لا يوجد شيء اسمه أزمة مرور في مصر, ولكن يوجد تخبط وغياب محاسبة للمسئول المخطئ وفشل في إدارة الأزمة هكذا يؤكد د. أسامة عقيل أستاذ الطرق والمرور والمطارات بكلية الهندسة جامعة عين شمس. فوفقا لخلاصة خبرته ولما تحت يديه من نتائج بحوث ودراسات علمية في مصر والخارج, يري الخبير الدولي للمرور أن هذا الفشل بدا جليا عندما قرر أحد المسئولين في الدولة الاتجاه الي النقل النهري كوسيلة لنقل الركاب وحل أزمة المرور في القاهرة. أشار عقيل إلي أنه في مدينة القاهرة علي سبيل المثال يعد النقل النهري عديم الجدوي لأسباب كثيرة. أولها أنها وسيلة تخدم فقط من يتحرك من والي مكان قريب لكورنيش النيل وهذا يعني أن حصيلة النقل لا تتعدي10 آلاف رحلة وهو رقم ضئيل مقارنة بعدد الرحلات البالغ عددها26 مليون رحلة في اليوم الواحد موزعة كالتالي: يحتكر الميكروباص وحده36% من قيمة خدمة النقل, يليه النقل العام الذي يتحمل26% أما مترو الأنفاق فيسهم بنسبة تتراوح بين10 و11%. أضاف: هناك سبب رئيسي يؤثر بشكل رهيب في رحلات الركاب اسمه تكلفة النقل.. فتكلفة النقل عبر النهر عالية جدا لأن البنية الأساسية للنقل النهري كبيرة ومكلفة وتحتاج إلي مراسي نهرية في نفس الوقت ينتقل أعداد محدودة عبر النهر. وبالطبع هذه كلها عوامل تتجمع لتحديد ما يعرف بتعريفة النقل النهرية وهي عالية جدا ومن شأنها أن تحد بشكل كبير من الإقبال علي النقل النهري. استطرد: لكن هذا النقل النهري يصلح للنقل السياحي الترفيهي حيث يدفع الراكب من15 إلي20 جنيها في التذكرة وهو راض جدا لأنه سيحصل علي الترفيه. ومعني هذا أن النقل النهري يصلح للرحلات الموسمية في عطلة الأعياد وشم النسيم حيث عدد الرحلات ضخم للغاية. ولكن السؤال الأهم يظل مطروحا هل يمكن لدولة أن تضع نظاما للنقل نتيجة لاحتياجات يوم واحد؟! استنكر: وللأسف كان يجب علي الدولة عندما تريد أن تختبر وسيلة نقل ما عليها أن تطرح الفكرة علي القطاع الخاص و في هذه الحالة لن تجد شركة قطاع خاص تضع جنيها واحدا في شئ ليس له جدوي. كما كان يجب عليها أيضا أن تأخذ بعين الاعتبار تكلفة عنصر النقل وهو أمر رهيب وحساس فسعر التذكرة يحكم الامر من جانب تكلفة النقل ومن جانب حجم الطلب عليه. أوضح:علينا أن نقتضي بالدول المتقدمة, ففي فرنسا مثلا يستخدم النقل النهري في نهر السين للتعرف علي المزارات السياحية أو النزهات النيلية. وفي نهر الشبريه في ألمانيا يستخدم كذلك للتعرف علي أهم الأماكن التاريخية. جدير بالذكر أن عقيل كان قد أشار في أكثر من مناسبة الي انه علي الدولة التركيز علي حل الاختناقات المرورية بسبب رحلات العمل وضرورة توفير وسيلة نقل جماعي آدمية يمكن للمواطن أن يستغني بموجبها عن سيارته ذات المشغولية المحدودة وهذا من شأنه توفير الوقود والحد من التلوث وفك الاختناقات مؤكدا أن تكلفة الدولة من الوقود سنويا تصل إلي14 مليار جنيه سنويا في القاهرة الكبري. وأن نسبة إشغالات شوارع القاهرة من العربات الخاصة والتاكسي تشكل85% من نسبة المركبات في شوارع القاهرة. وينتهي عقيل: المسئولون في مصر ليس لديهم خطة إستراتيجية لحل أزمة المرور مشيرا إلي أن كل مسئول يفعل ما يريد لغياب المحاسبة والمراقبة.