قامت سلطات الإحتلال الإسرائيلي في17 ديسمبر عام1992 باعتقال أكثر من417 من نشطاء وقادة حركتي حماس والجهاد الاسلامي في الضفة الغربية وقطاع غزة وأبعدتهم الي قرية مرج الزهور في جنوبلبنان, حيث رفضوا مغادرتها إلا عائدين للأراضي الفلسطينية, الأمر الذي تحقق لهم في نهاية الأمر. وتعتبر تجربة المبعدين في مرج الزهور واحدة من محطات النضال المميزة التي انتصرت فيها إرادة الشعب الفلسطيني علي صلف الاحتلال وعدوانيته, حيث تمكن المبعدون من الصمود سنة كاملة في ظروف قاسية للغاية في مخيم أقاموه, وأرغموا الاحتلال علي إعادتهم إلي فلسطين. وجاء هذا الاعتقال والإبعاد بعد أن قامت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس بعملية أسر جندي إسرائيلي, وطالبت حكومة الاحتلال بإطلاق سراح معتقلين من حركة حماس وعلي رأسهم مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين قبل الساعة التاسعة من اليوم التالي وإلا فإن كتائب القسام ستقوم بقتل الجندي الإسرائيلي. وفعلا في مساء اليوم التالي أعلنت الكتائب عن قتل الجندي إسرائيلي لعدم انصياع حكومة الاحتلال لمطالب الجهاز العسكري, ثم اجتمع المجلس الوزاري الإسرائيلي بتاريخ1992/12/17 واتخذ قرارا بإبعاد كافة قادة حماس وعدد من قادة الجهاد الإسلامي. وكانت أكبر الإنجازات ما حققه مبعدو مرج الزهور عام1992, أنهم رفضوا الإبعاد وواصلوا الإقامة علي الحدود الشمالية لفلسطين داخل لبنان الي أن سمحت لهم اسرائيل بالعودة تدريجيا في عام1993. ونجح المبعدون يتولي الكثير منهم قيادة حماس والجهاد الاسلامي حاليا في قطاع غزة- في استقطاب اهتمام وسائل الإعلام العربية والأجنبية, وإحراج حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين, وحشد التأييد لهم لدي الرأي العام من خلال بقائهم علي الحدود ورفضهم الدخول للبنان. ويستذكر مبعدو مرج الزهور الأحياء منهم مثل الدكتور عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي ورئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية فيما ترحموا علي الشهداء منهم مثل الدكتور عبد العزيز الرنتيسي وجمال منصور وجمال سليم وإسماعيل أبو شنب وغيرهم من مبعدي مرج الزهور, فيما لا يزال الآخرون يشكلون تحديا لإسرائيل وإن كان بعضهم خلف قضبان سجون الاحتلال. وعن صمود المبعدين في أرض لا يعرفوها, لفت الدويك النظر إلي أن المبعدين صمدوا لعدة عوامل أبرزها تشكيل قيادة حكيمة فور وصولهم لمخيم المبعدين بمرج الزهور في جنوبلبنان وتشكيل ما يقارب ال17 لجنة عاملة في عدة جوانب وعلي رأسها اللجنة الإعلامية. وأوضح الدويك أن اللجنة الإعلامية, والتي كانت الناطق الرسمي باسم المبعدين, قادها الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي إلي جانب كل من القيادي عبد الله الشامي والشهيد القائد جمال منصور والدكتور محمود الزهار والدكتور الدويك, وكانت مهمتها استقبال الوفود الإعلامية والدفاع عن قضية المبعدين كقضية سياسية وحق إنساني وقضية وطنية. وأضاف الدويك المبعدون كانوا لا يدافعون عن قضية الإبعاد كقضية مجردة, وإنما كانوا الصوت الأعلي في الدفاع عن قضية فلسطين وحق الشعب الفلسطيني في الوجود والحرية والتخلص من الاحتلال.