تجرى هذه الأيام عملية اختيار رؤساء تحرير الصحف القومية، وهى مهمة يقوم بها الآن مؤقتا المجلس الأعلى للصحافة، بعد ان اختفى «مجلس الشوري» الذى كان يفترض أنه «مالك» الصحافة القومية (وهى التسمية الأشيك لكلمة الصحافة الحكومية أو المملوكة للدولة). ففى فترة ماقبل ثورة يناير 2011 كان اختيار رؤساء التحرير يتم بواسطة الدولة ممثلة فى وزارة الإعلام أو بتعبير أدق وزير الإعلام-بالتعاون مع أجهزة الأمن وتحديدا القسم الخاص بالصحافة فى جهاز»أمن الدولة»، ولكن «الإخراج» كان يتم من خلال مجلس الشوري! وقد عاصرت- لفترة- تلك العملية فى وقت رئاسة صفوت الشريف للمجلس، حيث كان يعقد اجتماع اللجنة المختصة ثم يخرج السيد الشريف من جيبه ورقة يتلو منها أسماء رؤساء التحرير، ورؤساء مجالس إدارات الصحف، قبل أن يتلوها على المجلس كله بعد ذلك ، لتنال موافقته بعد بعض المناقشات الشكلية، ثم تصدر مانشيتات اليوم التالى بأن «مجلس الشوري» اختار فلانا وعلانا! ولا أقول إن كل الاختيارات كانت سلبية أو خاطئة فهناك صحفيون كبار ومتميزون لاشك فى كفاءتهم و مهنيتهم كان يتم اختيارهم، ولكن الوضع بالقطع لم يكن دائما كذلك! فضلا عن أن هذا المناخ جعل العديد من الطامحين فى تولى المناصب القيادية يسعون للتقرب من «أمن الدولة» ومن وزير الإعلام بالطبع، لتحقيق طموحاتهم.أما فى ظل «الأخونة» فقد وضعت- من الناحية الشكلية- «معايير» للاختيار كان فى مقدمتها أن يتقدم من يرغب فى ترشيح نفسه بطلب إلى اللجنة المختصة، وهو الأمر الذى جعل الصحفيين المتميزين والذين يعتزون بأنفسهم يحجمون عنه بالطبع ، فضلا عن أن بعض المعايير تم تجاهلها فعليا ، للدفع بعناصر إخوانية أو خاضعة للإخوان إلى المناصب القيادية، أيا كانت كفايتهم أو قدراتهم.! واليوم يتبنى المجلس الأعلى للصحافة فى مهمته المؤقتة نفس تلك المعاييرتقريبا، قبل أن يتشكل البرلمان الجديد، فى ظل الرئيس الجديد، حيث سوف يتحتم عليهما ليس معالجة مسألة تعيين رؤساء التحرير، وإنما حل مشكلة كبيرة مستعصية لاتزال مطروحة منذ خمسين عاما حتى اليوم، واسمها ملكية وتنظيم أوضاع الصحافة القومية! لمزيد من مقالات د.أسامة الغزالى حرب