كما وصف اقتراح هيئة التخطيط العمراني بعمل الترام السريع بأنه غير مناسب ولا بد من مراجعته ويحتاج إلي10 تريليونات جنيه وأين للدولة بموارد تمويلها. في الوقت نفسه لم يفت الخبير الدولي أن يقدم لنا بعض الحلول التي انتهي عليها في دراساته العلمية لحل أزمة المرور والتي حرص علي الحديث عنها في كل منابر الإعلام المسموع منها والمقروء من بينها: يجب تقليل أزمنة التقاطر لخطوط مترو الأنفاق في ساعات الذروة الصباحية من7 إلي10 وساعات الذروة المسائية من2 إلي5 مساء.تقييد حركة مرور جميع الشاحنات في محاور الطرق بالقاهرة الكبري لتفادي ساعات الذروة في رحلات العمل اليومية وهو إجراء مؤقت يتم تخفيفه تدريجيا ومنع مرور الشاحنات الثقيلة من السابعة صباحا إلي الثامنة مساء ومنع مرور الشاحنات نصف النقل من السابعة صباحا إلي السادسة مساء.السماح للقطاع الخاص بإنشاء جراجات متعددة الطوابق تحت المساحات والساحات الخالية الممكنة مثل الحدائق العامة وحدائق النوادي والميادين والجامعات وإنشاء الجراجات الذكية الميكانيكية التي تصلح للمساحات المحدودة وإنشاء جراجات وساحات انتظار بجوار محطات مترو الأنفاق.تخصيص مواقف مخططة للميكروباص ومنع المواقف العشوائية والمسارات العشوائية.منع الانتظار علي الطرق والمحاور الرئيسية لزيادة التدفق المروري وخاصة بعد تطبيق برنامج تأجير أماكن الانتظار. تطبيق برنامج تأجير أماكن الانتظار للسيارات في الشوارع في القاهرة والجيزة والقليوبية من الثامنة صباحا إلي السادسة مساء وأن يتم طرح ذلك علي شركات متخصصة في إدارة الانتظار وستدر دخلا كبيرا للدولة. الإقرار بالموافقة علي أنه لا مانع من إزالة بعض المناطق الخضراء وبعض الأشجار لمصلحة توسعة طرق, وإنشاء ساحات انتظار ومواقف نقل جماعي ويعتبر ذلك أفضل بيئيا لأنه يقلل من الانبعاثات الحرارية والثلوث من عادم السيارات ومن الاختناق المروري ويمكن اشتراط زراعة مساحة بديلة. وينتهي: كذلك لا بد من مراجعة مواقع الأكمنة الأمنية بحيث لا تتسبب في احتجاز طوابير سيارات وتعطل تدفق الحركة المرورية وخاصة علي المحاور الرئيسية. ازالة المطبات الصناعية من الشوارع الرئيسية وخاصة التي تتسبب في تعطيل تدفق الحركة المرورية علي المحاور الرئيسة. إزالة الإشغالات الموجودة علي نهر الطرق وعلي الأرصفة. تنظيم مسارات المشاة وإعدادها بالتجهيزات اللازمة لتأمين وتنظيم الحركة وكذلك استكمال اللافتات المرورية واستخدام وسائل تنظيم المرور علي جميع الشبكة في القاهرة الكبري. السماح بصورة رسمية لأتوبيسات الهيئات وأتوبيسات المدارس التي تطلب تقديم خدمة للنقل العام بشكل رسمي. إلزام الهيئات ذات كثافة بتوفير وسائل النقل الجماعي مثل الأتوبيس والميني باص وإذا لم تتمكن من توفير وسائل النقل يتم إلزامها بدفع مقابل مالي يتناسب مع مقدار العجز في وسائل النقل التي كان يجب توفيرها.