بعد ثلاث سنوات من انطلاق شرارة الثورة الأولى للشعب المصرى فى 25 يناير وثمانية أشهر من الثورة فى 30 يونيو، مازالت مطالب الشعب والثوار تائهة بين أدراج الحكومات السابقة ولم تجد من يحققها أو حتى يضع اللبنة الأولى فى تنفيذها. وفى هذا الملف تطرح أكتوبر - على لسان عدد من الخبراء والمتخصصين - أهم الملفات والمطالب التى نادى بها الشعب على مدار السنوات الثلاث السابقة وينتظر من حكومة المهندس إبراهيم محلب تحقيقها حتى لا تلقى مصير سابقاتها من صدام مع الشعب يتجسد فى مظاهرات واعتصامات واضطرابات تنتشر فى شتى أنحاء قطاعات الدولة ومدن وقرى مصر. فى البداية يرى د. حمدى عبد العظيم أستاذ الاقتصاد ورئيس اكاديمية السادات الأسبق أن ملف الحد الأدنى والاقصى للأجور هو التحدى الأبرز للحكومة الجديدة، حيث أن هناك من يطالبون أن يشملهم الحد الأدنى للأجر المقدر ب 1200 جنيه شهريا، وهناك فئات أخرى مثل الأطباء والصيادلة والشهر العقارى وهيئة النقل العام وشركات قطاع الأعمال، كلهم يطالبون بالحصول على مبالغ مالية من خزانة الدولة لتحسين أحوالهم المالية، ويقابل ذلك عجز فى الموازنة يقدر بحوالى 240 مليار جنيه سنويا، وهذا العجز يؤدى بالتبعية إلى زيادة الدين الداخلى والدين الخارجى، حيث بلغ الدين الداخلى 1.6تريليون جنيه والدين الخارجى 46 مليار دولار. أما التحدى الثانى فيتمثل فى مشكلة البطالة إذ لابد من البحث عن حلول لها لأن معدلها بلغ 13.2% من إجمالى قوة العمل، وهذا يعنى وجود 4 ملايين عاطل مقابل 2 مليون عاطل بعد ثورة يناير فى عام 2011. والحل الجذرى لمشكلة البطالة يتطلب التوسع فى الاستثمارات المرتبطة بالأنشطة كثيفة العمالة، خاصة التى تتعلق بالأمن الغذائى والزراعة والمنسوجات وغيرها من المتطلبات الأساسية، ويصاحب ذلك الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة بحيث تحصل هذه المشروعات على قروض بدون فوائد، وإعطاء قروض جماعية للشباب لإنشاء مشروعات تعاونية توفر فرصة عمالة أكثر وأفضل قدرة على زيادة التسويق والتوسع فى الإنتاج. والتحدى الثالث التصدى للغلاء وانفلات الأسعار، وهذا يتطلب تعديل قانون حماية المستهلك وقانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار، بحيث تكون هناك آليات تشريعية تمكن هذه الأجهزة من السيطرة على رقابة الأسعار. ويشير د. حمدى عبد العظيم إلى أن هناك تحديًا آخر هو معالجة مشكلات دعم الخبز وباقى السلع الضرورية ودعم الطاقة بحيث يتم القضاء على الفساد الذى يلتهم جزءا كبيرا من مخصصات الدعم بدون وجه حق حيث يذهب الدعم للأغنياء على حساب الفقراء، ويتطلب ذلك إنشاء آليات لتوزيع الدعم باستخدام الكروت الذكية بالنسبة للبنزين والسولار وغيرها من كافة المواد المدعمة من الدولة. ويؤكد عبد العظيم أن عجز الموازنة يحتاج إلى إعادة هيكلة يتمثل فى ترشيد النفقات فى كافة البنود ومنها إلغاء وظائف المستشارين وتطبيق الحد الأقصى للأجور على جميع الوظائف فى الدولة وبدون استثناء، نحن نحتاج إلى إصدار قانون جديد للصناديق الخاصة والتى يصل إيراداتها إلى حوالى 42 مليار جنيه سنويا بحيث تساهم فى تحويل العجز فى الموازنة العامة بدلًا من ذهاب هذه الأموال إلى الاستفادة الشخصية عن طريق توزيع أموال هذه الصناديق على المكافآت والحوافز. هاجس الأمن ويؤكد د. محمود عبد الحى استاذ الاقتصاد وعميد معهد التخطيط القومى الأسبق أن الأمن أول الملفات أمام حكومة د. محلب مطالبًا بإيجاد مصالحة بين