العليمي يلغي اتفاقية الدفاع المشترك مع الإمارات ويطالب قواتها بالخروج من اليمن خلال 24 ساعة    السيطرة على حريق هائل في مخزن قطع غيار سيارات بالقطامية    محافظة القدس: الاحتلال يثبت إخلاء 13 شقة في حي بطن الهوى يقطنها أكثر من 100 مقدسي لصالح المستعمرين    القبض على المتهمين بقتل شاب فى المقطم    طقس اليوم الثلاثاء| عودة الاستقرار الجوي.. ودرجات الحرارة في النازل    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم الثلاثاء 30 ديسمبر    القاهرة الإخبارية: خلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة حول ملف الضفة الغربية    محمد منير في جلسة عمل مع أمير طعيمة لتحضير أغنية جديدة    السيطرة على حريق داخل محل أسفل عقار بمدينة نصر.. صور    هدى رمزي: مبقتش أعرف فنانات دلوقتي بسبب عمليات التجميل والبوتوكوس والفيلر    إصابة منصور هندى عضو نقابة المهن الموسيقية فى حادث تصادم    وفاة خالدة ضياء أول رئيسة وزراء لبنجلاديش    نجما هوليوود إدريس إلبا وسينثيا إيريفو ضمن قائمة المكرمين الملكية    تراجع الأسهم الأمريكية في ختام تعاملات اليوم    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الثلاثاء 30 ديسمبر    الداخلية تكشف حقيقة فيديو تحذير المواطنين من المرور بأحد الطرق ببدر    زيلينسكي: لا يمكننا تحقيق النصر في الحرب بدون الدعم الأمريكي    "فوربس" تعلن انضمام المغنية الأمريكية بيونسيه إلى نادي المليارديرات    مندوب مصر بمجلس الأمن: أمن الصومال امتداد لأمننا القومي.. وسيادته غير قابلة للعبث    حسين المناوي: «الفرص فين؟» تستشرف التغيرات المتوقعة على سوق ريادة الأعمال    الإمارات تدين بشدة محاولة استهداف مقر إقامة الرئيس الروسي    بعد نصف قرن من استخدامه اكتشفوا كارثة، أدلة علمية تكشف خطورة مسكن شائع للألم    أستاذ أمراض صدرية: استخدام «حقنة البرد» يعتبر جريمة طبية    عرض قطرى يهدد بقاء عدى الدباغ فى الزمالك    سموم وسلاح أبيض.. المؤبد لعامل بتهمة الاتجار في الحشيش    انهيار منزل من طابقين بالمنيا    3 مباريات للفراعنة بالكان بدون صلاح = تعادلات منذ 2017.. فيديو    حوافز وشراكات وكيانات جديدة | انطلاقة السيارات    نجم الأهلي السابق: زيزو لم يقدم أفضل مستوياته.. ومصطفى محمد يفتقد للثقة    حسام عاشور: كان من الأفضل تجهيز إمام عاشور فى مباراة أنجولا    ناقدة فنية تشيد بأداء محمود حميدة في «الملحد»: من أجمل أدواره    صندوق التنمية الحضارية: حديقة الفسطاط كانت جبال قمامة.. واليوم هي الأجمل في الشرق الأوسط    نيس يهدد عبدالمنعم بقائد ريال مدريد السابق    القباني: دعم حسام حسن لتجربة البدلاء خطوة صحيحة ومنحتهم الثقة    تحتوي على الكالسيوم والمعادن الضرورية للجسم.. فوائد تناول بذور الشيا    مجلس الوزراء: نراجع التحديات التي تواجه الهيئات الاقتصادية كجزء من الإصلاح الشامل    ترامب يحذر إيران من إعادة ترميم برنامجها النووي مرة أخرى    في ختام مؤتمر أدباء مصر بالعريش.. وزير الثقافة يعلن إطلاق "بيت السرد" والمنصة الرقمية لأندية الأدب    أمم إفريقيا – خالد صبحي: التواجد في البطولة شرف كبير لي    الكنيست الإسرائيلي يصادق نهائيًا على قانون قطع الكهرباء والمياه عن مكاتب «الأونروا»    الزراعة: نطرح العديد من السلع لتوفير المنتجات وإحداث توازن في السوق    التعاون الدولي: انعقاد 5 لجان مشتركة بين مصر و5 دول عربية خلال 2025    وزير الخارجية يجتمع بأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي من الدرجات الحديثة والمتوسطة |صور    هيفاء وهبي تطرح أغنيتها الجديدة 'أزمة نفسية'    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي    الصحة: ارتفاع الإصابات بالفيروسات التنفسية متوقع.. وشدة