المشهد الأول.. المكان: شوارع مصر الزمان: جميع الأوقات الحدث: سيارة ميكروباص. تقف وحدها وجها لوجه أمام طابور طويل من السيارات بعد أن قرر قائدها تجنب الزحام, والسير عكس الاتجاه في أحد الشوارع غير مبال بصراخ نفير السيارات المقابلة أو بالشلل المروري الذي تسبب فيه, ويبادر بالصراخ في سائقي السيارات عدي يابيه.. واسعة.. واسعة متهمهم بأنهم مبيعرفوش يسوقوا دون أن يتبادر إلي ذهنه لوهلة أنه يخالف أبسط قواعد المرور ويرتكب جريمة عقوبتها الحبس. المشهد الثاني: المكان: الشوارع الرئيسية والحيوية الزمان: أي وقت الحدث: زحام خانق في الشارع, العجائز والمرضي يتجاوزون علي أقدامهم السيارات المتراصة خلف بعضها دون حراك, وبعد ساعة أو أكثر تقطع فيها مسافة لا تتجاوز ال200 متر, لابد من وجود كارثة ليحدث مثل هذا الزحام, المفاجأة هي عدم وجود حادثة تصادم أو مظاهرة حاشدة.. فقط ميكروباصات تقف في وسط الطريق ببلطجة لا مثيل لها وقد تركت فيما بينها حارة متعرجة تكفي بالكاد لمرور سيارة كل حين وآخر.. والويل كل الويل لمن يحاول أن يعترض. المشهد الثالث: المكان: الطرق السريعة الزمان: كل يوم الحدث: ميكروباص يطير علي الأسفلت يرهب قائدي السيارات بمقدمة سيارته وهو يأخذ غرزة متنقلا بسرعة فائقة من حارة إلي اخري, قبل ان يختفي عن الأنظار مشيعا بلعنات السائقين الاخرين, لتفاجأ به بعد عدة دقائق مقلوبا علي جانبه والاسعاف تهرع لنقل الجثث والمصابين بعد أن فقد قائد الميكروباص السيطرة علي عجلة القيادة واصطدام بسيارة اخري علي الطريق ليضاعف من حجم المأساة. المشاهد كثيرة ومتنوعة وتصدم أعيننا كل يوم, بعد أن تحولت القيادة في الشوارع لمغامرة غير مأمونة العواقب.. السؤال الذي يطرح نفسه كيف وصلت الشوارع لهذه الدرجة من الفوضي؟ ابتعدنا عن الخبراء والمسئولين وتوجهنا لأصحاب المشكلة أنفسهم قائدي السيارات الذين اتفقوا علي ان المشكلة تبدأ من نقطة واحدة رخصة القيادة التي تحولت إلي رخصة للقتل خاصة علي الطرق السريعة. نادر أبو العزم محاسب يسكن في مدينة نصر ويعمل بشركة اليكترونيات بالمهندسين, يري أن القراءة المنطقية للمشكلة لابد أن تأخذنا إلي نقطة بداية وحيدة وحدة التراخيص.. متسائلا كيف تمكن هؤلاء من الحصول علي رخصة قيادة تتحول إلي اداة للقتل علي الطرق بسبب الجهل بابسط قواعد المرور, ويضيف إن مهارة القيادة نفسها لاتكفي لا بد من التشدد في الاختيار الشفوي للحصول علي الرخصة. ويتفق معه إسلام بكر بمكتب مقاولات في6 أكتوبر موضحا: في دول الاتحاد الأوروبي معرفة العلامات والقواعد المرورية لايقل أبدا في الأهمية عن القدرة علي القيادة فدون هذه القواعد تتحول الشوارع الي غابة وتسود البلطجة وتكثر الحوادث. ويقول الدكتور سامي الجرجاوي من سكان حي النزهة بمصر الجديدة: لابد من القضاء علي الواسطة في اختبارات المرور, ولا أدري كيف تتم مجاملة شخص بمنحه رخصة للقيادة, دون حتي ان يجري في بعض الاحيان مجرد اختيار قيادة القضية بحاجة لوقفة حازمة لاعادة الهيبة لاختيار المرور. وتقترح ابتسام زغلول موظفة علاقات عامة بشركة كيماويات, لابد من إعادة اختبار جميع السائقين في علامات القيادة وقانون المرور خاصة سائقي الميكروباص وتضيف ساخرة أنا متأكدة ان الرخص لن يتم تجديدها ل80% علي الأقل ممن يحملون رخصا الآن وتضيف لابد أيضا من إخضاعهم لفحص مخدرات فهناك دراسة للمركز القومي للبحوث الجنائية أثبتت أن45% من سائقي الميكروباصات يتعاطون المخدرات فكيف نستأمنهم علي أرواح المواطنين.