أثار إعلان لجنة الثقافة والسياحة بمجلس الشورى عن تدشين المعايير الجديدة لاختيار رؤساء الصحف القومية عن طريق الانتخابات، حالة من الارتياح داخل الأوساط الصحفية، والذى اعتبروه بداية لتطهير المؤسسات القومية إلى تحولت إلى مستنقعات للفساد وتعيين ذوى القربى، فى الوقت الذى أشعل القرار مخاوف بين المنتفعين الذين يريدون البقاء فى مواقعهم رغم ما ارتكبوه فى عهد النظام البائد. ويشمل قرار لجنة الشورى أن يتقدم المرشح بملف يتضمن سيرته الذاتية، ونماذج من الأعمال الصحفية التى قدمها، وخطة عمل لتطوير المؤسسة المرشح لها. على أن تستمر أعمال الترشيح لمدة أسبوع ، ويتم تحديد إعلان القوائم والطعون فى وقت لاحق . وكذلك عملية التصويت فى كل مؤسسة. وتحتوى اللجنة المختصة باختيار رؤساء تحرير الصحف على 6 من أعضاء مجلس الشورى، هم محمد السعيد طوسون، رئيس لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، ومحمد عبدالمجيد الفقى، رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية، ود. عبدالعظيم محمود رئيس لجنة التنمية البشرية والإدارة المحلية، ومحمد أحمد حافظ، رئيس لجنة الشباب والرياضة، ومجدى المعصراوى، عضو لجنة الثقافة والإعلام والسياحة، بالإضافة إلى 3 من شيوخ المهنة هم: فايز بقطر، مساعد رئيس تحرير الأخبار سابقًا، وهدايت عبدالنبى، رئيس الشارة الدولية لحماية الصحفى، ورجائى الميرغنى، نائب رئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط. إلى جانب 2 من أساتذة الصحافة هما د. محمد منصور هيبة، ومحمود يوسف مصطفى و 2 من المجلس الأعلى للصحافة هما صلاح منتصر، ود. محمود علم الدين، مع أستاذ إدارة هو د. أيمن رفعت المحجوب الأستاذ بكلية الاقتصاد بجامعة القاهرة، واللجنة برئاسة رئيس لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشورى، وتقوم اللجنة بفحص ملفات المرشحين لكل إصدار وتختار ثلاثة مرشحين لمجلس الشورى، الذى يقوم بدوره باختيار أحدهم. وقد بررت لجنة الشورى المعايير، التى يتم على أساسها اختيار رؤساء التحرير بأنها خرجت بعد 3 شهور من عقد لجان استماع لكل الوسط الصحفى. وأن تشكيل اللجنة المختصة بالاختيار ضم تشكيلة متنوعة للكفاءة والمعايير تعتمد على السيرة الذاتية ونظافة اليد، كما أن نقابة الصحفيين شاركت فى وضع هذه المعايير، وتم الأخذ بتوصيات كاملة منها. وقد أجمع العديد من رؤساء تحرير الصحف القومية الحاليين والسابقين على أن قرار مجلس الشورى بوضع معايير لاختيار رؤساء تحرير الصحف القومية، يعود بالصحافة إلى عهد النظام السابق وسيطرة حزب الأغلبية على توجه الصحف. وطالب رؤساء تحرير الصحف القومية بضرورة استقلال المؤسسات الصحفية القومية وعدم تبعيتها لأى جهة حكومية عن طريق إنشاء هيئة مستقلة للصحافة والإعلام تكون مسئولة عن إختيار رؤساء تحرير الصحف القومية . وفى إطار ذلك استطلعت "المصريون" آراء بعض رؤساء التحرير الحاليين والسابقين للوقوف على وجهة نظرهم فى قرار مجلس الشورى بتحديد معايير معينة لاختيار رؤساء تحرير الصحف القومية، ومدى تأثير ذلك على استقلالية الصحافة فى مصر بعيدًا عن هيمنة الدولة. د.