يبدو أن إحدي القضايا التي سوف تستمر معنا لفترة طويلة, في غمار عملية بناء الدولة الديمقراطية هي تلك المتعلقة بوضع الصحافة القومية سواء من حيث ملكيتها, أو إدارتها, أو تسيير العمل فيها. فضلا عما يتفرع عنها من قضايا عامة أخري وفي مقدمتها: كيفية تعيين رؤساء الصحف القومية! وفي الواقع, فإن طريقة تشكيل مجالس إدارة الصحف, واختيار رؤساء تحريرها, كانت تعكس أحد أبرز مساوئ النظام السابق, ومعاييره الأمنية البيروقراطية التي تتخفي وراء هياكل تمثيلية شكلية! حتي وإن أتت باختيارات معقولة هنا أو هناك, ففي موسم التغييرات الصحفية كان يعلن أن اللجنة العامة لمجلس الشوري سوف تجتمع لاختيار رؤساء تحرير الصحف القومية, فتجتمع اللجنة بالفعل ليقدم رئيس المجلس عرضا عاما عن أوضاع الصحافة القومية, ويفتح الباب لنقاش وكلمات من الأعضاء قبل أن يخرج ورقة من جيبه فيها الأسماء المقترحة لأعضاء مجالس الإدارات, ولرؤساء التحرير. ولم يكن علي اللجنة العامة في تلك الحالات سوي الموافقة علي تلك الأسماء, التي كان مفهوما أن اختيارها يتم غالبا بواسطة أجهزة أمنية بالتعاون مع جهات سياسية معينة! ولم يكن علي اللجنة العامة في تلك الحالات إلا الموافقة علي ما يطرحه السيد رئيس المجلس, بصراحة: كانت تجري تمثيلية وكأن مجلس الشوري هو الذي يختار! أقول هذا بعد أن شاهدت في أحد البرامج التليفزيونية حوارا بين الأستاذ صلاح عيسي والمهندس فتحي شهاب الدين( رئيس لجنة الثقافة والإعلام والسياحة) الذي يبدو أنه كلف من المجلس بوضع معايير لاختيار رؤساء تحرير الصحف, وبدء عملية الاختيار. غير أنني خرجت بانطباعين متناقضين, الأول: هو أن مجلس الشوري قرر في عهده الجديد- أن يمارس فعلا لا شكلا دوره المنوط به في اختيار رؤساء التحرير باعتباره مالك تلك المؤسسات. وهذا شيء جيد أما الإنطباع الثاني: فهو أن تشكيل اللجنة المكلفة من لجنة الثقافة والإعلام والسياحة لاختيار رؤساء التحرير, والطريقة التي اهتدت إليها لاختيار رؤساء التحرير, ودعوتها لكل من يجد في نفسه الأهلية للتقدم بأوراقه ومؤهلاته... إلخ. قد تكون لها علاقة بأي شيء, إلا الصحافة والصحفيين. المزيد من أعمدة د.أسامة الغزالى حرب