محافظ القليوبية يتابع جاهزية اللجان العامة للفرز ب6 لجان على مستوى المحافظة    الداخلية تضبط محاولة توزيع كروت دعائية مخالفة بالسنطة    نائب رئيس حزب المؤتمر: وعي الشعب أسقط حملات الإخوان لتشويه الانتخابات    البورصة المصرية تخسر 35.2 مليار جنيه بختام تعاملات الثلاثاء 25 نوفمبر 2025    مصر والجزائر تعقدان اجتماع لتعزيز التعاون الاستثماري والتجارى المشترك    اقتصادية قناة السويس تجذب 11.6 مليار دولار استثمارات خلال 3 أعوام    محافظ القليوبية يتابع جاهزية اللجان العامة للفرز ب6 لجان على مستوى المحافظة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره القبرصي سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين    الداخلية السورية: لا يمكن التعامل مع مطالب السوريين عن طريق سيناريوهات الفوضى    كاف يحدد 11 ديسمبر موعداً لإرسال قوائم كأس أمم أفريقيا 2025    فيريرا يقرر شكوى الزمالك للمطالبة بمستحقاته المتأخرة    منتخب مصر الثاني يحدد موعد السفر لقطر استعدادا لكأس العرب    تعرف على حالة الطقس في الإمارات اليوم الثلاثاء    انتخابات مجلس النواب 2025.. توافد الناخبين بقصر النيل والسيدة زينب للإدلاء بأصواتهم    شهود عيان: المتهم بقتل والدته فى بورسعيد حاول التخلص من والديه فى واقعة سابقة    وفاة الفنانة الجزائرية بيونة عن عمر ناهز 73 عامًا    وزير الثقافة يبحث إنشاء دار أوبرا فى أسيوط ويوجه بتوسيع الفعاليات    «الوطنية للإعلام» تصدر تعيينات جديدة بالتليفزيون والقنوات الإقليمية    خالد عبدالغفار يبحث مع وزير صحة تركيا تعزيز وتفعيل التعاون الصحى    محافظ الجيزة: تطوير ورفع كفاءة 6 عيادات ومركز كلي البطران    "الزراعة" تُكثف جهودها لمقاومة المضادات الحيوية في الثروة الحيوانية    الوطنية للانتخابات: استبعاد أي تعطّل مع الساعات الأولى لليوم الثاني من الاقتراع    محافظ الدقهلية يتفقد جاهزية اللجان العامة للانتخابات فى المنصورة    مراسل إكسترا نيوز بالدقهلية: انتظام العملية الانتخابية وسط إقبال متزايد    بالصور.. "دافنينه سوا" أول بطولة درامية لمروان فارس ومصطفى ليشع    مرور مصر يعلن أرقام الطوارئ للتعامل مع أعطال وحوادث الأمطار خلال الساعات المقبلة    تأجيل محاكمة الصغير المتهم بإنهاء حياة صديقه بالمنشار في الإسماعيلية    إضراب جزئي لعمال "الغاز الطبيعي الحديثة" بقنا للمطالبة بالتثبيت والحد الأدنى للأجور    تكريم عمار الشريعي بلمسة أوركسترا بريطانية    مراسلة إكسترا نيوز بدمياط: تنظيم وانسيابية فى اليوم الثانى لانتخابات النواب    الداخلية تضبط 3 متهمين بجرائم سرقات متنوعة في القاهرة    وزير التعليم الإيطالى: أشكر مصر على الاهتمام بتعليم الإيطالية بالثانوية والإعدادية    الداخلية تضبط مدير كيان تعليمي وهمي بالدقي بتهمة النصب على المواطنين    بعد تصنيف «كارتل الشمس» إرهابية.. أمريكا تستعرض قواتها قرب فنزويلا    مكتب الإعلام الحكومي يوثق بالأرقام: مؤسسة غزة تورطت في استدراج المُجوّعين إلى مصائد موت    مغادرة مئات شاحنات المساعدات معبر رفح البري إلى كرم أبو سالم لدعم أهالي غزة    "القومي للمرأة" يطلق غرفة عمليات متابعة سير العملية الانتخابية    وزير التعليم: أتوجه بالشكر للرئيس السيسى تقديرا على اهتمامه البالغ بالتعليم    انسيابية عالية وإقبال كثيف.. الشباب والمرأة يتصدرون المشهد في القليوبية | فيديو    الصين: أجواء المكالمة الهاتفية بين شي وترامب كانت "إيجابية وودية وبناءة"    الموضوع انتهى.. خالد