وجه سلفا كير ميارديت رئيس جنوب السودان أوامره لقواته في جوبا بالانسحاب إلي ثكناتها, ودعا المواطنين للعودة إلي أعمالهم وفتح متاجرهم, والنازحين للعودة إلي منازلهم. بعد ضغوط من المجتمع الدولي للحوار مع نائبه رياك مشار الذي سبق واتهمه كير بتدبير محاولة الانقلاب للسيطرة علي الحكم, وذلك بعد خمسة أيام من المعارك الساخنة في صراع يتجه للاتساع ويهدد بتقسيم الدولة الوليدة علي أسس عرقية بين قوات رياك مشار من قبيلة النوير وقوات سلفا كير من قبيلة الدنكا والتي أودت بحياة500 شخص. وقال كير للصحفيين في جوبا سأجلس معه إلي طاولة محادثات, لكن لا أعلم ما ستكون نتيجتها, وأكد أن المسئولين عن أعمال قتل سيحالون إلي القضاء وسيحاكمون, موضحا أن مشار فر مع القوات الموالية له, وأضاف لا يمكن لأحد أن يقوم بنفسه بتحقيق العدالة, الذين قرروا ذلك اعتقلوا وسجنوا ملمحا إلي10 شخصيات في النظام أوقفتهم السلطات, في الوقت الذي اعترف متحدث باسم جيشه بفقدان السيطرة علي بلدة بور في ولاية جونقلي. وفي الوقت الذي عرض كير إجراء محادثات مع منافسه ونائبه السابق ريك مشار وظهور مشار وسط أعداد ضخمة من قواته, أكدت مصادر أمنية في جوبا سقوط أربع ثكنات عسكرية في أربع مناطق بجنوب السودان هي بور ومقير ومنقلا وأكوبو في أيدي قادة عسكريين موالين لنائب الرئيس السابق رياك مشار. وأكدت المصادر أن مشار موجود حاليا في البيبور وسط عدد كبير من قواته, موضحة أن حاكم ولاية الوحدة السابق تعبان دينق, ووزير البيئة السابق ألفريد لادو, مازالا طليقين, ولم يتمكن سلفا كير من اعتقالهما بعد, كما أشارت إلي أن العميد السابق بجهاز الأمن والمخابرات بجوبا انضم إلي قوات مشار. وصرح بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة بأنه أبلغ كير بضرورة إيقاف العنف وحل المشكلة التي تعد سياسية بالحوار, وقال للصحفيين إنه سيرسل وفدا من المنظمة الدولية إلي جوبا للوقوف علي الأوضاع, مشيرا إلي أنه تلقي وعودا من كير بممارسة دوره كرئيس دولة, وحذر من شبح الحرب الأهلية. ووصلت مجموعة من وزراء خارجية عدة دول في شرق إفريقيا إلي جنوب السودان أمس في مسعي لإنهاء القتال لتكون أول بعثة أجنبية تدخل جوبا منذ تفجر الصراع, وقال افونو اوبوندو المتحدث باسم حكومة أوغندا إن الأممالمتحدة طلبت من الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني الوساطة في هذا الصراع, وأضاف أن وزيرا أوغنديا سينضم إلي جهود وساطة من شرق افريقيا أعلنها الاتحاد الإفريقي لحل الصراع في جنوب السودان. وقال ايرفيه لادسو مساعد الأمين العام لعمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة أمام مجلس الأمن الدولي, إن ما بين400 و500 جثة نقلت إلي مستشفيات جوبا, كما جرح800 آخرون في المواجهات بين القوات الموالية لسلفا كير والموالية لريك مشار, وأوضح لادسو أن ما بين15 و20 ألف مدني لجأوا إلي قواعد تابعة للأمم المتحدة في جوبا هربا من المعارك, وقال شاهد عيان إن القوات الموالية لمشار سيطرت علي ثكنتين عسكريتين بعد اشتباكات عنيفة أخذت منحي عرقيا. وذكرت الأممالمتحدة في جنوب السودان أن قتالا اندلع في منطقة بور, وأن أكثر من ألف مدني بينهم عمال نفط لجأوا إلي مجمعها بمنطقة بانتيو المنتجة للنفط طلبا للحماية, كما تحدثت عن اشتباكات في قاعدة عسكرية في توريت, وفي الأثناء اعترف الجيش الشعبي بفقدان السيطرة علي بلدة بور بولاية جونقلي بعد سيطرة قوات مشار عليها. وذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن الاشتباكات في جنوب السودان امتدت إلي ما وراء العاصمة جوبا في الوقت الذي تحارب فيه القوات العسكرية المتناحرة في منطقة نائية, وأضافت أن القتال اندلع حول مدينة بور الواقعة بوسط البلاد, وأن قوات مشار تمكنت من السيطرة علي منطقتين بحسب مسئولين عسكريين في البلاد. وقالت الصحيفة إن السفارة الأمريكية أجلت جميع الأعضاء غير الأساسيين بالطاقم الأمريكي بسبب الاضطراب المتواصل, كما أجلت150 من رعاياها, مشيرة إلي أن العنف أثار مخاوف من أن تنزلق جنوب السودان وهي منتج رئيسي للنفط وحليف للولايات المتحدة في هوة حرب أهلية. وفي جانبها, أكدت الخرطوم أن أمن دولة الجنوب واستقرارها ضروري للسودان, وأعلنت استعدادها لتقديم كل المساعدة من أجل مصلحة الجنوب والجنوبيين, وقال علي كرتي وزير الخارجية إن ما يجري في الجنوب يؤثر علي الشمال, موضحا أن استقرار الجنوب له صلة عضوية بالاستقرار في الشمال, وأضاف أنه يأمل أن يسود الاستقرار والتوافق بين مكونات الجنوب مما يساعد علي تطوير اتفاق التعاون الذي أبرم بين البلدين. وكشف تحالف المعارضة السودانية عن اعتزامه إرسال وفد إلي دولة جنوب السودان لتقديم مبادرة تهدف لنزع فتيل الأزمة في جوبا.