سعر الذهب اليوم.. تعرف على قيمة أعيرة 24 و22 و21    وزير الطيران: تحرير النقل الجوي الإفريقي يدعم التجارة والسياحة ويجذب الاستثمارات    ليبرمان: الأمريكيون هم من يديرون إسرائيل ولولاهم لكنا فى وضع أسوأ    هند الضاوي: إسرائيل تروج لادعاءات كاذبة لتشويه الفصائل الفلسطينية    الرئاسية العليا لشؤون الكنائس في فلسطين تُدين إحراق مستوطنين لمسجد قرب سلفيت    هند الضاوي: قضية إبستين تثير علامات استفهام عالمية    الصين ترفض بيان مجموعة السبع بسبب «التحريفات والتدخلات»    انطلاق مباراة البرتغال وأيرلندا في تصفيات كأس العالم    الأرصاد تكشف أخر تطورات حالة عدم الاستقرار وخريطة الأمطار الساعات المقبلة    شاهد صور المهندس المقتول على يد صديقه بسلاح نارى بالإسكندرية    حسين فهمي لراديو النيل: لم يسعفنا الوقت لنرمم فيلم هند رستم شفيقة القبطية    جواهر تعود لجمهورها بأغنية مفاجأة.. «فارس أحلامي» | شاهد    عند سماع الرعد ورؤية البرق.. هذا هو الدعاء المستحب    استقرار أسعار الحديد والأسمنت ومواد البناء في الأسواق اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025    الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض ضرائب على الطرود الصغيرة المستوردة بدءًا من مطلع 2026    الأمين العام لحزب الجبهة: موقف مصر تجاه القضية الفلسطينية مصدر فخر    إسلام عفيفى يكتب: نتنياهو.. الخروج الأمريكى الآمن    مصطفى بكري: «البرلمان الجاي لازم يكون عين الشعب وسيفه مش صدى صوت للحكومة»    احتفالية مركز أبحاث طب عين شمس بمرور خمس سنوات علي إنشاءه    احذر.. جريمة الغش للحصول على بطاقة الائتمان تعرضك للحبس وغرامة مليون جنيه    مسئول أممي: لا أحد بمنأى عن مخاطر تغير المناخ.. والشرق الأوسط من أكثر المناطق تأثرا    القبض على 3 متهمين بواقعة إصابة طبيب نساء بطلق ناري في قنا    المشدد 10 سنوات ل3 محامين وعاطل فى تزوير محررات رسمية بالإسكندرية    مساعد وزير الخارجية للشئون الأوروبية يستقبل وزير الدولة بالخارجية الألمانية    كيف تدعم وزارة التعليم العالي وبنك المعرفة الأئمة والدعاة لنشر القيم الصحيحة؟    خبير اقتصادي: افتتاح المتحف الكبير وجولة السيسي وماكرون رسائل طمأنة للعالم    «بيستخبوا زي الفيران».. 5 أبراج لا تستطيع المواجهة    خناقة بعد مباراة أبو قير للأسمدة وبروكسى فى دورى القسم الثانى    كرة سلة - الأهلي يفوز على سبورتنج ويتوج بدوري المرتبط للسيدات    مفوضية الانتخابات العراقية: لا شكاوى مؤثرة على نتائج الانتخابات النيابية حتى الآن    المصري يحدد ملعبه الثاني لمباريات كأس الكونفدرالية    وزيرة التنمية المحلية: ندعم جميع المبادرات لوضع الإنسان والإبداع فى صميم الاهتمام    مش هننساك.. أسرة إسماعيل الليثى تعلق صورته مع ابنه ضاضا أمام سرادق العزاء    الإيجار القديم بالجيزة: اعرف تصنيف شقتك قبل تطبيق زيادات الإيجار    خالد الجندي: الله يباهي الملائكة بعباده المجتهدين في الطاعات(فيديو)    استقبله بالزي الصعيدي، شيخ الأزهر يلتقي بالمفكر العالمي جيفري ساكس بمنزله في الأقصر    وزير الصحة