الغندور يكشف تفاصيل مشادة تريزيجيه وبن شرقي    الافتاء توضح حكم الامتناع عن المشاركة في الانتخابات    بعثة الزمالك تتوجه لجنوب أفريقيا مساء اليوم استعدادًا لمواجهة كايزر تشيفز    ارتفاع مؤشرات البورصة المصرية بمستهل تعاملات جلسة منتصف الأسبوع    شريف إكرامى يؤازر رمضان صبحى فى جلسة محاكمته بتهمة التزوير    مصرع سيدة كل 10 دقائق، تقرير أممى: 83 ألف امرأة قتلن عمدا العام الماضي    رومانيا تنشر طائرات مقاتلة بعد اختراق مسيرتين مجالها الجوي    باسل رحمي: نعمل على مساعدة المشروعات المتوسطة والصغيرة الصناعية على زيادة الإنتاجية والتصدير    وزير الصحة يلتقي وفد اتحاد الغرف التركية لبحث التعاون الصحي والاستثمار المشترك    «الصحة»: تقديم 21.9 ألف خدمة في طب نفس المسنين خلال 2025    وكيلهما: الجزار كان قريبا من الأهلي.. وتوروب لم يطلب رحيل أحمد رضا    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر والقنوات الناقلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    عزيز الشافعي يخطف الأنظار بلحن استثنائي في "ماليش غيرك"... والجمهور يشيد بأداء رامي جمال وروعة كلمات تامر حسين وتوزيع أمين نبيل    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    هل يجوز للزوج الانتفاع بمال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    وزارة الأوقاف الفلسطينية تُشيد ببرنامج "دولة التلاوة"    بث مباشر.. مانشستر يونايتد ضد إيفرتون في الدوري الإنجليزي 2025/2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد54 عاما من التأميم:الصحافة القومية تتحدي المجهول في بحار ثورة الاتصالات والفضائيات..تقييم الأصول لتحسين الموقف المالي.. وتطوير الأداء حتمي.. والإصلاح الجذري ضرورة
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 01 - 2014

في العاشر من ابريل1960 صدرت صحيفة الاخبار تحمل في صدر صفحتها الاولي عنوانين متتاليين جاءا كالتالي( مصرع السفاح... عبدالناصر في باكستان).
ومن الواضح ان العنوانين هما اشارتان لموضوعين منفصلين ومع ذلك فقد تم ربط بعضهما ببعض ليعطيا ايحاء معينا, وكان هذا اسلوبا صحفيا معمولا به في هذه الايام.. خاصة في مدرسة اخبار اليوم. وفي الرابع والعشرين من الشهر التالي صدر قانون تنظيم الصحافة الشهير والذي بموجبه تم نزع ملكية المؤسسات الصحفية العاملة من اصحابها, واصبحت هذه المؤسسات ملكية عامة وادارتها تخضع للدولة فيما يعرف بتأميم الصحف.
يفضل بعض مؤرخي الصحافة اعتبار مانشيت الاخبار السبب وراء قرارالزعيم جمال عبد الناصر تأميم الصحف, غير أن هذا التفسير السطحي يتجاهل ان تلك الايام شهدت موجات تأميم محمومة للمرافق الاقتصادية بدأت بتمصير البنوك وشركات التأمين عام1958, ثم تلتها بعد ذلك سلسلة طويلة من عمليات نزع ملكية الشركات التجارية والصناعية وغيرها, فضلا عن تقنين ملكية الاراضي الزراعية, وكانت كل هذه الاجراءات تتم ضمن رؤية اقتصادية شاملة اعتمدت علي التوسع في دور الدولة في الانتاج, والحد من النفوذ المتضخم للقطاع الخاص والاجنبي الذي خيب آمال الثورة في احداث نقلة تنموية سريعة وفاعلة تعود فوائدها علي الطبقات الكادحة من المصريين.
كان عدد الدور الصحفية الحقيقية وقتها لايتجاوز6 مؤسسات تقل جملة رءوس اموالها مجتمعة عن مليون جنيه, ويعمل بها بضع مئات من الصحفيين والاداريين والعمال. وكانت جميعها مؤسسات رابحة تدر عائدا مجزيا علي ملاكها وتدفع رواتب جيدة للعاملين, وتسدد ضرائب معقولة للدولة بمعايير زمانها.
اختلالات وديون
اليوم, وبعد اربعة وخمسين عاما من تأميم الصحافة اصبح لدينا8 مؤسسات صحفية قومية ضخمة تديرها الدولة بشكل غير مباشر, ويعمل بها نحو35 ألف صحفي وموظف وعامل( نحو ثلثهم في مؤسسة واحدة), وتصل جملة رؤوس اموالها الدفترية501 مليون جنيه, بينما يصل حجم اعمالها لنحو10 مليار ات جنيه, اما ديونها فقد ارتفعت لتبلغ3.5 مليار جنيه اضافة إلي3 مليارات جنيه للبنوك, فضلا عن10 مليارات جنيه ديون متنازع عليها لمصلحة الضرائب( اكثر من نصفها فوائد لمتأخرات ضريبية تعود لماقبل عام2005).
وطبقا لتقرير اعده مجلس الشوري المنحل في يونيو2013 فإنه باستثناء مؤسستين هما الاهرام واخبار اليوم اللتان تتمتعان بملاءة مالية قوية تعاني بقية المؤسسات خسائر متراكمة وخسائر تشغيل ضخمة وهي فوق الاحتمال بالمعايير الاقتصادية, مما يتطلب تصفيتها لو كان المعيار الاقتصادي هو الحاكم والوحيد في شأن هذه المؤسسات رغم ان بعض هذه المؤسسات المنهارة ماليا كان لها شأن عظيم لسنوات طويلة.. واصولها تضرب في عمق التاريخ.
هذه الديون التي تبدو كبيرة للوهلة الاولي سوف يتم تصويبها ووضعها في حجمها الحقيقي اذا ما اتخذت هذه المؤسسات قرارا تأخرت كثيرا في اتخاذه, وهو اعادة احتساب رأسمالها واصولها وفقا للقيمة الفعلية السوقية وليس القيمة الدفترية التي يتم التعامل بها في الميزانيات الرسمية.. وهي قيم تقترب من اللامعقول.
ووفقا لدراسة مجلس الشوري المنحل يبلغ رأسمال مؤسستي الاهرام واخبار اليوم نحو150 مليون جنيه لكل منهما, بينما يصل رأسمال دار المعارف الي50.8 مليون جنيه, ووكالة انباء الشرق الاوسط50.3 مليون جنيه بينما يبلغ رأسمال دار التحرير17.7 مليون جنيه, ورزاليوسف10.4 مليون جنيه ودار الهلال8.2 مليون جنيه. ومن الواضح ان هذه ارقام هزيلة لاتتناسب مع حجم ماتملكه هذه المؤسسات العتيدة من اصول متنوعة وقوي بشرية فضلا عن الاسم التجاري وغيرها من الاعتبارات التي تدخل كمكون في رأس المال.
تصحيح حقوق الملكية
وبرغم كل اشكال الفساد وسوء الادارة التي عانت منها هذه المؤسسات لعقود, وربما بسبب هذا الفساد تراكمت لديها ثروة ضخمة من الاصول العقارية في صورة مبان واراض في مواقع متميزة او اصبحت متميزة بفعل الزمن والتطور الاقتصادي. وهذا هو حال معظم الشركات في بلادنا التي ارتفعت قيمة اصولها بصورة ضخمة خلال العقد الاخير نتيجة القفزات التي حدثت في اسعار العقارات علي النحو الذي يراه الجميع. وتشير تقديرات غير رسمية الي ان القيمة الفعلية لاصول كبري المؤسسات الصحفية يمكن ان تقفز الي نحو30 مليار جنيه فيما لو اعيد تقويمها وفقا لاسعار السوق, بينما يمكن ان تصل اصول اكثر المؤسسات اختلالا من الناحية المالية ديونها تبلغ1.8 مليار جنيه إلي عدة مليارات لو تم اعادة تقييم اصولها العقارية.. وغير العقارية.
إذن الصورة من الناحية المالية ليست قاتمة علي النحو الذي يتم تداوله خاصة لو جرت مقارنة الوضع المالي للصحف القومية بالاوضاع المتدهورة التي يعاني منها اتحاد الاذاعة والتليفزيون الجناح الآخر للاعلام القومي حيث تصل جملة ديونه الي22 مليار جنيه في نهاية ديسمبر2013 بزيادة3 مليارات جنيه عن العام السابق وكانت ديون الاتحاد13 مليار جنيه في نهاية عام.2010 وفضلا عن ذلك فإن الاتحاد يكلف ميزانية الدولة5 مليارات جنيه كما في الموازنة الحالية يذهب اكثر من نصفها لبند الاجور والمكافآت لنحو45 ألف عامل يعملون في الاذاعة والتليفزيون.
واذا شئنا المكاشفة فإن معظم المشكلات المالية التي تعاني منها الصحف القومية منذ التأميم هي غياب دور المالك المعنوي في الاشراف والرقابة مكتفيا بتحقيق هذه الصحف لدورها السياسي في تأمين الاعلام لمصلحة الدولة. وكنتيجة مباشرة للتأميم فقد انتقلت كل امراض القطاع العام لهذه المؤسسات, واصبحت تعاني من اكتظاظ العمالة وضعف التدريب وتخلف الادارة والتقنيات المستخدمة اضافة الي غياب حسابات التكاليف مقارنة بالعوائد وغيرها من الامراض التي عانت منها الشركات العامة لسنوات طويلة.. غير ان كل هذه الهموم برغم فداحتها ليست اهم مايواجه المؤسسات القومية من تحديات.
تكلفة الغفلة
المشكلة العويصة التي تعاني منها الصحف القومية هي عدم تنبهها أو عدم قدرتها علي التماهي مع المتغيرات السياسية والاقتصادية والتطورات التقنية التي ادت إلي تغييرات جذرية في اذواق القراء واتجاهاتهم, كما لم تتنبه قيادات هذه المؤسسات, التي اطلقت ايديهم في ادارتها بشكل غير مسئول, الي ان الاقتصاد الاشتراكي انتهي واتجهت الدولة بقوة نحو الاقتصاد الحر منذ منتصف السبعينيات, وان الدولة تبنت بالفعل برنامجا واسعا للخصخصة لإصلاح الشركات العامة وتلك التي جري تأميمها في وقت سابق.
كما لم تتنبه المؤسسات الصحفية بقياداتها العجوز التي استمرت في مواقعها لعقود من الزمان الي تغير سياسة الدولة منذ عام2004 ازاء الاعلام بعد ان سمحت بإطلاق حرية اصدار الصحف الخاصة والقنوات التليفزيونية التي تتمتع بتمويل ضخم, واثر هذا التغير في السياسة علي احوال الاعلام القومي والذي اعتاد لاكثر من اربعة عقود الانفراد بالساحة الاعلامية.. وعقول القراء والمشاهدين.
صدمة الإعلام الجديد
غير أن الخطأ الاكبر الذي وقعت فيه الصحف القومية تمثل في عدم الاستعداد للتغييرات التي انتجتها تكنولوجيا الاتصالات وانتشار الفضائيات الاخبارية ومواقع النشر الالكتروني مما انهي احتكار الصحف القومية وللأبد لفنون المعرفة والاعلام.
وازاء هذا البطء في الاستيعاب والتصرف كان طبيعيا ان يتراجع الطلب علي الاصدارات الصحفية خاصة المجلات, وهذه سمة عالمية علي كل حال, نتيجة تفضيل الناس خاصة الشباب للمنتجات الالكترونية المنافسة والمتعددة. وهكذا ضعف اهتمام القراء بصحفهم ومجلاتهم المفضلة والتي اصابها الجمود, فكان لكل هذا اثره علي الموارد المالية لجميع المؤسسات الصحفية بدرجات متفاوتة.
وفي اربع من المؤسسات الثماني تقلصت الايرادات علي نحو لم يعد يفي حتي بتوفير اجور العاملين بعد ان تدهور التوزيع الي ارقام مخجلة وتراجعت معها الموارد الاعلانية واصبح يتعين علي الدولة ارسال شيك شهري برواتب الصحفيين والموظفين وبعض الالتزامات الاخري وهذه اوضاع لن تستمر.. ولايمكن ان تستمر في ايامنا هذه.
العلاج المؤلم
في زمن سابق كانت بعض مؤسسات الاعلام القومي تخسر والحكومة تتدخل لتعوض خسائره لأن دوره كان محوريا في ادارة الدولة من ناحية, كما ان خسائره كانت معقولة مما يمكن استيعابها ضمن انفاق الدولة.. اليوم الدنيا تغيرت وأصبح الاعلام الخاص علي استعداد أن يقدم للدولة مالا يمكن ان تقدمه الصحافة القومية مهنيا لا اخلاقيا!!. الصحف القومية في حاجة لاستيعاب ان الزمن تغير وان الدور ايضا اختلف وان الاعتبارات الاقتصادية تتغلب الان علي غيرها من الاعتبارات لاستمرار حياة هذه المؤسسات, وبالتالي فإن هذه المؤسسات مدفوعة دفعا لاتخاذ قرارات مؤلمة لإصلاح هياكلها المالية والادارية وتصويب انتاجها بما يلائم احتياجات السوق, حتي تتمكن من الصمود والمنافسة بعيدا عن احضان الدولة, وهي مهام ليست صعبة في ضوء ماتملكه هذه الدور الصحفية من امكانيات مادية وبشرية ورصيد ضخم من المحبة مازال في قلوب المصريين تجاه هذه الاسماء التاريخية العريضة للصحف والمجلات القومية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.