لئن فاتك ثواب الهجرة إلي الله ورسوله في زمن النبوة, فقد شرع الله لك هجرة من نوع آخر, فيها الثواب العظيم, فاهجر المعصية إلي الطاعة, واهجر التفريط إلي الاستقامة, واهجر الكسل إلي الجد والعمل والاجتهاد فيما يرضي الله, وهاجر بقلبك من الركون إلي الدنيا والاطمئنان إليها إلي الدار الآخرة والرغبة فيها, قال, صلي الله عليه وسلم:( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده, والمهاجر من هجر ما حرم الله). وأكد علماء الدين, أن هجر المعاصي والذنوب من الأمور المهمة في حفظ مجتمع المسلمين وصيانة دينهم وعفافهم, من الإسفاف, يساعد علي تقييم سلوك الإنسان بالإضافة إلي بنائه بناء إسلاميا صحيحا ليكون الإنسان قادرا علي بناء مستقبله ومستقبل بلاده وخصوصا أننا نمر بفترة حرجة نحتاج فيها إلي تضافر قوي الخير لبناء الدولة, ومن أهم هذه الأشياء هجر الذنوب والمعاصي التي تتمثل في بذاءات اللسان والاتهام بالباطل دون وجه حق والاعتداء علي الآخرين من خلال السب والقذف أو الحرق. وتقول الدكتورة إلهام محمد شاهين, أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر, أن ترك المعاصي وهجر الذنوب من الجهاد الأكبر, وذلك النوع من الهجرة هو الواجب علي كل مسلم ومسلمة وهي الهجرة الدائمة التي لا تنقطع في كل زمان ومكان وهي هجرة الذنوب والمعاصي المأمور بها في قوله تعالي( والرجز فاهجر) سورة المدثر آية.5 وأضافت: يجب علي الناس ترك المعاصي والذنوب التي يقبل عليها الناس, ونحن في زمان نحتاج فيه إلي هجرة بذاءات اللسان وآفاته وموبقاته من الكذب والسب والقذف الفاحش من القول وترك الاتهام بالباطل والاحتيال ونكران الجميل وإفشاء الإسرار والنفاق. وأكدت أننا نمر بمرحلة شديدة الدقة نحتاج فيها إلي هجرة آفات اليد وآثامها من الضرب والحرق والتعذيب والتضليل وحمل السلاح وترويع الآمنين والتخريب والتجسس والوقيعة بين الناس. وأوضحت أن هجر المعاصي من الأمور المهمة في حفظ مجتمع المسلمين وصيانة دينهم وعفافهم, عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول:(كل أمتي معافي إلا المجاهرين, وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله فيقول: يا فلان, عملت البارحة كذا وكذا, وقد بات يستره ربه, ويصبح يكشف ستر الله عليه). وفي سياق متصل أوضحت الدكتورة مهجة غالب, عميدة كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف, أن هجر المعاصي والذنوب هي من جهاد النفس لان هذا النوع من الهجر من اشد أنواع الجهاد الذي يساعد الإنسان علي العودة إلي الله و العمل الصالح بالإضافة إلي البركة في الرزق. وقالت اننا نحن الآن في اشد الحاجة إلي جهاد النفس وهجر المعاصي والعمل من اجل استقرار وسلامة الوطن لأن ترك كل الأعمال المؤذية للوطن نوع من جهاد النفس, مطالبة الجميع بضرورة العمل وترك كل الموبقات والآثام والتفرغ للعمل الصالح الذي فيه مصلحة العباد والوطن.