تكشف الانتقادات اللاذعة التي وجهها الساسة والإعلاميون الفلسطينيون من كافة التنظيمات في الضفة الغربية وقطاع غزة للرئيس محمود عباس( ابومازن) عقب إعراب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عن أمله في التوصل إلي اتفاق سلام فلسطيني اسرائيلي بحلول نهاية نيسان( أبريل) المقبل كم التناقضات التي يعيشها الفلسطينيون فلولا ممارسات التنظيمات والقوي الفلسطينية ما تمكنت الولاياتالمتحدة وإسرائيل من الضغط علي السلطة الفلسطينية لإجبارها علي التسليم بالأمر الواقع والقبول بإقامة دولة مشوهة المعالم يكون هدفها الرئيسي حماية أمن الإسرائيليين. ورغم أن الرئيس ابومازن أبلغ وزير الخارجية الأمريكي الذي زار المنطقة مرتين الأسبوع الماضي رفضه للخطة الأمنية التي يقترحها الأمريكيون كجزء من اتفاق التسوية السلمية المقترح, خصوصا ما يتعلق بالوجود العسكري الإسرائيلي في الأغوار والاعتراف ب يهودية الدولة, وسلمه رسالة رسمية تتضمن هذا الرفض إلا أن الواقع يؤكد أن الموقف التفاوضي للسلطة الفلسطينية شديد السوء حيث يضغط الأمريكيون علي أمعاء الشعب الفلسطيني مهددين بتجويعهم مالم يقبلوا بما يعرض عليهم تحت مسمي التسوية السلمية. ومما يعرفه كافة الساسة الفلسطينيين ولكنهم يتجنبون الحديث عنه علنا هو أنهم جميعا سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة يعيشون علي الدعم الخارجي وإذا ماتوقف هذا الدعم سيموتون من الجوع وهو ما يجعل المساعدات المالية الخارجية سواء للسلطة الفلسطينية او حماس ورقة الضغط الأكبر علي الفلسطينيين وهذا مايحدث الان بالفعل فقد استغل الأمريكيون التأثير السلبي لما سمي بالربيع العربي علي القضية الفلسطينية وانشغال بقية الشعوب العربية بمشاكلها الداخلية ليبدأوا في الضغط علي أمعاء الفلسطينيين من خلال تقليل المساعدات بل والتهديد بقطعها نهائيا ليدفعوا الرئيس الفلسطيني ابومازن للجلوس مجبرا إلي مائدة تفاوض يعلم مسبقا أنه الطرف الخاسر فيها. وسيطرة حماس علي قطاع غزة ويزيد الموقف التفاوضي لأبومازن سوءا والإنقسام الداخلي عزز مؤخرا الموقف التفاوضي الأبتزازي الإسرائيلي الأمريكي حينما بدأ المانحون للسلطة الفلسطينية يلوحون بوقف المرتبات التي يحصل عليها الموظفون التابعون للسلطة في غزة بحجة أنهم لايمارسون أي عمل فعلي منذ سيطرة حماس علي القطاع في منتصف يونيو2007 وهو ماسمي انذاك باستنكاف موظفي السلطة ذلك الاستنكاف الذي استغلته حماس في ملء الفراغ الإداري بموظفين تابعين لها وقد أثار التهديد بقطع الرواتب قلق هؤلاء الموظفين وعائلاتهم ودفعهم لمطالبة أبومازن بالعمل علي عدم قطع تلك الرواتب رغم انهم لايعملون مبررين بأن حماس تمنعهم من العودة لاعمالهم السابقة. وبصورة عامة فان الفلسطينيين سواء في الضفة أو غزة ليسوا مستعدين لدفع ثمن رفض التسوية المرتقبة بالشروط الإسرائيلية الأمريكية بعد أن باتوا يعتمدون علي أموال المساعدات التي يحصلون عليها كمرتبات وبالتالي لايحتملون توقفها في حالة الغضب الأمريكي عليهم. وفي غزة تبدو الصورة أكثر قتامة فالحكومة التي تديرها حماس لم تحاول بناء اقتصاد أو مؤسسات كما حاول الدكتور سلام فياض في الضفة الغربية أن يفعل قبل أن تحيط به الضغوط الداخلية من مجموعات من المنتفعين ولكن حكومة حماس اتبعت سياسة البركة والدعاء المستجاب وكانت تظن أن اموال المساعدات الخارجية ستتواصل للابد وهو ثبت انه وهم عندما جفت ينابيع الخير القادمة من مصر وإيران وليبيا والجزائر وغيرها نتيجة الربيع العربي وانقلاب انظمة تلك البلدان علي جماعة الاخوان المسلمين بكافة فروعها بعد ثبوت تدخلها في الشئون الداخلية لتلك البلدان وإرسال المقاومين الفلسطينيين لتحرير دمشق وبيروت والقاهرة بدلا من القدس وحيفا ويافا. وفي ظل حكم حماس اصبح الشغل الشاغل لسكان غزة هو الحصول علي الكهرباء والبنزين واخيرا إزالة آثار الأمطار الغزيرة التي تعرض لها القطاع خلال الأيام القليلة الماضية. وتفاقم أزمة الطاقة في القطاع بعد توقف تهريب الوقود المدعم من مصر للقطاع عبر الأنفاق بعد أن اغلق الجيش المصري معظم الأنفاق ليكتشف الجميع أن حكم حماس للقطاع كان قائما علي المساعدات القادمة من إيران وعائدات التهريب من مصر ورغم العائد الضخم لذلك التهريب إلا ان حماس لم تستخدمها استخداما جيدا بل أنفقتها في مشروعات ترفيهية مثل انشاء المنتجعات والقري السياحية والمولات التجارية وهي أنشطة توقفت تقريبا الان نتيجة غلق الأنفاق وبالتالي توقف عائداتها. وخلاصة الأمرتتمثل في أن كلا من الغرب وحماس عملا معا ولو بدون تنسيق علي تحويل المواطن الفلسطيني إلي تابع يعتمد علي المساعدات الخارجية ومصادر الدخل المؤقتة ورتب معيشته علي ذلك وبالتالي لو توقفت تلك المصادر لمات من الجوع وهو مايسمح للإسرائيليين الان بتمرير مشروعات التسوية التي يريدونها لأن أصحاب الأمعاء الخاوية لن تكون لديهم القدرة علي المقاومة حتي لو أمتلكوا صواريخ تطول تل أبيب. وكما ذكر المسئول الفلسطيني المقرب من النقاشات الدائرة بين الرئيس محمود عباس وكيري فأن إسرائيل ستحصل علي حصة الأسد في الاتفاق الانتقالي: ستأخذ ما تريد من الأرض, من السيطرة علي المواقع العسكرية والمستوطنات واعتراف بأنها دولة لليهود, ونحن سنحصل علي توسيع محدود لمناطق السلطة الفلسطينية, وعلي وعود بدولة لن تأتي, مضيفا أن إسرائيل ستترك الباقي من دون تطبيق, كما فعلت في الاتفاقات السابقة.