عبد المنعم سعيد: ليس من حق مجلس الشورى امتلاك الصحف القومية فى البداية أكد الدكتور عبد المنعم سعيد، رئيس مجلس إدارة الأهرام الأسبق أن الصحافة القومية أصبحت ملك مجلس الشورى منذ أن أدخلها الرئيس السادات كسلطة رابعة فى دستور 1971. وأضاف سعيد، أن مجلس الشورى لا يمتلك إصدار قرار يحدد فيه معايير اختيار رؤساء تحرير الصحف القومية؛ لأن المجلس على وشك الحل، وهناك دعوى قضائية تطالب بحله على غرار سيناريو حل مجلس الشعب لعدم دستورية قانون انتخابه وأنه لا بد من فصل العلاقة بين مجلس الشورى والصحف القومية. وأضاف سعيد، أن إصدار مجلس الشورى قرارًا يحدد فيه معايير اختيار رؤساء تحرير الصحف القومية، يعتبر تدخلاً غير مقبول من هذا المجلس فى عمل المؤسسات القومية الصحفية، مشيراً فى الوقت ذاته إلى أن مجلس الشورى قد أعطى صلاحية تعيين أعضاء فى مجلس إدارة المؤسسات القومية للمجلس فقط، ولا يحق لمجلس إدارة المؤسسات القومية تعيين أحد فى الصحف إلا بعد الرجوع لمجلس الشورى . وأشار إلى أن هناك اتهامًا بمحاولة سيطرة نواب الأغلبية الإسلامية على الصحف القومية، وهذا يذكِّرنا بعهد النظام السابق ومحاولة سيطرة نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك على الصحف القومية وتوجيهها لخدمة أهداف النظام السابق. ونوه سعيد، إلى أن اختيار رؤساء التحرير للصحف القومية ليس من اختصاص مجلس الشورى؛ لأننا بصدد إعداد دستور جديد سيتم الانتهاء منه فى سبتمبر القادم وسيكون فيه بنود خاصة لمعايير اختيار رؤساء تحرير الصحف القومية، وأن قرار مجلس الشورى بتحديد معايير أساسية يتم على أساسها اختيار رؤساء تحرير الصحف القومية يتناقض مع ما صرح به الرئيس محمد مرسى عند لقائه مع رؤساء تحرير الصحف القومية، والذى أكد فيه عمل مؤتمر من المتخصصين فى مجال الإعلام والصحافة وبحث مشكلات الإعلام المصرى و الصحف القومية وديونها. وتابع سعيد، أنه ليس كل المؤسسات القومية قابلة للتطوُّر، فهناك مؤسسات قابلة للتطور، وأن تصبح فاعلة مثل مؤسستى الأهرام والأخبار، ومؤسسات أخرى ليست قابلة للتطور مثل مؤسستى دار الهلال ودار المعارف، وأنه يمكن تحويل مؤسستى الأهرام والأخبار لشركات قابضة يتم تقسيمها كالآتى: ثلث الأسهم للعاملين بهذه المؤسسات والثلث للشعب والثلث الأخير أسهم تشتريها الدولة إذا أرادت. وأضاف سعيد، أنه فى دول العالم لا يمتلك المجلس النيابى الصحافة ولا يتدخل فى شئونها، فهناك الكونجرس الأمريكى لا يمتلك صحيفة تايمز الأمريكية ،ولا تمتلك الجمعية الوطنية فى فرنسا جريدة ليموند، ويجب أن يعرف مجلس الشورى جيداً وأغلبيته الإسلامية أن مصر بعد الثورة تغيرت، وهناك أوضاع جديدة وأن قراره بتحديد معايير لاختيار رؤساء تحرير الصحف القومية يعود بنا إلى عصر الرئيس المخلوع حسنى مبارك. صلاح عيسي: يجب تشكيل مجلس وطنى للصحافة وعلى سياق آخر أكد صلاح عيسى رئيس تحرير جريدة "القاهرة"، أمين عام مساعد المجلس الأعلى للصحافة، أن مجلس الشورى هو مجلس سياسى ومن المفترض أن تكون الصحف القومية مستقلة تماماً عن السلطة التشريعية والتنفيذية فى الدولة، وتدار بشكل مهنى واقتصادى سليم وتكون متاحة للتعبير عن كل الآراء. وأضاف عيسى، أنه يجب نقل ملكية هذه الصحف لمجلس وطنى للصحافة و الإعلام يضع القواعد المهنية لاختيار رؤساء تحرير الصحف القومية بعيداً عن أى تدخلات من أى جهات فى الدولة. وأشار عيسى إلى أن قرار مجلس الشورى بتحديد معايير معينة لاختيار رؤساء تحرير الصحف القومية، يحتوى على بعض العيوب منها شروط الاختيار، وتركيبة اللجنة التى تقوم باختيار رؤساء تحرير الصحف القومية. ورغم اختيار مجلس الشورى لبعض الصحفيين بجانب اللجنة التى اختارها المجلس، لكن الثقل الأساسى فى عملية الاختيار سيكون للجنة المنبثقة عن مجلس الشورى وأن بعض الصحفيين الذين تمت الاستعانة بهم سيكونون أقلية؛ مما يجعل المجلس ولجنته مهيمناً على اختيار رؤساء تحرير الصحف القومية. وأوضح أن توقيت القرار غير ملائم وكان يفضل أن يتم تأجيل الخطوة لحين استقرار مجلس