الأطراف السياسية مشيرًا إلى أن لرئيس الجمهورية الدور الأهم فى عملية المصالحة ذلك لأن الصراع والانتقام يؤدى إلى إراقة دماء الأبرياء ولنستحضر مقولة الرئيس الراحل السادات عندما قال فى بداية الحرب الأهلية اللبنانية على الجميع أن ينزع كرامته وعلى الجميع أن يضع مصلحة الوطن فوق مصالحه. مطالبا بعدم اقصاء أى فصيل سياسى والعودة إلى ما يسمى «بالمراجعات» التى ينادى بها ناجح إبراهيم ونبيل نعيم وغيرهما. وبالنسبة للحد الأدنى للأجور لابد أن يطبق بطريقة علمية تتفق مع تكاليف المعيشة فمثلًا يمكن أن نأخذ عينة من مواطنى شبرا وعينة من الجيزة ومن باقى المحافظات.. وتبحث هذه العينات النفقات اليومية لعامة المواطنين، وبعد ذلك تحدد الحد الأدنى للأجور.. لافتًا إلى أن نسبة دعم الخبز عام 1996 كانت 34% فقط منها يذهب للمستحقين بينما تذهب باقى النسبة لجيوب أصحاب المخابز وعلى حكومة المهندس إبراهيم محلب إعادة النظر فى تنظيم الدعم بصفة عامة ليصل إلى مستحقيه. الملف الاقتصادى ويقول السفير رخا أحمد حسن رئيس جمعية خريجى الاقتصاد إن على رأس أولويات حكومة المهندس إبراهيم محلب ملفات كثيرة متراكمة من الحكومات السابقة أبرزها الملف الاقتصادى الذى يعد عنق الزجاجة وأضاف أن الاستقرار الأمنى يؤدى إلى دوران عجلة الإنتاج وجلب استثمارات اقتصادية وتشجيع المستثمرين مؤكدًا أن هناك عدة مستويات اقتصادية يجب البدء فيها فورًا لأنها لا تكلف الحكومة أموالًا طائلة ولكنها بمثابة بداية أو خطوة أولية نسير عليها لفترة محدودة حتى نبدأ فى خطوة أو فكرة أكبر لتحقيق انجازات منها تشغيل مصانع القطاع العام المنخفضة الإنتاج والتى لا تحتاج إلى استثمارات كبيرة وذلك من خلال هيكلة منظومة العمل بطرح أفكار جديدة لتطوير ماكينة التصنيع وتوفير المواد الخام لمصانع الحديد والصلب والغزل والنسيج التى تعد العمود الفقرى للاقتصاد مع رفع كفاءة الإنتاج مما ينجم عنه رفع كفاءة المنتج فى السوق بأسعار مناسبة تعود بالربح على المصنع والعاملين. وأكد رخا أن كل ذلك يؤدى إلى تخفيف العبء عن الموازنة العامة، كما يؤدى لتشغيل المصانع التى أغلقت سواء كانت قطاعًا عامًا أو خاصا إضافة لدور البنوك فى تقديم الدعم المادى ليعود الإنتاج. وأضاف: يجب أن يكون الانفاق ليس على المدى البعيد ولكن خلال فترة زمنية قصيرة، ثالثًا ضبط حركة الشارع وهذا لا يحتاج إلى انفاق ولكن إلى نظام يوفر الطاقة وأيضًا عنصر الوقت الذى يعد من أهم العناصر فى حياة الشعوب. إجراءات تشريعية وأشار أحمد رشدى مدير البنك الأهلى السابق إلى أن المرحلة التى تمر بها البلاد الآن من أخطر المراحل على مدى القرون الثلاثة الماضية بسبب السياسات الخاطئة فى معظم القرارات. مطالبًا حكومة محلب بأخذ قرارات سريعة وقوية للبدء فى دوران عجلة الإنتاج ويأتى ذلك من خلال الترتيبات الأمنية وقوانين الاستثمار البعيدة عن البيروقراطية التى تساعد على جلب الاستثمار وتشجيع المستثمرين وأيضًا السياحة التى تعد موردًا مهمًا للدخل القومى مطالبًا المواطنين بالعمل الجاد فى كل القطاعات وترشيد الاستهلاك لمساعدة الحكومة. فيما ترى د. عالية المهدى عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة أن انجاز أى ملف اقتصادى مرهون بتحقيق الأمن وبعده ستدور عجلة الإنتاج تدريجيًا سواء فى المشروعات الكبيرة والصغيرة والمتوسطة مع وضع سياسة اقتصادية غير معقدة لجلب الاستثمار الأجنبى لأن الاستثمار المحلى لايكفى. وضع حافز لهذه