعات ا لواجب دعمها مقابل حصول الصندوق على جزء من الأرباح بما يشبه القرض الدوار، على أن يخضع اختيار المصنع لعدة أولويات منها حجم العمالة وحجم الاستثمار ونوع التعثر وسببه وهذا الصندوق سيؤثر بشكل ايجابى وسريع على مناخ الاستثمار وحجم البطالة. كما يطالب عضو هيئة مكتب اتحاد الصناعات، بضرورة استصدار عدد من القرارات الرئاسية بقوانين لتشجيع وحماية الاستثمارات وللتصالح الضريبى مع رجال الأعمال مما يرسل دعوة ايجابية للمستثمرين الأجانب، وأخيرا على الحكومة عدم العمل فى جزر منعزلة وذلك بأن تقوم جميع الوزارات بالتعاون فيما بينها لوضع خطة واضحة ومحددة للاستثمار فى جميع المحافظات بالتعاون بين وزارات الصناعة والتجارة والاستثمار والاسكان والزراعة والتنمية المحلية. أرقام مغلوطة ويعلق عبدالفتاح الجبالى مستشار وزير التخطيط ورئيس مجلس إدارة »الأهرام« الأسبق، على الأرقام المغلوطة وغير الدقيقة التى يجرى تداولها فى وسائل الإعلام حول مؤشرات الوضع الاقتصادي، بقوله: إنه طبقا للأرقام الرسمية الصادرة نهاية شهر يناير عام 2014، فإن حجم الدين المحلى بلغ 1568 مليار جنيه والخارجى 45 مليار دولار، وهذا الرقم الرسمى وإن كان أقل من الأرقام التى يجرى تداولها فى وسائل الإعلام إلا أنها مقلقة خاصة إذا علمنا أن خدمة الدين (أقساط وفوائد) قد وصلت الى نحو 218 مليار جنيه سنويا فى الوقت الذى وصل فيه الدعم السنوى الى قرابة 171 مليار جنيه بما يعنى وجود قرابة 389 مليار جنيه تذهب للدعم وخدمة الدين، فى الوقت الذى وصل فيه معدل الاستثمار الى قرابة 14% فقط من الناتج المحلى الاجمالى وهى نسبة متواضعة إذا علمنا إننا نحتاج الى قرابة 35% لتحقيق معدل نمو 7% سنويا. العدالة الاجتماعية وينبه الجبالى الى أن الحكومة تولى اهتمام أساسى وكبير بملف البطالة والعدالة الاجتماعية، وأن البعد الاجتماعى هو الذى يجبر الحكومة على التعامل بحذر رمع موضوع ترشيد الدعم، أما بالنسبة للدعم المقدم للمصانع فإن أسعار الغاز الطبيعى على سبيل المثال ثم رفعها للمصانع تدريجيا من 2 دولار حتى وصلت حاليا الى قرابة 6 دولارات، ويتم حاليا دراسة برنامج لترشيد الدعم بما لا يمس الفقراء ومحدودى الدخل، وسيوفر قرابة 30 مليار جنيه مع بداية تطبيقه. ويوضح الجبالى أن الحكومة لجأت فى اتجاه حل قضية البطالة وتشجيع الاستثمار وزيادة الانتاج والصادرات الى تقديم حزمتين تحفيزيتين للاستثمار الأولى ب 30 مليار جنيه، والثانية ب 33 مليار جنيه، والتزمت بتطبيق كادر المعلمين، وكادر الأطباء، والحد الأدنى للأجور، كما أن الحكومة أعدت عدد من مشاريع القوانين لتشجيع الاستثمار والحفاظ على حق الدولة، وعلى سبيل المثال هناك مشروع قانون للثروة المعدنية، يهدف للحفاظ على ثروة مصر المعدنية، وإعادة النظر فى التعريفة وإجراءات الحصول على التراخيص، وأن هذا المشروع يهدف الى رفع العائد من الثروة المعدنية ليصل فى العام الأول من تطبيقه الى أكثر من 7 مليارات جنيه، ثم 9 مليارات فى العام التالي، وهكذا فى حين أن