كشفت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث في تقرير صحفي لها عممته في بداية العام الجاري بأن الاحتلال الإسرائيلي وأذرعه نصب في الأيام الأخيرة عشرات كاميرات المراقبة والرصد الكاشفة للمسجد الاقصى من عدة جهات لتضييق الحصار على المسجد الاقصى والبلدة القديمة بالقدسالمحتلة. هذا بالطبع بالإضافة الي الحفريات التي تتم أسفل المسجد الاقصي ولخطورتها بحثا عن هيكل سليمان. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه... ما هو اصل حكاية هيكل سليمان المزعوم الذي يتم الحفر من اجل الوصول اليه, وما هو تاريخ بناء المسجد الاقصي, وما هو حائط البراق وما هو المخطط الصهيوني الذي بدأ منذ 1897 حتي نصل لأصل الحكاية. الهيكل عند اليهود هو مكان العبادة المقدس، وطوال الفترة بين عهد النبي موسى إلى عهد النبي سليمان عليهما السلام لم يكن لليهود مكان عبادة مقدس ثابت. وكانت لوحات الوصايا العشر توضع في تابوت أطلق عليه اسم "تابوت العهد" وخصصت له خيمة عرفت ب"خيمة الاجتماع" ترحل مع اليهود أينما رحلوا. ولقد بنى نبي الله سليمان بناء أطلق عليه اسم "الهيكل" لوضع التابوت الذي يحتوي على الوصايا العشر فيه، غير أن هذا البناء تعرض للتدمير على يد القائد البابلي نبوخذ نصَّر أثناء غزوه لأورشليم (القدس) عام 586 ق.م. وقد حاولت الحركة الصهيونية منذ القرن التاسع عشر استخراج قصة الهيكل من طيات التاريخ القديم واستغلالها كذريعة لاحتلال فلسطين، في حين أن الحقائق التاريخية تثبت أن اليهود لم يكن لهم كيان سياسي إلا لمدة 70 عاما وهي المدة التي تولى فيها نبيا الله داود وسليمان عليهما السلام الملك في الفترة من سنة 1000 ق.م حتى سنة 928 ق.م، في حين بقيت فلسطين عربية إسلامية منذ الفتح الإسلامي لها في القرن السابع الميلادي حتى الآن، والفترة القصيرة التي كون فيها اليهود مملكتهم لا تخول لهم سندا تاريخا للمطالبة بفلسطين. ويؤكد المتطرفون من الحركة الصهيونية على زعمهم بأن مكان الهيكل هو نفسه المكان الذي بني فيه المسجد الأقصى. رغم ان العديد من الأثريين أكدوا أن المسجد الأقصى قد بني قبل ظهور نبي الله سليمان بأكثر من ألف عام وبقي منذ ذلك التاريخ حتى اليوم، كما ورد في المصادر المختلفة إشارات إلي بناء الهيكل وهدمه عدة مرات, لكن لم ترد إشارة واحدة إلي هدم المسجد الأقصي.. مما يؤكد أن مكان الهيكل ليس محل المسجد الأقصي. وبرغم ذلك, فإن اليهود لايزالون يصرون على أن الهيكل جزء من الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف. لذا ظهرت فكرة اقتسام الحرم القدسي الشريف ولاقت هذه الفكرة تأييدا كبيرا من قطاعات واسعة من المجتمع الإسرائيلي حتى من غير المتدينين منهم. و لذا قال ديفيد بن غوريون قولته المشهورة: لا معنى لإسرائيل بدون القدس ولا معنى للقدس بدون الهيكل، وعليه تسعى أغلب الجماعات يهودية والطوائف اليهودية وخاصة الصهيونية منها لبناء الهيكل. حكاية المسجد الاقصي واذا أتينا الي بناء المسجد الأقصى سنجد ان معنى (الأقصى) الأبعد والمقصود المسجد الأبعد مقارنة بين مساجد الإسلام الثلاثة أي أنه بعيد عن مكة والمدينة على الأرجح. وعلى عكس ما يعتقد البعض أن المسجد الأقصى بناه عبد الملك بن مروان - وهو اعتقاد خاطئ حيث أن عبد الملك بن مروان بنى (قبة الصخرة) فقط. أما المسجد الأقصى فهو قديم, فهو أولى القبلتين, وثاني مسجد وضع في الأرض، بنص الحديث الشريف، والأرجح أن أول من بناه هو آدم عليه السلام، حيث اختط حدوده بعد أربعين سنة من إرسائه قواعد البيت الحرام، بأمر من الله تعالى، دون أن يكون قبلهما كنيس ولا كنيسة ولا هيكل ولا معبد. وللمسجد الأقصى أربعة مآذن وأربعة عشر باباً منها عشرة أبواب مازالت مفتوحة. اما قبة الصخرة فهي المبنى المثمن ذو القبة الذهبية و سميت بهذا الإسم نسبة إلى الصخرة المشرفة التي تقع داخل المبنى والتي عرج منها النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء على أرجح الأقوال لأن الصخرة هي أعلى بقعة في المسجد الأقصى. ولقد ارتبطت قدسية المسجد الأقصى بالعقيدة الإسلامية منذ أن كان القبلة الأولى للمسلمين، فهو أولى القبلتين حيث صلى المسلمون إليه في بادئ الأمر نحو سبعة عشر شهراً قبل أن يتحولوا إلى الكعبة ويتخذوها قبلتهم وقد سمي أيضاً مسجد القبلتين نسبة إلى ذلك. وتوثقت إسلامية المسجد الأقصى بحادثة الإسراء والمعراج، تلك المعجزة العقائدية التي اختصت برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم. التكملة الأسبوع القادم [email protected] المزيد من مقالات رانيا حفنى