نشير هنا الي ثلاث تجارب او مشروعات ثقافية وتعليمية مشهودة في ثلاث من دول العالم شرقا وغربا ونطمح إلي ان نتعرف معا علي مزيد من التجارب المماثلة في أي من بلاد الأرض لتدعيم تجربتنا المصرية وفتح كل الآفاق أمامها.... نجحت كوبا في أن تنشر الآلاف من مرشدي الفنون كما يسمونهم في القري والمزارع والمناطق النائية وفي أحياء المدن والتجمعات السكنية وفي المدارس ودور تقويم السلوك وفي السجون لاكتشاف المواهب وتدريبها وصقلها فتكونت المئات من فرق الغناء والموسيقي والمسرح... وساهم العمل الثقافي بين الناس إلي حد كبير في تغيير السلوك والعادات إلي الأحسن والأفضل... في البداية أنشأت كوبا خمس عشرة مدرسة لإعداد وتأهيل مرشدي الفنون وبعد عام واحد من الدراسة تخرجت أول دفعة فوجهوا جهودهم للعناية ب480526 طفلا وفتي وفتاة خلال ساعات الدوام الدراسي وبرعاية وإعداد85599 مواطنا في ورش فنية والإشراف وتوجيه227390 عضوا في النوادي الثقافية... وفي خطة مستقبلية استهدفت كوبا تأهيل30 ألفا من مرشدي الفنون خلال عشر سنوات ليواصلوا انتشارهم في ربوع البلاد.. يقودون مسيرة العمل الفني والثقافي هذا بالإضافة إلي40 مدرسة متخصصة في تعليم فنون المسرح والموسيقي والرقص والفنون التشكيلية كما تتوزع المراكز الثقافية والنوادي في المجاورات السكنية والأحياء في جميع أنحاء كوبا, وفي كل مدرسة من مدارس التعليم الأساسي يوجد موجه فني يكتشف ميول واستعداد ومواهب التلاميذ ويقولون: إننا نحاول ألا توجد عندنا موهبة في أي فن من الفنون مجهولة أو بلا رعاية والهدف هو تحقيق ثقافة عامة شاملة لكل الشعب حسب قول كاسترو. أما النسور الشباب فهي منظمة غير حكومية نشأت في السويد عام1931 وهي منظمة الشباب داخل الحركة العمالية السويدية وتعني بالأطفال والشبيبه وتهتم بتعليمهم التقاليد الديمقراطية ومبادئ المساواة والعمل المشترك القائم علي روح التضامن والتعاون وكيفية التعامل مع الآخرين بالمحبة والسلام, ويتعلم الأعضاء من الأطفال والشبيبة كيفية الاعتماد علي النفس واتخاذ القرار منفردين بعيدا عن وصاية الكبار... ويأتي كل هذا من خلال ممارسة أنشطة فنية ورياضية وإقامة المعسكرات والانتظام في ورش عمل لتعلم الحرف والممارسة العملية للفنون وهذه المنظمة لها فروع وأعضاء في السويد وفي دول اسكندنافيا وفي مناطق أخري من العالم.. ونأتي للجامعة الشعبية في المغرب وهي مستوحاة من النموذج الألماني في التعليم الشامل الذي تنظمه في ألمانيا فيدرالية المدارس العليا الشعبية المعروفة اختصارا ب دي فاوفاو... وقد عقدت هذه المنظمة اتفاق تعاون مع وزارة التعليم المغربية فركزوا جهودهم في البداية علي تعليم الكبار وتعليم النساء القراءة والكتابة وفي عام2012 التحق الآلاف بهذا المشروع في كل من الدار البيضاء والرباط ومراكش وساهمت كلية التربية جامعة محمد الخامس بمجهود كبير ورفعت شعار التربية مدي الحياة وفتحت أبواب الجامعة للحصص الدراسية المسائية وأعطيت دروس في التاريخ, والفلسفة, وعلم الاجتماع, والقانون, والآداب, وعلم النفس, وعلوم الاتصال والإدارة, ودروس في تقوية القدرات العملية للنساء والجميع يلتحق بهذه الجامعة دون شروط تخص السن أو المؤهل الدراسي... أما نحن في مصر فنحتاج إلي الآلاف من الدارسين والمتخصصين في فنون المسرح والموسيقي والسينما والتصوير والفنون التشكيلية والفنون التطبيقية والشعر والأدب والجغرافيا وعلوم البيئة والتاريخ تاريخ مصر والعالم والكمبيوتر والبرمجيات والدارسين للتراث والموروث والتقاليد... ومن هؤلاء المتخصصين نحصل علي المنشط والرائد و الموجه كل حسب قدراته وتأهيله وتخصصه يضمهم جميعا جهاز إداري واحد هو الجهاز الثقافي والمعرفي لعموم مصر ويتوزعون علي26 محافظة تضم184 مركزا إداريا و222 مدينة, و280 حيا و4673 قرية ويمارسون عملهم في التعليم والإرشاد والتوجيه الفني والثقافي في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية والأماكن المطلوبة لممارسة كل هذه الأنشطة هي المدارس بمراحلها المتعددة, بيوت وقصور الثقافة وعددها550, مراكز الشباب وعددها4300 مركز ثم في المكتبات العامة.. وهؤلاء المنشطون والرواد والموجهون يعدون ويؤهلون دراسيا وثقافيا في مراكز أو معاهد تنشأ وتتوزع إقليميا علي خريطة البلاد: إقليم جنوب ووسط وشمال الصعيد, إقليم شرق وغرب ووسط الدلتا, والقاهرة والإسكندرية, وإقليم قناة السويس, بورسعيد, الإسماعيلية, السويس, سيناء والصحراء الشرقية والصحراء الغربية... وكما ذكرنا في السطور السابقة هذا مشروع لن تقوم له قائمة إلا بقيام دولة مصر الجديدة وقد تحررت أرادتها من الخضوع للأجنبي وقد تطهرت من دنس الماضي البغيض تطهرت من الفساد المزمن وما جره علينا من أمراض اجتماعية أمراض الإهمال واللامبالاة والتسيب واستباحة المال العام بل لعل...... وربما..... يكون العمل الثقافي الشامل الذي سوف ينهض به هؤلاء الرواد الشباب وما سوف يغرسونه من قيم حميدة في المجتمع هو العلاج وهو المطهر