من حقك أن تمد ذراعيك كيفما شئت, لكن حذار وأنت تتمطع أن تلمس طرطوفة أنفي, لأنني ساعتها يصبح من حقي أن أعض إصبعك , دون أن يكون لك الحق في أن تصرخ, فإذا صرخت, فتذكر أنك أنت الذي بدأت! أليست هذه هي ضوابط الحرية, كما يعرفها الغرب, الذي تتشدقون ليل نهار بحبكم له؟ منذ أيام, وفي مدينة نصر بالقاهرة, توقفت الحركة تماما في ساعات الصباح, وأصيب المرور بالشلل, بسبب مظاهرات نظمها طلاب جامعة الأزهر, وخرجوا إلي الشارع, وقطعوا الطريق, فانحبس الناس في سياراتهم أكثر من ساعتين! ووسط الغضب والزحام واللعنات المكبوتة في النفوس علي من عطلوا لنا حياتنا, فوجيء المارة بأحد سائقي الأتوبيسات يصرخ في شاب مسكين لا يعرفه, طالب غلبان, كان يسير ببطء وتكاسل, وكان الانهاك باديا عليه, كأنما لم يفطر بعد. صرخ السائق فيه: يا ولد أنت إخوان؟ فرد الطالب مسرعا: لا والله, فصرخ فيه السائق: طيب إمش من هنا! لا الولد من الإخوان, ولا السائق تعنيه السياسة أصلا, لكنه الغيظ, وتعطيل المصالح, والإحساس بعدم الأمان! لقد بدأنا جميعا نفقد أعصابنا.. فإلي متي وقف الحال؟ أحد الأصدقاء حكي أن صديقا له أصيبت أمه بأزمة صحية مفاجئة, فطلب الإسعاف, فجاءت, لكنها لكي تصل إلي المستشفي انحبست في الطريق, لم تتحرك رغم السرينة المدوية, وصرخات الابن الملتاعة, وماتت الأم, ودموع الابن المحبوسة في المآقي تتساءل: من المسئول؟ لماذا بات علينا كل يوم أن ننام علي دماء تملأ الشاشات, ونستيقظ علي أنباء القتل والاغتيالات ومهاجمة الكمائن؟ إن المصريين شعب مسالم, يحب الضحك, والفرفشة, فلماذا أصبحنا هكذا, مكشرين, عابسين, مكلضمين؟ من المسئول؟ تريد أن تتظاهر يا أخي؟ تظاهر أو احترق بجاز, لكن ما ذنبي أنا تعطل أبنائي عن الذهاب لامتحاناتهم؟ هل سمعتم عن طلاب عين شمس, الذين هاجموا المدرجات, وأخرجوا زملاءهم منها, صارخين فيهم: هذا اليوم حرام فيه العلم. فتوقفت الامتحانات؟ من أعطاكم هذا الحق؟ من أنتم؟ كم نسبتكم في الناس؟2% ؟5%,10% ؟ حتي لو كنتم عشرين وما أنتم بعشرين فهل يحق للعشرين بالمائة أن يشلوا حركة حياة80% ؟ أليست هذه هي الديكتاتورية بعينها؟ أن تسعي لفرض وجهة نظرك, فإن لم أستجب لها, عاقبتني, وعطلت لي حياتي؟ ألا يحمل الأمر هنا مظنة أن سيادتك تري نفسك سيد الناس, ومن ثم فإن لك الحق في أن تكافئهم أو تعاقبهم متي شئت؟. لا.. والغريب أنك تزعم أنك تفعل ذلك خدمة لدين الله! فهل يرضي الله عن تعذيب عباده بهذا الشكل, كل يوم؟ تتحدثون عن دمكم الذي سال.. فماذا عن دماء الآخرين؟ ألسنا جميعا سواء أمام الله؟ أوقفوا الدماء. تريدون أن تتظاهروا؟ يا سيدي تظاهروا كما شئتم, لكن ما ذنبي أنا, تقطع علي الطريق, وتتسبب في قطع عيشي, وأصبح الدم العنوان الأهم في صحف الصباح كل يوم؟ وهل أتاكم حديث الصعايدة, وكيف كانت فرحتهم لعودة قطارات الصعيد, ثم يا عيني فرحة كاذبة ما تمت, خطفها الغراب وطار, ومرة أخري توقف القطار خوفا من عمل إرهابي يعرض حياة الناس للأخطار. فمن أنتم لتعرضوا حياتنا للخطر؟ ثم ما حكاية هؤلاء الجنود المساكين, الذين تترصدونهم كل يوم, فتقتلونهم؟ ألم تروا في التليفزيونات أهالي هؤلاء الجنود؟ أم تشعروا بعذابهم بعد فقدان الإبن الغالي؟ أليس لكم أبناء؟ ما مصلحتكم بالضبط في استمرار سلسال الدماء هذه؟ تريدون العودة للحكم؟ فماذا إن لم نكن نقبلكم؟ هل الحب بالعافية؟ أم تراكم تحبون الموت؟ يا أخي روحوا موتوا بعيدا عنا, فنحن نريد الحياة. ستقولون: قمنا بثورة, ونريد الحفاظ عليها. لا.. بل أنتم تكذبون. لقد جربناكم سنة كاملة في الحكم, فإذا بكم تفعلون بنا ما كان يفعله بنا السابقون عليكم. أتيتم بأبنائكم, وأقاربكم, وأهل جماعتكم, ووليتموهم المناصب, دونما كفاءة ولا خبرة. قلتم: سوف يتعلمون! فمن سمح لكم بالتعلم فينا؟ اسمعوا يا جماعة. الناس ملت منكم, وكادت تنفجر, وبلغ منهم الغيظ كل مبلغ, فكفاكم, أم تريدون أن تروها خرابة, وتجلسوا علي تلها؟ وهل يجب أن يكون هذا التل علي جثثنا؟ أوقفوا هذه المظاهرات الآثمة, ودعونا نتنفس من جديد, فنحن مخنوقون منكم, وكاد رصيدكم لدينا ينفد.. فإياكم من ساعة نفاد الرصيد! لمزيد من مقالات سمير الشحات