الحلف الأسود.. هكذا لخص رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي طبيعة العلاقة بينه وبين فتح الله جولن, حليف الأمس وعدو اليوم. جولن المفكر الإسلامي الذي يعيش في منفي اختياري في الولاياتالمتحدة, تحول بين عشية وضحاها من أقوي حلفاء أردوغان إلي ألد خصومه, وظهر اسمه ك متآمر علي حكومة العدالة والتنمية الغارقة في مستنقع من الفساد. فصول الأزمة بدأت منذ ثمانية أيام, وكشفت تورط4 وزراء ومسئولين كبار في حكومة أردوغان في قضايا تتراوح بين الكسب غير المشروع وتلقي ريشا, ومنذ اليوم الأول بدأ الحديث عن انقلاب جولن علي أردوغان. جولن يتزعم حركة تحمل اسمه أسساها عندما كان إماما في مدينة أزمير منذ نحو نصف قرن, لها ملايين الأتباع في تركيا, ويشرف أنصارها علي مدارس في140 دولة, من بينها مدارس في أمريكا. كما تمتلك الحركة واحدة من كبريات المؤسسات الاقتصادية في مدينة توسكون التي تقود حركة التجارة مع الأسواق الناشئة خاصة في إفريقيا, كما تمتلك صحيفة زمان التركية الأوسع انتشارا. لكن التأثير الأقوي للحركة الأكثر تنظيما التي ساعدت أردوغان وحزبه العدالة والتنمية علي قيادة تركيا منذ2002 يتمثل في نفوذها داخل جهاز الشرطة والقضاء. وهذا ما جعل أردوغان يبدأ حملة واسعة النطاق لتطهير وزارة الداخلية والمؤسسات الأمنية من رجالات حليفه السابق. ويري المحللون أن حرب جولن أردوغان بدأت بعد إغلاق الحكومة التركية لمجموعة من مدارس تمتلكها حركة جولن, وتشكل أحد أهم مصادر دخلها. أردوغان اعتبر الفضيحة عملية قذرة يقف وراءها رجال دين في الداخل والخارج. وبعد يومين من كشف الفضيحة, دخل جولين بوضوح علي خط المواجهة, وألقي خطبة باللغة العربية لعن فيها الفاسدين ودعا الله أن يحرق بيوتهم, بينما استمرت تصريحات أردوغان النارية التي تشبه تلك التي استخدمها خلال قمع أحداث تقسيم حيث أكد وجود أياد خارجية قذرة تريد تقويض أركان حكمه. وعاد جولين ليستهدف أردوغان صراحة في تسجيل صوتي بث علي الانترنت الاثنين الماضي قال فيه: من يطلقون علي المسلمين أنهم عصابات وقطاع طرق وشبكة.. ويعتبرونهم غوريلات وقردة لجأوا إلي المخابئ, هذا ليس سوي انعكاس لفكر فاسد ولا يفلح معهم تقويم. المعركة بين أردوغان وجولين, لن تتوقف إلا بسقوط أحدهما, ومن الواضح أن رئيس الوزراء التركي لن يخرج من هذه المعركة منتصرا, خاصة مع اقتراب الانتخابات في مارس المقبل. أردوغان الذي يتبع النموذج الروسي في لعبة الكراسي الموسيقية, حيث يريد أن يصبح رئيسا بينما يصبح الرئيس عبدالله جول رئيسا للوزراء سيخرج بخسائر كثيرة من هذا الصراع. المراقبون يرون أن جولن استطاع أن يؤسس دولة داخل الدولة, بينما يري آخرون أن جولن وأردوغان استطاعا تشكيل كيانات سرية تسربت إلي مفاصل الدولة ومنها إلي مواقع السلطة. ويري المعارضون لجولن أنه شخص براجماتي, حيث ظهر في فيديو عام1999 يحث فيه أنصاره علي التغلغل في شرايين النظام دون أن يشعر بوجودهم أحد حتي يمكنهم الوصول إلي مراكز القوي. وأكد جولن أنه يجب الانتظار حتي ذلك الوقت حتي تملك مقاليد السلطة. والغريب أنه عندما حاول أردوغان تلقين حركة جولن, التي تضم أقرب أصدقائه, درسا قاسيا في محاولة لكسر شوكتها, وقع في الفخ الذي يهدد مستقبله السياسي بأكمله, وبإسقاطه من فوق عرش تركيا.