رئيس جيبوتي يستقبل كامل الوزير ووفد من شركات مصرية لتنفيذ مشروعات بنية تحتية    قطع المياه بشرق وغرب المنصورة اليوم في هذا الموعد    وزير التموين: أسواق اليوم الواحد بالجيزة تتجاوز ال20 وتوفر السلع بأسعار مخفضة    مناورات صينية واسعة تطوّق تايوان    "القاهرة الإخبارية" تكشف آخر تطورات دخول شاحنات المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى غزة    كأس الأمم، منتخب جنوب أفريقيا يسعى لحسم التأهل على حساب زيمبابوي اليوم    حالة المرور اليوم بالقاهرة والجيزة، كثافات متحركة بهذه المحاور والميادين    السحب الرعدية تسيطر.. تحذيرات من صواعق برق ورياح هابطة تضرب شمال الدلتا    الصحة تعلن تنفيذ 903 قوافل طبية مجانية بجميع محافظات الجمهورية فى 2026    الصين: نعارض أي محاولة لتقسيم الأراضي الصومالية    مصرع 16 شخصا جراء حريق فى دار للمسنين بإندونيسيا    اسعار الذهب اليوم الإثنين 29ديسمبر 2025 فى محلات الصاغه بالمنيا    ننشر نتائج الحصر العددي للدائرة الأولى بالفيوم    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الأثنين 29 ديسمبر    التحقيقات تكشف مفاجآت فى واقعة الهروب الجماعى من مصحة الجيزة    قضايا الدولة تنعى المستشارة سهام صبري الأنصاري    جامعة بنها: صندوق التكافل يسدد المصروفات الدراسية عن الطلاب غير القادرين    الداخلية تكشف ملابسات فيديو «توزيع أموال على الناخبين» بسوهاج وتضبط المتورطين    استقرار نسبي بأسعار الخضروات والفواكه في أسوان اليوم الإثنين 29 ديسمبر 2025    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الاثنين    حظك اليوم الاثنين 29 ديسمبر.. وتوقعات الأبراج    أشرف صبحي يناقش ربط الاتحادات إلكترونيا وتعزيز الحوكمة الرياضية    قطرات الأنف.. كيف يؤثر الاستخدام المتكرر على التنفس الطبيعي    طبيب روسي يحذر: انخفاض ضغط الدم خطر بعد التعافي من الإنفلونزا    نجوم الفن فى ضيافة عمرو الليثى ليلة رأس السنة على «الحياة»    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29 ديسمبر 2025 في القاهرة وعدد من المحافظات    أوصاني بحذف أغانيه.. شحتة كاريكا يكشف اللحظات الأخيرة في حياة الراحل أحمد دقدق    طارق الشناوي: المباشرة أفقدت فيلم «الملحد» متعته ولم يُعوِّض الإبداع ضعف السيناريو    وزير الإعلام الصومالي: اعتراف إسرائيل بأرض الصومال انتهاك لسيادتنا.. وسنلجأ للأمم المتحدة    متحدث الوزراء: الحكومة تحاول تقديم أفضل الخدمات لمحدودي ومتوسطي الدخل وفق الموارد المتاحة    مئات الالاف في غزة يرتجفون بردا والصقيع يقتل الأطفال في الخيام    وداع موجع في كواليس التصوير... حمزة العيلي يفقد جده والحزن يرافقه في «حكاية نرجس»    أحمد عبد الله محمود يكشف ملامح شخصيته في «علي كلاي»    هل تتزوج لطيفة في 2026؟.. توقعات «بسنت يوسف» تثير الجدل    أمطار غزيرة تضرب الإسكندرية تزامنًا مع نوة الميلاد ورفع جاهزية الصرف الصحي    بالرقص والهتاف.. احتفالات واسعة في طهطا عقب إعلان فرز اللجان الانتخابية    مباحث العبور تستمع لأقوال شهود العيان لكشف ملابسات حريق مخزن كراتين البيض    نتيجة الحصر العددى للأصوات بالدائرة الثامنة دار السلام