الكاميرات ليست حلاً «1»    تزايد الإقبال في الساعة الأخيرة بانتخابات النواب بالمنوفية    انتخابات مجلس النواب.. إقبال كثيف على لجان الغربية    عودة سفن «ميرسك» للعبور من قناة السويس ديسمبر المقبل    توسيع القاعدة الضريبية.. كجوك: دول عربية وإفريقية طلبت الاستفادة من تجربتنا    مصر وكوريا الجنوبية شراكة استراتيجية تتجدد    الإخوان.. تحت «مطرقة ترامب»    منتخب مصر في المستوى الثالث.. فيفا يعلن تصنيف قرعة كأس العالم 2026    تشكيل الهلال أمام الشرطة في دوري أبطال آسيا    إدريسا جايي: أعتذر عن صفعي زميلي في إيفرتون    الكرة النسائية.. منتخب الشابات بالأبيض وتونس بالأحمر في بطولة شمال أفريقيا    «مدرسة» خانت الأمانة    محمد إبراهيم رئيسًا للتليفزيون    مراسل إكسترا نيوز بالدقهلية: تنظيم واضح وتسهيلات كبيرة داخل اللجان    طوابير أمام لجان مدينة نصر والبساتين للإدلاء بأصواتهم.. صور وفيديو    انعقاد جولة مشاورات سياسية بين مصر واليونان    «النقل» تكشف حقيقة نزع ملكيات لتنفيذ مشروع امتداد الخط الأول لمترو الأنفاق    فى حضور 2000 من الجمهور بلندن.. ليلة استثنائية لأعمال عبد الوهاب بصوت فاطمة سعيد    أعمال محمد عبد الوهاب بقيادة علاء عبد السلام فى أوبرا الإسكندرية    خصوصية الزوجين خط أحمر.. الأزهر يحذر: الابتزاز والتشهير محرم شرعا وقانونا    ما حكم عمل عَضَّامة فى التربة ونقل رفات الموتى إليها؟ أمين الفتوى يجيب    استمرار حبس رمضان صبحي حتى 30 ديسمبر للنطق بالحكم    محامية فضل شاكر ل اليوم السابع: حالة المطرب الصحية جيدة ومعنوياته مرتفعة    تداول فيديو لشاب يوزع المال لشراء أصوات الناخبين بالشرقية    مباشر تصفيات كأس العرب – فلسطين ضد ليبيا.. سوريا ضد جنوب السودان    بعد انتهاء ساعة الراحة.. استئناف التصويت بمدينة 15 مايو فى انتخابات النواب    تامر هجرس يكشف تفاصيل دوره في فيلم "عائلة دياب ع الباب" مع محمد سعد    من فيلم "السادة الأفاضل".. الحاجة نبيلة تغني "بره هالله هالله" بتوقيع أحمد زعيم    منتخب الكويت يهزم موريتانيا ويتأهل لمجموعة مصر في كأس العرب 2025    الصفدي: الاحتلال سجل 500 خرق لاتفاق وقف النار في غزة.. ولن ننشر قوات بالقطاع    "الصحة" تكشف حقيقة ظهور متحور جديد لفيروس كورونا    استئناف التصويت بعد انتهاء استراحة القضاة وتزايد حضور الناخبين أمام لجان القصر العيني    إعلامي يكشف عن رحيل 6 لاعبين جدد من الزمالك    نائب رئيس حزب المؤتمر: وعي الشعب أسقط حملات الإخوان لتشويه الانتخابات    تأجيل محاكمة 24 متهما بخلية مدينة نصر    وزير قطاع الأعمال يترأس الجمعية العامة للقابضة للأدوية لاعتماد نتائج أعمال العام المالي 2024-2025    أمن المنافذ يضبط 66 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    تأجيل محاكمة الصغير المتهم بإنهاء حياة صديقه بالمنشار في الإسماعيلية    وكيل توفيق محمد يفجر مفاجأة بشأن انتقاله للأهلي في يناير    الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق دبلومة صحافة الذكاء الاصطناعي    محافظ الجيزة: تطوير عيادات الصف والبدرشين وروز اليوسف والبراجيل ومركز كُلى البطران    الداخلية تضبط مدير كيان تعليمي وهمي بالدقي بتهمة النصب على المواطنين    وزير التعليم الإيطالى: أشكر مصر على الاهتمام بتعليم الإيطالية بالثانوية والإعدادية    الداخلية تكشف تفاصيل تعطيل شخص حركة المرور    الوفد الثالث من الملحقين الدبلوماسيين يزور ستديوهات ماسبيرو    وزير التعليم: أتوجه بالشكر للرئيس السيسى تقديرا على اهتمامه البالغ بالتعليم    مكتب الإعلام الحكومي يوثق بالأرقام: مؤسسة غزة تورطت في استدراج المُجوّعين إلى مصائد موت    بعد تصنيف «كارتل الشمس» إرهابية.. أمريكا تستعرض قواتها قرب فنزويلا    مغادرة مئات شاحنات المساعدات معبر رفح البري إلى كرم أبو سالم لدعم أهالي غزة    انسيابية عالية وإقبال كثيف.. الشباب والمرأة يتصدرون المشهد في القليوبية | فيديو    الصين: أجواء المكالمة الهاتفية بين شي وترامب كانت "إيجابية وودية وبناءة"    وزير الصحة: مصر وتركيا شريكان استراتيجيان في بناء أمن صحي إقليمي قائم على التصنيع والتكامل    الافتاء توضح حكم الامتناع عن المشاركة في الانتخابات    باسل رحمي: نعمل على مساعدة المشروعات المتوسطة والصغيرة الصناعية على زيادة الإنتاجية والتصدير    الزراعة تطلق حملة لمواجهة مقاومة المضادات الحيوية في الثروة الحيوانية    «الصحة»: تقديم 21.9 ألف خدمة في طب نفس المسنين خلال 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألبير كامو..الأديب الثائر الذي هزمه القدر!
