القومي لحقوق الإنسان يناقش ورقة سياسات حول "الكوتا وتمكين المرأة"    ختام فعاليات البرنامج التدريبي للطلاب الوافدين بجامعة بنها عن المهارات العامة والشخصية    «سينوك» الصينية تخطط للاستثمار بمجال البحث عن البترول والغاز في مصر    مصر تفوز بعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة    "مطروح للنقاش" يناقش مستقبل الشرق الأوسط بعد اتفاق غزة.. فهل تقترب فلسطين من عضوية كاملة بالأمم المتحدة    تشكيل إسبانيا الرسمي لمواجهة بلغاريا في تصفيات كأس العالم    يلا كورة تردد beIN Sports 2 HD لمشاهدة مبارة السعودية والعراق    المرأة والوعي الرقمي.. ندوة بكلية الإعلام جامعة القاهرة تدعو لاستخدام مسؤول للتكنولوجيا    للعام الثاني على التوالي.. مكتبة مصر العامة بالأقصر تحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية    هل شراء شقة عبر البنك يُعد ربا؟.. أمين الفتوى يوضح    عضو "النهضة" الفرنسي: ماكرون مقتنع بأن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لترسيخ السلام    مغامرات بين السماء والأرض لسياح العالم على متن رحلات البالون الطائر بالأقصر    الجامعة الأمريكية تنظم المؤتمر ال 19 للرابطة الأكاديمية الدولية للإعلام    مدير مكتب تأهيل الخصوص في تزوير كروت ذوي الإعاقة: «طلعتها لناس مكنش ليهم محل إقامة عندي» (نص التحقيقات)    طريقة عمل شيبسي صحي في المنزل.. بدون أضرار    خبر في الجول - الزمالك يعتذر عن عدم المشاركة في البطولة العربية لسيدات الطائرة    في هذا الموعد.. محمد فؤاد يستعد لإحياء حفل غنائي ضخم في بغداد    محافظ كفرالشيخ يتفقد مستشفى قلين ويشدد على جودة الرعاية وحسن معاملة المرضى    عاهل الأردن يبحث تعزيز التعاون مع إيطاليا وهنغاريا وسلوفينيا خلال جولة أوروبية    ارتفاع عدد الوفيات بين تلاميذ تروسيكل أسيوط ل5 أطفال    مواصفة امتحان مادة الدين فى اختبارات الشهر للمرحلة الابتدائية    تناولت مادة مجهولة.. مصرع طالبة في الصعايدة بقنا    البلوجر مونلي في التحقيقات: شاركت في لايفات سوزي الأردنية مقابل 15 ألف جنيه    تضامن الشرقية: استمرار متابعة مشروعات التمكين الاقتصادى بقرى جزيرة سعود    وكيل شباب ورياضة الجيزة يتابع تطوير مركز شباب الديسمي لخدمة المتضررين من السيول    نادي أدب البادية يواصل فعالياته في بئر العبد في شمال سيناء    ميريهان حسين: «أصور فيلم جديد مع هاني سلامة.. واسمه الحارس»| خاص    نقابة الموسيقيين: مصر راعية السلام فى المنطقة ودرع منيع للحق والعدالة    لطيفة: شكرا للقائد الحكيم فخر الأمة الرئيس السيسى فى إنجاز هذا الحدث التاريخى    أرقام تفصيلية.. إطلاق سراح 3985 أسيرا فلسطينيا خلال صفقات التبادل    محمود مسلم: قمة شرم الشيخ تمهد لسلام واستقرار الشرق الأوسط.. وحماس لن يكون لها تواجد سياسي في غزة    السويد تقيل مدربها جون دال توماسون بعد هزيمة كوسوفو    رئيس جامعة القاهرة: إتاحة أحدث الإمكانات والمعامل لطلاب "الأهلية" لتلقي أرقى الخبرات    زيادة ربع مليون نسمة في تعداد سكان مصر خلال 60 يومًا    موقف البنك الأهلي من رحيل أسامة فيصل للقلعة الحمراء    كيف تقدم نماذج الذكاء الاصطناعي أفكارًا مميتة للمستخدمين؟ دراسة تحذر من التلاعب بالأسئلة    ب36 شخصية رفيعة.. قارة آسيا تتصدر الحاصلين على قلادة النيل    مكاسب مالية وحب جديد.. الأبراج الأكثر حظًا نهايات عام 2025    «تحيا مصر».. «دكان الفرحة» يفتح أبوابه ل5000 طالب وطالبة بجامعة المنصورة (صور)    موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 يبدأ يوم 23 الشهر الجاري    احتفالا بذكرى انتصارات أكتوبر.. الرقابة الإدارية تنظم ندوة حول مكافحة الفساد ببورسعيد    دار الإفتاء توضح حكم تنفيذ وصية الميت بقطع الرحم أو منع شخص من حضور الجنازة    دار الإفتاء توضح حكم ارتداء الأساور للرجال.. متى يكون جائزًا ومتى يُمنع؟    