بعد موافقة اللجنة| كيف تغير قانون مجلس النواب؟.. التفاصيل الكاملة في تقرير "التشريعية"    المجلس القومي للمرأة ينظم لقاء رفيع المستوى بعنوان "النساء يستطعن التغيير"    عاجل.. لماذا قرر البنك المركزي خفض أسعار العائد الأساسية بواقع 100 نقطة أساس؟    أذربيجان في القرن الإفريقي    ثنائي الزمالك يخوض تدريبات تأهيلية استعدادًا لمواجهة بتروجت    شاهد.. إنقاذ خرافي في مباراة توتنهام ضد مان يونايتد بنهائي الدوري الأوروبي    تحديثات حالة الطقس اليوم وأهم التوقعات    كريم محمود عبد العزيز يكشف عن لقائه الوحيد بأحمد زكي: "مش مصدق إنه طلب مني كده"    ياسمين صبري تخطف الأنظار على السجادة الحمراء في عرض "The History of Sound" بمهرجان كان    المسجد الحرام.. تعرف على سر تسميته ومكانته    عائلات الأسرى الإسرائيليين: وقف المفاوضات يسبب لنا ألما    تعمل في الأهلي.. استبعاد حكم نهائي كأس مصر للسيدات    40 ألف جنيه تخفيضًا بأسعار بستيون B70S الجديدة عند الشراء نقدًا.. التفاصيل    الصحة: إنتاج أول جهاز موجات فوق صوتية محليًا يوليو 2025    البيئة تنظم فعالية تشاركية بشرم الشيخ ضمن مشروع "مدينة خضراء"    طلاب الصف الخامس بالقاهرة: امتحان الرياضيات في مستوى الطالب المتوسط    تفاصيل مران الزمالك اليوم استعدادًا للقاء بتروجت    «الأعلى للمعاهد العليا» يناقش التخصصات الأكاديمية المطلوبة    المبعوث الأمريكى يتوجه لروما غدا لعقد جولة خامسة من المحادثات مع إيران    الهلال الأحمر الفلسطيني: شاحنات المساعدات على الحدود ولم تدخل غزة    المجلس النرويجي للاجئين: إسرائيل تضرب بالقوانين والمواثيق الدولية عرض الحائط    بوتين: القوات المسلحة الروسية تعمل حاليًا على إنشاء منطقة عازلة مع أوكرانيا    الحكومة تتجه لطرح المطارات بعد عروض غير مرضية للشركات    الأعلى للإعلام يصدر توجيهات فورية خاصة بالمحتوى المتعلق بأمراض الأورام    السفير الألماني في القاهرة: مصر تتعامل بمسئولية مع التحديات المحيطة بها    «الأهلي ضعف الزمالك».. ماذا قدم إمام عاشور مع قطبي الكرة المصرية؟    البابا تواضروس يستقبل وزير الشباب ووفدًا من شباب منحة الرئيس جمال عبدالناصر    وزير الصحة ونظيره السوداني تبحثان في جنيف تعزيز التعاون الصحي ومكافحة الملاريا وتدريب الكوادر    بروتوكول تعاون بين جامعة بنها وجهاز تنمية البحيرات والثروة السمكية (تفاصيل)    محافظ البحيرة تلتقي ب50 مواطنا في اللقاء الدوري لخدمة المواطنين لتلبية مطالبهم    أحمد سالم: رفض تظلم زيزو لا يعني تعسفًا.. وجماهير الزمالك نموذج في دعم الكيان    تعرف على قناة عرض مسلسل «مملكة الحرير» ل كريم محمود عبدالعزيز    وزير الخارجية يؤكد أمام «الناتو» ضرورة توقف اسرائيل عن انتهاكاتها بحق المدنيين في غزة    استمرار حبس المتهمين بإطلاق أعيرة نارية تجاه مقهي في السلام    إحالة أوراق 3 متهمين بقتل بالقناطر للمفتي    المنطقة الأزهرية تعلن ختام امتحانات نهاية العام الدراسي للقراءات بشمال سيناء    محافظ أسوان يلتقى بوفد من هيئة التأمين الصحى الشامل    الأمن يضبط 8 أطنان أسمدة زراعية