تواصل صفحة المحافظات حملاتها للكشف عن جوانب الإهمال والسرقة التى تتعرض لها آثارنا فى كل مكان فى مصر جنوبها أو شمالها، وكل حدودها. فما تشهده هذه الآثار المتشردة والمتناثرة فى كل بقعة من بقاع الوطن يدفع إلى الحسرة والألم على تاريخ يضيع وتتلقفه أيادى اللصوص وقد كنا فى الحلقة السابقة كشفنا عن جوانب الإهمال التى تعيشها آثارنا فى جنوبسيناء والمنصورة وأسيوط ودمياط واليوم تستكمل سوهاج والبحيرة وكفر الشيخ وبنى سويف.. فالكارثة كبيرة ومصر الآثار تتلاشي. بنى سويف مصطفى فؤاد: ففى بنى سويف تنتشر العديد من المناطق الأثرية بطول 100 كم، وهى الحدود مع الجيزة شمالا والمنياجنوبا، وتتعرض لمحاولات سرقة على أيدى اللصوص. فقد تعرضت أكبر منطقة أثرية ببنى سويف (مدينة أهناسيا)، عاصمة مصر فى العصر الفرعونى لمحاولات السرقة وهدم أسوارها الحديدية التى تحيط بها لحمايتها، فى ظل الرقابة الأمنية والحراسات المنهكة وتمت بالفعل محاولة سرقة تمثال أثرى للملك «سنوسرت» من المنطقة الأثرية حيث قام مجموعة من الأشخاص بالحفر فى منطقة الكيمان التى تحتوى عددا من الآثار التى تم اكتشافها خلال السنوات الماضية فضلا عن احتوائها العديد من الاكتشافات الاثرية المدفونة بباطن الأرض وان اللصوص قد استطاعوا الكشف عن منتصف التمثال بعد التنقيب بالمنطقة وعثروا على التمثال الذى يبلغ طوله مترين وعرضه 140 سم ويجلس على قاعدة من الرخام وهو من الجرانيت الأحمر ويوجد أعلى الذراع الأيسر للتمثال نقوش باسم الملك مرنبتاح ونقوش أخرى على الجانب الأيمن توضح مراسم التتويج مع كتابات هيروغليفية مما يوضح أن التمثال يخص الملك سنوسرت الثالث الذى ينسب إلى الأسرة الثانية عشرة ولكن محاولات اللصوص باءت بالفشل بعد أن تصدت لهم قوة من الحراسات. وعقب إحباط محاولة سرقة التمثال قامت لجنة فنية من الآثار بنقل التمثال إلى مقر المخزن المتحفي. وأكدت نادية عاشور مدير عام منطقة آثار بنى سويف أن منطقة أبو صير الملأ فى الواسطى تعرضت لمحاولة السرقة من قبل لصوص الآثار حيث أبلغتنا قوة حراسة المنطقة بوجود حفر فى مقبرة حفرها لصوص الآثار تحت التهديد والقوة الجبرية، حيث ان الحراسة فى المنطقة رغم وجودها فإن اللصوص يستخدمون الأسلحة الآلية ضدها، مما يصعب على القوات التصدى لهم، وعقب وصولنا البلاغ توجهنا فوراً للمنطقة بلجنة من منطقة آثار بنى سويف وقوة من الحراسات وتم التنسيق مع رئيس القرية والمجلس الأعلى للآثار بشأن الموافقة على ردم المقبرة فى التو والحال، وذلك لتصعيب الأمور على اللصوص الذين يحاولون الوصول لمدخل المقبرة، التى تم ردمها وتحت السيطرة الأمنية حالياً. وأضافت نادية عاشور أن المناطق الأثرية فى بنى سويف مازالت معرضة للخطر بسبب ما تتعرض له الحراسات رغم وجودها لأن اللصوص يستخدمون الأسلحة الآلية الى جانب الانهاك الذى تعرضت له الشرطة بسبب ما يقع على عاتقها من مسئوليات خاصة فى الفترة الأخيرة، حيث جلبت الصحراء الغربية القريبة من منطقة دشاشة الأثرية التابعة لمركز سمسطا العديد من لصوص الآثار وكذلك « الحيبة» احدى اهم المناطق الاثرية بمحافظة بنى سويف وتقع على الضفة الشرقية للنيل على بعد 5كم جنوب مدينة الفشن وعلى بعد 45كم شرقاً عندما تتجه جنوباً الى المنيا ولكن تصدى لهم الأهالى واللجان الشعبية بل تم مصادرة ما كان بحوزتهم من سرقات أخرى وتم تسليمها للمسئولين. ولم تتوقف محاولات سرقة الآثار حتى بعد عودة الشرطة فتمكنت قوات مباحث مديرية امن بنى سويف من ضبط العديد من الاثار المهربة منها 5 قطع أثرية كانت بحوزة لصوص من المنيا مكونة من تماثيل صغيرة الحجم ولوحة عليها تماثيل أخرى عبر كمين للشرطة