الشركات مشددة على ضرورة مشاركة القطاع العام مع القطاع الخاص لأن القطاع العام لا يستطيع القيام بأى مشروع بمفرده. وأضافت نحتاج لأى تحويل فى هذه المرحلة وطرح أسهم بالبورصة بنسبة 15:10% لشركات القطاع العام. أكد اللواء أمام الشيمى الخبير الأمنى ضرورة وضع خطة أمنية جديدة مواكبة للمرحلة القادمة وخصوصًا أننا نمر بانفلات أمنى كبير لم تشهده مصر منذ قرون بعيدة. وقال إن الملف الأمنى يعد فى غاية الخطورة مطالبًا بوضع استراتيجية أمنية معلوماتية لجهاز الشرطة مع إعادة تأهيل ضباط وأمناء وجنود وزارة الداخلية على كل ما هو جديد فى المجال الأمنى بمعنى أن تغير الخطة الأمنية المتعارف عليها وتكون بمثابة فخ للإرهابيين. وقال الشيمى: يجب تأمين مديريات الأمن على مستوى الجمهورية ولا يكون أفراد الشرطة هدفًا للإرهابيين بمعنى عدم ظهور الأفراد أمام المديرية بل يجب التمويه بخطط خداعية يجب أن يكون أفراد الشرطة مؤهلين للمرحلة القادمة لأن الملف الأمنى هو رمانة الميزان فى أى بلد يريد التقدم الاقتصادى. سد النهضة وتقول د. عايدة نصيف استاذ الفلسفة السياسية وعضو الهيئة العليا لحزب المصريين الأحرار إن هناك ثلاثة تحديات تواجه الحكومة أولها التحدى الأمنى وتحقيق الأمن القومى ويدخل فى إطار هذا التحدى ملف سد النهضة الأثيوبى وكيفية معالجة هذه المشكلة بصورة تحمى أمننا القومى، أما ثانى التحديات فهو الملف الاقتصادى وهو الأبرز ومرتبط بتحقيق العدالة الاجتماعية وجذب الاستثمارات وأخيرًا التحدى الثقافى فيجب أن يكون هناك ثقافة ذهنية جديدة تتعامل مع متطلبات الشعب المصرى وأن يكون لوزارة الثقافة دور فى تغييرها كما أنه على قصور الثقافة دور فى تعريف ماهية مصر وحضارتها ومفاهيمها وعاداتنا وتقاليدنا حتى لا نجد مرة أخرى الدعوات التى تقول «يسقط حكم العسكر» فالشباب غير مدرك ما الفرق بين الجيش الوطنى وحكم العسكر. ويقول محمد زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائى أن هناك ملفات لابد للحكومة الجديدة أن تتعامل معها بشكل حاسم أولهما الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب وبالتوازى معه للملف الثانى وهو الاقتصاد، والملفان مهمان لأنه لا يمكن التهاون فى مكافحة الإرهاب والعنف والفوضى أو فى الملف الاقتصادى والمشاكل اليومية إلى يعانى منها المواطنون مثل غلاء الأسعار. وأضاف أن هناك ملفات أخرى يجب أن تهتم بها الحكومة مثل خدمات وحقوق المواطنين مثل التعليم والصحة والعمل والسكن ووضع مصر الدولى ومشكلة سد النهضة الاثيوبى. أما الناشط السياسى كمال زاخر فيقول إن الأمن والاقتصاد والسلام الاجتماعى من المحاور الأساسية التى يجب أن تهتم بها الحكومة الجديدة لأنها تمثل مشاكل حقيقية وملحة وتتطلب إجراءات سريعة فبدون الأمن لن يقوم الاقتصاد وإذا لم يقم الاقتصاد فلن يكون هناك سلام اجتماعى فالمحاور مرتبطة بشكل واضح وتحقيقها سيؤدى إلى إعادة الاعتبار لهذا الوطن الذى استهدف بغرض تفتيته لحسابات مختلفة. أكد أحمد على أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها أنه يجب على حكومة محلب وضع الملف الاقصادي في أولوياتها خاصة مع الأزمة الاقتصادية الموجودة الآن والتي أخذت فصلا جديدا من فصولها المتعثرة بسبب استمرار الاضطرابات الأمنية وزيادة هاجس الخوف لدى المواطنين مما أدى الى تباطؤ عجلة الإنتاج وحدث ركود في كثير من القطاعات وأخطر ما ستواجهه حكومة محلب طباعة النقود التي قامت به الحكومة السابقة