الرئيس السيسى يهنئ مسلمى مصر بالخارج بحلول عيد الأضحى المبارك    استقرار سعر الذهب اليوم الإثنين 2/6/2025 وعيار 21 يسجل 4590 جنيهًا    أسعار الأسماك اليوم الاثنين 2 يونيو 2025    أسعار الدولار والعملات الأجنبية اليوم الإثنين 2 - 6 - 2025 في التعاملات الصباحية    عالميا.. أسعار النفط ترتفع بأكثر من دولار بعد قرار أوبك+ زيادة الإنتاج تماشيا مع التوقعات    زلزال بقوة 6 درجات بمقياس ريختر قرب جزيرة هوكايدو اليابانية    بكين تتهم واشنطن بتقويض التوافق الذي تم في جنيف    رئيس المخابرات التركية يبحث مع حماس تطورات مفاوضات الهدنة بغزة    طارق يحيى لإدارة الزمالك: «انسوا زيزو وركزوا في كأس مصر»    لأول مرة.. قوات الدفاع المدنى السعودى تطلق طائرة الدرون (صقر) لخدمة الحجاج    موعد صرف معاشات شهر يوليو 2025 وآخر تصريحات الزيادة الجديدة    محافظة الجيزة تفتح المجازر مجانًا للمواطنين خلال عيد الأضحى.. تعرف على العناوين    استشهاد 4 من طالبي المساعدات الإنسانية، الاحتلال يواصل القصف المكثف علي غزة    بن غفير يقود حملة لمنع الأذان في مساجد فلسطين وسط تصاعد التوترات    فوز المرشح القومي كارول ناوروتسكي بالانتخابات الرئاسية في بولندا    العربية للتصنيع: مركز التصنيع الرقمى يستطيع تلبية كافة احتياجات الصناعة    رسميا، ثلاث أندية تحجز مقعدها في كأس العالم 2029    ختام دوري حزب حماة الوطن لعمال الشركات الموسم الثاني    الشيطان يكمن في توك توك.. شاب يقتل والده بشبرا الخيمة (تفاصيل)    ما هي خطوات إنشاء حساب إلكترونيا للتقديم لأولى ابتدائى للعام الدراسى 2026 ؟ اعرف التفاصيل    شاب ينهي حياة والده بطعنة زجاج بسبب خلاف على «توك توك» في شبرا الخيمة    دنيا سامي تكشف كواليس دخولها مجال التمثيل    فريق من النيابة الإدارية يواصل الاستماع لأقوال مسئولى ثقافة الأقصر اليوم    رفع ثوب الكعبة.. تقليد سنوي يسبق استقبال ضيوف الرحمن    4 أبراج تتسم بالحدس العالي وقوة الملاحظة.. هل أنت منهم؟    «الصحة» تحذّر من الإفراط في تناول الملح وتحدد الكمية اليومية    رفع درجة الاستعداد القصوى في الأقصر لاستقبال عيد الأضحى    رئيس تشيلي: فرض حظر على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    أرملة إبراهيم شيكا ترد على أنباء مساعدة سعد الصغير للأسرة    نصائح من وزارة الصحة للحجاج قبل يوم عرفة    مصرع وإصابة 15 شخصا في حريق هائل بالمكسيك- صور    تعاون مصري إسباني لتطوير محاصيل الأعلاف المبتكرة في الوادي الجديد    أشرف نصار: نسعى للتتويج بكأس عاصمة مصر.. وطارق مصطفى مستمر معنا في الموسم الجديد    المتهم الثاني في قضية انفجار خط الغاز بالواحات: «اتخضينا وهربنا» (خاص)    هل حقق رمضان صبحي طموحه مع بيراميدز بدوري الأبطال؟.. رد قوي من نجم الأهلي السابق    أحفاد نوال الدجوي يتفقون على تسوية الخلافات ويتبادلون العزاء    ملف يلا كورة.. بيراميدز بطلًا لدوري أبطال أفريقيا    محمد أنور السادات: قدمنا مشروعات قوانين انتخابية لم ترَ النور ولم تناقش    "زمالة المعلمين": صرف الميزة التأمينية بعد الزيادة لتصل إلى 50 ألف جنيه    محمود حجازي: فيلم في عز الضهر خطوة مهمة في مشواري الفني    محافظ الشرقية يشهد فعاليات المنتدى السياحي الدولي الأول لمسار العائلة المقدسة بمنطقة آثار تل بسطا    4 