وعد المشير السيسى بأن مصر ستصبح «أد الدنيا»,وتحدث عن ذلك بثقة مطلقة فى أكثرمن مناسبة فى أعقاب ثورة الثلاثين من يونيو. وأغلب الظن أن اللغة التى تحدث بها وجرعة الأمل والتفاؤل التى أشاعها بين المصريين كانت ضمن العوامل التى رفعت مكانته لدرجة جعلت الشعب يؤمن إيمانا قطعيا بأنه الوحيد المؤهل لقيادة البلاد,ليس من قبيل«التأليه» أو«الفرعنة», ولكن انطلاقا من الرؤية الجديدة والمشروع الحلم, حلم الحداثة والتطور, فالزعيم أورجل الدولة المتميز يسبق بأحلامه تطلعات ورغبات الجماهير فيحقق لهم التقدم والنموقبل أن تتعالى أصواتهم مطالبة بذلك, وأغلب الظن أن محمد على باشا وجمال عبدالناصر امتلكا هذه المقدرة- مقدرة قراءة أحلام وتطلعات الناس مبكرا- فدخلا التاريخ من أوسع أبوابه. ولكن هل تتعارض الحماسة المبكرة للمشير السيسى لمصرالمستقبل مع النبرة المتشائمة التى طغت على حديثه أمام مؤتمرشباب الأطباء وأسهب خلاله فى عرض المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المزمنة التى تعانى منها مصرمنذ عشرات السنين وحتى يومنا هذا؟ لعلها المرة الأولى التى يتحدث فيها المشير فى مناسبة علنية بمثل هذه المكاشفة عن حقيقة الأوضاع الاقتصادية «الكارثية»التى تمربها البلاد, وبالتأكيد لاتعارض بين الحماسة للمستقبل وعرض الحقائق على أرض الواقع مهما كانت مرارتها,فتلك هى البداية الصحيحة للعلاج لتعبئة الشعب واشراكه فى مسئولية الإصلاح بدلا من دفن الرءوس فى الرمال,فالوقع يؤكد أننا يجب أن نبدأ من جديد فى كل المجالات ومختلف القطاعات إذاما أردنا إصلاحا حقيقيا وعلميا لهذا البلد,فالمهمة الصعبة التى تخوضها مصرفى المرحلة المقبلة تتمثل فى أعادة تأسيس الدولة الحديثة من جديد ونسف كل مظاهرالتخلف التى تحول دون ذلك. وعلينا أن نتأمل مجددا مشهد«الاعتصام الاستيطاني» فى رابعة العدوية والنهضة لنكتشف أن الأعداء الحقيقيين لهذا البلد لاينحصرون فى تشدد دينى أوفكر رجعى فحسب, ولكن هناك أعداء آخرين وحقيقيين كانت تحاربهم الدولة فى المكان ذاته ويجب نسفهم من الجذورمثل الفقروالبطالة والجهل, وتلك مهمة بحاجة لجهود مضنية للعلاج بتضافر شعبى قوى مع السيسى حتى لانخذله مثلما فعلنا مع عبدالناصر. لمزيد من مقالات عماد عريان