حزب السادات: قوانين الانتخابات وتقسيم الدوائر تعزز الحياة النيابية    ماذا قال "سفاح المعمورة" أمام جنايات إسكندرية؟    وفد سياحي ألماني يزور منطقتي بني حسن وتونا الجبل بالمنيا| صور    «نقل البرلمان»: توافق على موازنة جهاز تنظيم النقل البري الداخلي والدولي    استهداف مروحية بوتين.. هل حاولت أوكرانيا اغتيال القيصر؟    حماس: تعطيل إدخال المساعدات إلى غزة استمرار لمخطط التجويع    إعلام تركي: أنقرة تخطط لإنشاء قواعد عسكرية في سوريا    وزير المالية الألماني يبدي تفاؤلا حذرا حيال إمكانية حل النزاع الجمركي مع واشنطن    جوارديولا: التأهل لدوري أبطال أوروبا أشبه بالتتويج لقب    الشرق الأوسط: حلم النخبة يعود ل النصر.. قبول الاستئناف ضد العروبة    هاتريك من مقاعد البدلاء.. سورلوث يكتب التاريخ مع أتلتيكو مدريد    "لا ينقص سوى موافقته".. رئيس نابولي يعلق على مفاوضاته مع دي بروين    انتشال جثة شاب من نهر النيل بمركز سمالوط بالمنيا    فريق من النيابة يعاين موقع حادث حفيد نوال الدجوي    وزير الثقافة: لم نصدر أي قرار بإغلاق بيت أو قصر ثقافي أو فني    تامر حسني يصل العرض الخاص لفيلمه الجديد «ريستارت» | صور    الصور الأولى من العرض الخاص لفيلم "ريستارت"    4 أبراج «بتفتكر إنها محسودة».. يفقدون الثقة في أنفسهم ويعانون من تقلبات مزاجية    انطلاق حفل توزيع جوائز «كأس إنرجي للدراما» في موسمه التاسع    أحكام الحج (1).. علي جمعة يوضح ما هو الحج وحكمه وفضل أدائه    ما حكم سيلفي الكعبة المشرفة؟ عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى تجيب    خالد عبد الغفار يستعرض الفرص الاستثمارية للقطاع الصحي    تطوير خدمات طب العيون بدمياط بإمداد مستشفى العيون بجهاز أشعة مقطعية متطور    صراع أوروبي على حارس إسبانيول.. وبرشلونة يضعه في صدارة أولوياته    قريبًا.. انطلاق برنامج "كلام في العلم" مع دكتور سامح سعد على شاشة القناة الأولى    حارس أتلتكو مدريد: تركيزنا الآن على كأس العالم للأندية    "بعد عودته للفريق".. ماذا قدم محمود تريزيجيه خلال رحلته الاحترافية؟    هل السجود على العمامة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح الأفضل شرعًا    قبل أيام من قدومه.. لماذا سمى عيد الأضحى ب "العيد الكبير"؟    وزير الخارجية والهجرة يلتقى مع وزير الخارجية النرويجي    أبوتريكة يحدد الأندية الأحق بالتأهل لدوري أبطال أوروبا عن إنجلترا    عمرو أديب يرد على ساويرس: «لا تبيع ولا تشتري شيء.. محدش يسألني ماذا سيحدث؟»    المفتي: يوضح حكم التصرف في العربون قبل تسليم المبيع    دليلك لاختيار الأضحية في عيد الأضحى 2025 بطريقة صحيحة    "لا تليق بالسجادة الحمراء".. أسوأ إطلالات النجمات في مهرجان كان    مدبولي: حريصون على جعل مصر مركزًا إقليميًا لصناعة الحديد    محافظ المنوفية يتابع أعمال رصف وتطوير مدخل شبين الكوم الجديد    «الإسماعيلية الأزهرية» تفوز بلقب «الأفضل» في مسابقة تحدي القراءة العربي    خلال المؤتمر الجماهيري الأول لحزب الجبهة الوطنية بالشرقية.. عثمان شعلان: ننطلق برسالة وطنية ومسؤولية حقيقية للمشاركة في بناء الجمهورية الجديدة    "عاشور ": يشهد إطلاق المرحلة التنفيذية لأضخم مشروع جينوم في الشرق الأوسط    إصابه 5 أشخاص في حادث تصادم على الطريق الإقليمي بالمنوفية    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    النواب يوافق نهائيا على مشروع تعديل قانون مجلس الشيوخ    5 سنوات على مقتل جورج فلوريد.. نيويورك تايمز: ترامب يرسى نهجا جديدا لخطاب العنصرية    مصر تهنيء الأردن بمناسبة الاحتفال بذكرى يوم الاستقلال    نائب رئيس الوزراء: زيادة موازنة الصحة ل406 مليارات جنيه من 34 مليار فقط    جدول مواعيد الصلاة في محافظات مصر غداً الاثنين 26 مايو 2025    محافظ المنوفية: تقييم دوري لأداء منظومة النظافة ولن نتهاون مع أي تقصير    محافظ بني سويف يلتقي وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    الصحة العالمية تشيد بإطلاق مصر الدلائل الإرشادية للتدخلات الطبية البيطرية    بعد افتتاح الوزير.. كل ما تريد معرفته عن مصنع بسكويت سيتي فودز بسوهاج    لخفض البطالة.. كلية الاقتصاد جامعة القاهرة تنظم ملتقى التوظيف 2025    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    محافظ الشرقية: 566 ألف طن قمح موردة حتى الآن    انتظام كنترول تصحيح الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالشرقية    تعليم سوهاج: إلغاء تكليف مدير مدرسة الكوثر الرسمية للغات وإحالته للتحقيق    استعدادًا لعيد الأضحى.. «زراعة البحر الأحمر» تعلن توفير خراف حية بسعر 220 جنيهًا للكيلو قائم    أول رد من «الداخلية» عن اقتحام الشرطة لمنزل بكفر الشيخ ومزاعم تلفيق قضية لأحد أفراد العائلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضرب الحرية والإبداع يخرب المستقبل
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 11 - 2013

ليس هذا مقالا مع أو ضد النجم الساخر باسم يوسف أو برنامجه الشهير, بل هو بمناسبة منع هذا البرنامج كمكون من جهد الحكومة المؤقتة لتقييد الحريات في هذه المرحلة الانتقالية الثانية.