إصابات في تصادم دراجة نارية بسيارة ربع نقل في الوادي الجديد    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة.. 10 كلمات تفتح أبواب الرزق (ردده الآن)    هل يحرم قص الشعر والأظافر لمن سيضحي؟.. الأوقاف توضح    شريف عبد الفضيل: رحيل علي معلول طبيعي    "غير كده معتقدش".. أكرم توفيق يعلق على انضمام زيزو إلى الأهلي    رئيس قسم النحل بمركز البحوث الزراعية ينفي تداول منتجات مغشوشة: العسل المصري بخير    قد تسبب الوفاة.. تجنب تناول الماء المثلج    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    هل صلاة العيد تسقط صلاة الجمعة؟ أمين الفتوى يكشف الحكم الشرعي (فيديو)    شروط التقديم لوظائف شركة مصر للطيران للخدمات الجوية    «قولت هاقعد بربع الفلوس ولكن!».. أكرم توفيق يكشف مفاجأة بشأن عرض الأهلي    مسؤول بيراميدز: تعرضنا لضغط كبير ضد صن داونز والبطولة مجهود موسم كامل    عدد أيام الإجازات الرسمية في شهر يونيو 2025.. تصل ل13 يوما (تفاصيل)    قبل العيد.. 7 خطوات لتنظيف الثلاجة بفعالية للحفاظ على الطعام والصحة    وزير العمل يعلن موعد إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص    هل يمكن إخراج المال بدلا من الذبح للأضحية؟ الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نزيف الدم والهم!
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 11 - 2013

أستأذنكم يا رفاق الوطن الواحد والهم الواحد والرغيف الواحد وطبق الغموس الواحد ووسادة الأرق الواحدة.. أن أزيدكم هما علي هم.. وكرب فوق كرب..
وأن أنغص عليكم عيشتكم وأوجعكم فوق ما أنتم فيه من مواجع وأحزان لم يتحملها الصبر نفسه.. فهجرنا وآثر الرحيل وتركنا.. نعيش أياما لا يعلم بها إلا الله وحده.. لا نعرف وربما لن نعرف إلي أي طريق تأخذنا وتمسك بتلابيبنا وجلابيبنا.. إن شرا نره وإن خيرا برضه نره!
امنعوا الصغار.. فالعرض لمن هم فوق ال16 سنة. واطفئوا الأنوار واجلسوا في أماكنكم واحبسوا أنفاسكم.. لا صوت ولا حركة.. فالعرض المفزع سوف يبدأ في الحال..
المشهد الأول نهار خارجي: شاطيء شرم الشيخ.
الوقت: ظهرا.. في آخر أيام عيد الأضحي المبارك..
الناس: مجموعة من الأسر المصرية.. أرادت أن تفك حزام حصار الهم والغم الذي نعيشه هذه الأيام وتخرج إلي الطبيعة الجميلة.. لتمضي أيام العيد بلبطة في البحر ولعبا وضحكا وهرجا ومرجا وجريا وأكلا وشربا في منتجع شرم الشيخ الخيالي الذي أصبناه نحن في مقتل بعد فقدان الأمن والأمان.. فهرب منه السياح وهو الذي كان في هذا الوقت بالذات. محجوز بالكامل..
إلي هنا والصورة مشرقة باسمة وآخر جمال.. وهكذا مضت بالأسر التي استأجرت أوتوبيسا سياحيا فاخرا تملكه شركة وزير سياحة سابق.. ذهب بهم آخر حلاوة.. وآخر تمام إلي المنتجع العالمي.. ليحين يوم العودة إلي القاهرة بغمها وهمها وبلاويها السوداء..
المشهد الثاني.. نهار خارجي: الأوتوبيس السياحي العالمي واقف أمام الفندق ال5 نجوم.. ورفاق الرحلة يتسابقون ويتضاحكون يحملون حقائبهم ليسلموها إلي سائق الأوتوبيس ليضعها في بطن الأوتوبيس.. ويهرعون ضاحكين مهللين فرحين إلي مقاعدهم المحجوزة لهم بالاسم..
وبدأ الجميع في الغناء.. وتحرك الأوتوبيس الراقص الشادي.. وطائر الفرح والسرور يرفرف فوق الجميع.. إنهم الآن في طريق العودة.. فلا بأس من وداع شرم الشيخ بأغنية جميلة..
