"عبده" لمحمود الليثى.."حط ايده ياه" لبوسى..أغنيات أوكا وأورتيجا، على رأس قائمة ما يطلبه جمهور الأفراح والمناسبات المختلفة، سواء كان الفرح فى بولاق أو فى أحد الفنادق ذات النجوم المتعددة التى تؤكد تميزها وتصنف نوعية روادها. فهى كما يقول محمد، الشهير ب" بيبسى الدى جى"، الأغنيات الأكثر طلبا لأنها تشيع جوا من الصخب. محمد، 20 سنة يرى أن انتشار ظاهرة تلك الأغنيات وذلك "الهب والدب" فى الموسيقى زادت حدته خلال السنوات الثلاث الأخيرة قائلا: " اضطر للاستجابة لطلبات رواد الفرح أو المناسبة حتى لا أخسر عملي لكنني شخصيا أحب سماع أم كلثوم وعبد الحليم حافظ. عشق الشاب العشريني الموسيقى منذ صغره لكنه لم يجد من يوجهه فى مجتمع يعتبر الفن رفاهية، وحصة التربية الموسيقية فى المدرسة هامشية فى مقابل الرياضيات والعلوم واللغات فيتم إلغاؤها فى أحيان كثيرة لصالح تلك المواد " المهمة !". وحين حاول محمد بعد أن أنهى دراسته الثانوية الالتحاق بدراسة أكاديمية لإشباع هوايته الموسيقية رفضت الأسرة " المحافظة" معتبرة ذلك لهوا حراما، فعدل عن الفكرة مؤقتا لكنه قرر تثقيف نفسه والعمل " دي جى". واليوم يضطر لتشغيل وأغنيات لا تقنعه .والسؤال: هل فعلا هذا ما يريده الجمهور؟ ولماذا تردى الذوق العام وأصبح الغناء العشوائي فى صدارة المشهد، ليتداول الشباب بل والصغار فيما بينهم أغنيات تحمل ألفاظا خادشة للحياء وإيحاءات جنسية؟ هيثم إبراهيم، عازف بيانو ومدرس موسيقى فى الكونسرفتوار، يتعجب من السؤال مشيرا إلى انهيار كثير من مظاهر الجمال فى حياة المصريين منذ أكثر من 30 سنة، وفشل وتردى حال المنظومة التعليمية بأكملها. متسائلا: " كيف إذن لا نتوقع انهيار الموسيقى والذوق العام فى مجتمع يتعامل مع الفن كنوع من الرفاهية." مشيرا إلى كيفية تعامل مدارس ألمانيا ،التي أكمل فيها دراسته العليا مع الموسيقى ،قائلا: لا يوجد طالب لم يجرب العزف على آلة أو آلتين موسيقيتين. لكن أين نحن من كل ذلك. فما بين منظومة تعليمية تعانى العديد من مظاهر القصور ومابين حالة مادية لا تمكن الكثيرين من شراء الآلات الموسيقية لتعليم الصغار، نظل بعيدا تماما عن التربية الموسيقية عدم الوعي بأهمية تلك التربية الموسيقية وتدريسها للأطفال منذ نعومة أظفارهم هي المشكلة الأساسية كما تقول جيلان عبد القادر، أستاذ متفرغ بكلية تربية موسيقية، مشيرة إلى أهمية الموسيقى فى تنمية ذكاء الطفل الوجداني، وتهذيب سلوكه لكن فى كثير من مدارسنا لا يدرك القائمون عليها تلك الأهمية بل يرفض البعض فى كثير من الأحيان استقبال طلبة وطالبات الكلية للتدريب فى مدارسهم. وتقول بمرارة" لقد وصل الأمر بوزير التعليم فى حكومة الإخوان لإصدار قرار بمنع حصص الموسيقى! وتتساءل: كيف يمكن التحدث عن تذوق أو فهم للموسيقى أو تكوين جمهور يقدر الفن الجيد ويميزه ونحن نهمل تماما التربية الموسيقية للصغار؟ قائلة: " لماذا لا تتوجه وزارة التربية والتعليم لاعتبار التربية الموسيقية جزءا أساسيا من المناهج ومادة نجاح ورسوب، فالعالم كله يعلم أهمية التربية الموسيقية فى تنشئة أجيال سوية نفسيا وسلوكيا، لا تنزع للعنف فى الوقت الذي نتجه فيه لمحو أي ثقافة موسيقية حقيقية، حتى أصبح خريجو التربية الموسيقية يهربون إلى مهن أخرى غير التدريس أو يبحثون عن غايتهم فى التعليم خارج مصر." وتضيف: قمت بتقديم مشروع لجمع تراثنا الشعبي من الأغنيات وتصنيفها وعمل قسم خاص بالكلية للآلات الشعبية التراثية الخاصة بنا، لكن لم يهتم به أحد.