لم يكن يعلم أن القدر يخبئ له بينما قدماه تطأ «مؤسسة الأهرام « خبرا سارا.. ولكن ممدوح عباس رئيس مجلس ادارة نادى الزمالك الذى تم حله من قبل وزير الرياضة السابق والعائد بقرار من الاتحاد الدولى لكرة القدم (الفيفا) كانت لديه ثقة غير عادية فى ان الامر سيحسم لمصلحته، خلال ثنيات كلماته فى اثناء ندوته مع أعضاء القسم الرياضى حملت الكثير من التفاؤل , واستشراف رائع للمستقبل القريب، فقد رفض الحديث تماما عن مسالة عودته مجرد «سد خانة « لحين اجراء الانتخابات المقبلة، وتمسك بالعودة الى منصبه واستكمال مدته التى سلبها منه قبل ذلك قرار الحل وتصل الى 15 شهرا. بمجرد أن جلس عباس لإجراء هذه الجلسة الحوارية..انطلقت الكلمات الصادقة والعفوية منه يمينا وشمالا، فالرجل تشم من رائحة الفاظه العفوية والتلقائية فى كل شيء، فهو صريح ولا يراوغ، ولكن ما يهمه بالدرجة الاولى الحفاظ على كرامته وكرامة واسم ناديه الابيض الذى يعشقه بشكل غير عادي، ويبدو أن الانتماء الصارخ لاسرته لاسيما الاب انتقل اليه رويدا رويدا، لدرجة انه لا يطيق ان يسمع كلمة او اساءة تمس هذا الصرح العريق، بل وكانت المفارقة ان والدته عندما رأته وهو فى سن العاشرة يبكى حزنا على خسارة الفريق تنبأت له بانه سيكون على رأس هذه المنظومة فى يوم من الايام. الحديث مع رجل الساعة حاليا فى الوسط الرياضى استمر لفترة ليست بالقصيرة، وتناولت كل شاردة وواردة فى القضايا المثارة، وإن كان رئيس نادى الزمالك افتتحه بكلمات رائعة تشير الى ارتباطه بجريدة الأهرام منذ الصغر وايضا قيادتها وفى المقدمة الاستاذ محمد حسنين هيكل وصديقه مرسى عطا الله رئيس مجلس الادارة الاسبق، وحاول فى البداية أن يلمس ولو من بعيد الى انه ليس مسئولا عن تأخر النشاط الرياضى فى مصر، وانه كان يتمنى ان يفكر الجميع فى دورة الالعاب الاوليمبية المقبلة فى ريو دى جانيرو 2016 . بدلا من هذا الجدل العقيم الدائر حاليا وان يتم حل الازمات القائمة بعيدا عن التدخل الحكومى وبشكل داخلى بدلا من تصعيد الامور الى الجهات الدولية, ومن هذه النقطة انطلق الحديث. الأهرام : كيف تفسر ارتباك المشهد الحالى خاصة فى ظل المراسلات والتفسيرات التى تدور حول الخطابات القادمة من الجهات الدولية؟ عباس : دعنا أصار حكم القول باننا تحولنا الى «خالتى اللتاتة» وعفوا على هذا التشبيه لانه يذكرنى بالفنان الراحل احمد الحداد الذى كان يقدم برنامجا اذاعيا بهذا الاسم، فالكل يفتى دون علم، ولم يعد احد يريد ان يكشف عن الواقع ويعترف بالخطأ .. والأزمة الحالية بدأت من ايام الهندس حسن صقر رئيس المجلس القومى للشباب والرياضة الاسبق عام 2008 تقريبا، ولم يتحرك احد لحلها, وسارت الامور من سييء الى اسوأ الى ان وصلنا الى هذه المرحلة، واصبح تدخل الحكومة واضحا، مما يزعج الفيفا تماما , لانه يطالب بأن تحصل الجمعيات العمومية على حقوقها فى وضع لوائحها، وبالتأكيد ان لديها من المستشارين والقانونيين القادرين على ذلك ولكن لا حياة لمن تنادي. الأهرام : وهل انت راض عن اللجوء للمؤسسات الدولية مثل اللجنة الاوليمبية الدولية او الفيفا لفك الاشتباك القائم على الساحة حاليا؟ عباس : بالطبع لا .. لان ذلك يجعل مصر فى نفس مصاف دول افريقية اخرى لا تساويها فى التاريخ والبطولات مثل ناميبيا على سبيل المثال، ولكن هل هناك جهات اخرى فى مصر مثل المحكمة الرياضية او لجنة فض المنازعات موجودة لمثل هذه المسائل، بالتأكيد لا .. بالاضافة الى وزارة الرياضة تريد منى العودة فقط لمجرد تسيير الانتخابات، وهذا ما أرفضه شكلا وموضوعا، لاننى لا اقبل بعد كل هذا التاريخ سواء فى العمل العام او الرياضى ان اكون «طرطورا»، وانا لم امنع احدا أن يجرى العملية الانتخابية، فالنادى موجود وكل شيء متوافر، ولكن عليهم الابتعاد عن قصة عودتى بشروطهم. الأهرام: فى رأيك .. كيف نخرج من كل هذا الضجيج ويعود الهدوء من جديد لاروقة الرياضة؟ عباس : لابد ان يعود قطاع البطولة الى اللجنة الاوليمبية مثلما حدث أخيرا لانها المسئولة بالفعل عن هذا الجانب، وان نبتعد عن التدخل الحكومى لانه السبب الرئيسى فى تأخرنا، وأريد التأكيد على نقطة مهمة ان زمن تكميم الافواه انتهي، وان لدينا من يملك القدرة على الابتكار والخلق بشرط توافر الفرصة لهم، وانه من الطبيعى ان يتعلم الانسان من أخطائه فهو حاليا يبلغ من العمر 68 عاما وبالطبع فإنه لن يكرر ما فعله من خطأ منذ عشر سنوات بحكم النضوج والخبرة، وانه يرى بعيدا عن المراهقة التى تحدث حاليا فى الزمالك فإن النادى لديه من الكفاءات والشباب القادر على النهوض به، وانه لا ينسى التجربة الرائعة التى شهدتها انتخابات 2009 والاقبال الكثيف من الناخبين على الإدلاء باصواتهم. الأهرام : لاشك ان لك بصمات واسهامات فى تاريخ نادى الزمالك حتى قبل توليك المسئولية .. ولكن البعض يرى انك لم تقدم ما يصبو له اعضاؤه خلال فترة توليك المهمة .. ماردك؟ عباس : اعترف بانى لم احقق ما اريد للنادى خلال فترة وجودي، ولكن ذلك لاسباب عديدة فى مقدمتها غياب الاستقرار ، فقد جرى حل المجلس بعد انتخابه بفترة قصيرة بحجة وجود دعاوى قضائية بالتزوير رغم ان حجم طموحاتى لهذا الصرح العريق لم يكن لها حدود مثل انشاء مجمع للاسكواش، ثانيا تراجع الموارد المالية فبعد ان كانت حقوق البث 25 مليونا تراجعت الى مليونين ونصف المليون، لدرجة ان ضياء السيد وكان مدربا لفريق 21 سنة للأهلى ويواجه الزمالك بكى على الماساة التى يتعرض لها النادى وعدم توافر الامكانات التى تناسب مكانته. ويضيف عباس: رغم كل هذه الظروف وضيق الفترة حققت اشياء بفضل تعاون اعضاء مجلس الادارة ومنها انهاء ازمة ارض النادى فى ميت عقبة مع وزارة الاوقاف لتصبح ملكا بدلا من المنفعة العامة، وأسهم فى هذه الخطوة ايضا الصديق مرسى عطا الله، وسددنا قيمة ارض 6 اكتوبر وتبلغ مساحتها 126 فدانا وقيمتها المالية تصل الى اربعة مليارات جنيه وكان لحازم امام وعمرو الجناينى نصيب فى تسديد القيمة المادية لها، ومن هنا فإنه اذا كانت ديون النادى ولم تكن كلها فى عهدى تصل الى 239 مليون جنيه فإن الاصول بالارقام تغطى كل ذلك، ولا اريد الخوض فى مسألة القرض المستحق لى وقيمته 40 مليون جنيه لانه لو كان المسئولون طلبوا هذا المبلغ من اى بنك فانه ولو بفائد بسيطة وليس مركبة كان سيصل الى 80 مليونا فى حين انه لم يطلب اى فائدة على الاطلاق. الاهرام: هذه الاسهامات الرائعة ربما لا يعرفها الكثيرون .. ولكن البعض يلمح الى رغبتك فى التمسك بالمنصب ؟ عباس : اولا اريد توضيح شيء مهم .. انا داخل المجلس او خارجه .. فعينى للزمالك او بمعنى آخر تحت امره فى اى وقت، لان له افضال كثيرة على جميع ابنائه، ولكن المسألة ترتبط بالكرامة اولا واثبات حق بعيدا عن اى شيء آخر، واقولها بصراحة «ارحموا الزمالك» وكفى ما مضي، فهذا النادى سيثبت انه قادر على تغيير الكثيرمن المفاهيم فى مصر وانه قامة كبيرة، ولكن المشكلة تكمن فى ابنائه الذين لم يمنحوه التقدير اللازم، وكانوا دائما على موعد مع المشكلات وتركوا الساحة للغوغاء لتقود، ولكن فى النهاية لن يصح الا الصحيح لان هذا النادى لا يستحق ما يحدث له، ويكفى ما فعله الوزير السابق طاهر ابو زيد الذى لم التق به من قبل ولا اعرفه، واتخذ قرار الحل دون دراية، وهو ما حذره منه رئيس الوزراء المستقيل حازم الببلاوى الذى قال له بصراحة « لاترتكب نفس خطأ الزمالك» عندما اقدم على التخلص من مجلس الأهلي، وبالمناسبة انا لن ادخل الانتخابات مرة اخرى وليس لى مستقبل داخل النادي. الأهرام : ولكن على الرغم من نجاح قائمتك بالكامل فيما عدا الراحل ابراهيم يوسف .. الا ان المشكلات تسربت الى المجلس ايضا .. كيف تفسر ذلك؟ عباس : المشكلات كانت مع رءوف جاسر فقط .. وبالمناسبة هو شخصية امينة ومحترمة وانا اسانده فى الانتخابات المقبلة لانه يستحق قيادة النادي، وكانت ثقته به كبيرة خاصة عندما كان يتولى منصب الرئاسة فى غيابي، ولكن اختلاف وجهات النظر ربما يراه البعض مشكلة، وهو الامر الذى يضخمه الاعلام بحثا عن مزيد من التوزيع بصرف النظر عن حقيقة الموضوع، وأن كان ذلك لا يعفى ابناء النادى من المسئولية لانهم دائما مصدر خصب للاخبار والمعلومات، بدليل ما يحدث حاليا فى الانتخابات، ففى الاهلى تحصل بالكاد على خبر او اثنين، بينما فى ميت عقبة تجد نشرة مفصلة عن كل شيء. الأهرام : البعض يرى انك أسهمت فى تدليل شيكابالا ورفع سقف عقود اللاعبين فى مصر من خلال عقده مع النادي؟ عباس : شيكابالا حصل على مليونين ونصف المليون فقط من العقد .. وانا اتساءل..اين هو حاليا ؟ ..فى البرتغال ضمن صفوف سبورتنج لشبونة، ولذلك فإنه لاعب له ثمنه .. وقد أبلغنى هنرى ميشيل المدرب الفرنسى والمدير الفنى الاسبق للفريق منذ اربع سنوات فى اثناء وجوده فى مكتبى بان هذا النجم يساوى 35 مليون يورو، ولكننا فى مصر شطار فى تحويل الذهب الى صفيح . الأهرام : صدامك مع الوايت نايتس .. كان سببا فى رحيل مجلسك بحجة وجود خطورة على الامن العام؟ عباس : هذا الكلام غير حقيقى .. فاولا انا من محبى هذه الروابط وتدخلت فى اكثر من ازمة لصالحهم، ولكن عندما يتعدى المشجع دوره ويطالب باقالة المجلس او الجهاز الفنى فهذا مرفوض تماما، وبالمناسبة فان هناك شبابا مثقفا ورائعا فى الروابط بمختلف مسمياتها، ولكن كرة القدم مثل المخدرات حيث يتساوى الجميع عند الانخراط معا، ولا أريد الكشف عن المساهمات التى قدمتها باسم نادى الزمالك لهؤلاء ومدى حرصى على دعمهم ومساندتهم لانهم يمثلون العمود الفقرى لكرة القدم. الأهرام : ثار غضبك على وزير الرياضة الاسبق العامرى فاروق عندما طلب منكم التعلم من مدرسة الأهلى .. ما رأيك؟ عباس : نعم حدث .. فلا يعقل ان يتواجد الوزير فى نادى الزمالك ويعلمنى درسا فى الادارة من ناديه السابق لمجرد انه حضرر لدعمنا بمليون جنيه، فالقلعة البيضاء لها تاريخ وقامة لا جدال فيها , ولا يقبل ان يمسها احد من قريب او بعيد، واذا كانت هفوات من البعض فإن ذلك ليس ذنب هذا الصرح. الأهرام : ماذا تقول بعد خطاب الفيفا .. وقرب انتهاء ازمة الساعة؟ عباس : الأيام ستثبت مدى قوة الزمالك .. «وكفى دهسا للقلعة البيضاء».