مجهولة المصدر في المنوفية    أسرار متحف محمد عبد الوهاب محمود عرفات: مقتنيات نادرة تكشف شخصية موسيقار الأجيال    «العالمية لتصنيع مهمات الحفر» تضيف تعاقدات جديدة ب215 مليون دولار خلال 2024    أدعية دخول الامتحان.. أفضل الأدعية لتسهيل الحفظ والفهم    وفاة شقيق المستشار عدلى منصور وتشييع الجنازة من مسجد الشرطة بأكتوبر اليوم    الأزهر للفتوى يوضح أحكام المرأة في الحج    ضبط 9 آلاف قطعة شيكولاته ولوليتا مجهولة المصدر بالأقصر    كرة يد - إنجاز تاريخي.. سيدات الأهلي إلى نهائي كأس الكؤوس للمرة الأولى    "سائق بوشكاش ووفاة والده".. حكاية أنجي بوستيكوجلو مدرب توتنهام    أمين الفتوى: هذا سبب زيادة حدوث الزلازل    «الداخلية»: ضبط 46399 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    كامل الوزير: نستهدف وصول صادرات مصر الصناعية إلى 118 مليار دولار خلال 2030    وزير الداخلية الفرنسي يأمر بتعزيز المراقبة الأمنية في المواقع المرتبطة باليهود بالبلاد    الكشف عن اسم وألقاب صاحب مقبرة Kampp23 بمنطقة العساسيف بالبر الغربي بالأقصر    الزراعة : تعزيز الاستقرار الوبائي في المحافظات وتحصين أكثر من 4.5 مليون طائر منذ 2025    راتب 28 ألف جنيه شهريًا.. بدء اختبارات المُتقدمين لوظيفة عمال زراعة بالأردن    محافظ القاهرة يُسلّم تأشيرات ل179 حاجًا (تفاصيل)    سعر الريال القطرى اليوم الخميس 22-5-2025 فى منتصف التعاملات    هبة مجدي بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي: فرحت من قلبي    طلاب الصف الأول الثانوي يؤدون اليوم امتحان العلوم المتكاملة بالدقهلية    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة تبدأ في العقل
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 11 - 2013

درست الطب باللغة الانجليزية, المراجع كلها أجنبية, ليس فيها مرجع مصري واحد, رغم أن المصريين أول من اكتشف علم الطب,
وعلم التحنيط المصري ظل سرا لآلاف السنين.
لماذا تخلف العقل المصري؟ ولماذا عجزت الحضارة الحديثة عن تحقيق العدالة والسلام والحرية والكرامة للشعوب بصرف النظر عن الجنس أو الطبقة أو الدين؟ بل اشتد الفقر والقهر علي النساء والأطفال والكادحين, وتضاعفت مخاطر أسلحة الدمار الشامل والحروب الاستعمارية, وعمليات التجسس المعلنة والسرية, والتجارة الرابحة بالأسلحة والأجساد والمخدرات والأديان, وتكنولوجيا الإعلام القائم علي العنف والجريمة وترويج الشائعات وقلب الحقائق, ولا تختلف بلادنا عن غيرها كثيرا.. لجنة الخمسين تلاعبت بكلمتي الهوية وشرع الله لوضع دستور يميز القلة علي الأغلبية الساحقة, وفشلت الديمقراطية عالميا في تحقيق التمثيل النيابي العادل للشعوب, كما أن البرلمان المصري تسلل إليه في السابق أصحاب الأعمال ولواءات البوليس تحت اسم العمال والفلاحين, وفي لجنة الخمسين ينوب أربعون رجلا عن أربعين مليون امرأة مصرية, وفي الانتخابات الأوروبية نجحت نساء تتكلم بأصوات اشرس الرجال( ثاتشر وميركل وآشتون) وصعد إلي الحكم في أمريكا رجال بشرتهم سوداء( بارك أوباما) يتكلمون بصوت الأثرياء ذوي البشرة البيضاء.
