بعد تحريك أسعار الوقود| جدل حول ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة وتأكيدات بوفرة المعروض    مفاجأة في سعر الذهب اليوم الاثنين 20 أكتوبر 2025 بعد ارتفاعات متتالية    كأس العالم للشباب - ميسي يدعم منتخب الأرجنتين بعد خسارة النهائي أمام المغرب    مواعيد مباريات الإثنين 20 أكتوبر 2025.. أبطال آسيا والأهلي في نهائيي إفريقيا لليد    تقييم صلاح أمام مانشستر يونايتد من الصحف الإنجليزية    الأرصاد تحذر من طقس الساعات المقبلة: الحرارة تصل إلى 38 درجة    تشغيل 6 أتوبيسات جديدة في الإسكندرية لتسيير حركة المرور بأوقات الذروة    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الاثنين 20 أكتوبر 2025    محافظ قنا يفتتح محطة مياه العيايشا المدمجة بعد إحلالها بتكلفة 20 مليون جنيه    التنمية المحلية: التسليم الابتدائي للمدفن الصحي الآمن بمدينة براني بمطروح    ترامب يعتزم فرض رسوم جمركية جديدة على كولومبيا    الهلال الأحمر المصري يدفع قافلة «زاد العزة» 54 إلى الأشقاء الفلسطينيين    وزير الخارجية يلتقي المديرة التنفيذية لوكالة الاتحاد الأفريقي    قتيلان بحادث اصطدام طائرة شحن بمركبة أرضية في هونج كونج    موعد الامتحان الإلكتروني للمتقدمين لشغل 4474 وظيفة معلم مساعد رياض أطفال بالأزهر الشريف    وزير العمل: القانون الجديد يحقق التوازن بين طرفي العملية الإنتاجية    رئيس «الرعاية الصحية» يفتتح البرنامج التدريبي للقيادات الوسطى بالأكاديمية الوطنية للتدريب    مشهد غير مكتمل.. القصة الكاملة لتراشق عمر عصر ومحمود أشرف ببطولة أفريقيا للتنس    تراجع سعر الدولار أمام الجنيه في بداية تعاملات اليوم 20 أكتوبر 2025    وزارة التموين تطرح اللحوم المجمدة بسعر 190 جنيها للكيلو    ضبط كمية كبيرة من حلوى الأطفال ومنظفات وسكر مجهولة المصدر بشبين القناطر    إصابة 11 شخصا فى حادث انقلاب ميكروباص بالشرقية    مراقب مزلقان ينقذ سيدة من الموت أسفل عجلات قطار في المنيا    الطب الشرعي يكشف حقيقة وجود علاقة غير سوية بين الطفلين في واقعة الصاروخ الكهربائي بالإسماعيلية    إبعاد «يمني» خارج البلاد لأسباب تتعلق بالصالح العام    20 أكتوبر.. عندما وقفت الشرطة المصرية فى وجه الإرهاب بالواحات    أمسية ثرية فى مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية 33 : أمير الغناء هانى شاكر يسرد قصص الغرام والشجن    أول ظهور تلفزيوني بعد الزفاف.. هشام جمال وليلى زاهر يكشفان تفاصيل الزواج    ننشر مخاطر الإصابة ب«التهاب المفاصل الصدفي»    في زيارة مفاجئة.. وكيل صحة شمال سيناء يتفقد مستشفى الشيخ زويد    «الصحة» تنصح بتناول أطعمة غذائية متنوعة لإمداد الجسم بالطاقة    تهديد لأصحاب المعاشات| مسئول يعلق علي رفع أسعار الوقود ويطالب برفع الحد الأدنى للأجور ل 9 ألاف جنيه    سرقة مجوهرات نابليون من متحف اللوفر تشعل السوشيال ميديا| إيه الحكاية!    نائب محافظ الجيزة: إعادة إحياء نزلة السمان جزء من خطة تطوير المنطقة المحيطة بالمتحف الكبير    بعد 30 عامًا من النجاح.. عمر رياض يعلن التحضير لجزء جديد من "لن أعيش في جلباب أبي"    محاولة اغتيال ترامب| أمريكا تحقق في واقعة استهداف طائرته الرئاسية    مصر تبحث مع فرنسا والدنمارك تطورات الأوضاع في قطاع غزة    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025 في بورسعيد    وزير الصحة يبحث خطة تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل في المنيا    نحافة مقلقة أم رشاقة زائدة؟.. الجدل يشتعل حول إطلالات هدى المفتي وتارا عماد في مهرجان الجونة    التاريخ ويتوج بكأس العالم للشباب    حوار مع يسرا وشريف عرفة الأبرز، برنامج مهرجان الجونة السينمائي اليوم الإثنين    الحكم في طعون المرشحين لانتخابات مجلس النواب 2025 بالدقهلية غدا    ضوابط إعادة القيد بنقابة المحامين بعد الشطب