يتضمن القسم الثاني من كتاب المجتمعات الديمقراطية وقواتها المسلحة.. إسرائيل في إطار مقارنة معالجة لجوانب محددة بشأن البيئة العسكرية الجديدة في حقبة ما بعد الحرب الباردة حيث يبدو التركيز علي تعمق السيطرة المدنية والسياسية علي الجهاز العسكري في الديمقراطيات وكذلك علي الأثر العميق الذي أحدثته التكنولوجيا العسكرية في تدعيم تلك السيطرة وضمان عدم انفلات الجهاز العسكري بينما يتركز القسم الثالث من الكتاب علي تطور وتطوير العلاقات بين القيادات المختلفة بما يقلل من فرص الاحتكاك بينها. أما القسم الرابع والموسع من الكتاب فيتضمن تركيزا ملحوظا علي الحالة الإسرائيلية من عدة جوانب عبر خمسة فصول أضعفها الفصل الذي يتحدث عن الوضع القضائي داخل الجيش الإسرائيلي فهنا لا نجد سوي قطعة دعاية واهية الصلة بالتحليل الأكاديمي كتبها ضابط سابق في الجيش هو مناحيم فنكلشتاين الذي عمل قاضيا في محاكم الجيش في أوقات لاحقة من حياته المهنية حيث يرسم صورة مزيفة بشأن العدالة والنزاهة وسيادة القانون داخل الجيش الإسرائيلي دون إشارة إلي الجرائم التي ارتكبت بحق الفلسطينيين. وعلي عكس ذلك يقدم يوارام بيري مساهمة عميقة عن الإعلام والجيش.. من التواطؤ إلي التصادم مستعرضا تاريخ علاقة الإعلام الإسرائيلي بالجيش وكيف كانت معظم الحقب علاقة تحالفية حيث كان الإعلام أداة من أدوات الصراع العسكري سواء مباشرة عبر ما يعرف بالدعاية والتعبئة والحرب النفسية أو بطرق غير مباشرة... ثم كيف تحولت العلاقة إلي نمط من أنماط الاحتكاك بعد انتقاد وتعرية الصورة المثالية للجيش الإسرائيلي. ولكن تبقي أهم مساهمة في الكتاب وهي مساهمة باروخ كيميرلنج وهي بعنوان البنية الاجتماعية للأمن القومي الإسرائيلي حيث يؤكد أن الثقافة العسكرية والمدنية للمجتمع الإسرائيلي متداخلتان ولا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض, ويستعرض الباحث عقائد الأمن القومي الإسرائيلي من تاريخ نشوء مجتمعات اليشوف الاستيطانية سواء ما يسميه عقائد دفاعية إلي هجومية إلي وقائية وكيف أن كل تلك العقائد كانت متشعبة في الثقافة المدنية أيضا تتبادل وإياها التأثير, وأن البنية النهائية للمجتمع الإسرائيلي لا يمكن فهمها إلا عن طريق فهم هذا التبادل والتأثير وعمق المكون العسكري في تشكيله. ... ليتنا نقرأ ونفهم ونستعد ونتأهب بأكثر مما نتجادل ونتنابذ ونتقاعس!
خير الكلام: أنت في الحقيقة لست أكثر مما تعتقد أن تكون! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله