رغيف العيش.. طوابير البنزين والسولار.. ارتفاع الأسعار.. وغيرها من الأزمات الاقتصادية التى قصمت ظهر نظام الإخوان بسبب الإصرار على الاعتماد على الأيادى المرتعشة فى الحكومات المتعاقبة وأخيرا حكومة قنديل، ولكن الآن نحن أمام حكومة محنكة يغلب عليها الطابع الاقتصادى من نوع خاص أملا فى الخروج من المأزق، ومن هنا يبقى السؤال هل الحكومة الاقتصادية قادرة على تخطى الأزمة؟ وما الخطوات التى سوف تتخذها هذه الحكومة لدعم الاقتصاد المصرى والخروج من عنق الزجاجة؟.. أسئلة كثيرة نحاول الإجابة عنها فى السطور القادمة. مهمة شاقة وتحديات كبيرة أمام الحكومة ذات الخبرات الاقتصادية، فعلى الرغم من أن الأزمات الاقتصادية كانت موجودة منذ ثورة يناير إلا أنها تفاقمت بشكل ملحوظ خلال حكم الإخوان فخلال العام الماضى تم تجريف الكثير من الموارد المصرية وزيادة عجز الموازنة بشكل غير مسبوق وزيادة الدين الداخلى والخارجى إلى أرقام فلكية.. كما أن الخدمات المتقدمة إلى المواطن شهدت تراجعا قويا لم تشهده مصر من قبل، فضلا عن الطوابير التى راح ضحيتها آلاف البسطاء ومحطات البنزين التى تحولت إلى ساحة معارك فدعم الطاقة أمر بالغ الخطورة يجب على الحكومة وضعها فى الاعتبار، بالإضافة إلى السياحة التى ماتت إكلينيكيا على الرغم من أنها من أهم مصادر الدخل القومى، حيث انخفضت نسبة إشغال الفنادق لتصل إلى 30 ٪ وهجر المرشدون السياحيون مهنتهم بسبب الأوضاع السيئة التى فرضتها فترة حكم الرئيس محمد مرسى، ولا ننسى المصانعالتى تم إغلاقها بسبب توقف الإنتاج تماما، مما أدى إلى عدم تمكنها من صرف مرتبات العمال وغيرها من المصانع التى سرحت العمال!
فخلال العام الماضى زادت البطالة إلى 13.2 ٪ مقارنة بالأعوام السابقة، وفى نفس الإطار تم طبع البنكنوت بدون غطاء نقدى، ومن هنا كشف البنك المركزى فى تقرير صادر عن أن المؤشرات فيما يتعلق بالدين المحلى وطباعة النقود وأصول البنوك الأجنبية، إضافة إلى تغطية الاحتياطيات بالنسبة للواردات السلعية شهدت تحركات سلبية فى الفترة الأخيرة.
∎الفرصة!
وفى هذا الإطار أكد الدكتور أحمد جلال - وزير المالية - أن المرحلة القادمة تحتاج إلى جهد كبير لأن الأزمات الاقتصادية تفاقمت خلال الفترة الماضية، حيث إن جميع القطاعات الاقتصادية دفعت ثمن عدم الاستقرار والأمان وتحملت نزيفا من الخسائر لم تتحمله من قبل،
ورفض ما يقال عن انهيار الاقتصاد أو خسائر موجعة، وأكد أن التحول السياسى الذى تشهده مصر الآن ينبئ بزيادة هائلة فى الاستثمار فى المستقبل، وتحسن فى البيئة الاقتصادية.. ولكن علينا فقط أن نعمل على تقليل حجم الخسائر قدر المستطاع خلال المرحلة المقبلة.. وأشار إلى أن انهيار الدولة اقتصاديًا له العديد من الأسباب لعل أبرزها أن الاقتصاد يتأثر بعض الشىء فى بداية الأزمة ثم يعود ويتوازن، بل سيتحسن أكثر فى المستقبل.. الأزمات التى يمكن أن تهز البلد حقيقة هى أن نكون غير قادرين على دفع التزاماتنا من الديون الخارجية، والأمر الثانى أن تحدث هرولة على البنوك لسحب الودائع، مثلما حدث فى الأرجنتين وهذا فعلاً يحدث خللاً كبيراً، لكن البنك المركزى اتخذ إجراءات سليمة فى هذا الاتجاه وحدد حداً أقصى لسحب الأموال.. وعموماً الخسائر الاقتصادية أياً كان حجمها لا تعادل حجم النفع، وأنا لست قلقاً، بل أنا متفائل بما يحدث الآن، والذى أرى أنه كان لابد أن يحدث منذ زمن طويل.. والتكلفة تستحق أن نتحملها لأن العائد سيكون أكبر بكثير.. وأوضح أنه لابد من مواجهة التهريب وتطبيق الضريبة التصاعدية لتوفير 70 مليار جنيه وتقديم حوافز مغرية للمستثمرين وزيادة المكون المحلى بالمشروعات القومية ووضع مبادرة من البنوك لإنقاذ الصناعة وتشجيع الصادرات لتوفير العملة الصعبة وتفعيل المشروعات الصغيرة وتخفيض أسعار الأراضى الصناعية وترشيد الإنفاق، مؤكدا أن استعادة الأمن ستؤدى لطمأنة المستثمرين مع ضرورة التركيز على وقف القرارات العشوائية ومشاركة منظمات الأعمال مع صانع القرار ضرورة قبل إصدار أى قرار اقتصادى.