وفقًا لقانون المهنة    الأهلي يحصل على توقيع صفقة جديدة.. إعلامي يكشف    صححوا مفاهيم أبنائكم عن أن حب الوطن فرض    هل ينتقل رمضان صبحي إلى الزمالك؟.. رد حاسم من بيراميدز    ولي العهد السعودي وماكرون يناقشان جهود إحلال الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط    ملخص وأهداف مباراة المغرب والأرجنتين في نهائي كأس العالم للشباب    ميلان يقفز لقمة الدوري الإيطالي من بوابة فيورنتينا    يسرا تشعل أجواء احتفال مهرجان الجونة بمسيرتها الفنية.. وتغنى جت الحرارة    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    6 أبراج «نجمهم ساطع».. غامضون يملكون سحرا خاصا وطاقتهم مفعمة بالحيوية    ثقافة إطسا تنظم ندوة بعنوان "الدروس المستفادة من حرب أكتوبر".. صور    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    محافظ الغربية يجوب طنطا سيرًا على الأقدام لمتابعة أعمال النظافة ورفع الإشغالات    ميلاد هلال شهر رجب 2025.. موعد غرة رجب 1447 هجريًا فلكيًا يوم الأحد 21 ديسمبر    هل زكاة الزروع على المستأجر أم المؤجر؟ عضو «الأزهر العالمي للفتوى» توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام السياسى بين المراجعة والتراجع

تشهد حركات الإسلام السياسى فى المنطقة العربية ظروفا شديدة الصعوبة والتعقيد.وتبدو وكأنها حقبة الانحسار والتراجع، وتأتى بعد فترة قوة امتدت منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، والتى أُطلق عليها تجاوزا صفة «صعود الحركات الإسلامية».
لكن الأصح هو زمن «انتشار» الحركات الإسلامية، لأن الصعود يحمل دلالة الارتقاء فى الأفكار، والتنظيم، وتربية الأعضاء.بينما ما حدث هو مجرد زيادة عددية فى العضوية والمؤسسات مع غياب التجديد وترسيخ التوجه المحافظ. فقد توقفت الحركات الإسلامية فى مرحلة ما يمكن أن يسمى ب «الشعاراتية». إذ اكتفت بالترويج لشعارات جاذبة للجماهير مثل، «الإسلام دين ودولة» أو«الإسلام هو الحل» أو«لا تبديل لشرع الله».
كانت الطبيعة التنظيمية لحركات الاسلام السياسى تجعل من ممارسة النقد أو النقد الذاتي، أمرا صعبا خشية إحداث الفرقة والإضرار بمباديء الوحدة والطاعة التى جنبت الجماعة الانقسامات والفتنة حسب لغتهم. ومع أن النقد هو شكل من أشكال الديمقراطية الداخلية التى يجب أن تسود أى تنظيم سياسي. وهذا ما يفسر لماذا تقود الخلافات إلى الانشقاقات داخل الجماعات الإسلامية. ورغم وحدة الهدف بل وقدسيته، وكثيرا ما أدت الخلافات الى الانقسام والتشرذم. وكانت أهم مواجهات الإسلاميين للذات بموضوعية وشجاعة،قد عبرت عن نفسها فى الكتاب الجماعى الذى أصدره وحرره (عبدالله النفيسي). وقد شارك فى الكتاب الذى ظهرت طبعته الاولى فى القاهرة عام 1989عدد من مؤسسى وقيادات الحركة الإسلامية المعاصرة، المتميزين ممثلة لأغلب الدول العربية. حين فرض الواقع، وظروف التطور ضرورة إعادة النظر أو اضافة مستحدثات لخطابهم السياسي، فضل الإسلاميون مصطلح «المراجعات»على مفهوم النقد، لأن الأخيرة توحى بالاقرار بالخطأ، بينما المراجعة هى فى مضمونها تنويع على ثوابت، حسب رؤيتهم. وهذا باكليشيهات الانقلابيين العرب «الثورة تراجع ولا تتراجع». وهذا ما يقصده الإسلاميون ضمنا حين يتحدثون عن المراجعات. لكنهم قاموا بتراجعات مست جوهر الفكرة والدعوة، حين قامت كل حركات الإسلام السياسى تقريبا، ب تغيير أسمائها، وذلك باستبعاد أى اشارة لما هو إسلامى فى التسمية. فلم نعد نسمع بتسميات تقليدية، مثل: الإخوان المسلمين أو الجبهة الإسلامية أو حتى الاتجاه الإسلامي. لكن تتكرر فى التسميات كلمات معاصرة ومرغوبة فى المجتمع الدولي،مثل: الحرية والعدالة، والتنمية والمساواة. وجاءت أسماء احزاب الإسلاميين عقب ثورات ما يسمى بالربيع العربي، خالية من صفة إسلامى أو مسلم. ومسألة الاسم ليست شكلية، فالاختيار مشحون بالرمزية والدلالات ويتم بقصدية وعناية.