الذي أحدث جدلا كبيرا خلال الفترة الماضية وقد اشارت الأرقام إلى أن النقد المصدر شهد ارتفاعا بمعدل 27% وارتفاع معدلات طباعة النقد بنسبة 23% ولابد من مراعاة أن الاقتصاد مر بعد الثورة بمراحل صعبة كان لها تأثير علي النقد الأجنبي فهناك كميات كبيرة من النقود احتفظ بها المصريون وهناك كميات من النقود خرجت بسبب المطالب الفئوية والتي لم تنته حتى الآن والتي تؤدي إلي زيادة النقد المصدر وما صاحب ذلك من إعادة هيكلة المرتبات والأجور والمعاشات، والحد الأدني للأجور، وزيادة الإنفاق الحكومي وكل هذا يصب في زيادة الطلب علي النقود مع غياب ثقافة النقود الإلكترونية. وأوضح أن البنك المركزي يقوم بطباعة العملة ليس من وحي خياله وإنما من خلال المادة 109 من قانون البنوك وما يتطلبه من غطاء يحدده القانون أيضا ومطالبه البنك المركزي بزيادة نسبة غطاء الذهب ليصل إلى 10% وأشار إلى أن المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي تنظر باهتمام إلى عمليات طباعة النقود في الدول ومعدل التغطية لها كما أن معدلات التغطية تختلف من دولة إلي أخري فهناك دول تضع الذهب إلى جانب البترول ودول تعتمد علي الإنتاج وقوة عملتها مثل أمريكا ومصر غنية باكتشافات الذهب ومن الممكن إذا ما تم حصر الاحتياطي من الذهب أن تتم تغطية النقد المصدر بالكامل من الذهب وهذا ما يعطي صورة جيدة للاقتصاد المصري أمام العالم. وأكد د.على أن المحافظة علي قيمة العملة ليست مهمة البنك المركزي فقط، وإنما يجب أن تعمل جميع الاجهزة الحكومية علي حماية العملة وذلك من خلال الإنتاج وتحريك عجلة الإنتاج وتقليص عجز الموازنة فجميع حلقات الاقتصاد مترابطة. بينما انتقد على السعيد الخبير الاقتصادي الحكومة السابقة قائلا إن الحكومة السابقة يجب أن تحاسب لارتكابها أبشع جريمتين فى حق الاقتصاد الأولى اتجاه البنك المركزى إلى طبع 22 مليار جنيه بنكنوت جديد فى يناير الماضي والثاني الحصول على منح من دول الخليج ومع ذلك لم تستخدم فى الاستثمارات المختلفة مما يعتبر نوعا من إهدار المال العام .. ويضيف السعيد أنه فى الفترة الأخيرة لحكومة الببلاوي قامت بطباعة البنكنوت دون وجود غطاء أدى إلى انخفاض القيمة الشرائية للجنيه بصورة كبيرة، وارتفاع مستويات التضخم والركود الاقتصادي وزيادة الأزمة المالية وكانت سياسة نقدية خاطئة اتبعتها الحكومة السابقة والتي توسعت فى النفقات دون وجه حق.. وأوضح السعيد أن حكومة محلب لا يوجد أمامها إلا طريقين لتوفير موارد مالية: إما الاقتراض الخارجي وهو أمر في غاية الصعوبة حاليا خاصة مع تدني التصنيف الائتماني للدولة والذى سيرفع تكلفة الاقتراض بشكل كبير أما الطريق الثاني فهو التوسع في طباعة النقود. ويضيف د. فخري الفقي أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة البطالة المقنعة أن سوق العمل يعاني من ترهل إداري وبطالة مقنعة تسببت فيها الأنظمة السابقة والتي أثبتت فشلا ذريعا في وضع حلول ناجحة لأزمة البطالة وتوفير فرص عمل مناسبة للشباب العاطل بكافة فئاته ووصل معدل البطالة في مصر ضمن اخر احصائيات 13.4% وهناك العديد من الأسباب التي أدت إلى تفاقم أزمة البطالة من العهد السابق للثورة ومنها الأسباب الهيكلية والأسباب الطارئة إذ إنه كان اقتصادا لا يعترف بالاقتصاد العيني أي الحقيقي بجناحيه (الزراعة والصناعة) وإننا لابد أن نركز على الاقتصاد العيني وليس الرمزي فنحن كدولة نامية أولى بنا التركيز عليه لأنه سيؤدي بالضرورة