«التضامن»: توزيع 2000 جهاز لاب توب ناطق مجهز لدعم الطلاب المكفوفين في استكمال دراستهم الجامعية    المسلماني يشكل لجنة لرصد التغطية الإعلامية لانتخابات مجلس النواب 2025    احتفال دولي يجمع أكثر من 400 ممثل كنسي من القارات الخمس بتايلاند    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025    الأمم المتحدة تحذر من خطر «المخلفات المميتة للحرب» في غزة    افتتاح معرض الصور الفوتوغرافية "التراث الأثري الإيبروأمريكي" بمكتبة الإسكندرية    «جهار» تحصد الجائزة الذهبية من «الإسكوا» تقديرًا لإنجازاتها في جودة الرعاية الصحية    المطربة ياسمين علي تكشف حقيقة علاقتها ب«محمد العمروسي»    محافظ كفر الشيخ يُهنئ القارئ أحمد نعينع لتكليفه شيخًا لعموم المقارئ المصرية    رامي جمال يكشف سبب تأخر إصدار ألبومه الجديد    الإفتاء توضح حكم شراء الشقة عن طريق البنك بفائدة ثابتة    وزير الإسكان يعلن الانتهاء من مشروعات الكهرباء والإنارة ب«شمس الحكمة»    عاجل من التأمين الصحى بشأن علاج التهاب المفاصل    النفط ينخفض وسط توقعات بوجود فائض بالمعروض خلال العام المقبل    هيئة البث الإسرائيلية: 600 شاحنة مساعدات تدخل غزة مع إعادة فتح معبر رفح    القاهرة الإخبارية: دخول شاحنات للوقود ضمن قافلة المساعدات من مصر إلى غزة    خبير مغربي: إعادة إعمار غزة تتطلب دعما عربيا وإسلاميا كبيرا    وليد صلاح عبداللطيف يكشف عن "فضيحة" في قطاع ناشئي الزمالك    المستشار القانوني للزمالك: زيزو مديون للأبيض.. ولم نطلب التأجيل من اتحاد الكرة    القنوات الناقلة لمباراة المغرب وفرنسا في كأس العالم للشباب 2025    4 منتخبات تتنافس على الملحق الأفريقي لكأس العالم    اليوم.. الأهلي يخوض مرانه الأول تحت قيادة توروب    بعثة المصري تغادر إلى طرابلس الغرب صباح اليوم استعدادًا لملاقاة الاتحاد الليبي بالكونفيدرالية    محافظ أسيوط يتفقد موقع حادث سقوط تروسيكل بمصرف قناطر حواس بمنقباد    بتهمة إرسال صوراً خادشة للحياء.. السجن 5 سنوات لعامل بقنا    الأرصاد تحذر من طقس الساعات المقبلة: الأمطار على وصول    اليوم.. نظر محاكمة متهمة بخلية الهرم    إغلاق باب الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025 بعد ساعات    اسعار الفاكهة اليوم الأربعاء الموافق 15-10-2025 فى سوهاج    "الوزراء": تمويل 128 ألف مشروع بالمحافظات الحدودية وفر 228 ألف فرصة عمل    ارتفاع صاروخي لأسعار الذهب 5560 لعيار 21 والأوقية تسجل 4146 دولار    غلق المتحف المصري الكبير اليوم استعدادا للحفل الرسمي    وزير الثقافة: خطط طموحة لقوافل ثقافية متكاملة لأطفال غزة.. ونعمل لتعزيز التعاون مع فلسطين    باكستان تحصل على موافقة مبدئية من صندوق النقد على قروض بقيمة 1.2 مليار دولار    تعرف على مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء في سوهاج    عاجل- التضامن تعلن بدء صرف تكافل وكرامة عن شهر أكتوبر    محمد جبران: مستمرون في تطبيق قانون العمل الجديد بكل