شرع الإسلاميون مبكرا فى مراجعة فكرية حين نظم مركز (دراسات الوحدة العربية) ما عرف بالحوار القومى الدينى خلال الفترة 25 27 سبتمبر 1989 فى القاهرة. ورغم أن المشاركة كانت شخصية وليست حزبية، فإن التنظيمات الناشطة تبنت القرارات والمداولات التى خرج بها اللقاء. وقد كان من أهم أسباب الاجتماع إزالة الجفوة التى يرونها مفتعلة بين التيارين القومى والديني، وأن تتوجه الأنظار للمستقبل. وكان من أهم القضايا التى بحثت هى التركيز على المشترك والجامع بين العروبة والإسلام، ونفى التناقض بينهما. كما ناقش اللقاء قضايا مثل حقوق المواطنة والذى يعتبر الموضوع الأكثر إثارة للجدل لأنه يعالج فى جوهره طبيعة الدولة: هل هى دينية أم مدنية؟ واستحوذ موضوع وضعية غير المسلمين أو الأقليات فى الدولة الإسلامية. وقد قدم الإسلاميون اجتهادات جديدة مثل موضوع الجزية التى قالوا إنها لم تعد واردة، لأنها فى الأصل ضريبة جندية سقطت عن الذين يعملون فى جيش الدولة.ولكن الواقع أثبت أن هذا الموقف مرتبط بظرفه فقط.لأن الإسلاميين حين حكموا فى السودان لم يطبقوا فكرة المواطنة والمساواة تجاه الجنوبيين غير المسلمين، بل حولوا الحرب الأهلية الى حرب دينية (جهاد)، انتهت بانفصال الجنوب. يمكن القول بأن الإسلاميين معارضون جيدون، ولكنهم حكام فاشلون. ويعود ذلك لعدم وجود نموذج استرشادى لديهم فى النظرية السياسية. فهم يلجأون للتجربة والخطأ، وغالبا ما تكون الأخطاء هى الغالبة والأكثر. وهذا مجال استراتيجى فكري، لكنهم يرفضون تقديم أى نقد لفكرهم السياسى رغم أن التاريخ لم يسعفهم بتراث كبير من النظريات السياسية الإسلامية.
تؤكد الأوضاع الراهنة لحركات الإسلام السياسى أنها قد تراجعت كثيرا عن مواقفها، وهذا يعنى بالضرورة تراجع شعبيتها وتأثيرها الجماهيري. ويراهن كثير من الإسلاميين على عودة صورتهم السابقة كمناضلين مضطهدين ومظلومين يستحقون التعاطف والتأييد. لكن الوضع الآن مختلف تماما. كما كان الاسلاميون يرددون: لقد جربنا الاشتراكيين أو القوميين أو العروبيين وفشلوا؛ يمكن للآخرين القول: لقد جربنا (الإخوان المسلمين) وفشلوا! ويبدو أنهم مدركون لهذا التطور داخليا، لذلك زاد تعاونهم واستعانتهم ب «الأجنبي». وهذا تناقض فكرى قبل أن يكون موقفا سياسيا.
فى الختام، هذه مرحلة فاصلة فى تاريخ وجود الحركات الإسلامية، وهى التى اصطلح علماء السياسة بتسميتها «ما بعد الإسلاموية». وتعنى تخطى ماضى الحركات، وتستوجب نقدا ذاتيا قاسيا وصادقا يتجاوز المنطق التبريرى ولا يختبئ خلف مراجعات لا تتحرك بعيدا مما يراه الإسلاميون من ثوابتهم التى لا تقبل المساس. فقد تحرك كل شيء خلال السنوات الثلاث الماضية فى العالم، وصارت النسبية هى الحاكمة. فلابد من الواقعية والابتعاد عن الأوهام الكبري.
كاتب سودانى
لمزيد من مقالات حيدر إبراهيم على


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.