إلى خفض نسبة البطالة بشكل هيكلي نتيجة الاعتماد على مشروعات مكثفة وفي نفس الوقت عالي القيمة المضافة ويضيف نأمل كمصريين من حكومة محلب وبعد خطوة الانتخابات الرئاسية أن نبدأ بمسار سليم لخفض نسبة البطالة من خلال علاج كل من الأسباب الهيكلية والعرضية. ومن جانبه أكد الدكتور سامح صدقي الخبير الاقتصادي أننا قمنا بثورة للبحث عن العيش و الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية ونفهم من ذلك أن طلب الشعب المصري لرغيف الخبز كان من أولى المطالب التي خرج من أجلها لذلك أستطيع القول بأن الاقتصاد كان المطلب الأساسي لدى الثوار وهذا لا يقلل من باقي الطلبات لأن جميعها مرتبطة بتوفير رغيف الخبز فلا كرامة لجائع أو شاعر بالظلم وأضاف ليس من العدل الاجتماعي أن يكون هناك أكثر من 50% من المصريين تحت خط الفقر وأن ترتكز الثروة في أيدي 5% فقط من أبناء الشعب وعلى ذلك فإن هناك مظاهر وأسبابا للمشكلات الاقتصادية التي يعاني منها المواطن وإن من أهم مظاهر زيادة هذه المشكلة الاقتصادية هو انتشار البطالة على مستوى المجتمع فقد وصلت معدلاتها لقرابة نصف قوة العمل ومع انتشارها تظهر الجريمة وتزداد حدة الأمراض النفسية وتظهر تجارة الممنوعات وتبدأ عمليات تدمير الشباب الذي هو مستقبل الأمة . ويقول عثمان ابراهيم الخبير الاقتصادي: نعيش مشاكل الطاقة منذ أكثر من عشرة أعوام أزمة طاحنة راح ضحيتها الكثير من المواطنين فأزمة أنابيب البوتاجاز واحدة من الأزمات العابرة للحكومات السابقة ويبدو أنها من الأزمات المستعصية عجز نظام مبارك عن حلها، وعجز المجلس العسكري في القضاء عليها، وعجز كل من الإخوان والببلاوي عن مواجهتها، وتستمر حتى اليوم مع حكومة محلب لتصل قريبا لرئيس مصر القادم والتى يخشى الشعب والرئيس القادم من انفجارها. ويتوقع عثمان أن تتفاقم أزمة الطاقة في يوليو المقبل نتيجة عجز الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي عن تلبية الطلب المتزايد وذلك وفقا لما قالته وزارة البترول في عهد الببلاوي إن إنتاج الغاز وصل ل 5.4 مليارات قدم مكعبة يوميا في حين سيصل الاستهلاك إلى 5.57 مليارات قدم مكعبة يوميا وتنفق الدولة 240 مليار دولار سنويا بسبب دعم الطاقة. ويؤكد الخبير الاقتصادي أن حكومة محلب مطالبة بعلاج استمرار النقص في الوقود وانقطاع الكهرباء وإن الامدادات المحلية من النفط والغاز لا تكفي لسد حاجيات قطاع الصناعة واستهلاك الأسر وهو ما دفع الحكومة السابقة للسماح لأول مرة لشركات القطاع الخاص باستيراد الغاز لحسابها الخاص. ويضيف عثمان إن الاعتماد فقط على الغاز الطبيعى كطاقة بديلة عن المواد البترولية المستوردة كالسولار والغاز والبنزين حل مؤقت ونظرة قصيرة المدى حيث يعد الغاز الطبيعى مصدرا مثل الموارد البترولية تماما وحسب العديد من الدراسات التى أجريت عن مخزون الغاز الطبيعى اتضح أنها تكفي لفترة من 20-30 عاما قادمة ولذلك فإن الاعتماد على استنزاف ثروة الغاز الطبيعى المتاحة حاليا يعد حلا مؤقتا لأزمة الطاقة فى مصر ويعنى ذلك أيضا أن الأزمة ستتكرر بعد فترة من الزمن لامحالة وتجدر الإشارة إلى ضرورة إجراء دراسات دقيقة عن العمر الافتراضى لوجود الغاز الطبيعى كثروة طبيعية غير متجددة وهل سيكون بديلا للمواد البترولية بشكل كامل أم فى وسائل النقل والتدفئة فقط. إسكان الشباب واقترح د. ابراهيم فوزى وزير الصناعة الأسبق ضرورة تبنى الحكومة أفكارًا جديدة لحل المشكلات التى يعانى منها الشباب