سوهاج    بشير التابعى: توروب لا يمتلك فكرا تدريبيا واضحا    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    فوضى السوشيال ميديا    كشف ملابسات تعليق بشأن سرقة دراجة نارية لطفل بدمياط    كشف ملابسات مشاجرة بين أنصار مرشحين بدار السلام في سوهاج    اليوم، الاجتماع الأخير للجنة الرئيسية لتطوير الإعلام بعد انتهاء مهامها    الفرق بين الحزم والقسوة في التعامل مع الأبناء    طفرة غير مسبوقة بالمنيا.. استرداد 24 ألف فدان وإيرادات التقنين تقفز ل2 مليار جنيه    ما هو فضل الدعاء وقت الفجر؟    مشروبات تهدئ المعدة بعد الإفراط بالأكل    كأس عاصمة مصر - أحمد عبد الله يدير لقاء الأهلي ضد المقاولون العرب تحكيميا    الجزائر يتصدر المجموعة الخامسة ب6 نقاط ليحسم تأهله رسميا لدور 16 بأمم أفريقيا    الداخلية السورية: احتجاجات الساحل نتيجة دعوات انفصالية    لا رب لهذه الأسرة    حسم التأهل مبكرًا.. مصر ونيجيريا والجزائر إلى دور ال16 من أمم أفريقيا 2025    طاهر أبو زيد: مكاسب حسام حسن مع المنتخب إنجاز رغم الظروف.. والمرحلة المقبلة أصعب    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قرى الظلام
2066 قرية بلا تعليم أساسى
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 03 - 2014

قبل عدة شهور، أحرجت إحدى طالبات الصعيد مسئؤلاً كبيراً فى التعليم الفني، حينما طالبته بالتوقف عن الحديث حول تزويد المدارس بأجهزة ال «التابلت» قبل توفير الأساسيات اللازمة للعملية التعليمية فى مدارس الصعيد كالفصول والمقاعد!!
ببساطة وضعت الطالبة يدها على الجرح، فينما ينعم الطلاب بأجهزة التابلت، وغرف الوسائط الإلكترونية فى العديد من المدارس، فإن هناك آلاف القرى فى مختلف محافظات مصر – من أقاصى الصعيد، وحتى الوجه البحري- مازالت محرومة من التعليم الأساسي، لعدم وجود مدارس فى قراهم، فأصبحوا أمام خيارات صعبة، فإما يتغلبون على تلك الأزمة بالالتحاق بمدارس القرى المجاورة، وهو ما يكبدهم مشقة السير على الأقدام لعدة كيلو مترات، وما يترتب على ذلك من إجهاد ومشقة، وفقدان القدرة على تحصيل العلم، أوعدم الالتحاق بالعملية التعليمية من الأساس توفيراً للنفقات، أو التسرب من التعليم فى ظل غياب الأسرة، وعدم قدرتها على متابعة أبنائها فى العملية التعليمية لبعد المسافة بين القرية والمدرسة فى القرى المجاورة.
وليس من الإنصاف أن يتحمل الدكتور محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم الحالي، المسئولية عن أزمة نقص المدارس فى القرى المصرية المحرومة من التعليم الأساسى ، ولا مشاكل العملية التعليمية المتراكمة منذ عشرات السنين ، فالرجل تولى منصبه الوزارى منذ شهور، بينما تعود الأزمة إلى سنوات طويلة من الإهمال، وعدم الوعى بالزيادة السكانية من ناحية، وقصور الإمكانات من ناحية أخرى، غير أن الوزارة تتحرك وفق إمكاناتها المادية المتاحة ، وهى تواجه مشكلة فى تدبير مساحات صالحة لبناء المدارس فى تلك المناطق المحرومة، وتسعى الوزارة جاهدة للانتهاء من إنشاء 1000 مدرسة بالقرى المحرومة على مستوى الجمهورية فى إطار خطة لإقامة 3000 مدرسة جديدة لمواجهة العجز فى المدارس، وتخفيض الكثافة فى الفصول الدراسية.