ولتتضح الصورة فأنا أعني بالحكومة كلا من الرئاسة المؤقتة وفريقها, والوزارة التي عينتها برئاسة حازم الببلاوي واللجان التي أنشأتها لتعديل الدستور, مجتمعة. مجمل هذه الهيئات القائمة علي إنفاذ خريطة المستقبل, التي توجت الموجة الكبيرة الثانية من الثورة الشعبية العظيمة, هو ما أوجه له النقد هنا.
ساءني أن حاول أحمد المسلماني المستشار الإعلامي للرئيس المؤقت التملص من فضيحة إيقاف البرنامج, بالقول أن القرار جاء من القناة الفضائية التي كانت تتبناه وليس للحكومة شأن به. ومناط لوم السيد المستشار هو تجاهله, وهو الإعلامي البارز في الأصل قبل المنصب الزائل يوما, لحقيقة أن مسئولية الحكومة, ومسئوليته شخصيا كمسئول إعلامي في فريق الرئاسة المؤقتة, هي حماية الحرية ولو من تعدي اصحاب القنوات الفضائية. مسئوليته هي حماية حرية وسائل الإعلام, وبدلا من ذلك انبري للدفاع عن الحكومة بمنطق بيروقراطي سقيم ومعاد لاعتقاده المفترض بحماية حرية التعبير عن الرأي.
ويدعم موقفي هذا الاعتقاد الجازم المستقر في العلوم الاجتماعية والسياسية بأن تلازم الحرية والإبداع هو المحرك الأساس للتقدم البشري. أو هما جناحا طائر التقدم. ومن ثم, فإن أي مجتمع أو نظام حكم يقص أحد هذين الجناحين, يحكم علي الوطن بالتخلف والركود. فما بالك بمن يقص الجناحين سويا؟ والإبداع لا يزدهر إلا في مناخ تمام الحرية. ومن هنا فإن الحرية هي أم التقدم كما هي غايته.
خطورة موقف منع البرنامج, أو الدفاع عنه أوالتعايش معه, هي أنه يضرب حرية التعبير وقيمة الإبداع سويا, ناهيك عن التعدي علي خصيصة أصيلة تميز الشعب المصري, هي خفة الدم وحس الفكاهة.
كما ان الرقابة الذاتية أشد تعبيرا عن الاستبداد من تلك الرسمية فهي المرحلة الأعتي من القهر وأشد مهاوي الاستبداد التي تتواري بجانبها سوءات الرقابة الرسمية المباشرة. لأنها تعني تغلغل الخوف من السلطة في نفوس الناس, عندما يشعر المبدع أو المسئول عن وسيلة إعلام أن عليه قيودا لا يتجاسر علي تجاوزها, ويفرضها علي نفسه بنفسه. إن من يمارس الرقابة الذاتية تملقا لأولي الأمر إنما يسيئ أشد ما يسيئ إلي أولي الأمر انفسهم, إذ يفضحهم بأن تقييدهم للحرية ماعاد يتطلب رقباء رسميين لتغلغل الرعب في النفوس.