وعلى سبيل المثال هناك أفكار من الممكن أن توفر منزلا أدميا لكل شاب بطريقة بسيطة للغاية عن طريقة انشاء وحدات سكنية يتم بيع الأدوار الأولى منها محلات تجارية ويتم استغلال تلك المبالغ من عائدات بيع المحلات التجارية لتكملة انشاء الوحدات التجارية وبالتالى تنخفض تكلفة الوحدة السكنية. ويقول د. محمد فراج الخبير الاقتصادى إن القضية ليست مشروعات فالمشروع هو التثمرة التى تنعكس على الأجيال الحالية والقادمة ولكن المهم هو إحداث نوع من الوفاق بين أبناء الشعب فى ضوء معايير العدالة الاجتماعية التى طالبت بها 30 يونيو فالغرض من المشروعات هو التنمية المستدامة وهذه التنمية لا تتحق إلا بتغير جزئى لدى المجتمع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ويكون المجتمع مقبلا على هذا النوع من التغيير فما فائدة المشروع فى ظل عدم وعى المجتمع بأهمية هذا التغيير. وأشار عماد كمال نقيب الفلاحين بالقليوبية إلى أن لابد من الاستغلال الأمثل للمساحات التى تم ردمها من الترع والمصارف بأنحاء الجمهورية بإنشاء محلات تجارية تبيع المنتجات الزراعية بدون تدخل التجار والسماسرة للحد من مشكلة البطالة وارتفاع الأسعار فى مصر بدلا من إهمال هذه المساحات وأيضا تشجير صحراء مصر الغربية من خلال توزيع الأراضى الصحراوية على الشضباب الخريجين ويقتصر دور الحكومة على توفير المياه سواء كانت مياه النيل أو المياة الجوفية والأسمدة والبذور. 3محاور ويقول عبد الله حسن عضو اللجنة البرلمانية لحزب المؤتمر والعضو السابق باللجنة التشريعية والدستورية بمجلس الشورى إن أولويات الحكومة تتمثل فى 3محاور هى الأمن والاقتصاد وسد النهضة فبدون أمن ليس هناك اقتصاد والأمن يلزمه اهتمام شديد بقاعدة البيانات والمعلومات أو بمعنى آخر الإجراءات الاحترازية لأنها ستمكننا من مفاجأتة البؤر الإجرامية ومنع حدوث الكوارث أو العمليات الإجرامية قبل وقوعها. أى إن الإهتمام بالأمن مردوده سريع من الناحية الاقتصادية والسياسية وأيضًا بالنسبة للمواطن المصرى. مشيرًا إلى أن العمل الأمنى الاحترافى يجب أن يصل إلى درجة اكتشاف الحدث قبل وقوعه بحيث يتم وقف أعمال التفجير والعمليات الانتحارية عن طريق تتبع العناصر الإرهابية والتوغل فى خططهم سواء بالمعلومات أو التواقع. ويضيف حسن أن الحكومة يجب أن ترفع شعار العمل والشفافية معًا بحيث يتم الإعلان عن المشاكل والأزمات بكل صدق والاعلان عن ماتم التوصل إليه وهذا الأسلوب هو الذى يحتاجه الشعب فى هذه المرحلة مؤكدًا أن الدعاية الجوفاء لخطط وحوافز لا تنفذ تأتى بمردود عكسى مثلما هو الحال فيما يتعلق بالحد الأدنى فالجميع انتظر تنفيذه دون جدوى وهو ما أدى إلى غليان فى قطاعات عديدة وكان الأولى أن يتم الحديث بصدق فى التعامل مع الأزمة والتأكيد على أن الحكومة لايمكن أن تنفذ مشروع الحد الأدنى إلا بطرقة تدريجية. ويشير عبد الله حسن إلى أن الملف الأكثر أهمية فى تلك المرحلة هو ملف سد النهضة خاصة وأنه يتعلق بالأمن القومى المصرى.