الحضارة الحديثة تطورت تاريخيا عن النظام العبودي دون أن تفقد قيمه وأفكاره وعقليته وتقوم أساسا علي القوة أو قانون الغابة, لقد أصبح النساء والفقراء والمهاجرون عبيد القرن الحادي والعشرين.. أجساد مختونة شبه مخصية, عقول مسلوبة شبه عمياء, المهن الحرة أصبحت تجارة تقوم علي الغش, منها الطب والمحاماة والقضاء والتشريع والسياسة, الانتخابات ساحة قتال, لا يفوز فيها إلا أصحاب السلطة والإعلام والأموال. وكانت الحضارة المصرية القديمة أكثر ديمقراطية وإنسانية, أعلي المناصب( ومنها الألوهة) لم تكن حكرا علي الرجال, كانت ايزيس الهة الحكمة والمعرفة, معات إلهة العدل ورئيسة القضاة, سخمت الهة الطب ونقيبة الأطباء, والمرأة المصرية هي التي اكتشفت الكتابة, وأبدعت الفنون والعلوم والنحت والموسيقي, امتدت فلسفة ايزيس لأوروبا حتي القرن السادس الميلادي, فكيف تحرم النساء المصريات اليوم من المشاركة في تغيير الدستور والقوانين والقيم والدين؟ كيف أصبح رأس المرأة المصرية عورة, وكان تاج العلم المعرفة؟ كيف أصبح اسم الأم عارا, وكانت الأمومة شرفا ينسب لها الأطفال؟
الدراسات المتطورة الأخيرة( ومنها علوم المرأة) بدأت تتبع منهجا علميا جديدا, يربط الجسد بالعقل, والمادة بالروح, والتاريخ بالطب, والاقتصاد بالكيمياء, والبيولوجيا بالديمقراطية والسياسة, بدأت البحوث الجديدة تتجاوز القيم الدينية والقوانين الأكاديمية, وتكشف عن جذور القهر الطبقي الابوي في التاريخ ومخاطره المدمرة للبشرية. ولم تعد أسباب الفقر غباء الفقراء أو كسلهم, بل القوانين الاقتصادية السياسية المزدوجة الجائرة, الرجل لم يحكم المرأة لتفوقه العقلي أو سمو جنسه, بل بسبب القمع السياسي الديني لأجساد النساء وعقولهن؟.
لم يلعب التقدم العلمي دورا في تحقيق العدالة والحرية والمساواة, بل أصبح العلماء والأطباء والفنانون جزءا من الطبقات الحاكمة غربا وشرقا, يعملون علي قهر المبدعين الثائرين نساء ورجالا وشبابا, ولم تستخدم الطاقة الذرية والنووية لتوفير الخدمات الصحية والاحتياجات الضرورية للشعوب, بل لمزيد من قتلهم في الحروب المتقنة. ولم يكسب الشعب المصري من حفر قناة السويس ومشاريع التنمية والديمقراطية والشراكة إلا المزيد من الفقر والاستبداد والتبعية.. ولم تكسب الشعوب العربية من اكتشاف البترول وثرواته الهائلة إلا المزيد من الاستعمار والنهب والحروب, ولم يحصل علي جائزة نوبل أبطال السلام, بل زعماء القتل والخداع مثل مناحم بيجن وبارك أوباما, ولم تخدم الاكتشافات الطبية( في البيولوجيا والكيمياء الحيوية) مطالب التقدم الصحي والفكري, بل أنتجت الأسلحة الكيماوية والبيولوجية, وأجهزة التجسس والقمع الجنسي والعرقي. ولم تعد الثورات الشعبية( من وول ستريت وسان بول إلي شوارع القاهرة) طريقا لتحرير النساء والفقراء والعاطلين, بل أصبحت نزيفا لدمائهم وصعودا علي جثثهم لمناصب الحكم, إنها الحضارة الطبقية الأبوية, لها عين واحدة ونصف عقل, فهل يغلبنا اليأس؟ أبدا فالأمل قوة والثورة المقبلة تبدأ في العقل.
لمزيد من مقالات د.نوال السعداوى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.