الإخوان المسلمون يشهدون فترة انتعاش ملحوظ في بريطانيا, فبعد أن لفظ الشعب المصري هذه الجماعة الإسلامية شكلا ومضمونا, يبدو أن كوادرها وجدوا ملاذهم الآمن في بريطانيا, فلم يكتفوا بغزو المؤتمرات الثقافية والأدبية والشعبية ولكن اخترقوا البرلمان البريطاني نفسه ومن خلفه النخبة السياسية الحاكمة في البلاد باستخدام واجهات وهمية. فقد نجح الإخوان وحلفاؤهم من الجماعات الإسلامية المتطرفة في تشكيل تنظيمات وجماعات تحمل شعارات ترويجية مؤيدة لحقوق الإنسان ورافضة للعنف تسللت بكل بساطة إلي عمق المجتمع البريطاني, بل إن الواجهة الإنسانية التي يحتمون بها سمحت لهم بالتلاعب بالنخب السياسية من مختلف الأحزاب. وتوالت التقارير الصحفية خلال الفترة الماضية للتحذير من مدي خطورة توغل هذه الجماعة وأنصارها وعلي رأسهم حركة حماس التي تتصدر قوائم الإرهاب الأوروبية والأمريكية في المجتمع البريطاني. فخلال الأيام الماضية استضافت لندن مؤتمر' الوحدة والسلام العالمي' والذي أسسه محمد علي حرث العضو البارز بالتنظيم الدولي للإخوان وأحد قادة المجتمع الإسلامي في بريطانيا. وتؤكد التقارير أن حرث يواجه اتهامات بالإرهاب في تونس, بل إنه يدير أيضا قناة تليفزيونية متهمة بالترويج للتطرف الإسلامي, ويجتذب المؤتمر سنويا عشرات الآلاف من المسلمين والصحفيين والوزراء البريطانيين. ويعتبر دانييل كريج زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي ونائب رئيس الوزراء البريطاني من أهم الشخصيات السياسية التي تروج لهذا المؤتمر, حتي أنه رفض قرارا للحكومة العمالية في2008 بمقاطعة هذا المؤتمر الذي ينظمه الإخوان. وليس هذا هو الحدث الوحيد المثير للجدل, فقد أكدت صحيفة صنداي تليجراف قبل أيام أن جماعة حقوقية تطلق علي نفسها اسم مركز الإمارات لحقوق الإنسان قد اجتمعت مع عدد من اللجان الرئيسية بمجلس العموم البريطاني. وأكدت الصحيفة أن هذه المنظمة ما هي إلا أحد فروع التنظيم الدولي للإخوان. ويؤكد التقرير أن مهمة هذه الجماعة الحقوقية الرئيسية هي التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان في دول الخليج, بل والأدهي من ذلك أن الإطاحة بنظم الحكم الملكية في هذه الخليج تصدر أجندتها. أنس التكريتي مؤسس مركز الإمارات تربطه علاقة بمحمد صوالحة العقل المدبر للإستراتيجية السياسية والعسكرية لحماس. ومنذ أيام ظهر صوالحة والتكريتي في اجتماع فريق الدفاع الدولي عن الإخوان الذي استضافته تركيا, وهو ما يؤكد دعم حماس ذراع الإخوان في غزة لهذه التحركات ضد مصر. ويبدو أن مركز الإمارات يرتبط بشكل رئيسي بمؤسسة قرطبة, والتي وصفها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون من قبل بأنها واجهة للإخوان المسلمين. وعلي الرغم من أن المؤسسة تتخذ مواطنا بريطانيا رئيسا لها.وتعد مؤسسة قرطبة المتحدث الرسمي باسم الإخوان حاليا ذات صلة وثيقة بمنظمات متطرفة في بريطانيا تدعو لإقامة ديكتاتورية إسلامية ونظام الخلافة في أوروبا. وتتواكب هذه التقارير مع تقرير سابق نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية حاولت الكشف فيه عن مصير التنظيم بعد اعتقال قادته ومصادرة حساباته وإغلاق مقاره في مصر, ويشير التقرير إلي أنه مع عودة العناصر المتبقية من الجماعة للعمل من تحت الأرض بعد تحولهم إلي جماعة محظورة, فقد فضل فريق منهم إدارة شئون الجماعة من مكان آمن وبعيد كل البعد عن موقع الأحداث.. ألا وهو شمال العاصمة البريطانية لندن. ففي موقع غير معروف في قلب العاصمة البريطانية يقع المكتب الإعلامي السري للجماعة, والذي تحول خلال الفترة الماضية إلي أقوي ذراع إعلامية للجماعة في العالم, حيث يتولي التنسيق بين مكاتب الإخوان في مصر والولايات المتحدة وأوروبا, وبث البيانات وتنظيم المظاهرات ووضع الاستراتيجيات الجديدة بما في ذلك توكيل أكبر المؤسسات القانونية لمواجهة الإجراءات التي تتخذها الحكومة المصرية ضدهم, والتي من المرجح أن ترفع دعوي أمام المحكمة الجنائية الدولية. ويؤكد التقرير أن لندن تعتبر بمثابة البيت الطبيعي للجماعة خارج مصر. فالعاصمة البريطانية طالما احتضنت المكتب الرسمي الذي يدير الموقع الإليكتروني النسخة الإنجليزية للجماعة والذي تم إطلاقه في2005, والذي يسعي لنقل صورة للجماعة تتناسب مع الثقافة الغربية وعلاقة الود التي تجمع بين بريطانيا والجماعة قديمة للغاية, حيث تم افتتاح أول' مركز معلومات علمي تابع للجماعة في لندن منذ التسعينيات من القرن الماضي, كما أنها المقر الرسمي للمتحدث باسم الإخوان في أوروبا ابراهيم منير, بل إن جمعة امين الرجل الثاني في التنظيم سعي للجوء للندن, حيث فر إليها بدعوي تلقي العلاج, بمجرد انطلاق حملة الاعتقالات ضد قيادات الجماعة.