تأبي الولاياتالمتحدة إلا أن تدس أنفها في الشأن الداخلي المصري, بحجة حماية الديمقراطية والذود عن عريانها المهدد باعتبارها الحارس الأمين عليها وعلي مسيرتها. كما تأبي التكيف مع المعطيات الجديدة في الخريطة المصرية, أعقب الثلاثين من يونيو, وذلك من خلال إصرارها علي التخبط وانتهاج مواقف مرتبكة لا يوجد ما يعزز مصداقيتها, والقراءة الخاطئة للقرارات الصادرة عن الحكومة. آخر الأمثلة الكاشفة لهذه الحقائق انتقادها لقانون التظاهر الذي أعلنته الرئاسة قبل أيام قليلة, مستندة إلي أنه لا يفي بالمعايير الدولية وسيحول دون انتقال مصر للنظام الديمقراطي, ووسط الارتباك البادي في حركات وسكنات إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تتغافل واشنطن وتغض طرفها عن أن المرحلة الانتقالية الراهنة في مصر تستهدف بالأساس بناء نظام ديمقراطي قادر علي الصمود في وجه العواصف والأنواء ولا يخضع لأهواء حاكم أو حزب باسط سيطرته علي السلطة, فالديمقراطية غاية وهدف لن تحيد عنهما مصر. كذلك فإن أمريكا لا تعي أن القوي السياسية والثورية المصرية لديها ما يكفي ويزيد من الأدوات والآليات الكفيلة بتصحيح ما تراه عيوبا في القوانين المنظمة للفترة الحالية, ومنها ما يتعلق بالتظاهر وهو الحق الذي يتعرض لسوء استغلال, خاصة وأن جماعة الإخوان حولته إلي أداة عشوائية لزعزعة الاستقرار الداخلي واستنزاف طاقات وقدرات الأجهزة الأمنية في تأمين المنشآت العامة والخاصة. ولماذا لم تذكر الولاياتالمتحدة أن بعض الأحزاب والتكتلات السياسية أعلنت صراحة معارضتها للقانون وطلبت إدخال تعديلات, وأن وزارة الداخلية أكدت التزامها بالقانون في تعاملها مع التظاهرات السلمية؟. أيضا فإن واشنطن تنسي أن الحفاظ علي الأمن القومي المهدد من قبل الإخوان الذين يحظون بدعم مكشوف من قبلها مقدم علي ما عداه, وأنها لم تحتمل علي سبيل المثال اعتصام مجموعة احتلوا وول ستريت وفضته الشرطة الأمريكية بأسلوب لا يتسق لا من قريب ولا من بعيد بالمعايير المتعارف عليها دوليا في صون حرية التظاهر والاعتصام السلمي. وبعدها تبدي أمريكا قلقها وتعطنا دروسا في الديمقراطية وحقوق الإنسان مع أنها الأولي بالإنصات إليها وتاريخها يكتظ بدلائل انتهاكها لمبادئها, فرجاء أن تلتفت واشنطن لما يخصها وتترك شئون مصر لأهلها فهم اعلم بها. لمزيد من مقالات راى الاهرام