قوة.. ومهلة أخيرة للمخالفين لتصحيح الأوضاع    لمدة 15 دقيقة.. أستاذ مناعة وبكتيريا توضح الطريقة الصحيحة لغسل اليدين (فيديو)    "سعادة قاتلة".. استشاري نفسي يكشف مخاطر مشاهدة التلفزيون والتليفون للأطفال    الإفتاء: السير المخالف في الطرق العامة محرم شرعًا ويُحمّل صاحبه المسؤولية القانونية    متى يكون سجود السهو فى الصلاة قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأربعاء 15 أكتوبر    اجتماع لوزراء دفاع الناتو والاتحاد الأوروبي بعد انتهاكات جوية روسية    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بطريق إسكندرية الصحراوى    حملات مرورية لرصد المخالفات بمحاور القاهرة والجيزة    الكنيسة الكلدانية تحتفل بختام ظهورات العذراء سيدة فاتيما في مصر    في شهر الانتصارات.. رئيس جامعة الأزهر يفتتح أعمال تطوير مستشفى سيد جلال    نتنياهو يحذر: إذا لم تلتزم حماس بالاتفاق "ستفتح أبواب الجحيم"    مميزات وعيوب برج السرطان: بين العاطفة والخيال والحنان    تجمع القبائل والعشائر الفلسطينية في غزة يدعم الجهود الأمنية    ترامب يلغي تأشيرات أجانب سخروا من اغتيال تشارلي كيرك    أبرزها بروكسي مع المنصورة.. مباريات الجولة التاسعة بدوري المحترفين    باسم يوسف: مراتي فلسطينية.. اتعذبت معايا وشهرتي كانت عبء عليها    قرار هام بشأن البلوجر دونا محمد بتهمة نشر فيديوهات خادشة للحياء    عمقها 30 مترًا.. وفاة 3 شباب انهارت عليهم حفرة خلال التنقيب عن الآثار بالفيوم    رمضان السيد: ظهور أسامة نبيه في هذا التوقيت كان غير موفقًا    في 3 أيام .. وصفة بسيطة لتطويل الأظافر وتقويتها    هل شراء شقة عبر البنك يُعد ربا؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القوي المدنية والإخفاق التاريخي

بعد إقرار الدستور, ينفتح المجال السياسي المصري أمام أفق مستقبلي واعد. لكنه أفق مشروط; وشرطه الأساسي
هو تجاوز آفات التكوين العضوي للنخبة السياسية والثقافية المصرية, والتي برهنت علي إخفاق تاريخي مزمن. وانعكس هذا الإخفاق علي مسار الحركة الوطنية والقومية, فإذا بها غير قادرة علي مواصلة السير عبر الزمن لتحقيق الأهداف بعيدة المدي للمجتمع العربي في إطاره العالمي الراهن. لهذا, تبدو البلاد وكأنها تسير في حلقة مفرغة بفعل المحتوي الفارغ لنخبة عاجزة تدور حول نفسها بلا انقطاع تقريبا, علي اختلاف تلويناتها السياسية, من مدنية ودينية, غير قادرة علي الاتصال الحي بمجتمعها الحقيقي, وعلي بعث الأمل في المستقبل, بث الثقة في الأرواح. هي قصيرة النفس, سريعة الغضب, مجوفة فكريا وسياسيا, لاتقارب شأنا مهما من شئون البلاد والعباد, إلا ونشرت سحب اليأس المطبق من حوله, ثم تعثرت لتجر الجماهير الغفيرة من خلفها نحو ضياع جديد. لا وإننا في انتظار فجر جديد, ونخبة جديدة حقا, ونمط قيادي غير مسبوق, وإن بلادنا العربية, بما فيها المصرية, والحمد لله, حبلي بكل جديد, وهي في حالة انتظار دائم لفعل ثوري غير موجود, وسوف يوجد بحكم الضرورة التاريخية-الإنسانية.
