يعتبر الملف النووى أحد الملفات الملحة وسيكون من أوائل الموضوعات التى ستطرح لاتخاذ القرار بشأنها فى أوائل عهد الرئاسة الجديدة , وبقدر ماسيحتويه الملف من حقائق موضوعية مجردة بقدر ماسيكون القرار صحيحا وناجزا ووطنيا . ويجب أن نؤكد أنه لكل حقيقة من الحقائق التى سيحويها الملف تأثيرها الخاص والعام على مستقبل المشروع وعلى مستقبل الوطن ككل , يجب أن تطرح بأمانة مجردة على نحو سليم : أولا : الطاقة الكهربية وحسم الخيارات المتعددة وعلى رأسها النووي: ضرورة لابديل عنها للأمن القومى لتأمين الاشتراطات الضرورية للتنمية ولتوفير الاحتياجات اليومية لجماهير الشعب . ثانيا : البرنامج النووى والتنمية لاينفصلان .. وبالتوازى مع الهدف المباشر للبرنامج النووى , وهو تنويع مصادر توليد الطاقة الكهربية , فان للبرنامج النووى وجهه التنموى الاستراتيجى وهو الدفع بالاقتصاد الوطنى والصناعة المصرية والبحث العلمى لآفاق المستقبل . واذا تم النظر الى المشروع من هذه الزاوية فان مشروعا بهذا الشكل سيكون قاطرة حقيقية للتنمية والتقدم فى مصر , وستكون المشروعات المرتبطة بتلك المحطات الجديدة ذات التكنولوجيا المتقدمة هى عربات القطار , وهى البيئة المناسبة لتحديث الصناعات القائمة , وانشاء شركات جديدة لنقل التكنولوجيا وتوطينها وتطويرها بالمفهوم الحديث . ان العائد الاجتماعى والتنموى والبشرى لذلك المشروع يتجاوز بمراحل العائد الاقتصادى المباشر . ثالثا : البرنامج والمشروع.. يجب التفرقة بشكل علمى بين قرار استئناف العمل بالبرنامج النووى كمطلب وطنى , وبين خطوة طرح مناقصة المشروع عالميا, وهى خطوة - يجب الا نتعجل فيها - من سلسلة خطوات متتابعة كل منها يتم فى توقيت معين تبعا لاستيفاء الاشتراطات الموضوعية , وتسمى المشروع النووى لتوليد الكهرباء. رابعا : موقع الضبعة حيث لاتنمية ولامشروع بدون دولة قوية. صدر القرار الجمهورى رقم 309 لسنة 1981 بتخصيص أرض الضبعة للمشروع النووى , والذى نص على أنه «يعتبر من أعمال المنفعة العامة مشروع إقامة المحطات النووية لتوليد الكهرباء من الكيلومتر 149 إلى الكيلومتر 164 وبعمق 3 كيلومتر عموديا على شاطئ البحر عند الكيلومتر 156 بناحية الضبعة بجهة الضبعة محافظة مطروح». ومنذ ذلك الوقت , لم تتوقف الجهود لدراسة الموقع وتأهيله وتجهيزه لاقامة المشروع , والذى ثبت انه الموقع الوحيد حتى الآن المؤهل بما يطابق المعايير الدولية لإقامة حتى ثمانى محطات نووية بإجمالى قدرة كهربية تصل إلى عشرة آلاف ميجاوات كهربى. ولمدة تقترب من العامين تم اسقاط هيبة الدولة عمدا بالاستيلاء على الموقع بهدف تعطيل المشروع , وآلت الأمور الى عصابات المافيا التى قامت بتدمير البنية التحتية للمشروع بالكامل فى سابقة لم تحدث من قبل فى تاريخ الدولة المصرية. وقد عادت الأرض فى نهاية 2013 - وبعد أن تأكدت تلك العصابات أن الوضع بعد 30 يونية 2013 لن يكون مثل الوضع قبلها ومازالت هناك محاولات لاستقطاع الجزء الغربى من أرض المشروع التى لاتتجزأ تحت دعوى اقامة مشروعات لأهل مدينة الضبعة التى لايتجاوز عدد سكانها عدد سكان قرية صغيرة بالدلتا , والتى يمكن من خلال المشروع نقلها بالكامل للصحراء المفتوحة جنوبا أو غربا وبناء مدينة نموذجية بديلة يتوافر فيها كل الخدمات للمواطنين الحقيقيين , وأرض مدينة الضبعة ليست بأعز على الوطن من أرض النوبة القديمة التى غرقت بالكامل من أجل مشروع السد العالى . واذا كانت الدولة مجبرة من جديد على انفاق مئات الملايين تكلفة اصلاح التدمير , فانه يجب أن يقدم الجانى للعدالة قبل استئناف المشروع وبدون هذا لاأمن ولا أمان , اذن هذا وقت رد الاعتبار للدولة ولسيادة القانون . خامسا: الاشتراطات الموضوعية الضرورية . لنسرع باستئناف ودعم البرنامج النووى , ولانتسرع فى طرح المناقصة. تعتمد الوكالة الدولية للطاقة الذرية أسلوبا معياريا لتقييم عدد معين من العناصر يصل الى تسعة عشر عنصرا تحدد تكامليا مدى الجهوزية الوطنية للانتقال الآمن من مرحلة الى أخرى فى عمر المشروع . وآوجه حديثى للجهات المعنية أنه لابديل لها عن الاستماع باخلاص , ودون حساسية للنظر فى ازاحة موعد طرح المناقصة لأجل زمنى محدد لايتجاوز السنتان كجزء من خارطة طريق حاكمة تبدأ فعالياتها على التوازى من لحظة استئناف البرنامج , ويتم خلالها اعادة تأهيل الموقع وفق مفاهيم الدولة القوية , وتستوفى بشكل احترافى عناصر التأهل لاطلاق المشروع مع التركيز والتحقق الدقيق من العناصر الثلاثة السالفة الذكر تحديدا . لمزيد من مقالات محمد مجدى بدر الدين