المناطق المحرومة
نأتى إلى المناطق المحرومة من التعليم الأساسى ، والتى حددها التقريرالذى صدر مؤخراً عن الهيئة العامة للأبنية التعليمية ، والذى يؤكد أن هناك 2066 منطقة محرومة من مدارس التعليم الأساسي، فى 17 محافظة، وتأتى سوهاج على رأس القائمة ب 351 منطقة بلا مدارس، ويليها مركز البلينا على رأس مراكز سوهاج من حيث الاحتياج إلى مدارس للتعليم الأساسي، وبه 73 منطقة محرومة من المدارس، يليه مركز دار السلام ب45 منطقة، ثم مركز سوهاج ب 34 منطقة، تمثل مجموعة من القرى والتوابع بالمحافظة الأكثر فقرا فى ناحية البنية الأساسية للمبانى التعليمية، وتلى سوهاج فى القائمة محافظة قنا ويوجد بها 303 مناطق محرومة من المدارس، بين قرى ونجوع وكفور، يتجاوز عدد سكان المنطقة الواحدة منها 240 نسمة، وعلى رأس قائمة مراكز قنا المحرومة من المدارس جاء مركز قوص ب 69 قرية بلا مدارس، وتلاه مركز «أبوتشت» ب 56 قرية، ومركز قنا به 49 منطقة بلا مدارس، فيما تحتل محافظة المنيا المرتبة الثالثة بين المحافظات الأكثر حرمانا من المدارس، ويوجد بها 291 منطقة محرومة من المدارس، ويأتى مركز سمالوط فى مقدمة المراكز التى تحتاج إلى أبنية تعليمية بالمنيا ب 58 منطقة، يليه مركز المنيا ب 51 منطقة ثم بنى مزار، والعدوة وملوى ودير مواس، وباقى مراكز المحافظة، وجاءت البحيرة رابعة فى القائمة من حيث عدد المناطق المحرومة من المدارس بها، وفيها 270 منطقة بلا مدارس تعليم أساسي، واحتل مركز كفر الدوار قائمة المراكز المحرومة من المدارس بالبحيرة، وبه 72 منطقة محرومة وتلاه مركز دمنهور وشبراخيت وإيتاى البارود والرحمانية، وبدر، وباقى مراكز المحافظة، فيما رصد التقرير 217 منطقة محرومة من المدارس فى أسيوط، وكان لمركز ديروط النصيب الأكبر من المناطق المحرومة ب 28 قرية وتابعا بالمركز بلا مدارس، تلاه مركز أسيوط ب 24 منطقة محرومة، ثم جاء مركز الغنايم، والقوصية وصدفا، وباقى مراكز المحافظة ضمن المحرومة من الأبنية المدرسية فى بعض قراها وتوابعها. ويوجد فى كفر الشيخ 136 منطقة بلا مدارس للتعليم الأساسى بحلقتيه الابتدائية والاعدادية، وعلى رأس مراكز كفر الشيخ جاء مركز الحامول ب 34 قرية وتابعا بلا مدارس ثم تلاه مركز البرلس ب 13 منطقة بلا مدارس، فى حين توجد 4 مناطق بمركز كفر الشيخ بلا أبنية مدرسية. وجاءت الشرقية تالية بعد كفر الشيخ من حيث عدد المناطق المحرومة من المدارس ب 135 منطقة، وتلتها الفيوم ب 115 منطقة، ثم بنى سويف ب 114 قرية وتابعا لمراكزها بلا مدارس، والجيزة بها 70 منطقة محرومة من مدارس التعليم الأساسي، ومن أشهر المناطق بالجيزة التى أشارت إليها القائمة نزلة بهجت بمنطقة بولاق الدكرور، وعزبة حسن سيف التابعة لزاوية «أبو مسلم»، وعزبة الشيخ صالح التابعة لقرية عرب الحصار بالصف، وعزبة الجندى ببهبيت، وجزيرة خاطر عديل بإمبابة، وحى وردان بإمبابة، وعزبة فرنسيس باشا بإمبابة، وعزبة عمر الترمودنى بإمبابة، وكفر بركات بالعياط، وعزبة «أبو النور» بالعياط، ومنطقة زنين ببولاق الدكرور، والحوتية وحارة رابعة بالعجوزة، وقرية الحلف بأطفيح، والقيراطيين بأوسيم.