موضحًا أن أوراق الضغط التى تمتلكها مصر عديدة أولها تنفيذ الاتفاقية الدولية الخاصة بحق المرور بقناة السويس والتى تعطى الحق لمصر بوقف مرور أى سند يمكن أن تؤدى إلى تأثير مباشر أو غير مباشر على الأمن القومى المصرى وهذا حق أصيل. وهناك أوراق ضغط أخرى وهى التعاون المصرى اليمنى الإريترى فى الضغط على اثيوبيا واستغلال حالة العداء الإثيوبى الإريترى فى محاولة للضغط على الحكومة الإثيوبية إلى جانب طرق أبواب كافة الجهات العالمية ودعوة وساطة دولية وتقديم مقترحات للعل وإظهار التعنت الإثيوبى. ويحذر اللواء عادل القلا رئيس الحزب الاشتراكى من أنه إذا لم تنفذ قرارات تختلف عن الوزارات السابقة فلن يحدث أى تقدم أو إنجاز فى هذه الفترة الانتقالية القصيرة. مشيرًا إلى أن مصر بحاجة إلى وزارة تنطلق مع رئيس الوزراء وليست وزارة تلهث خلفه ونريد حل مشاكل مهمة مثل مشروع التأمين الصحى والحد الأدنى والأقصى للأجور التخلص من المستشارين الذين يمثلون عبئًا على الدولة. وطالب وزارة الداخلية تغيير آلياتها فى العمل باستبدال الأكمنة الثابتة بدوريات متحركة لأن الأكمنة الثابتة يتم استهدافها من قبل العناصر الإرهابية. ويؤكد د. صلاح الدين فهمى أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر أنه لابد من تحقيق الاستقرار الأمنى والسياسى ووجود أرضية خصبة وبيئة ملائمة للاستقرار مشيرًا إلى أن الاقتصاد المصرى الآن فى العناية المركزة ولكى يتعافى سيحتاج إلى وقت وجهد ولابد من بدء التحرك وسد فجوة الادخار العالمية جدًا عن طريق الاستثمار الأجنبى كما أن دور البنوك مهم جدًا. فضلاً عن ضرورة توفير التمويل للمستثمرين وتشجيع الاستثمار وحل مشاكل البطالة. العدالة الاجتماعية ومن جانبه يرى وزير الاقتصاد الأسبق د. سلطان أبو على إن تحقيق العدالة الاجتماعية يعد من الأولويات التى يجب أن تسعى الحكومة لتنفيذها مطالبًا بضرورة تحقيق موارد لسد عجز الموازنة والعمل على تطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور وإعادة النظر فيما يخص الموازنة لصالح الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية وتشغيل المشروعات القومية المغلقة. وقال أبو على أن المشروع القومى يتجسد فى تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية وما يتعلق بها من رواسب تنمية إقليم قناة السويس ومحور التنمية والمشروعات التى تدر دخلًا قوميًا للدولة مثل السياحة والاستثمارات الأجنبية وغيرها من رواسب التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأضاف وزير الاقتصاد الأسبق أن التنمية الاقتصادية يمكن تحقيقها عن طريق الأهداف المباشرة من خلال تحقيق الأمن والاستقرار السياسى ووقف نزيف الاقتصاد وتقليل عجز الموازنة من خلال زيادة الموارد والإيرادات وتشغيل المشروعات المغلقة وحث البنوك على تمويل هذه المشروعات ووقف جميع الإضرابات والاحتجاجات والمطالب الفئوية مشيرًا إلى أن التنمية الاقتصادية تعد من المشاريع طويلة الأجل لمدة خمس سنوات. البطالة والفقر والعشوائيات أما الدكتورة ماجدة شلبى الأستاذ بجامعة بنها فترى أن من أهم الأولويات التى يجب أن تركز عليها الحكومة الجديدة وهى مواجهة أزمة البطالة وخاصة بطالة المتعلمين لأنها تشهر أكبر نسبة من البطالة وأضافت شلبى أن الفقر والعشوائيات تأتى فى المرحلة الثانية بعد البطالة فمن دون القضاء على الفقر والعشوائيات لن يتحقق الاستقرار الاقتصادى وبالتالى تهيئة مناخ استثمارى جاذب للاستثمارت فى مصر. وأشارت شلبى إلى ضرورة تحقيق موارد عاجلة حتى لتخفيض عجز الموازنة من خلال تشغيل مصانع القطاع العام والشركات القابضة المملوكة للدولة. وعن المشاريع القومية العملاقة قالت أستاذة الاقتصاد أن هذه المشاريع تحتاج إلى تمويلات ضخمة مشيرة فى الوقت نفسه أن هذه التمويلات تأتى فى المقام الأول فى حال تحقيق استقرار أمنى واقتصادى واجتماعى. وشددت شلبى على أن هناك قطاعات كبيرة من الأهمية