لو فعلت كذا فأنت طالق.. جملة يرددها الرجال عندما يشعرون بفقدان سيطرتهم علي زوجاتهم وهي السيطرة القائمة علي إنكار الآخر و عدم احترام كيانه. فما أحكام الطلاق المعلق ؟, وما موقف الشرع من عبارات الطلاق التي تخرج علي ألسنة الأزواج وتهديد زوجاتهم بتعليق طلاقهن علي فعل شيء أو الإنتهاء عنه ؟ وما هو موقف القانون المصري منه؟ هذا ما سوف نتعرف عليه في السطور القادمة. البداية مع الدكتور سعدالدين الهلالي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الذي يفرق في البداية بين الطلاق المعلق والطلاق الذي يقع بمجرد تلفظ الشخص به فيقول: الأصل في الطلاق أن يقع بألفاظ صريحة مقيدة لا يدخلها الإحتمال أو التأويل, وهذه الألفاظ هي التي وردت في القرآن الكريم كقوله تعالي:إذا طلقتم النساء, أو فارقوهن بالمعروف,أو تسريح بإحسان. أما الطلاق المعلق كأن يقول الرجل لزوجته إن فعلت كذا فأنت طالق, فقد علق طلاقه علي شرط معين. وتأصيلا لمبادئ سماحة الإسلام ويسره, بين د. الهلالي اختلاف العلماء في ما بينهم في حكم الطلاق المعلق ويعرض الآراء للأمانة العلمية ليتيح للمسلم أن يختار ما يتناسب معه فيقول:تدارس الفقهاء قديما الطلاق المعلق يقع أو لا يقع علي ثلاثة أقوال:*( مذهب الظاهرية) وهو مذهب ابن حزم الظاهري القائل بأن الطلاق المعلق لغو, لأنه يشترط تجريده من الشرط لأنه كالزواج, وكما لا يصح الزواج المضاف أو المعلق, فكذلك الطلاق, وذلك لاحتمال حلول ذلك الوقت وهي ليست زوجته سواء بموتها أو طلاقها.* مذهب جمهور الفقهاء الذي يفيد بوقوع الطلاق المعلق إذا ما تحقق الشرط المعلق عليه لأنه نوع من أنواع الطلاق الصريح.فقد ورد عن الكسائي لو قال لامرأته, إن دخلت الدار فأنت طالق, إن كلمت فلانا فأنت طالق, فإذا كانت في ملكه عن دخولها الدار, وتكلمت معه فقد وقع الطلاق.ويستدل الجمهور بقوله ص المؤمنون عند شروطهم والطلاق كالوعد يلتزم به الزوج, فإن وجد الشرط المعلق عليه وقع الطلاق.و أدلة الجمهور في ذلك الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري في صحيحه أن ابن عمر سأل عن رجل طلق امرأته البتة إن خرجت من الدار فقال: إن خرجت فقد بتت منه, وإن لم تخرج فليس بشيء.*أما القول الثالث وهو ما ذهب إليه ابن القيم وابن تيميه وبعض من اللجان الفقهية ولجان الفتوي, فيقول بأن الأصل في الطلاق المعلق مراد المتكلم فإن كان قاصدا الطلاق وقع وإلا فإنه يقع يمينا.وعليه إذا قال الزوج لزوجته أنت طالق إن فعلت كذا ويريد حمل زوجته علي فعل شيء أو نهيها عنه فإنه في حكم اليمين ولا يقع طلاقا لأنه خرج عن الوجه المطلوب, وإذا حدث الشرط المعلق عليه الطلاق فإن الزوج يحنث في يمينه. علي الطلاق أما بالنسبة لعبارةعلي الطلاقالتي تجري علي ألسنة الكثير من الناس فيقول د. الهلالي: يري بعض الشافعية أن لفظ( علي الطلاق) اسم فعل أمر بمعني يلزمني, فإذا قال الرجل علي الطلاق ما أنت خارجة فإن معني ذلك يلزمني الطلاق وعليه فإن الشافعية يقولون بعدم وقوع الطلاق بهذاللفظ لأنه وعد وليس طلاق. بينما يري الأكثرون من أهل العلم( علي الطلاق) من الطلاق المعلق ويأخذ أحكامه السابقة.وأخيراكما يقول د. سعد الدين الهلالي فإنالفتوي علي الرأي الذي يطبق في المحاكم المصرية, لأن ولي الأمر اختاره, ومعلوم أن حكم الحاكم يرفع الخلاف, وينبغي الالتزام به في الفتوي منعا للبلبلة. وهذا ما يوضحه نشأت جلال عثمان المحامي بمحكمة النقض قائلا:إن العمل الآن في المحاكم المصرية حسب القانون رقم25 لسنة1929 م كما تنص عليه المادة الثانية منه, علي أن الطلاق غير المنجز إذا قصد به الحمل علي فعل شيء أو تركه لا غير- لا يقع, وجاء في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون: أن الطلاق ينقسم إلي منجز وهو ما قصد به إيقاع الطلاق فورا, وإلي مضاف كأنت طالق غدا, وإلي يمين نحو: علي الطلاق لا أفعل كذا, وإلي معلق كإن فعلت كذا فأنت طالق. والمعلق إن كان غرض المتكلم به التخويف أو الحمل علي فعل شيء أو تركه- وهو يكره حصول الطلاق ولا وطر له فيه- كان في معني اليمين بالطلاق, واليمين في الطلاق وما في معناه لاغ.