وتلت الجيزة فى المناطق الأكثر حرمانا من المدارس، محافظة الدقهلية ويوجد بها 68 منطقة، والقليوبية بها 45 منطقة، والغربية بها 43 قرية وتابعا بلا مدارس للتعليم الأساسي، وجاءت كل من المنوفية والإسماعيلية بها 41 منطقة، ودمياط بها 40 قرية وتابعا محرومة من المدارس، وجاءت الأقصر فى ذيل القائمة ب 29 منطقة فقط
الأرقام تتكلم!
وبشكل عام، هناك نحو 10 آلاف و297 قرية مصرية تمثل 24.5% من إجمالى القرى والتوابع فى مصر محرومة من مدارس التعليم الأساسي، وأن 35.9% من إجمالى المدارس تزيد فيها كثافات الطلاب على الأعداد المقررة وأن 14.2% من المدارس الحكومية تعمل بنظام الفترات وأن مصر تحتاج إلى 232 ألف فصل دراسى جديد تتكلف 51 ملياراً و167 مليون جنيه، خاصة وأن أقرب مدرسة تبعد بنحو 2 أو 3 كيلو مترات.. وبالرغم من مضاعفة ميزانية الأبنية التعليمية إلى 2 مليار جنيه، فضلا عن تخفيض 30 % من تكلفة المبنى المدرسي، بالإضافة إلى زيادة الميزانية المقررة لبناء أكبر عدد من المدارس فى الأماكن المحرومة، فضلا عن التوسع فى بناء مدارس الفصل الواحد، والصديقة للفتيات فى الأماكن التى لا تحتاج إلى مدارس كبيرة، إلا أن هناك عجزاً كبيرا فى المدارس، فى وقت تنفق فيه الاسر المصرية نحو 16,7% من إجمالى انفاقها السنوى على التعليم، وتشكل الدروس الخصوصية 42% من اجمالى انفاق الاسر المصرية على التعليم. وتخصص مصر للتعليم 82.5 مليار جنيه (نحو 11,9 مليار دولار) من ميزانيتها البالغة 364 مليار جنيه (نحو 52,7 مليار دولار) ما يمثل 11,9% من حجم مصروفات الموازنة العامة او 4 % من اجمالى الناتج الداخلي، وفقا للميزانية العامة لعام 2013/2014.
الأزمة وتداعياتها
والحال كذلك، فإن افتقار آلاف القرى المصرية للتعليم الأساسي- كما يقول الدكتور مصطفى عبد السميع أستاذ ورئيس قسم تكنولوجيا التعليم فى جامعة القاهرة - يعنى باختصار تردى العملية التعليمية، فمن ناحية سنجد ارتفاعا فى كثافة الفصول بالمدارس الموجودة فى القرية المجاورة أو فى المدينة المجاورة نتيجة إقبال التلاميذ عليها لعدم وجود مدرسة فى قراهم.. ومن ناحية أخرى عدم قيام المعلمين بدورهم المنشود من العملية التعليمية نتيجة ازدحام الفصول وتكدسها بالتلاميذ، الأمر الذى يحول دون تواصل المعلم مع تلاميذه، وهنا تصبح العملية التعليمية من جانب واحد ، ويغيب عنها التفاعل بين المعلم وتلميذه، ومن ثم تكون النتيجة الحتمية لذلك هى صعود التلاميذ الى الحلقتين الإعدادية والثانوية من التعليم فى حالة من الجهل، والقصور فى المعارف والمهارات الأساسية العقلية ، والتى كان ينبغى لهم تحصيلها فى سنوات الدراسة الأولى، وما سيترتب على ذلك من قصور فى تحصيل مادتى الفيزياء والرياضيات فى مراحل متقدمة من العملية التعليمية مشيراً إلى أهمية مشاركة الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى وخريجى الجامعات فى المناطق المحرومة من خلال إقامة ما يعرف بمدارس الفصل الواحد للمساهمة فى نشر التعليم مع علاج كل أسباب القصور حتى يمكن توفير تعليم متميز لأبناء القرى والريف.