الأعراض تعود لأسباب بشرية    الاستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة تؤكد: دمج حقيقي وتمكين ل11 مليون معاق    توصيات «تطوير الإعلام» |صياغة التقرير النهائى قبل إحالته إلى رئيس الوزراء    الإفتاء توضح مدة المسح على الشراب وكيفية التصرف عند انتهائها    نقابة المهن التمثيلية تنعى والدة الفنان هاني رمزي    نيافة الأنبا مينا سيّم القس مارك كاهنًا في مسيساجا كندا    «طفولة آمنة».. مجمع إعلام الفيوم ينظم لقاء توعوي لمناهضة التحرش ضد الأطفال    وزير الصحة: تعاون مصري تركي لدعم الاستثمارات الصحية وتوطين الصناعات الدوائية    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : وزارة العدالة الاجتماعية !?    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسفة العلم
وتشكيل العقلية العلمية
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 11 - 2013

تهتم فلسفة العلم بمنهج ومنطق العلم وخصائص المعرفة العلمية وشروطها, وكيفية تقدمها, والعوامل التي تساعد في عملية التقدم تلك, فهي تقدم آليات منهجية ومعرفية لتشكيل العقل حتي يكون قادرا علي حل المشكلات التي تواجهه, وتزيل العقبات التي تعرقل مسيرة العلم التقدمية.
والأهم من ذلك أن فلسفة العلم, بوصفها مبحثا أصيلا من مباحث الفلسفة وأصدق تعبير عن روح عصرنا عصر العلم وتضاعف المعرفة العلمية, تقدم رؤية نقدية تصويبية تشكل في مجملها طوق النجاة لتشكيل العقلية العلمية التي ننشدها. إن فلسفة العلم, تهدف إلي بيان صلاحيات العقل الذي ينبغي أن يتصف بالعلمية, وقد ساهمت فلسفة العلم بنصيب كبير في تشكيل محكمة نقدية راجعت من خلالها المفاهيم والتصورات والمناهج وأساليب التفكير والتصورات العلمية التي سادت تاريخ العلم. والسؤال الآن: كيف يمكن لفلسفة العلم أن تساهم في توظيف المعرفة العلمية داخل مجتمعنا المعاصر؟
* لقد زودت فلسفة العلم العقل بسبل التفكير العلمي الذي يجعل هذا العقل في حالة إبداع دائم, أي ساعدت فلسفة العلم العقل علي البحث عن البدائل الممكنة وتطوير الأفكار القديمة والنظريات المهملة وإعادة قراءتها للاستفادة منها, ومن ثم يمكن لفلسفة العلم أن تعمل علي محو الأمية العلمية التي يعاني منها واقعنا العربي المعاصر, ولا يعني محو الأمية العلمية أن نزود الطلاب في مراحل التعليم المختلفة بمجموعة من التركيبات العلمية الجاهزة, كأن نزودهم بمجموعة من النظريات والقوانين العلمية الفيزيائية والكيمائية والبيولوجية والرياضية لتطبيقها دون إمعان النظر فيها وإعادة مراجعتها, أو أن ننقل تقنيات الهندسة الوراثية, لتطوير مجال الزراعة علي سبيل المثال, فهذا لا يكفي وحده لتغيير واقعنا العربي وجعله واقعا متقدما علميا وتكنولوجيا, بل لابد من وجود عقلية علمية عربية قادرة علي استيعاب العلم بوصفه مصدر للمعرفة الموثوق من صحتها.
* كشفت فلسفة العلم أن ثمة منطقا سيطر علي التفكير العلمي الغربي, هذا المنطق الذي فرض سلطانه وسيطرته علي العقل الغربي ذاته وأصبح أداة للسيطرة علي الشعوب الأخري غير الغربية, هذا المنطق يكمن في أن العلم نتاج غربي محض, وأن الغرب وحده الذي يملك مقاليده وشفراته وطلاسمه, ولا يحق لغير الغربي أن يقترب أو ينال منه إلا بالقدر الذي يسمح به الغرب ذاته, وبما يخدم مصالح الغرب وصناعاته, حتي أصبحت البلاد النامية سوقا لرواج البضائع الاستهلاكية الغربية, لهذا قام العديد من فلاسفة العلم بإعادة مراجعة تاريخ الذاكرة الإنسانية, وخاصة تلك المراحل التي تعملق فيها العلم وشكل جوهر العقل الإنساني الذي أبدع وأنتج معرفة إنسانية علمية دقيقة ومارسها, فتحقق التقدم العلمي والتقني, فأصبح العلم الغربي, نتيجة هذه المراجعة, مجرد حلقة ضمن سلسلة طويلة من الحلقات الكثيرة التي أبدعها العقل الإنساني علي مر العصور.
