هذه الأيام.. والدنيا تتنسم عبير ذكري يوم مولدك الشريف الوضاء.. يوم أشرقت الدنيا بنور ربها.. واتصلت الأرض بالسماء ائذن لي أن أقر لك وأعترف بين يديك سيدي يا رسول الله .. أعترف بين يديك أننا ما قدرناك حق قدرك ولا وفيناك عشر معشار حقك.. وأن كنت ما بك من حاجة لاطرائنا وثنائنا.. وقد اثني عليك ربك ورفع في العالمين ذكرك.. فقال عز من قائل: ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك( سورة الانشراح) كرمك ربك وأكرمك.. وبالخلق العظيم وصفك.. من فوق سبع سماوات خاطبك: وانك لعلي خلق عظيم( سورة النمل).. واثرك بصفتين من أجل الصفات.. واختصك باسمين من اسمائه الحسني النيرات.. بقوله تعالي عنك: بالمؤمنين رؤوف رحيم( التوبة).. ثم كان فضل الله عليك عظيما.. إذ يصلي عليك وملائكته.. ويأمر المؤمنين بان يصلوا عليك ويسلموا تسليما.. ولو أننا علي قدر مقامك الرفيع قدرناك وأخلصنا سيدي في ترسم خطاك.. لاطعناك.. وأبدا ما عصيناك.. ولو أننا أحببنا الله والتمسنا محبته لاتبعناك.. لحرصنا علي مرضاة الله ومرضاتك وما خالفناك.. ذلك قوله تعالي: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله.. والحب الصادق علامته الطاعة فان المحب لمن يحب مطيع.. ولو أننا معشر المسلمين.. التزمنا بما انزل الله عليك من كتاب.. وسرنا علي دربك وأخذنا بما هيأت لنا من الأسباب.. لأنعم الله علينا بالخيرات.. ولافاض علينا بالبركات.. لاننا نكون آنذاك مؤمنين.. انتظمنا في صفوف المتقين.. مصداقا لقوله تعالي: ولو أن أهل القري آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكننا اعرضنا عن ذكر ربنا فتعست حياتنا.. وذقنا وبال أمرنا.. وتهددنا سوء مآلنا.. ووقعنا في دائرة تحذير الله لنا.. في قوله تعالي: ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمي قال رب لما حشرتني أعمي وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسي. سيدي يا رسول الله.. لقد نسي اتباعك أو تناسوا, جهلوا أو تجاهلوا, ان جوهر رسالتك سداها ولحمتها.. غايتها ووسيلتها الرحمة والسلام والحب الصادق والوئام فرسالتك الرحمة وأنت أنت الرحمة.. قال لك ربك وقال عنك: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين.. ثم قلت عن نفسك في حديثك الشريف وقولك الحق: انما أنا رحمة مهداة.. وجئت سيدي يا رسول الله لتعلم الناس قاطبة درس المحبة وانها من إمارات التقوي وعلامات الإيمان.. ذلك قولك: لا يؤمن أحدكم حتي يحب لأخيه ما يحب لنفسه.. وقولك سيدي يا رسول الله مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم, كمثل الجسد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الأعضاء بالسهر والحمي.. وما أروع ما ربطت به سيدي.. بين الإيمان والحب والسلام.. فجعلت الحب هو ثمرة الإيمان وعلامته والسلام هو غاية الإيمان والحب وسيلته فقلت في معني حديثك الشريف: لن تدخلوا الجنة حتي تؤمنوا ولن تؤمنوا حتي تحابوا, أفلا أدلكم علي شيء إن فعلتموه تحاببتم, افشوا السلام بينكم. ولو أن المسلمين سيدي امتثلوا لما أمر الله.. وبه أمرت.. وانتهوا عما نهي الله عنه ونهيت.. ماضلوا ولا هانوا ولا ذلوا ولا شقيت بالبعض منهم أممهم وروعت بهم أوطانهم.. فلقد نسوا توجيهك الكريم والتفتوا عن نصحك القويم تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا.. كتاب الله وسنتي.. وحين تخلي القوم عن مبادئك وحادوا عن محجتك البيضاء.. وافتقدوا فضائل الحب والمودة والاخاء وفرطوا في قيم الرحمة والتسامح والسلام والنقاء.. وهنت قوتهم وضعفت شوكتهم وتجرأ عليهم من ينتهكون الحرمات.. ويدنسون المقدسات من شذاذ الآفاق.. واخترق صفوفهم أهل الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق. وشرد منهم خوارج آخر الزمان.. يشوهون الإسلام.. ويخربون الأوطان ويغتالون حقوق الإنسان. تري متي نتلمس من جديد طوق النجاة ونعود إلي طريقك.. فمع ذكري مولدك الشريف الوضاء.. حق علينا أن نتواري منك خجلا ونذوب منك حياء.. سيدي يا رسول الله!! لمزيد من مقالات المستشار عبدالعاطي الشافعي