لما شربت حكومة الدكتور حازم الببلاوي أخيرا حبوب الشجاعة, بعد تدنيس حرمة الجامعات, وتهديد مقار الأمن بالتفجيرات, واتخذت قرارات ثورية بتحويل جماعة الإخوان من محظورة إلي إرهابية, وبعد البيان التاريخي لقائد الجناح الثوري بالحكومة حسام عيسي أصبحت أي أفعال أو أقوال تهدد الدولة أو دعوة للمسيرات جريمة, توقعت أن تنشق الشوارع والميادين وتبتلع مجاذيب العنف والمتاجرين بالدين, والذين ينوون تعطيل الاستفتاء تحت شعار الشرعية اللعين, فتختفي علامات رابعة وتهرع قطعان الفئران إلي الجحور. لكنني فوجئت بهذا الفأر, الذي درس أخطاء أجداده, لم يكرر غلطاتهم, فلم يدخل النفق المظلم ولم يتصرف بالغباء نفسه ولم يسل لعابه علي السلطة كالمعتاد, فيندفع نحو قطعة الطماطم المعلقة بالسنارة, فينغلق عليه كما انغلق علي الملايين من الفئران باب المصيدة منذ آلاف السنين, لكنه قرر أن يواجه المطاردات والاحتقار, بالتخفي عن الأنظار, وتغيير النوع وليس بتطوير الأفكار, فذهب إلي صديقه الساحر وطلب منه أن يجعله قطا, فحوله الساحر إلي قط بديع, لكن القط الذي أصله فأر لم يسلم من اضطهاد الكلاب, لأنها الأعلي صوتا ولها الغلبة في الحارة, فلم يضع الفأر المتحول وقتا, وطلب أن يصير كلبا, علي أمل أن ينال ثقة الانسان فيجعله أمينا علي حظائر الخرفان, لكن الكلب الذي كان في الأصل فأرا, ثم تحول مع المتحولين إلي قط, خلا نباحه من الصدق فلم يصدقه أحد, وبدلا من أن يضرب به المثل في الوفاء ألقيت عليه الحجارة من كل الأنحاء, فجأر بالشكوي إلي صديقه الساحر الذي لبي طلبه بتحويله إلي نمر, فتعرض للمطاردات المسلحة للظفر بفرائه الثمين, ورغم جلده السميك, أدمته رصاصات الصيادين, وسقط في الفخاخ والزنازين, فطلب أن يصير أسدا, ورغم جعيره في كل مكان, بأنه ملك الغابة وقائدها الأعلي, فإن أحدا لم يصدقه, فصوت الفأر الذي تحول إلي قط وكلب ونمر وأسد ظل نهيزا مشروخا لا زئيرا, وحين انهارت قدرته وغلبته مظلوميته, رجا الساحر أن يعيده إلي فأريته.. حيث الظلام وحياة الجحور, واثبت مكانك هنا عنوانك,أو أبرئ ذمتك واعلن توبتك. القرار الذي اتخذته الحكومة بتجميد أموال المئات من الجمعيات الأهلية قرار صائب, لكنه يحتاج إلي معالجة صحيحة, ومنح المنظمات غير المتأخونة فرصة لتوفيق أوضاعها, قبل إيقاف أعمالها, حتي لا يترك الغلابة مرة أخري فريسة للجماعة الإخوانية وأغراضها الانتخابية! لمزيد من مقالات أنور عبد اللطيف