* تقوم فلسفة العلم بدور فعال في تقويم النتائج اللاأخلاقية الناتجة عن تطبيقات العلم وتوظيف المعرفة العلمية لخدمة أغراض سياسية, ولعل أكثر النتائج العلمية اللاأخلاقية التي تصدت لها فلسفة العلم توظيف العلم والمعرفة العلمية في تطوير الأسلحة والتسابق بين الدول لتطوير آلات الحرب, وكذا النتائج اللاأخلاقية الناتجة عن تطبيق تقنيات العلوم البيولوجية وخاصة الاستنساخ الذي أثار, ومازال, جدلا كبيرا, ومحاولة تطبيق الهندسة الوراثية علي الإنسان, خاصة ماتقوم به بعض الشركات الكبري, بما لديها من نفوذ اقتصادي وسياسي, باستغلال النتائج التي يتوصل اليها العلماء في هذا المجال لخدمة مصالحهم التوسعية. وهذا ما جعل فلسفة العلم تضع معايير وقواعد أخلاقية تحدد أخلاق العلماء, ومن ثم أخلاق العلم ذاته.
كان العلم ولا يزال, هو العامل الحاسم في تشكيل العقل والواقع علي حد سواء, فهو محاولة إنسانية تبغي فهم الواقع وتغييره ووضع الخطوط العريضة لمستقبله مستعينا بأحد أهم نتاجات العلم, أعني المعرفة العلمية, تلك المعرفة التي تشكل في مجملها أساس العقلية العلمية, أي العقلية التي تحتل فيها المعرفة المتصفة بالعلمية مكانة كبيرة. إذن غدت المعرفة العلمية قيمة في حد ذاتها, لأنها القادرة علي حل مشكلات الواقع وإزالة العقبات التي تقف حائلا دون تغيير وتطوير الواقع ومن ثم تقدمه,
كما أنها غدت من الأسلحة التي يمكن, من خلالها, أن يدافع الإنسان عن كيانه وكيان مجتمعه. ويمثل غياب المعرفة العلمية في واقعنا العربي المعاصر أحد أهم العقبات التي تقف حائلا دون تغيير وتطوير هذا الواقع, وليس مرجع هذا الغياب إلي خلل ما في بنية العقل العربي وتكوينه كما يري بعض المفكرين العرب المعاصرين الذين يصدرون الأحكام بأن العقلية العربية, بحكم بنيتها وتكوينها التراثي الثقافي, تتميز بارتباطها بالنزعة المعيارية في النظر إلي الأشياء, وبالتالي فهي عقلية لا تقوي بذاتها علي إنتاج علم نظري يهتم بمعرفة أسباب الطبيعة والتنظير لظواهرها, وإنما مرجع الخلل الذي يعاني منه واقعنا راجع إلي نظرة عدم الاكتراث بالعلم والمعرفة العلمية وربطهما بتقدم الواقع العربي وتميزه المستقبلي.
أصبحت الحاجة ملحة لنوعية جديدة من السياسة التربوية القادرة علي تهيئة العقلية العربية للمشاركة في هذه اللحظة التاريخية التي نمر بها, لحظة تزايد فيها تأثير العلم وتطبيقاته علي شتي مناحي الحياة, كما أننا في حاجة إلي قفزة تنموية تجعلنا قادرين علي دخول القرن الحادي والعشرين متسلحين بمعرفة علمية عربية تستوعب التحولات المعرفية والعلمية الثورية التي تمر بها هذه الحقبة التاريخية, ومدركة في الوقت ذاته, تناقضاتها وأيدلوجياتها القابعة خلفها التي تحاول تجاهل الدور الذي لعبته الحضارات والشعوب غير الغربية وإسهاماتها في الحقب العلمية المختلفة, فضلا عن ضرورة تصدي هذه المعرفة العلمية العربية لقيم الطاعة والإتباع والامتثال التي سادت سياساتنا العلمية والتعليمية والثقافية والبحثية.
استاذ الفلسفة المساعد جامعة الفيوم
لمزيد من مقالات د. خالد قطب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.