فى الحدود بين بنى سويف والفيوم. كذلك تمكن قطاع الامن العام ببنى سويف من القبض على ستة اشخاص اثناء قيامهم بالتنقبب عن الاثار داخل احدى المناطق الأثريه بأهناسيا. سوهاج محمد مطاوع ونيفين مصطفي: ويبدو أن هذا الاهمال والتراخى لا يختلف كثيرا عما يحدث بسوهاج، فإن متحف آثار سوهاج بدأ العمل فيه منذ نحو ربع قرن إلا أنه لم يستكمل بعد بسبب عدم توافر الاعتمادات المالية. وأكد ابراهيم الشريف مدير عام المتحف أنه تم نقل القطع الأثرية الخاصة بسيناريو العرض المتحفى بعد استكمال المتحف وعددها 2000 قطعة ومن أهمها تمثال »تخت مين« أحد كهان أخميم وتوابيت الفئران غير الموجودة فى أى متحف آخر فى العالم ومومياوات عائلات كاملة من الأسرة السادسة داخل توابيت وبعض العملات الذهبية من دير الأنبا شنودة (الدير الأبيض) والمخزن المتحفى بالديابات على طريق سوهاج البحر الأحمر بالجبل الشرقى الى المخزن المتحفى بالشيخ حمد الأكثر تأمينا، مشيرا الى عدم تعرض هذه القطع لأى سرقات. أما المخزن المتحفى بالديابات فمازالت السلبيات التى كشفتها اللجنة التى شكلتها مديرية الأمن فى مارس 2011 والمتمثلة فى تعطل جهاز الاستشعار عن بعد، وكذلك جهاز تسجيل الأحداث و2 كاميرا مخصصة لمراقبة الأسوار وعدم وجود خط ربط مع شرطة النجدة (انذار مبكر) وتعطل كواشف الحركة بغرف المبنى (حوائط وسقف) اضافة الى ارتفاع مستوى «تبة» من الناحية الغربية عن السور الخارجى وعدم زيادة كشافات الانارة لضعفها الأمر الذى يؤدى الى عدم أداء كاميرات المراقبة بالكفاءة المطلوبة ولم يتم تلافيها حتى الآن، وأشارت اللجنة فى تقريرها لكفاية الخدمات الأمنية المعينة على المخزن الى أن تلافى السلبيات سالفة الذكر ضرورى ومهم لتحقيق التأمين الكامل. ويبقى أن نقول إن المخزن المتحفى بالديابات يقع فى منطقة جبلية مما قد يعرضه لأخطار السيول فى حال هطولها. كفر الشيخ علاء عبد الله: وفى كفر الشيخ تواجه المناطق الأثرية التى تنتشر فى العديد من مدن وقرى المحافظة مخاطر الإهمال الشديد وغياب الحماية الأمنية مما يجعلها عرضة للسلب والنهب، حيث تملك كفر الشيخ 49 تلا أثريا مساحتها أكثر من 2000 فدان منتشرة بالعديد من المركز بخلاف متحف الآثار المهمل بالمدينة الذى استمر العمل به أكثر من 10 سنوات ولم يتم الانتهاء منه حتى الآن، وهناك أيضا العديد من المساجد الأثرية والقصور المهمة والتاريخية، خاصة مدينة »سخا« التى تعد منطقة أثرية بالكامل. وتنتشر العديد من الآثار التاريخية فى قرى المحافظة مثل قرية »الضبعة« التابعة لمركز الرياض و»المرابعين« التابعة لمركز كفر الشيخ وغيرهما، إلا أن هذه المناطق والتلال الأثرية تعانى الإهمال الشديد والنسيان وتحولت إلى مناطق مهجورة رغم ما تحتويه من آثار مهمة ونادرة. وتحول متحف الآثار الموجود بمدينة كفر الشيخ الذى لم ينته العمل به حتى الآن رغم مرور أكثر من 10 سنوات على بدء العمل به إلى قاعة للأفراح والحفلات، إلا أنه رغم وقف هذا العبث منذ فترة بسيطة لاستكمال العمل بالمتحف فإن الأحوال سرعان ما عادت سيرتها الأولي. البحيرة إمام الشفى: إذا كانت رشيد هى قبلة محافظة البحيرة وتتمتع بموقع فريد على البحر المتوسط وطبيعة ساحرة فإنها لم تأخذ حقها إلى الآن على الخريطة السياحية. العديد من المناطق الأثرية بالمدينة مهددة بالخطر بعد محاصرتها بالمياه الجوفية خاصة المساجد والمنازل الأثرية التى رممتها هيئة الآثار، فضلا عن أكوام القمامة التى تحيطها من كل اتجاه. وعلى سبيل المثال مسجد زغلول الأثرى بات مهددا بالانهيار وأصبح منظر السائحين وهم يسيرون على قطع الخشب حتى يتفادوا الصرف الطافح يدعو للألم والحسرة.