مصر هذه الحضارة التي امتدت آلاف السنين منذ قيام الملك مينا بتوحيد القطرين الشمالي والجنوبي في دولة واحدة، وأقام أول حكومة في تاريخ البشرية لرعاية مصالح الشعب، ويعتبر هذا أول حدث في تاريخ الحضاره الإنسانية. ولذا لقبت مصر بأم الدنيا، وبعد قيام هذه الدولة وضعت أسس العلوم الحديثة مثل الطب والهندسة والفلك، ويتجلي ذلك في بناء الهرم الأكبر الذي يعد معجزة هندسية بكل المقاييس، وأنشىء منذ 4500 عام، وأوراق البردي الطبية، ومنها ورقةه ادوين سميث التي يرجع تاريخها إلي عصر الأسرة الثالثة، وكتبت بواسطة امنحتب إله الطب، والتي تعد وثيقة طبية تمثل ما توصل إليه الطبيب المصري القديم من حيث طريقه الكشف علي المريض وكيفية علاج الإصابات مثل إصابة الدماغ والرقبة وأسفل الظهر، ويتم الكشف عليها بنفس الطريقة التي تتم في زمننا هذا، وهذه الحضارة التي سبقت شعوب الدنيا كلها، وتجلي ذلك في الآثار الخالدة التي تمثل هذه الحضارة علي مدي خمسة آلاف عام من عصر الأسرة القديمة إلي عصر الدولة الحديثة إلي العصر الفارسي والإغريقي والروماني والقبطي ثم العصر الإسلامي، وعندما اكتشف شامبليون عاشق الآثار المصرية القديمة في أوائل القرن التاسع عشر حروف اللغة المصرية القديمة، ظهرت لكل الدنيا عظمة التاريخ المصري القديم، وأصبحت مصر هدفا لكل بعثات التنقيب عن الآثار، سواء بعثات رسمية أو غير رسمية، واكتشف الآثار المصرية القديمة والتي انتشرت في جميع دول العالم الغربي الآن وأقيمت لها المتاحف في أوروبا والولايات المتحدة وكندا وروسيا، حيث تم عرض هذه الآثار بطريقة شيقة وجاذبة لزوار هذه المتاحف والتي قمت بزيارتها عدة مرات مثل المتحف البريطاني بلندن، ومتحف اللوفر بباريس، ومتحف المتروبوليتان بنيويورك، والمتحف القومي بتورونتو بكندا، ومتحف الارميتاج ببطرسبرج بروسيا، ومتحف برلين بألمانيا الذي يضم أجمل تمثال للملكة نفرتيتي هذه الآثار التي تمثل عظمة الحضارة المصرية علي مدي خمسة آلاف عام. ولقد ظهرت في الآونة الأخيرة اعتداءات كبيرة علي تراث مصر قامت بها قلة من الجهلاء بتاريخ مصر لا يضعوا في اعتبارهم أي قيمة لهذا التراث الخالد، ومن أشهر هذه الاعتداءات التي تمت خلال السنوات الثلاث الماضية الاعتداء علي المتحف المصري بالتحرير ومتحف ملوي بالمنيا وكان آخرها المتحف الإسلامي بالقاهرة، فإن الأوان قد آن لتقوم الدولة بوضع خطة للمحافظة علي تراث مصر وذلك بالمقترحات الآتية: أولا: نقل مقتنيات جميع المتاحف الي المتحف المصري الكبير والذي يتم إنشاؤه بجوار أهرام الجيزة علي أن يتم تأمينه وحراسته بالطرق الفنية الحديثة، ويشمل أماكن لعرض التحف والآثار بطريقة حديثة لائقة بتاريخ مصر، وتشمل جميع العصور من عصر الدولة القديمة إلي العصر الإسلامي إلي العصر الحديث. ثانيا: وضع خطة للمحافظة علي الآثار المدفونة التي حددت أماكنها ولم يتم التنقيب عنها حتي الآن، ويقوم بالتنقيب فيها لصوص الآثار المحترفين، وذلك بتنشيط بعثات متخصصة من الخارج أو الداخل لتقوم بعمليات التنقيب بطريقة علمية حديثة تحت رعاية وزارة الآثار، مع وضع نظام متكامل لتصنيف ووضع هذه الآثار في الأماكن المناسبة لها بالمتحف المصري الكبير والذي سيكون أكبر متحف عالمي. ثالثا: إهداء بعض قطع الآثار المتكررة رسميا إلي الدول العربية الشقيقة والدول الغربية بشرط تقديم المعونة اللازمة لاستكمال المتحف المصري الكبير والمشاركة أيضا في عمليات التنقيب عن آثار الحضارة العريقة لمصر الحبيبة أم الدنيا. لمزيد من مقالات د. محمد رضا عوض