الحقيقة المرة التى لاينبغى لأحد تجاهلها، وهى أنه لا يوجد تعليم أساسى فى الكثير من ربوع مصر، فالأطفال حين لا يتعلمون، فذلك يعنى توافر مجموعة من الجهلاء بالعلم، والأخلاقيات، وطبائع المجتمع، ومن ثم فإن نسبة كبيرة منهم ستتفرغ للسلوكيات السيئة بالشوارع، أو يصبحون مؤهلين للبلطجة، والخروج على القانون فى المستقبل.
مشكلات بالجملة
وإذا كان بعض المسئولين يبررون نقص المدارس بقصور فى الإمكانات المادية، ونقص الأراض اللازمة لبناء مدارس جديدة، فما أكثر أوجه الإنفاق وإهدار المال العام فى شتى المجالات، وليس هناك ما هو أهم من تعليم النشء، ومن ثم يجب أن تعمل الدولة على توفير الميزانيات اللازمة لإنشاء المدارس، وتخفيض الكثافات فى الفصول وتدريب المعلمين، ويجب على هيئة الأبنية التعليمية باعتبارها ممثلاً لوزارة التربية والتعليم اقتفاء أثر الأراضى اللازمة لبناء المدارس وفق نظم جديدة وأكواد حديثة، ويمكن الاستعانة فى ذلك بتجارب دول كثيرة، ومنها المدارس سريعة وسابقة التجهيز، أو مبان من هياكل معدنية لتقليل النفقات، فضلاً عن ضرورة البحث عن أنماط ونظم مختلفة من مرافق التعليم، كمدارس الفصل الواحد، أو استغلال بعض المرافق الحكومية التى يمكن الاستغناء عنها، مؤكداً على أن القصور فى تعليم الأطفال يخلق مجتمعاً من الإرهابيين والبلطجية فى المستقبل.
وينبغى أن تعمل المحافظات على توفير الأراضى المطلوبة لبناء المدارس وتذليل كافة العقبات والإجراءات الإدارية اللازمة لبناء المدارس مثل استصدار التراخيص وتوصيل المرافق.بالاشتراك مع الهيئة العامة للأبنية التعليمية ، وتوفير حصر دقيق لأعداد الأطفال المؤهلين عمريا للالتحاق بالتعليم الأساسي، وكذلك سرعة حصر المساحات المطلوبة لبناء المدارس فى كل منطقة محرومة، واستخدام المساحات المتوافرة ببعض المدارس لأعمال التوسعة أو التعلية بمناطق الكثافات المرتفعة، لتوفير مساحات الأراضى اللازمة لبناء مدارس جديدة.
ومن أسف، ونحن نتحدث عن بناء مصر الحديثة- والكلام هنا للدكتور كمال مغيث الخبير التربوي- ، أن تجد تلاميذ المدارس يسيرون لساعات بهدف الوصول إلى مدارسهم التى تبعد عن نطاق سكنهم لمسافة تصل إلى عدة كيلومترات، نتيجة عدم وجود مدارس فى العديد من القرى المصرية فيصلون إليها منهكين، ومتعبين، غير قادرين على تحصيل العلم، كما أن معظم الأسر فى القرى المصرية تعانى الفقر، ومحدودية الدخل، وقلة الموارد المادية، فيتجهون إلى عدم إلحاق أبنائهم بالمدارس، خاصة إذا كانت خارج القرية، ولا يستطيعون توفير المصروفات المطلوبة للذهاب للمدرسة بوسائل المواصلات المتاحة، أو يلجأ بعضهم للتسرب من التعليم ، الأمر الذى يجعل هذه القوى البشرية خارج المنظومة، بعيدين عن قيم الانتماء الوطني، فاقدين لدور المؤسسة التربوية التى تعدم الانتماء لدى النشء فى ظل غياب الدور الثقافى الذى تلعبه المدرسة فى تشكيل شخصيتهم منذ نعومة أظافرهم، ناهيك عن الانفصال عن المشاركة السياسية الفعالة بمعناها الحديث والاقتصار على الممارسات التقليدية التى تكرس الانتماء القبلي، ومن ثم يشكل هؤلاء الأطفال عبئاً على المجتمع إذا لم ينخرطوا فى عملية تعليمية سليمة، كما أن عدم التحاق الأطفال بالمدرسة من شأنه جعل هذه الفئات الأقرب لممارسة الجريمة فى سن مبكرة.