الشورى، سواء ببقاء المجلس الحالى أو انتخاب مجلس شورى جديد إذا تم حل هذا المجلس، وكان يجب أيضاً الانتظار لحين الانتهاء من إعداد الدستور الجديد الذى سينظم شئون الصحافة. ونوه عيسى، إلى أنه بصفته أمين عام مساعد المجلس الأعلى للصحافة، قد اقترح على بعض أعضاء مجلس الشورى فى أحد الاجتماعات التى تمت بين المجلس الأعلى للصحافة وأعضاء مجلس الشورى، إلى أن تكون الصحف القومية مستقلة تماماً عن كل السلطات وأن يتم تأجيل كل الأمور الخاصة بشئون الصحف القومية لحين الانتهاء من وضع الدستور، وأن ترفع الحكومة وجميع سلطات الدولة يدها عن توجيه واختيار رؤساء تحرير الصحف القومية. وشدد عيسى، على أن الكاتب الكبير صلاح منتصر قد اقترح على بعض نواب مجلس الشورى أثناء الجلسات التى عقدها نواب مجلس الشورى مع أعضاء المجلس الأعلى للصحافة، أن تقوم الجمعية العمومية لكل مؤسسة صحفية بترشيح ثلاثة من أعضائها لرئاسة تحرير تلك المؤسسات، وأن يقوم مجلس الشورى باختيار واحد من هؤلاء الثلاثة الذين رشحتهم الجمعية العمومية لرئاسة تحرير هذه المؤسسة القومية. نبيل زكي: من الضرورى تحويل المؤسسات القومية إلى مؤسسات مستقلة من زاوية أخرى أكد نبيل زكى رئيس تحرير جريدة الأهالى سابقاً، المتحدث الرسمى باسم حزب التجمع أنه لا بد على أعضاء مجلس الشورى أن يفكروا بعقلية ثورة الخامس والعشرين من يناير. وأن تنتهى العلاقة بين مجلس الشورى والصحف القومية وأن ينتهى أسلوب استخدام مجلس الشورى كغطاء لتوجيه الصحف القومية لخدمة نظام معين. وأضاف زكى، أن أعضاء مجلس الشورى بقرارهم الذى اتخذوه بتحديد معايير لاختيار رؤساء تحرير الصحف القومية، يريدون أن يضعوا أعوانهم مكان أعوان الرئيس المخلوع حسنى مبارك ولضمان بقائهم فى السلطة يريدون أن يهيمنوا على تلك الصحف. وناشد ذكى الصحفيين بالتحرك ضد هذا المشروع الذى يعود بالصحافة إلى الوراء، مستنكراً فى الوقت ذاته أن يصدر هذا القرار من مجلس الشورى الذى هو على وشك الحل، مندهشاً من التعجل والإصرار على الهيمنة والاستحواذ من قِبَل حزب الأغلبية على الصحف القومية، وأن هذا القرار يخدم أصحاب فكرة أن مَن جاء بالسلطة يريد أن يستمر فيها إلى ما لا نهاية . ونوه المتحدث الرسمى باسم التجمع أن تعيين رؤساء التحرير يجب أن يتم بتحويل المؤسسات القومية إلى مؤسسات مستقلة، بتمليكها لموظفيها وعمالها وطرح أسهمها على الرأى العام ووضع حد أدنى وحد أقصى لملكية الأسهم بما لا يتيح لأحد السيطرة عليها . وشدد زكى على أن تقوم الجمعية العمومية لكل مؤسسة بانتخاب مجلس إدارة للمؤسسة، وهو يقوم باختيار رئيس التحرير وهذا النموذج متبع فى الصحف الغربية . سكينة فؤاد: منظومة الصحافة كانت تدار بأسلوب الحزب الوطنى المنحل من منطلق آخر أكدت الكاتبة سكينة فؤاد أن قرار مجلس الشورى الخاص بتحديد معايير معينة لاختيار رؤساء تحرير الصحف القومية يثير تساؤلات حول عودة الصحافة إلى نهج النظام القديم، وحول مدى صلاحية مجلس الشورى بإصدار هذه القرارات وهو على وشك الحل. وقالت إن المهنة الصحفية مسئولية أبنائها وأن أى تغييرات يجب أن تتم فيها بموافقة ممثلين من أبنائها من مختلف الأعمار. وأضافت فؤاد أن النظام السابق كان يعتبر نفسه مالكًا للصحافة القومية عبر مجلس الشورى ولا بد بعد الثورة من احترام المهنة واستقلالية مؤسساتها القومية . ولا بد على مجلس الشورى أن يعلم جيداً أننا فى عصر ما بعد الثورة ويجب تغيير منظومة أن تدار الصحافة بأسلوب الحزب الوطنى المنحل، مشيرة فى الوقت ذاته إلى ضرورة استقلالية المؤسسات القومية عن أى جهات تشريعية فى مصر .