العائد حاليا لا يزيد عن نصف مليار جنيه. الحل السحرى وتركز الدكتورة يمن الحماقى أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس ومستشارة وزير التنمية المحلية، على ملفى البطالة، وزيادة انتاجية العامل المصرى كأهم قضيتين أمام الحكومة الجديدة. وترى الدكتورة يمن، أن البطالة قضية قديمة تم دراستها ووضع حلول عديدة لها خلال السنوات الثلاثين الماضية، ومازالت موجودة ولم تعالج، وذلك لعدم وجود رؤية لحلها بشكل فعال، وتشير فى هذا الصدد الى ما قامت به وزارة القوى العاملة منذ ثورة 25 يناير عندما كانت تتولى الدكتورة يمن رئاسة اللجنة العليا للتدريب بالوزارة فى عهد الدكتور أحمد البرعي، من إجراء حصر ل جميع مراكز التدريب التابعة للوزارات بالمحافظات، واتضح أن عددها يزيد عن 400 مركز، وتم وضع خريطة جغرافية لها، ووجدنا أنها جاهزة للعمل وبها جميع المعدات الحديثة التى حصلت عليها من المعونات الأجنبية، ولكنها لا تستخدم بالكامل ولا تعمل، ففى الوقت الذى يمكنها أن تدرب سنويا مالا يقل عن 100 ألف فرد وجدنا هذه المراكز ال 400 لم تدرب أكثر من ثلاثين فردا فى العام فقط، والأسباب وراء ذلك عديدة منها عدم قدرة هذه المراكز على استقطاب الشباب للتدريب، أو لعدم وجود مدربين بالكفاءة المطلوبة، والغريب إننا اكتشفنا أن هذه المراكز لديها البرامج باللغة الانجليزية فى حين أن مديرى هذه المراكز والمدربين بها لا يتحدثون باللغة الانجليزية، وأيضا عدم وجود اتصال أو توافق بين النقابات المهنية والمحافظات، وعدم وجود تعامل أيضا مع اتحاد الصناعات وجمعيات المستثمرين بالمحافظات لمعرفة فرص العمل المطلوبة ومواصفاتها. وتطالب الدكتورة يمن، بضرورة وجود اتصال وتوافق بين جمعيات المستثمرين ومراكز الشباب ووزارة القوى العاملة والجمعيات الأهلية لاستقطاب الشباب، وإجراء الاختبارات ثم اعطائهم الدورات التدريبية المطلوبة. أما النقطة الثانية الهامة التى تركز عليها الدكتور يمن لحل مشكلة البطالة وأيضا مشكلة الفقر فى نفس الوقت، هى دعم الصناعات الصغيرة، وذلك باعتماد مشروع قانون الصناعات الصغيرة الذى أعدته هيئة الرقابة المالية فى حكومة الببلاوي، ويقوم مشروع القانون على تشجيع إنشاء شركات تتولى تمويل المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر. وتوضح فى هذا الصدد أهمية المشروعات المتناهية الصغر بالأرقام، حيث أن عدد المصريين الذين يستطيعون العمل 27 مليون مواطن من يعمل منهم بالفعل 23٫3 مليون مواطن فى حين يصل عدد العاطلين الى قرابة 3٫7 مليون نصفهم لا يستطيعون القراءة والكتابة، وهؤلاء هم الأقرب الى الصناعات متناهية الصغر. أما التحدى الثانى أمام حكومة محلب، كما تقول الدكتورة يمن، فيتمثل فى ضرورة رفع انتاجية العامل المصرى لأنه الضمانة الوحيدة لرفع تنافسية الاقتصاد المصرى وزيادة الصادرات ومواجهة الواردات، والعجز التجاري، وأيضا زيادة دخل العامل ومستواه الاقتصادى والاجتماعى وخفض معدلات الفقر، وذلك من خلال عمليات التدريب والتعليم الفنى.