والحديث عن المناطق المحرومة من المدارس، فإن وزارة التربية والتعليم ينبغى أن تعمل على اعتماد أنساق متطورة من الإدارة، بهدف وصول الخدمة التعليمية للمستحقين فى محيط إقامتهم، من خلال بناء مدارس صغيرة، أو فصول محدودة العدد، فضلاً عن تدريب المعلمين، وتحويل منظومة الفصل الواحد إلى مدارس نظامية، بحيث لا يقتصر دورها فقط على محاربة الأمية.
وفى ظل نقص المدارس، فإن النتيجة الحتمية لذلك إما العزوف عن التعلم، أو ارتفاع الكثافة بالفصول، والتى تصل فى بعض المادرس إلى أكثر من 120 تلميذاً، وما يعنيه ذلك من تأثيرات سلبية على العملية التعليمية والتأثير السلبى على متلقى العلم، وكذلك القضاء على المعرفة، وانعدام التحصيل الدراسى والعلمي، وانعدام لغة الحوار وفقدان الاتصال المباشر بين المعلم وتلاميذه ، ووعدم قدرة المعلم على التفاعل مع تلاميذه داخل الفصل، الأمر الذى يخلق أجيالاً من طلاب المرحلة الإعدادية والثانوية الأميين، الذين لايجيدون القراءة والكتابة وهم فى سن متقدمة، ناهيك عن تأثير الكثافة المرتفعة داخل الفصول على الحالة الصحية للتلاميذ، نتيجة نقص الأوكسجين فى الفصول، وارتفاع نسبة غاز ثانى أكسيد الكربون، وما يؤدى إليه ذلك من كسل فى المخ، وضعف القدرة على الاستيعاب، وعدم قدرة على التركيز وتحصيل العلم، كما أن الزحام داخل الفصول يولد العنف، ويشجع على الاشتباك بين التلاميذ ، كما أن المدرسة أصبحت لا تمثل عنصرا جاذبا للطلاب.
التسرب من التعليم
والحال كذلك ، فالصورة لا تختلف كثيراً لدى الدكتور محمود الناقة رئيس الجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس والخبير التربوي- والذى يؤكد على عدم وجود عملية تعليمية فى الأساس، لأن هذه العملية مشروطة بمكان مناسب وصحى ومجهز، بما يهيىء ظروف العلم للمتلقين، كما أن الافتقار إلى المدرسة فى القرية يصرف التلميذ عن التعليم نهائياً ، كما أن بعضهم يتسرب من التعليم فى ظل غياب الرقابة الأسرية.
حلول مطروحة
ويتعجب الدكتور محمود الناقه من التصريحات الوردية التى يطلقها بعض المسئولين حول التعليم فى مصر، مؤكداً أننا نواجه نكسه الامر تعليمية، المر الذى يستلزم ثورة فى التعليم وليس مجرد الحديث عن تطوير، أو تحسين، أو إصلاح، إذ كيف يمكن للتلاميذ أو الطلاب تحصيل العلم فى ظل ارتفاع كثافة الفصول، حيث يتجاوز أعداد التلاميذ أو الطلاب فى بعض المدارس أكثر من 120 طالباً، فى حين أن اعدادهم ينبغى الا تزيد على 30 تلميذاً أو طالباً على الأكثر، ولذلك فإننى – والكلام مازال للدكتور الناقه- أرى أن نقص المدارس، أو انعدامها فى العديد من القرى هو مسئولية دولة وليس مسئولية وزارة، فالأخيرة مهمتها تزويد الدولة بجوانب القصور، وأوجه العجز فى العملية التعليمية، بشكل دقيق، وفى ضوء الزيادة السكانية، بحيث تعمل الدولة على تلافيها، وتوفير الميزانيات اللازمة لذلك، والعمل على تطوير العملية التعليمية، والنهوض بمستوى المعلمين من خلال تنظيم دورات تدريبية وتربوية للمعلمين، بحيث يكونون قادرين على تشكيل عقول التلاميذ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.