قطعت مصر خطوة مهمة في طريقها إلي المستقبل بإقرار مسودة الدستور وتكمن أهمية مسودة الدستور الجديد في أنه يحمل رسالة التوافق عملا لا قولا, كما أن الطريقة المتحضرة التي لم يشبها أي تشنج توضح بقوة أن المصريين يمكنهم أن يصلوا إلي حلول وسط. ويكفي للدلالة أن مسودة الدستور قد خلت من أمور ذات أهمية بالغة, فقد ألغي مجلس الشوري, ولم ينص حتي علي نص انتقالي يلزم مجلس الشعب بدراسة عودته تحت مسمي مجلس الشيوخ بعد5 سنوات. ولم يتضمن الدستور الجديد المادة219 المثيرة للجدل, كما جري إحالة تفسير مبادئ الشريعة إلي أحكام الدستورية العليا, ولم تتضمن الديباجة التي أصدرتها لجنة الخمسين تعريفا لمبادئ الشريعة, ولكن وضع التعريف في هامش الصفحة, وليس في النص الأساسي للديباجة. وانتهت لجنة الخمسين لإطلاق حرية الاعتقاد, وممارسة الشعائر الدينية لأصحاب الديانات السماوية, وذلك بتوافق مابين الأزهر والكنيسة. ويمكن القول إن15 مادة من المواد الخلافية جري حسمها بشكل توافقي, وتم التصويت علي خمس مواد خلافية, وفي الساعات الماضية شاهد العالم بمنتهي الشفافية أعضاء لجنة الخمسين يدلون بأصواتهم علي الهواء مباشرة علي مواد الدستور الجديد مادة مادة, ولم يكن هناك صخب أو دراما أو خناقات اللحظة الأخيرة أو محاولات ابتزاز أو محاولة لإفساد العرس الديمقراطي. ومما لاشك فيه أن رسالة التوافق المتحضرة هذه سوف تصل إلي من يهمه الأمر, خاصة الشعب المصري, فأفراد الشعب بلاشك سوف يتأثرون بسلوك ممثليهم في لجنة الخمسين, أما الآخرون الذين لا يريدون المضي قدما في طريق المستقبل, فمن المؤكد أنهم أسقط في يدهم أن تمضي السفينة بسلام. وفي الوقت الذي سيحاول فيه أنصار الإخوان عرقلة الاستفتاء, وخلق شرعية جديدة تستند إلي إرادة الشعب فإنه من المؤكد أن غالبية المصريين لن تسمح لأحد بأن يقف في طريقهم من أجل التقدم إلي المستقبل. لمزيد من مقالات راى الاهرام