التركيز عليها فى الوقت الحالى حتى تستطيع البلاد عبور هذه الأزمة الاقتصادية ومن أهمها محور قناة السويس وكذلك الاهتمام بقطاع السياحة التاريخية والدينية والترفيهية وكذلك سياحة المؤتمرات مضيفة أن قطاع السياحة حساس جدًا مثل البورصة ويتأثر بالإضرابات السياسية التى تحدث فى البلاد وبالتالى يجب توفير الإجراءات اللازمة لتحقيق الاستقرار السياسى من خلال التعجيل بإجراء الانتخابات الرئاسية ثم البرلمانية لتقوم الدولة بدورها فى سن التشريعات التى تحقق المناخ الاستثمارى وتجذب الاستثمارات. وطالبت شلبى أجهزة الدولة بالتركيز على الطاقة المتجددة لتحقيق الخطة التنموية العاجلة من خلال استغلال الموارد الناتجة عن الطاقة الشمسية والرياح. مضيفة إنه تم اتخاذ خطوات فعلية على أرض الواقع فى استغلال تلك الطاقات المتجددة من خلال التعاون مع ألمانيا والمفوضية الأوربية. الأمن أولًا وأخيرًا ويقول الخبير الاقتصادى الدكتور مختار الشريف أنه لا حديث عن الاستقرار الاقتصادى إلا من خلال تحقيق الاستقرار الأمنى موضحًا أن هذا الاستقرار لابد أن يكون مستمرًا وليس لمدة مؤقتة كما يحدث الآن. وأضاف الشريف أن المستثمر سواء كان عربيًا أو أجنبيًا يبحث عن الاستقرار الأمنى قبل البدء فى مشاريعه الاقتصادية أو استثمارية فلا بد من وجود استقرار أمنى دائم. وأشار الخبير الاقتصادى إلى أن الحديث عن مشروعات قومية عملاقة تعد أحلام يقظة قائلًا «ياريت تحقق كل المشاريع التى تذكر» رافضًا الحديث عن أى مشروعات قومية مكتفيًا بتنفيذ أى مشروع من المشاريع القومية مثل مشروع إقليم قناة السويس وكذلك مشروع التفريعة وبورسعيد من خلال جعلها ميناء محوريا وشمال خليج قناة السويس كمناطق تخزين لدول شرق أسيا والقاهرة من خلال عمل مشروعات صغيرة. وأوضح أن أى مشروع محلى يدخل جنيها واحدا يعد مشروعًا قوميًا مضربًا مثال بأن تكون سيارة متوقفة فيأتى من يقول سوف أساعدك فى سير هذه العربية بسرعة فائقة فأقول له: لأ مش عايزها تمشى بسرعة كفاية أنها تمشى فقط! وقال الشريف إنه عندما يشعر المواطن بالأمن ينتقل بالتبعية إلى المستثمر، موضحًا أن تمويل المشروعات يأتى من تلقاء نفسه إذا وجد على أرض الواقع خطوات تنفذ لتحسين الأمن والاستثمار فى البلاد لافتًا إلى أن التمويل لم يكن عقبة فى يوم من الأيام. وعن كيفية تحقيق الحكومة لأهدافها طالب الشريف بعودة الأمن والأمان أولًا ثم الشفافية والصراحة حول حجم الأزمات التى تعانى منها البلاد فلا بد أن يخرج المسئولون ويتحدثوا بكل وضوح عن حجم عجز الموازنة حتى يعى المواطن والعاملون بالدولة والقطاع العام والشركات بالأضرار التى يتسبب بها فى حال قيامه بالإضراب. وعن القروض والمنح التى تأتى من الخارج سواء فى الدولة العربية أو الأجنبية قال الشريف إن هذه المعونات لن تدوم كثيرًا فسيأتى يوم من الأيام وتتوقف هذه الدول عن مساعدتنا وتابع أن الغالبية العظمى من المصريين أصبح لديهم رغبة فى البقاء بدون عمل حتى طلبة المدارس والمدرسين أصبحوا لا يريدون العودة إلى المدارس مرة أخرى. وأضاف الخبير الاقتصادى أن السياحة قبل ثورة 25 يناير كانت تدر دخلًا ما يقارب من 14 مليار دولار وهى تعد أكثر من حجم المساعدات التى تبرعت بها الدول الصديقة لمصر فى محنتها لمرور الأزمة الطاحنة التى تمر بها معربًا عن أمله ألا تتحول تصريحات المهندس إبراهيم محلب مثل سابقتها إلى مجرد خطوات خيالية تسعى الحكومة لاتخاذها وفى النهاية نجد أنها مجرد تصريحات.