المرجان ب240 جنيهًا.. قائمة أسعار الأسماك والمأكولات البحرية بسوق العبور اليوم الثلاثاء    كامل الوزير يسلم شهادات التحقق من تقارير البصمة الكربونية ل6 شركات محلية    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الشرقية    «الصحة» تنظم يوما علميًا للتعريف بالأدلة الاسترشادية بمستشفى المطرية التعليمي    ماكرون: الأسابيع والأشهر المقبلة ستشهد هجمات إرهابية وزعزعة للاستقرار    المدرب العام للمنتخب: شريف ليس في حساباتنا.. ونحتاج للاعب يخلق الفرص لنفسه    مدرب المنتخب: وارد انضمام السعيد لأمم أفريقيا.. ولا توجد أزمة مع إمام عاشور    وفد رفيع المستوى من مقاطعة جيانجشي الصينية يزور مجمع الأقصر الطبي الدولي    وكيل صحة المنيا يفاجئ وحدة أبو عزيز ويحيل طبيبة للتحقيق بسبب الغياب    الحركة الوطنية: قمة شرم الشيخ نقطة تحول استراتيجية.. وتأكيد على ريادة مصر    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة وفرص ضعيفة لأمطار خفيفة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر    إثيوبيا ترد على تصريحات الرئيس السيسي: مستعدون للانخراط في مفاوضات مسئولة    هبة أبوجامع أول محللة أداء تتحدث ل «المصري اليوم»: حبي لكرة القدم جعلني أتحدى كل الصعاب.. وحلم التدريب يراودني    «زي النهارده».. وفاة الشاعر والإعلامي واللغوي فاروق شوشة 14 أكتوبر 2016    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو مجتمع آمن مستقر «6»
الأزهر والفكر المتطرف
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 02 - 2014

وقف الأزهر الشريف طوال عمره الذى يتجاوز ألف سنة حارساً أميناً على مواريث النبوة، وقائماً بأعباء دوائر العلوم الشرعية واللغوية والعقلية، مع توريث المنهج العلمى المنضبط، الذى يفتح آفاق العقل، ويبنى الشخصية السوية، بحيث يضمن لأبنائه أن يتخرجوا منه وقد تزودوا بعدد من البصائر المعرفية،
والخبرات العلمية المتراكمة، التى تجعل طالب العلم فيه قادراً على النفاذ إلى مقاصد الشريعة، وقادراً على الإلمام بأدواتها العلمية الرصينة، ومدركاً لقواعدها ونسقها فى بناء الأحكام، وإكرام الإنسان، ناشراً للعمران من حوله، محباً للحياة، محققاً للإحياء فى الأنفس والقيم، بحيث يصير ذلك الإنسان مستوعباً للإنسانية كلها، متفاعلاً معها، رحيماً بها، يقدّر الإنسان حيث كان، ويحترم إنسانيته، ويحرص على إيصال الخير والمعرفة إليه، حريصاً على الأوطان، فإذا بذلك الإنسان الذى تنور عقله بذلك المنهج الأزهرى قد صار مثالاً حسناً لأخلاق النبى الكريم، صاحب الخلق العظيم، صلى الله عليه وسلم، وهذه الطريقة المتخصصة فى بناء عقلية الإنسان تحتاج إلى تعب ومشقة، ودراسات شاقة متخصصة، طويلة الأمد، تتدرج فى مراحل علمية متعاقبة، مع رجوع للأساتذة والخبراء، وعبور على مراحل التأهيل والامتحان، كما هو الشأن فى أى علم، ولأجل ذلك كله فإن هذا المنهج لا يصبر عليه إلا من تفرغ له، وكان عنده استعداد ذهنى ونفسي، حتى يصل إلى النضج المعرفى بطريقة منضبطة، ولكن عدداً من التوجهات المعاصرة قد تحمست لخدمة الدين، ولم يكن لها حظ من الصبر على أعباء منهجه العلمي، فذهبوا يصنعون عدداً من المفاهيم والأطروحات والتنظيرات، يحاولون استخراجها من علوم الشرع دون أهلية ولا استعداد، مع غياب كبير عن إدراك الواقع، والإلمام بعوالمه وتعقيده، وفلسفاته وأطروحاته، فيخرجون بأطروحات غير مخدومة ولا دقيقة، تكتسب فى نظرهم قداسة الشرع ومنزلته، وينطلقون بها إلى الناس، وقد غابت عنهم المقاصد الشرعية المعتبرة، فتختل بسبب ذلك مصالح العباد فى أمور معيشتهم وفى شئون دينهم، وتغيب منظومة القيم الرفيعة الراقية التى ينبغى أن تكون هى النتيجة المباشرة لأى عمل يتشرف بخدمة الشرع الشريف.