ويادوب كما تحكي لنا شاهدة عيان لمأساة رحلة شرم الشيخ في العيد.. آثرت ألا تذكر اسمها بعد أن فقدت نصف عائلتها بالموت وبالجروح.. تجاوز الأوتوبيس الكيلومتر الأول.. وعند منعطف حاد.. خطفه السائق برعونة وبسرعة عالية.. فإذا بالأتوبيس السياحي بركابه وهم فوق الخمسين ينقلب عدة مرات وفي آخر مرة زحف علي جانبه الأيسر نحو كيلومتر علي الأقل.. الكل يصرخ والكل يصيح يا ساتر يارب.. حتي انخرست الألسنة وعلا صوت الصرخات والآهات والدعوات إلي الله أن يرحمنا وينقذنا ولكن كيف والكارثة قد وقعت بالفعل.. ولا مهرب منها ولا مفر,,
ليتوقف الأوتوبيس المجنون في النهاية محطما راقدا علي جانبه الأيسر.. وكل من كان يركب علي هذا الجانب.. إما ماتوا.. فقدوا حياتهم بعد أن تكسرت عظامهم وتقطعت أوصالهم ودخلوا مفرمة الهرس والجر والدعك واختلاط نوافذ الأوتوبيس بأجسادهم مع أسفلت الطريق.. كل ذلك صار عجينة آدمية واحدة.. كأنهم دخلوا مفرمة اللحم البشري دون سابق إنذار.. ونهر من الدم البشري ينساب منه إلي الطريق.. وسط جوقة حزينة من صرخات المرضي ولوعة الأهل وفزع الأبناء وجزع الآباء ودموع الأمهات..
مشهد لا ينسي ولن ينسي للموت الذي لا يفرق بين أم وابنها, وعروس وعريسها, وأخ وأخيه.. فالموت عندما يقتحم المكان فلا مهرب منه ولا فكاك..
...................
...................
المشهد الثالث.. نهار خارجي: أوتوبيس الدم والهم والكرب العظيم راقد علي جنبه بعد أن تسلل إليه شبح الموت.. ليخطف في الحال ستة أرواح لستة من ركابه.. ماتوا قل فرما.. قل دعكا.. قل هرسا.. قل ذبحا بزجاج الأوتوبيس وجسمه المعدني وهرسا بأسفلت الطريق.. يا لها من موتة بشعة لا ذنب لهم فيها,,
وتسألون: من الجاني هنا؟
الجواب: إنه سائق لا يعي ولا يذر.. أخذته الجلالة بالإثم.. فقاد أوتوبيسه بركابه الذين لا ذنب لهم ولا جريرة والذين أرسلهم قدرهم السييء وقضاؤهم المستعجل إلي مقصلته.. ليقودهم إلي الموت الرهيب وإلي الجراح الصارخة وهم في عز فرحهم وفي أوج هنائهم وسعادتهم..
هل تريدون مزيدا من حكايات الهم والغم والكرب العظيم؟
لنترك للشاهدة الوحيدة التي عاشت المأساة وانكوت بنارها تحكي لكم وتقول بالدم والهم والموت الذي يهبط علينا ونحن في عز فرحتنا وهنائنا.. تقول لنا وتحكي بالألم كله مأساة أسرة بحالها.. بالدمع هي تقول:
سأحكي لكم مأساة أسرة إبراهيم وهو اسم رب الأسرة التي تتكون من الأم والابن الأكبر وزوجته وابنتهما الوحيدة.. والابن الثاني وزوجته وابنته الرضيعة أيضا.. والعم وزوجته وولديه الاثنين..
حصيلة الموت في المشهد الحزين.. أول الضحايا الابن الثاني فقد حياته وذهب ليقابل رب كريم بعد أن تقطعت في الحادث جميع أطرافه وتحول إلي كتلة من الدم واللحم بلا أطراف.. تاركا وراءه زوجته الشابة وطفلة رضيعة في حضن أمها,,
أما الأم فقد نالت نصيبها من المأساة.. بترت ذراعها اليسري بالكامل!
ويجيء دور الابن الأكبر في الحادث المرعب.. هو لم يمت ولكن بترت ذراعه اليسري بأكملها وهو في شبه غيبوبة دائمة ويحتاج إلي عمليات جراحية في الجمجمة والعين والذراع اليمني الباقية له!
.....................
.....................
ولأن مستشفي شرم الشيخ الدولي وهذا هو اسمه غير مجهز بالمرة لاستقبال أي حوادث.. لعدم وجود إمكانات بالمرة..