يبحث مع نظيره العراقي تدريب الكوادر الطبية العراقية في مصر    مناقشة تطوير أداء وحدات الرعاية الأولية خلال مؤتمر السكان العالمي    الشيخ الجندي يكشف فضل انتظار الصلاة والتحضير لها(فيديو)    المتهم في جريمة تلميذ الإسماعيلية استخدم الذكاء الاصطناعي للتخطيط وإخفاء الأدلة    تعليم القاهرة تعلن عن مقترح جداول امتحانات شهر نوفمبر    بتهمة قتل مسنة.. السجن المشدد لعامل بقنا    مصطفى حسني: تجربتي في لجنة تحكيم دولة التلاوة لا تُنسى.. ودوّر على النبي في حياتك    بعد القبض على قاتل مهندس الكيمياء النووية.. مصطفى بكري: وزير الداخلية يعمل في صمت    بروتوكول بين الهيئة المصرية البترول ومصر الخير عضو التحالف الوطني لدعم القرى بمطروح    بسبب فشل الأجهزة التنفيذية فى كسح تجمعات المياه…الأمطار تغرق شوارع بورسعيد وتعطل مصالح المواطنين    أرسنال يقترب من تجديد عقد بوكايو ساكا براتب ضخم    مدير تعليم الشرابية يشيد بمبادرة "بقِيمِنا تحلو أيّامُنا"    الدقيقة الأخيرة قبل الانتحار    محمد عبد العزيز: ربما مستحقش تكريمي في مهرجان القاهرة السينمائي بالهرم الذهبي    عاجل- أشرف صبحي: عائد الطرح الاستثماري في مجال الشباب والرياضة 34 مليار جنيه بين 2018 و2025    4 ديسمبر.. بدء تلقي طلبات الترشح لانتخابات نقابة الأطباء البيطريين وفرعية قنا لعام 2026    جراديشار يصدم النادي الأهلي.. ما القصة؟    وزير الصحة يُطلق الاستراتيجية الوطنية للأمراض النادرة    إجراء 1161 عملية جراحية متنوعة خلال شهر أكتوبر بالمنيا    البورصة المصرية تعلن بدء التداول على أسهم شركة توسع للتخصيم في سوق    موعد شهر رمضان 2026.. وأول أيامه فلكيًا    كرة يد - تألق الخماسي المصري بفوز باريس سان جيرمان وفيزبريم في أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أديان جاهزة للتصدير !
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 02 - 2014

نعم. ثمة سوق لتصدير الدين. هكذا تقول النظريات الإنجليزية الأحدث فى عولمة العنف، وفى انتزاع الدين من سياقاته الثقافية حتى يمكنه التواؤم مع محيط أوسع من الجغرافيا، ثم يتهيأ للعب دور الإرساليات التبشيرية القديمة.
وهكذا يأخذ «حق التدخل» معنى أكثر سفورا وجلاء، وهو الحق الذى صاحب رأس المال متعدى الجنسيات والهويات .
والعنوان الصادم الذى يطالعه القارئ الكريم هنا ليس من عندياتى، لكنه العنوان الأبرز ضمن كتاب مهم للمفكر الفرنسى « أوليفييه روا» صدر عن دار الساقى تحت عنوان «الجهل المقدس» بترجمة ل «صالح الأشمر». أما التعبير الأكثر صدامية فى الكتاب فربما يتأتى من تحويله الدين من مُعطى أخلاقى إلى مُعطى تسويقى تنطبق عليه قوانين الدعاية حتى لو لم يكن ممثلا لحقيقة اجتماعية فى الأماكن المعدة للغزو. من هنا يبدو لباس السلفيين موضع احتفاء، وقمصان جماعات «هار كريشنا»، بثوبها الزعفرانى موضع إعجاب. ينطبق ذلك على البوذية والهندوسية والصوفية وجماعات العنف وغيرها. فالأصل هنا إعادة صياغة نظام الاعتقاد بحيث ينفصل عن المكان الذى نشأ فيه ومن ثم يصبح صالحا للتداول والاستعمال فى الأماكن التى تبدو غريبة عنه.