إن الفكر المتطرف فى الحقيقة ما هو إلا منهج يتشبه بالمنهج العلمى فى ظاهره، دون إلمام بالتفاصيل والآليات والإجراءات الدقيقة التى يتركب منها المنهج العلمي، مما يفضى إلى نتيجة خطيرة وحالة غريبة، وهى أنه تنعكس فيه المقاصد الشرعية، فتتحول من حفظ النفس وإحيائها إلى ضد ذلك، وهو إزهاقها والتسبب فى قتلها، وتتحول من حفظ المال وتنميته وتوفيره وتسخيره فى رخاء الإنسان ورفاهيته إلى ضد ذلك، وهو تبديده، والعجز عن إيجاده أصلا، فيبرز لنا الفقر بكل نتائجه السلبية على التعليم والصحة والبيئة، وتتحول من حفظ العقل وحفظ منظومة تفكيره ومناهج عمله وتأمله إلى ضد ذلك، وهو تشويش العقل بضباب كثيف من المفاهيم الملتبسة، والأطروحات المغلوطة، وتتحول من نشر العمران، وصناعة الحضارة، إلى ضد ذلك، وهو حالة مزمنة من الفقر والمرض والأمية والتخلف والاستهلاكية، والتخلف عن ركب الحضارة، حتى نصير عالة على الدول المتقدمة من حولنا، وهكذا، وهذه الظاهرة التى أتكلم عنها تستحق منا جميعاً التأمل، حيث إن المنهج العلمى المنضبط الصحيح يحقق مقاصد الشريعة، والمناهج الفكرية المتطرفة تنعكس عندها مقاصد الشريعة، فالأمر ليس ترفاً علمياً، يستمتع به الباحث والدارس، ويحرم منه الفكر المتطرف فقط، بل إن المآل والنتيجة خطيرة، يتحول فيها الإنسان إلى نفسية غريبة، تنظر إلى الكون والحياة والإنسان بمنظور مضطرب، ينتج منه الشقاء، والكلام هنا ليس عن الأزهر فقط، بل نحن نتكلم عن الأزهر وما يشبهه من المدارس العلمية العريقة، التى قامت بنفس دوره، وتأسست على نفس تكوينه المعرفي، فى الشرق والغرب، كجامع القرويين فى المغرب، وجامع الزيتونة فى تونس، فالقضية إذن هى الكلام عن منهج أصيل، قامت بخدمته مدارس أصيلة، أكبرها وأشهرها هو الأزهر، وهو منهج يحقق مقاصد الشريعة، ويرى الناس من خلاله رحمة الله للعالمين، وفى مقابله فكر متطرف، يتشبه بالمنهج فى ظواهره، وتغيب عنه مسالكه العلمية الرصينة، فتنعكس فيه مقاصد الشريعة، ويتحول إلى حجاب بين البشرية وبين منابع هذا الدين ومحاسنه، إن لكل بذرة ثمرة تناسبها، ولكل مقدمة نتيجة متسقة معها، ولكل منهج نتائجه التى تنبع منه، وتعبر عنه، والمنهج الأصيل يثمر رحمة وهداية وعمرانا، والمنهج المتطرف يسبب لصاحبه وللمجتمع الشقاء الكبير، وللحديث بقية فى هذا المجال.
لمزيد من مقالات د شوقى علام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.