وأكد أن الحكومة الجديدة مهما يكن لديها من كفاءة لن تنجح فى العمل بمفردها فلابد من مساندة شعبية.
وأعلن د. جلال أنه سوف يتم تشكيل لجنة اقتصادية مصغرة ستعلن خلال أيام تكون مهمتها إيقاف نزيف الاقتصاد المصرى ومحاولة صعود أسهمه مرة أخرى. وهذا لن يتحقق إلا من خلال خطة قصيرة الأجل لعلاج الخلل الاقتصادى وإيجاد الحلول السريعة ووضع مجموعة من مشروعات القوانين التى تهدف إلى ضرورة العمل على جذب الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية والتصدى لمشكلة البطالة بفاعلية وفتح مزيد من الأسواق وتعظيم فى قيمة الصادرات.
∎التفاؤل!
ومن جانبه أعرب أشرف العربى - وزير التخطيط - عن تفاؤله من مستقبل الاقتصاد على الرغم من تراكم المشاكل الاقتصادية وهروب المستثمرين وتوقف الإنتاج بشكل ملحوظ، أن الأزمة الحالية التى تمر بها مصر أزمة طارئة، مشددا على أنه على يقين أن مصر ستقوم وسيتعافى اقتصادها بأسرع مما يتوقع الجميع، وعلينا أن ندرك تماما أن الثورات لها تكلفة عالية جدا وأن الحرية لها ثمن، وهذا هو لب أو جوهر المشكلة الأساسية التى نواجهها الآن وتتمثل فى وضع اقتصادى سيئ وميراث ثقيل من الأخطاء التى تراكمت عبر سنوات طويلة من الفساد وبالتزامن مع سقف مرتفع من الطموح والتوقعات بمطالب عادلة وحقوق مشروعة لفئات مختلفة من المجتمع وشريحة عريضة حرمت منها لسنوات طويلة، وبالتالى فإن تلبية هذه الاحتياجات، التى أؤكد على مشروعيتها، بالسرعة الممكنة هى التحدى الأكبر الذى تواجهه أى حكومة بعد الثورة فى ظل وضع اقتصادى متدهور.
أهمية تعبئة كل الجهود الدولية للإسراع بالاتفاق مع صندوق النقد الدولى بشأن قرض 4.8 مليار دولار، ووصف المباحثات التى تجريها البعثة الفنية للصندوق مع المسئولين المصريين بأنها إيجابية، مؤكدًا أنها لم تتطرق إلى زيادة القرض.
أوضح العربى أن الحصول على هذا القرض مهم للخروج من المأزق الاقتصادى الذى تمر به مصر حاليًا.
وقال الوزير: إن الحكومة تعمل على تنفيذ اليرنامج الوطنى للإصلاح الاقتصادى والذى يقوم على محورين هما تخفيض عجز الموازنة وإصلاح منظومة الضرائب، مضيفا أن هناك عجزا تمويليا فى الموازنة حتى 30 يونيو 2015 مما يحتم على الحكومة ضرورة تنفيذ البرنامج الإصلاحى وأى تأخير فيه ستكون كلفته أكبر.
وذكر وزير التخطيط أن الحكومة تستهدف تخفيض عجز الموازنة إلى 8.5٪ خلال العام المالي 2013/2014، مقارنة ب 9.5٪ نسبة مستهدفة خلال العام المالي 2012/2013. وقال الوزير أنه تمت زيادة الضرائب على 6 سلع فقط هى الأسمنت والحديد والاتصالات والسجائر والمشروبات الكحولية وغير الكحولية.
وأكد العربى جدية الحكومة فى مواجهة الأزمة الاقتصادية وهيكلة منظومة الطاقة وعدم زيادة أسعارها على المواطنين العاديين وتحديد حصص مدعمة لهم فى حين تمت زيادة الأسعار على الصناعات كثيفة استخدام الطاقة مثل الأسمنت والحديد والسولار.
∎الوعود!
وطالب الخبير الاقتصادى الدكتور عبد الخالق فاروق الحكومة الجديدة بالعمل على بذل الكثير من الجهد لوقف حالة التدهور الاقتصادى الذى تعانى منه مصر منذ فترة طويلة، وأقول للدكتور أحمد جلال وزير المالية: تذكر وعودك التى قطعتها على نفسك حول تحقيق العدالة الاجتماعية. وتنفيذ ملف الحد الأقصى والأدنى للأجور الذى تم إقراره قبل ذلك وللأسف الشديد لم يطبق على أرض الواقع بسبب التشريع الذى سمح بوجود استثناءات فى عدد كبير من قطاعات الدولة المختلفة.
وأضاف: لابد من التخلص من المستشارين الذين تم تعيينهم خلال العام الأخير بهدف أخونة مفاصل الدولة وهذا أمر رفضه الشعب. كما أنه لابد من عمل الحكومة الجديدة على إنشاء مشروع قومى للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لمواجهة أزمة البطالة وإيجاد أسواق عمل جديدة للشباب. وحل مشكلات المتعثرين ضريبيا ومكافحة التهرب من خلال السلع الموجودة فى الأسواق.