كان بصدد أن ينهي خدمته ببورسعيد ليعود الي بلدته حاملا معه نبأ سعيدا وهو أنه أ خيرا سيستطيع ان يكون بجوارهم بعد13 عاما من الترحال والغربة خلاص هابطل سفر المديرية وافقت علي طلب النقل وانشاء الله هاكون جنبكم علي طول ده آخر يوم وكأنه كان يقرأ الغيب أو أنه يستشعر أجله ويراه أو يستطلع نبوئة فقد كان يومه بالفعل هو الاخير ليس فقط في بورسعيد لكن في الدنيا باكملها ليلحق بركب الشهداء ويسطر قصة خلوده في عالم الأحياء للأبد الذين افنوا حياتهم فداء للواجب علي أرض هذا الوطن وحماية ترابه داخل منزل ريفي بسيط يحفه البكاء والعويل بعد الانتهاء من مراسم الدفن والعزاء وداخل منزلهم الريفي البسيط الخالي من الاثاث الا قليلا كانوا هناك بالانتظار نجوي, يسري, دينا ومريم4 فتيات وزوجة مقهورة انطفأت عيناها من كثرة النحيب والبكاء علي الحبيب الغالي وشيخ مكلوم يرقد بلا حراك وشقيق عاجز لا يكاد يصدق انه فقد الظهر والسند كم انت قاس ايها الموت كيف استطعت أن تمتد لهذا الرجل وتختطفه بعيدا عن كل هؤلاء وتحرمهم منه في مثل هذه المواقف قد تعجز الكلمات عن التعبير عن حجم الماساة والقلم يتوقف أمام دموع الاب المكلوم وحسرة الزوجة ولوعة الابناء ونظراتهم الحزينة صمت رهيب غلف المكان اخترقه فجأة صوت مريم الطفلة مريم اصغر بنات الشهيد ماما هو بابا مش هيرجع تاني ؟ سؤال بريء والاجابة عنه أصعب ماتكون ليرتفع البكاء والعويل كأبلغ رد. بعد انتدابه لاكثر من13 عاما وقبل يوم واحد من نقله للعودة لحضن أولاده ورعاية بناته وشقيقه كان موعده مع القدر الذي سبق وقال كلمته وبدلا من أن يعود فاتحا يديه وقلبه لاحتضان فتياته واسرته وينعم بقرب وجودهم جاء داخل نعشه محمولا علي أيدي زملائه ويواري الثري من دون حتي ان يروه او يلقوا عليه نظرة الوداع الاخير وبصعوبة تحدث الاب ابراهيم الذي احتضن حفيدته ليطمئنها ويواسي نفسه بأن جزءا من نجله ما زال حيا كان نور عيني سندي وظهري عصاي اللي كنت باقف عليها بعد ما انحني ظهري صحيح كان مسافرا وشغله واخده طول الوقت لكن عمره ماخلانا احتجنا حاجة كان بيجبلنا الاكل والشرب وعمره ما قصر رغم مسئولياته ومش عارف ازاي هنقدر نعيش من بعده ياريت كنت اقدر اعمل حاجة منهم لله اللي كانوا السبب.. رحمتك يارب أما زوجة الشهيد والتي لم تتوقف دموعها لحظة عن البكاء وتورمت عيناها فقالت: ابراهيم كان مالوش اي أحلام غير الستر وانه يشوف بناته في الدنيا كويسين كان نفسه يكون جنبهم يضلل عليهم يراعيهم وياخد باله منهم لغاية ما يروحوا بيوتهم عمره ماضن علينا بحاجة واللي في ايده كله كان لبيته وعيلته ويوم ما فرح ووافقوله علي النقل واتحقق مراده مات واتدفن حسبي الله في اللي كان السبب في حرماننا منه ويتم بناتي.