يتنقل بين أنحاء مكتبة بآلية خاطفة كأنه في مشوار مهم. سريع الحركة, والكلام, وحسم الأمور الواضحة, وينصت للأسئلة, ويجيب عنها فورا من دون فاصل, ويتعامل مع أكثر من شخص في الوقت ذاته بنفس درجة الاهتمام, ويقرأ الأوراق ويوقعها وهو يصدر توجيها مهما!. يشعر بالفخر لأنه أنقذ مشروع مكتبة الأسرة قبل أن يفتك به الأخوان بحجة أنها كتب يسارية, ويسعده أنه أمر بطباعة الأعمال الكاملة لفؤاد حداد وصلاح جاهين والبساطي وفتحي غانم ونجاحها شجعه علي طباعة الأعمال الكاملة لأهم المبدعين, ويخطط لطرح السلاسل والإصدارات القديمة والتي لن تتمكن الهيئة من إعادة نشرها بصورةبي دي إف علي موقع الهيئة في نسخ سهلة التنزيل ليستمتع بها من لم يدرك نسخها الورقية من القراء. ويتمني أن تقوم مؤسسة واعية متخصصة بعمل تقييم موضوعي لجميع إصدارات الهيئة عبر استطلاع ثقافي لتجديدها وتنقيتها من أي ضعف, وكذا يستعد لاستطلاع رأي المبدعين والمثقفين حول رؤية جديدة لمعرض الكتاب في محاولة لاستعادة مكانته التي تليق بمكانة مصر وقدراتها الثقافية. لماذا أصبح معرض الكتاب- الذي سيفتتح غدا- مناسبة روتينية يمكن أن يسيرها أي موظف بيروقراطي, ألا يحتاج لإعادة نظر وتخطيط يشارك فيه مبدعون ومثقفون لاستعادة ثاني أهم معرض في العالم ؟ المعرض في ذاته لا يزال أكبر سوق للكتاب في العالم العربي, وربما في العالم, ومع هذا لا يليق بمكانة مصر وقدراتها الثقافية. والحقيقة أن الأرض التي يقام عليها المعرض مهدومة كلها الآن, ونقيم أنشطتنا في خيام تكلفنا الكثير, وفكرنا بإقامته في قاعة المؤتمرات بمدينة نصر لكن دور النشر اعترضت لضيق المكان والتكلفة الأعلي, ولأن المكان ليس مألوفا لرواد المعرض, وبعد الثورة أصبحت الظروف الاقتصادية أكثر صعوبة علي الناس والناشرين والبلد عامة, ونحن نحاول تخفيف الأعباء عن الناشرين قدر الإمكان, والهيئة في النهاية عضو في اتحادي الناشرين المصري والعربي, و في النهاية الهيئة وعموم الناشرين يتشاركون صناعة الصورة التي يراها العالم للنشر في مصر. وإعادة النظر وإشراك المبدعين والمثقفين في صياغة رؤية جديدة للمعرض كونه أكبر احتفالية ثقافية تقيمها الدولة؟ أوافقك.. أنشطة المعرض تحتاج لرؤية جديدة وتطوير يشارك فيه المثقفون, وإشراك كوادر هيئة قصور الثقافة, ودخول وجوه جديدة بديلة للوجوه شبه الثابتة, مع تقديرنا واحترامنا لكل القامات, لتوسيع المجال وإضافة حيوية أوسع علي الأنشطة. ما الرؤية التي تخضع لها إصدارات الهيئة؟ هل تخطيط سنوي, أم متروكة للمصادفة والمستجدات والاقتراحات؟ وهل تخلص النشر الآن من المجاملات المتراكمة ؟ هذا السؤال أترك إجابته للمثقفين وللقراء الذين يعرفون جيدا ماذا نقدم لهم الآن من كتب جديدة, أما المجاملات فالكتب يتم إقرارها عن طريق لجان مختصة, تقدم أفضل ما تراه مناسبا للقراء, وما يليق بهيئة الكتاب, وأنا لا أتدخل في عمل رؤساء تحرير السلاسل, وإذا ثبت أن هناك مجاملات فلن يستمر التعاون مع أي مجامل. وأين مشروع الألف كتاب بعناوينه الرائعة ؟ سلسلة الألف كتاب الثاني موجودة, ويشرف عليها د. محمد عناني, وأنا معك أنه يحتاج لبعض الحماسة, فالمشروع لا يخرج12 كتابا في السنة, وأتمني ان يزداد حجم الشغل في الفترة المقبلة, لأن القراء يعرفون قيمة هذه السلسلة ويحتاجون اليها. وما موقف مكتبة الأسرة الآن, وهل تكفي كلمة الأديب الراحل إبراهيم أصلان لإنقاذها من الشبهات القديمة, أم أن هناك خطوات يجب استكمالها لتعود فكرة توفيق الحكيم خالصة لهيئة الكتاب ؟ أيضا الحكم هنا للقراء فهم يرون الإنتاج بأنفسهم, وبعد25 يناير لم تكن كلمة الأديب الكبير الراحل إبراهيم أصلان مجرد كلمة, بل مانيفستو عمل, وكشف حساب مكتبة الأسرة يظهر من العناوين, وأنا كقارئ أشكر اللجنة علي اختياراتها الممتازة, وللآن لم يبلغني اعتراض مثقف واحد علي أي عنوان, ولجنة مكتبة الأسرة تعمل وفق استراتيجية ورؤية معينة كل سنة, تدور حولها عناوين الكتب, وهذا العام اهتموا بالهوية الثقافية والمواطنة. وهل توقفت الوزارات المختلفة عن دعمها مكتبة الأسرة كما فعلت سابقا ؟ وما حقيقة الحكايات العجيبة عن ربط المكافآت بالنسخ المطبوعة وكان بعضها يصل الي(50 ألفا) ؟ ما تخصصه الدولة لمكتبة الأسرة الآن نصف ميزانية السنوات الماضية, ومساهمات الوزارات توقفت تماما, وهي كانت تصل بالمبلغ الإجمالي الي الضعف علي الأقل, ومكتبة الأسرة كانت مرتبطة بمهرجان القراءة للجميع الذي كانت تنفق عليه أموال طائلة, والآن اختفي هذا المهرجان, وأصبحت مكتبة الأسرة تصدر طوال العام, كل شهر خمسة عناوين جديدة أي150 كتابا مهما علي مدار السنة. هل هناك نية حقيقية لتقييم إصدارات الهيئة أو عمل استطلاع ثقافي أو دراسة ميدانية لوقف الضعيف منها, واستمرار النافع؟ أتمني أن تستطيع مؤسسة متخصصة إنجاز هذا الاستطلاع وسأعطيها مقابلا ماديا, فأنا مستعد لهذا التقييم فورا, صحيح أن مركز المعلومات في الهيئة يستطلع آراء رواد معرض الكتاب عبر استمارات, ونحاول تحسين الأوضاع حسب ملاحظاتهم, لكن هذا لا يكفي. ستأتي إليك مؤسسات كثيرة بعد قراءة تصريحك هذا ؟ يشرفوا.. أتمني هذا يدفعني لسؤالك عن تغيير أو تعديل السلاسل والإصدارات التي تنفق عليها أموال الشعب, هل القرار لك منفردا ؟ أم بالتشاور مع وزير الثقافة؟ أم باستشارة نخبة من المثقفين؟ لا أفعل شيئا دون استشارة نخبة من المثقفين والمبدعين, في اللجان الرسمية, أو الصداقات والعلاقات الشخصية, فلا خاب من استشار, وإذا تعلق الأمر بشئ استراتيجي أناقش وزير الثقافة, وأظنني أكثر الناس حرصا علي تفعيل دور مجلس الإدارة, فقد أعدت اجتماعه الشهري الذي لم يكن يعقد غير مرة في السنة. أقرت لجنة الخمسين في الدستور الجديد حماية الملكية الفكرية ضمن باب الحقوق والحريات فكيف ستطبقون حقوق الملكية الفكرية ؟ حقوق الملكية الفكرية عندنا كارثة, لأن كتبنا تسرق داخل مصر الآن, بعدما كانت تسرق خارجها فقط, أقصد جميع الكتب لا كتب الهيئة فقط, فالملكية الفكرية حق للمؤلف, وعندما جئت إلي هيئة الكتاب كانت الكتب تطبع بإذن شفاهي, لكني أرسيت مبدأالتعاقد أولا, ولا نشر إلا بعد التعاقد. المبدعون الشباب أين هم من النشر في الهيئة ؟ سؤال مهم, عندنا سلسلتان للشباب إشراقات, وكتابات جديدة, وبغض النظر عن هاتين السلسلتين أبواب النشر العام الذي أتابعه بنفسي مفتوحة علي مصاريعها لكل الشباب المتميزين إبداعيا وأدعوهم للحضور إلي مكتبي ومقابلتي شخصيا.