ولن نرجع إلي الجذور البعيدة لمظاهر الفشل الماثل أمامنا للنخب السائدة بشقيها: المدني, و الديني, وإنما نكتفي بما هو جلي بين ظهرانينا اليوم. ولنبدأ بأهم مظاهر الفشل, وفي مقدمتها أمران مختلفان: أولهما, الفشل في ميدان بناء الإطار التنظيمي الجماهيري للحركة السياسية المصرية في قطاعها( المدني), يمينا ويسارا, وثانيهما, فشل في مجال القدرة علي إدارة الدولة و هندسة المجتمع, فيما يتعلق بالقطاع( الديني) من الحركة السياسية, أو ما يسمي بتيار الإسلام السياسي, وهو أقوي قطاعات هذه الحركة علي كل حال. الأمر الأول ينصب إخفاقا علي عملية تأسيس المجال السياسي للوطن أو, اختصارا, بناء الوطن عبر بناء صيغة التوافق المجتمعي الفعال, والمسمي لدي بعض علماء السياسة المقارنة بعلاقة التكامل أو الاندماج. والأمر الثاني ينصب إخفاقا علي عملية بناء مؤسسي, يتمتع بالفاعلية وبالاستمرارية وبالطابع الموضوعي الذي تكتسبه بيروقراطية منظمة في إطار بناء الدولة الحديثة. وبالعودة إلي الجذور التاريخية لهاتين الظاهرتين, مع البدء بأولاهما, فإننا نجد أن أول محاولة منظمة كبيرة لبناء صيغة سياسية جامعة, علي المستوي الشعبي, في تاريخ مصر الحديث, هي تجربة إقامة كيان تحت مسمي( الحزب الوطني) إبان الثورة العرابية في ثمانينات القرن التاسع عشر, ثم معاودة تأسيس هذه الصيغة علي يد الشاب مصطفي كامل فخليفته محمد فريد, في مطلع القرن العشرين, فيما سمي بعد ذلك( الحزب الوطني القديم). غير أن هذه المحاولة وما سبقها, بقيت في الإطار النخبوي الضيق لقادتها من المثقفين, وكان أبرز من تجاوز هذه المحاولة هو سعد زغلول الذي( ركب قمة المد الثوري) إبان ثورة1919, وقام مع زملائه من القادة المتصدرين للثورة بتأسيس حزب الوفد كأول حزب ذي طبيعة أقرب إلي الصيغة الجماهيرية العامة.وقد تبين تشتت الحركة الوطنية الجامعة, ابنة ثورة1919, وتفكك بنيتها النضالية المفترضة, من حول الكيان المترهل لحزب الوفد الذي انتهي إلي تبني الآلية الانتخابية ذات الطابع المتقطع طريقا للوصول الجزئي إلي السلطة, ضمن نظام ملكي في بلد خاضع للاحتلال الأجنبي-البريطاني. وما كان لحركة الجيش التي ساقتها الأقدار فجر23 يوليو1952 إلي تولي تقاليد القيادة العليا للدولة وللوطن معا, إلا أن تعمل علي بناء صيغة سياسية جامعة, بطريقتها وبما في مكنتها, وذلك بالعمل من أعلي, من مركز السلطة بالذات, نزولا إلي القواعد الراسخة, في محاولة لبناء تنظيم سياسي جماهيري.. كانت تلك محاولة طموحا, وغيرت جلودها أكثر من مرة( هيئة التحرير الاتحاد القومي الاتحاد الاشتراكي العربي) ولكنها بقيت حتي آخر رمق من مداها الزمني(1952-1970) تجربة ناقصة في أقل تقدير: تجربة بناء تنظيم شعبي من مواقع السلطة. لقد كانت التجربة تستمد مداد قوتها من مفعول الزعامة الكارزماتية ذات الطابع الاسثنائي ل البطل الوطني, الذي جسدته شخصية جمال عبد الناصر, وما أن توفي في28 سبتمبر1970, حتي فقدت التجربة كلها عصبها المحرك وما كان لها أن تستمر بعد ذاك.
وجاء السادات الذي قاد التوجه المعاكس لتيار يوليو الرئيس( الناصري) وحاول الاستمرار بتجربة التنظيم السياسي الواحد, فلم يستطع, و لجأ من ثم إلي إقامة ما يسمي المنابر داخل هذا التنظيم, ثم ما لبث أن سمح بتحولها إلي أحزاب متعددة. بيد أن هذه الأحزاب الخارجة من عباءة قمة السلطة بعد زوال عصبها المحرك بقيت علي الدوام, ضعيفة وغير فعالة, بحكم أسلوب النشأة وطريقة التأسيس غير النضالية, إذ لم تقم في أتون حلبة الكفاح الاجتماعي والوطني, وبين الناس.وقد ظل إثم النشأة ملازما لتلك الكيانات الحزبية, كأثر لتراكم تاريخي طويل الأمد, ارتدادا إلي فترة التشتت والتفتت السياسي بين الثورتين(1919-1952) ثم فترة الاضطرار إلي بناء التنظيمات السياسية من أعلي(1952-1970).. ولهذا, كان من السهل علي نظام مبارك أن يقوم بأعمال الترويض والتدجين و الاستئناس لتلكم الأحزاب والكيانات الحزبية, حتي أطلق البعض عليها مسمي الأحزاب الورقية أو الكرتونية. ولم يكن لهذه الكيانات دور من قريب أو من بعيد في التمهيد لثورة25 يناير. و بعد هذه الثورة ظلت الأحزاب التقليدية علي حالها, عبر الفترات المتعددة التالية, وسرعان ما فقدت فاعليتها بعد الثلاثين من يونيو, ثم لفظت أنفاسها, شاهدة علي العقم السياسي المخيم علي الأحزاب السياسية المصرية التقليدية.
لمزيد من مقالات د.محمد عبد الشفيع عيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.