يناقش «روا» أحدث نظريتين فى تاريخ الأديان وعلم الإناسة، الأولى حول «سوق الدين» والثانية حول «التثاقف» وهو النمط الذى تفرضه الثقافة المهيمنة وتضطر ثقافة المغلوبين إلى التكيف معه، من هنا فإن المؤلف يرى أن نتائج العولمة هى نفسها نتائج الاستعمار. إذن سيظل النفخ فى الأصوليات مدخلا آخر للغزو، وسيتعمق حق التدخل بأشكال مختلفة. وقد ساعد التاريخ الاستعمارى نفسه فى تعميق تلك الأصوليات وايجاد عداوات وهمية معها. فقضايا مثل عبدة الشيطان وزواج المثليين والجنوسة تظل عالقة فى الأذهان باعتبارها معطى غربيا يعزز الفرقة بين طرفين أقواهما يعمل دائما فى الخفاء لتأجيج الثانى. ويظل هنا المعيار الدينى حاكما بشكل دائم للنظرة إلى مايسمى ب «الثقافة الأصيلة». وربما لاستمرار الالتباس بين ما هو ثقافى وما هو دينى كانت العولمة فى حاجة دائمة لإعادة صياغة الدين عبر عدد من المعايير المنفصلة عن كل سياق ثقافى ومن ثم تجديد قدرته على النفاذ. الصراع لا يستمر فقط بين الثقافى والدينى لكنه أيضا ينسحب على الصراع مع العلمانية حتى فى أعتى قلاعها. مظاهر ذلك ليست فقط لدى الأصوليين الإسلاميين، وتعزيزهم لفكرة الاغتراب داخل مجتمعاتهم باعتبارهم يمثلون المسلمين الصالحين، بل ينسحب على قطاعات ليست قليلة من الأصوليين كما يعبر عن ذلك البابا بندكتوس السادس عشر باعتبار الحرية والديمقراطية تتسببان فى مشكلة حقيقية، وقد كشف استطلاع للرأى أن 5% من أصل 70 % من الفرنسيين هم من يمارسون شعائر الكاثوليكية مما ما دعا بعض الأساقفة إلى القول إن الدين فى الغرب بات يمثل أقلية. وقد رفض رهبان يهود فى إسرائيل أية حوارات ممكنة مع دعاة العلمنة باعتبارهم أعداء تاريخيين للحق الإلهى ، فهم موصومون فى العالم كله بالوثنيين الجدد ، بمعنى أنهم يغيبون الله مقابل البحث عن مصادر أخرى للقوة ، هذا رغم أن قيام العلمانية بالفصل بين الدينى والسياسى ، لم يستتبع جدلا حول القيم الأخلاقية، التى بقيت على الأرجح بلا تناقضات، ومع ذلك ظلت المجتمعات الأصولية، حسب المؤلف، مجتمعات للريبة والشبهة، لذلك ظلت محفوفة بالخوف، حدث ذلك حتى مع أنظمة عقائدية غير دينية مثل الستالينية. هذه المشاعر طبعا تدفع إلى تقليص دور الهامشيين المتصف بالانفلات عادة، الأمر الذى يجعل هذه المجتمعات محكومة بعدم الاستقرار. والدولة الحديثة عموما تعمل على نموذج مناقض تماما ، فهى لا تسعى للقضاء على الهوامش بل تسعى لإدارتها.
يتزايد بالطبع حجم التناقض بين الأصولية وبين الدولة بمعناها الواسع، من هنا تعجز تلك الجماعات عن أن تكون مجتمعا والمجتمع بطبيعته لا يتصاغر إلى جماعة. فهل يمكننا القول إن الداعمين الجدد فى التكتل «الأوروأمريكى» يدركون حجم المخاطرة التى تواجه مجتمعاتهم حال تنامى مشاعر البغض والعصبية المقبلة من أطراف ليست محسوبة بدقة؟! فإذا كان يمكننا مثلا تفهم الدعم المطلق لإسرائيل كرأس رمح لتكتلات المصالح ، هل يمكننا أن نفهم دعم تحول تلك الدولة إلى دولة يهودية، بل ودعم اللغة العبرية القديمة باعتبارها لغة لدنية؟!
كل ما يمكننا قوله هنا، خلف المؤلف، إن الأصولية تتقدم بخطى واثقة لتملأ العديد من الفجوات باعتبارها ممثل الحقيقة المطلقة، بينما تتوارى الثقافة باعتبارها واحدة من تجليات الوثنية. الصراع هنا يشمل أولا: وضع كل الثقافات التى تسعى للخلود موضع مساءلة لتعود إلى نسبيتها صاغرة، وثانيا: يحل مجتمع الإعلام والدعاية محل دولة المعرفة حتى يسهل تسويق المنتجات الجديدة .
أتصور أن أهمية هذا الكتاب تتأتى مما لم يقله «أوليفييه روا». فالجانب الأكبر من توصيف مايحدث الآن فى العالم العربى يرتبط بالدعم ال «أوروأمريكى» للإسلام السياسى فى أكثر مفاصله تشددا، ويبدو أن جراب العولمة مازال ينطوى على الكثير من الأعاجيب .
إن الحلف «الأوروأمريكى» يلعب بأخطر ورقة يمكن اللعب بها منذ الحرب الصليبية . فإذكاء الصراع بين الأصوليات على هذا النحو الذى شهده العالم مع حلول العولمة ليس بإمكانه إعادة الإرساليات التبشيرية كمقدمة لغزو جديد فحسب، بل بات بإمكانه الاحتفاء بمزيد من «الجهل المقدس» الذى يدفع الأصولية إلى نبذ العلم، باعتبار أن طريق الايمان لا يجب أن تلوثه المعرفة! هذه هى المضامين غير الدقيقة لكتاب «الجهل المقدس»
لمزيد من مقالات محمود قرنى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.