كان طوق الحمامة مفاجأة كبرى ، رجل دين يؤلف كتاباً كاملاً عن الحب! ويا داهية دقى ، فالرجل خصصّ أبواباً لأسباب الوقوع فى الغرام وصفات العاشق وطبائع المغرمين وأساليب الهوى وفن المراسلة ،ليس هذا فحسب بل انه اختار»الحمامة وطوقها» عنوناً للألفة والإلاف والتقارب والتناغم ، ولماذا الحمامة يا مولانا؟ ، قال رحمه الله :إن نوحاً عليه السلام اختارها ليعرف إن كان الطوفان قد انحسر عن الأرض فكانت خير رسول ، والحب طوفان قد يغرق فيه المحُب إن لم يختر « سفيراً « جيداً يكون « حمامة الغرام « وينقل إلى المحبوبة الجوى ونار الهوى . انه ابن حزم الأندلسى (384 456ه ) أكبر علماء الإسلام تصنيفًا وتأليفًا بعد الطبرى والذى يوصيك فى البداية بأن لا تترك باباً من أبواب أنوثتها إلا وتطرقه مرة واثنتين وأربع ، ويحذرك من اليأس إن شعرتْ بأنها تتجاهل وجودك ، فهذا وهم كبير فهى تحس بك وربما تسمع دقات قلبك! ، كيف يا مولانا ؟! يقول الإمام البحر كما لقبوه :».. وشىء أصفه لك وهو أنى ما رأيت قط امرأة فى مكان تحسّ أن رجلاً يراها ، أو يسمع حسها ،إلا وأحدثت حركة فاضلة ( زائدة ) كانت عنها بمعزل،وأتت بكلام زائد كانت عنه فى غنية (رغى فاضى يعنى ) ، ويمضى بك بن حزم ليدفعك إلى التمسك بالفتاة التى دق لها قلبك ، فالسماء قد أنعمت عليك بمن تتشابه فى محاسنها وملامحها مع خيال روحك ، والأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ، وإذا وجدت نظرك لا يحيد عنها والعين تتابعها ويجن جنونك إن غابت بحثاً عن أخبارها فاعلم أنه الهوى . ولأن النساء رياض كما يصف شيخ الإسلام تذبل إن لم نرعاها ، فعليك وإيانا أن نسقى الورد ونقص حشائش البستان ونشم عطر الياسمين . كن قريباً منها مراعياً تقلبات مزاجها حريصاً على هدهدة روحها ، وعليك بالرسائل، فالأنثى تنتظر المكتوب وتتلهف إلى البريد أو الأنبوكس فى زمن الفيس ولا تبخل بشراء ورق جيد ويا حبذا لو عملت بنصيحة الشيخ الإمام ووضعت عطرك على «الرسالة»أو ضمنتها وردة ،فحبيبة قلبك قد ُتقبلها أو تدسها فى فتحة صدرها إن داهمها متطفل سخيف ، وإذا أسعدك حظك وكانت هى سيدة فراشك وبيتك فلا تتكاسل عن عشقها كأنها أول مرة تراها واحتفظ بذكريات حبكما طازجة وتحادث معها عن أول نظرة ،والصدفة التى صاحبت لقائكما ، ولا بأس من الثناء على صديقتها المخلصة التى كانت « حمامة الغرام « أو الذم فى تلك التى كانت تدبر مؤامرات ضد حبكما الأسطورى الذى تكلل اليوم بالزواج . والكتاب فى مجمله وصايا للرجال كى يكسبن حب زوجاتهن ، ونصائح للفتاة لتصبح أنثى زوجها وعشيقته وخطيبته وطفلته وأمه إن شاء مادام يسقى الورد ويقص الحشائش ويزين حديقته بيديه، فالنساء رياض كما قال مولانا. أشرف عبدالشافى