وعليه فإن الكاتب من حيث المبدأ ضد اسلوب المنع من التعبير, فحرية التعبير هي المعقل الأخير لأنصار الحرية والحكم الديمقراطي السليم. فما لم يرتكب صاحب قلم, أو لسان أو كاميرا, جريمة يعاقب عليها القانون, أو تجاوز يدينه ميثاق شرف, فالأصل لو كنا نحرص علي الحرية والحكم الديمقراطي السليم أن يرد علي صاحب الرأي برأي معارض, ليس إلا. ولينتصر الشعب, وليس الرقيب أيا من كان, للأكثر إقناعا وإبداعا. ولهذا لم يكن هذا الأمر ليعنيني لو منع البرنامج بحكم قضائي واجب النفاذ بسبب تجاوز يعاقب عليه القانون أو حتي بقرار من مجلس مستقل يقوم علي ضبط أداء وسائل الإعلام حسب ميثاق شرف واجب الاحترام, مازالت الحكومة ومجتمع الإعلاميين للأسف يتباطأ كلاهما في الاتفاق عليه وإصداره.
غير أن الحكومة المؤقتة لم تتوقف عند تقييد حرية التعبير.
تتالي انتهاكات للحقوق والحريات في ظل هذه الحكومة المؤقتة, لا يصح أن تقدم عليها حكومة غير منتخبة جاءت بعد الموجة الثانية الكبيرة من الثورة الشعبية العظيمة التي قامت احتجاجا علي الحكم التسلطي الفاسد. والمهمة الأساس لهذه الحكومة هي إنفاذ خريطة المستقبل التي توجت هذه الموجة الثورية وصولا لإقامة الحكم الديمقراطي السليم.
ولا يتسع المقام لتفصيل جميع الانتهاكات ولذلك اكتفي بالإشارة إلي قانون تنظيم حق التظاهر وقانون تجريم رسم الجرافيتي وعدم إقرار حق الاعتصام والإضراب السلمي في مشروع الدستور.
وحيث بان جليا للجميع إخفاق هذه الحكومة في مهمتها الأساس أو في أي مهمة تناصر غايات الثورة الشعبية, يبدو أنها اختارت توظيف التشريع لتقييد الحقوق والحريات للتغطية علي فشلها وتفادي عاصفة النقد التي تستحق أن تقوم اعتراضا عليها أو إجهاض موجة تالية من الثورة الشعبية التي ستواجهها لا محالة مادامت الظروف الموضوعية لاندلاع الثورة الشعبية قائمة, وزادها فشل الحكومة المؤقتة استعارا. ونقول لهم إنهم سيفشلون في هذا المسعي الخبيث, كما فشل من قبلهم, ومن سبقوهم. فقمع الحريات لن ينتج إلا مزيدا من المقاومة وقد يؤجج العنف. ويبدو أنهم يفهمون هذا فبدأوا في إصدار قانون يحصن كبار المسئولين عن تصرفاتهم أثناء تولي المسئولية.
الحكومة المؤقتة وقعت في خطأ مزدوج, بأن سارت علي نهج حكومة اليمين المتأسلم في إصدار قوانين خاصة بتقييد الحريات في غيبة مجلس الشعب, وأهملت قوانين وقرارات أكثر شعبية وإلحاحا تسهم في تحسين مستوي معيشة الناس وتفعيل متطلبات الانتصار لغايات الثورة, والعدالة الانتقالية الناجزة, والتحقيق النزيه في قائمة الكوارث الطويلة التي وقعت اثناء حكمها القصير.
ولا مناص, في النهاية من الإشارة إلي تجاوزات الشرطة العابرة لكل العصور والتي تكشف عن الحاجة الملحة لإصلاح جذري لقطاع الأمن, بشقيه المدني والعسكري, بحيث تصبح عقيدته وغاية سلوكه ضمان أمن المواطنين واحترام حقوقهم. تلك المهمة المحورية التي تجاهلتها جميع الحكومات بعد الثورة طمعا في توظيف قطاع الأمن لمصلحتها ومحاول تملقه بتجنب إصلاحه وتطهيره.
مع كل الاحترام لتضحيات رجال الشرطة في مواجهة الإرهاب الخسيس لفلول اليمين المتأسلم فلابد من الإقرار بأن الشرطة تجاوزت وانتهكت حقوق المواطنين في عهد مبارك ثم المجلس العسكري, ثم محمد مرسي, ثم تحت الحكومة المؤقتة الآن.
يبدو أن الشرطة تعوض قصورها في حصار الإرهاب واستمرار التسيب في الشارع المصري, وفي القبض علي المتهمين بقيادة الإرهاب بأوامر من النيابة, والدليل علي ذلك هروب عاصم عبدالماجد, وطارق الزمر, وغيرهما من زعماء الجماعات التكفيرية الإرهابية الذين اشعلوا نيران الإرهاب, بينما يتصدي بعض أفراد الشرطة للمتظاهرين والمتظاهرات بالصفع والركل بالأرجل.
ومع ذلك لم ينجح قطاع الأمن في حماية أمن الوطن بدلالة الاختراقات الجسيمة التي اقترفتها قيادات اليمين المتأسلم قبل وبعد وصولهم للسلطة, والصمت المطبق من أولي الأمر جميعا عن سرقة إسرائيل لثروة مصر من الغاز الطبيعي من داخل حدودها البحرية, بينما تتسول الحكومة المشتقات النفطية من المحسنين.
لمزيد من مقالات د . نادر فرجانى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.