ملحوظة من عندي: أنا شخصيا زرت مستشفي شرم الشيخ هذا قبل سنوات.. ووجدته أشبه بمستشفيات الريف الجواني بتاعة زمان في الأربعينيات من القرن العشرين.. مستشفي هزيل حقا.. لم يهتم به أي أحد لا وزير ولا محافظ ولا دولة بحالها بإعداده وتحديثه وتجهيزه بأحدث المعدات الطبية وغرف الجراحة وغرف العناية المركزة.. والأطباء المتخصصين في الحوادث..
يعني بصراحة شكله كده زي عيادات الأرياف التي لا نجد فيها إلا تمرجي غلبان وتمرجية آخر غلب هي الأخري بتدي حقن!
الراوية مازالت تحكي وتبكي:
وقعت المأساة.. ومات من مات وأصيب من أصيب.. إلا السائق الذي ارتكب الجريمة الكبري ووقف أمامنا علي قدميه مثل عفريت العلبة.. وكأنه لم يرتكب جرما أو إثما.. وإن كان هو وحده صاحب هذه المأساة المروعة وصانعها الأول دون منازع!
...................
...................
كان المطلوب علي عجل طائرة هليكوبتر.. ولكن من أين؟
القوات المسلحة وحدها هي التي تملك هذه الطائرة..
تصرخ الأم: إزاي بس يسيبوا ولادنا يموتوا وينزفوا لآخر قطرة من دمهم دون إسعاف عاجل؟
سألوا كم تكلف هذه الطائرة الهليكوبتر؟
قالوا: ادفعوا لشركة تملك هذه الطائرة11 ألف دولار للرحلة من شرم الشيخ إلي القاهرة.. ولكن من أين لهم بهذا المبلغ الخرافي؟
مازالت الراوية تحكي:
وجاء محافظ جنوب سيناء.. وراحت زوجة المصاب الذي قارب علي الموت ترجو المحافظ وتتوسل إليه أن يرسل إلي القاهرة لكي يرسلوا طائرة هليكوبتر.. وجاءت الطائرة أخيرا بعد6 ساعات كاملة من الحادث البشع.. ونقلت زوجها إلي مستشفي دار الفؤاد في القاهرة لتصل إليه بعد12 ساعة من الحادث!
وقال أطباء المستشفي بعد فحص زوجها: إن أطباء مستشفي شرم الشيخ لم يفعلوا لزوجها شيئا لمدة6 ساعات كاملة.. الأمر الذي تسبب في بتر ذراعه اليسري.. ويبقي له عدة عمليات جراحية في الجمجمة وفي العين وفي ذراعه اليمني التي بقت له.. يا سبحان الله
......................
......................
الضحايا بالعشرات.. شباب صغير مات قبل الآوان, وشباب آخر فقد أطرافه وهم في سن الزهور..
وتبقي المأساة تطل برأسها الأغبر علينا,,
وأسئلة حائرة طائرة فوق رءوسنا كلنا يحلق بها لنا بالغم والهم كله.... غربان سود الخلقة والخلق!
لماذا لا تربض في شرم الشيخ ليل نهار طائرة هليكوبتر إسعاف خاصة مجهزة طبيا لنقل المصابين علي طول الطريق حتي القاهرة.. لتكون جاهزة لأي طاريء.. هدية من الفريق أول عبدالفتاح السيسي قائد عام القوات المسلحة ومنقذ مصر الذي لن يتأخر أبدا في دعم وزيري الصحة والسياحة ومحافظة جنوب سيناء في تجهيز مستشفي شرم الشيخ بأحدث غرف عناية مركزة وتقديمها هدية بالكامل من القوات المسلحة+ أحدث غرفة عمليات+ طاقم أطباء وجراحين كبار موجودون ليل نهار لأي طاريء+ أحدث فرقة مراقبة ليل نهار بالكاميرات للطريق المسافر بين شرم والقاهرة, وبين سانت كاترين والقاهرة.. وبين نويبع وطابا والقاهرة..
.......................
......................
بقي أن نقول إن مصر أكبر دولة في العالم في حوادث الطرق.. أكثر12 ألف قتيل كل سنة+40 ألف مصاب غيرهم من الجرحي.. تصوروا!
يا عالم يا هووه أرواح الناس ليست لعبة.. والسياحة في مصر في خطر داهم ولا تتحمل وجود مستشفي هزيل في شرم الشيخ.. يذكرنا بمستشفيات البلهارسيا والانكلستوما بتاعة سنة47 من القرن الماضي!
لمزيد من مقالات عزت السعدنى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.