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 11 - 2013

نستطيع أن نكتب مجلدا عندما نشرع في الكتابة عن الكاتب الفرنسي ألبير كامو(7 نوفمبر41913 يناير1960). فهو ورغم كونه كاتبا مرموقا, وحائزا علي جائزة نوبل في الآداب, وأحد رواد تيار العبث في الأدب والفكر الفرنسي.
إلا أنه أيضا ترجمة مباشرة لكيف تسوق الأقدار الإنسان مهما بلغت ثورته عليها ورغبته في تحديها: فكيف بالمولود لعامل فقير قتل في الحرب العالمية الأولي وتركه يتيما, ولخادمة أمية صماء تقرأ الشفاه لتفهم محدثها, أن يبهر العالم أجمع بإنتاجه الفكري والأدبي المتفرد؟ وكيف لمن اكتشف وهو في السابعة عشرة من عمره أنه مريض بالسل ليظل هذا المرض رفيق السنوات الثلاثين التالية لحياته, أن يموت في حادثة سيارة وليس بسبب مرضه المزمن؟
في الحقيقة, إن هذه المفارقات وغيرها الكثير هي التي ساقت حياة ألبير كامو, فالكاتب الثائر الذي طالما تساءل عن معني الحياة, وطالما تحدث إسهابا عن مشاقها ومتاعبها ومعاناة الإنسان فيها وحيرته من أمرها, الذي طالما أعيته العلاقة بين الإنسان والإله, الذي طالما تحدث عن الانتحار وعلاقته بعبثية الحياة, هو ذاته الذي كون صداقات ثمينة مع جان بول سارتر( قبل اختلافهما) ومع رينيه شار وأندريه جيد وقبلهم أندريه مالرو الذي ساعده في نشر أول أعماله وهي رواية' الغريب' عام1942, وأخيرا صداقته التاريخية مع ميشيل جاليمار( ابن شقيق جاستون جاليمار صاحب دار النشر الشهيرة) الذي ارتحل معه علي درب الموت, فقد كان قائد السيارة التي انقلبت بهما معا علي طريق فيلبلوفان باريس ليموت كامو علي الفور ولينقل جاليمار إلي المستشفي ليلحق بصديقه الأعز بعد أسبوع واحد.
ومازلنا نتحدث عن الكاتب الثائر الذي تزوج مرتين وأنجب ولدا وبنتا, وهو ذاته الذي فاز بجائزة نوبل في الآداب عام1957 واشتري بقيمة الجائزة بيتا فخما في إحدي الضواحي الفرنسية, وهو ذاته الذي ناضل الاستعمار الفرنسي للجزائر البلد التي ولد وتربي فيها حتي سن الشباب مع إيمانه بضرورة الإبقاء علي الجزائر فرنسية الهوي! وهو ذاته كان الكاتب الغربي الوحيد الذي أدان في مقال منشور في جريدة' كومبا' استخدام القنبلة الذرية بعد إلقائها علي هيروشيما بيومين إثنين فقط, وهو ذاته الذي عارض الماركسية والوجودية وجميع الاتجاهات والأفكار التي رأي إنها تحط من شأن إنسانية الإنسان, حتي كتب البعض عنه أنه كان يمثل أحد الضمائر الحية في القرن العشرين! لقد كان ألبير كامو قصة حياة نابضة مناضلة حزينة متصارعة متعمقة. إنه التجسيد الحي لمعني أن يجاهد الإنسان طوال عمره ليتمسك فقط بإنسانيته في الوقت الذي تدفعه فيه الحياة بقسوة مفرداتها ليكون أي شيء آخر. إن كتابات كامو الساحرة البسيطة من الناحية اللغوية, العميقة جدا من الناحية الفكرية, قد منحته جمهورا ومريدين ومحبين بعرض الكرة الأرضية, وبالتطواف في بعض مقولاته المأخوذة من بعض أعماله, يمكننا أن نتبين الزخم العقلي والانفعالي والوجداني الذي كان يسيطر عليه ويدفعه دفعا للكتابة لتخرج هذه اللآلئ فتكتب له اسما من نور في سجل المفكرين الخالدين في تاريخ الإنسانية, ومن ذلك نستطيع أن نقرأ:' أن تبدع هو أن تعيش مرتين'( كتاب الإنسان الثائر),' أن تبدع هو أن تضع شكلا لقدرك'( كتاب أسطورة سيزيف),' أي إنسان هو ضحية لحقائقه'( كتاب أسطورة سيزيف),' يكون الإنسان إنسانا أكثر بالأشياء التي يسكت عن قولها أكثر من تلك التي يقولها'( كتاب أسطورة سيزيف),' إن ما نعجب به في البشر أكثر مما نحتقره'( مسرحية العادلون),' الموت من أجل الفكرة هو الطريقة الوحيدة لأن نصبح علي قدر الفكرة'( مسرحية العادلون),'لا توجد سوي مشكلة فلسفية جادة للغاية: إنها الانتحار. فالحكم بما إذا كانت الحياة تساوي أو لا تساوي مشقة العيش فيها هو الإجابة علي السؤال الأساسي في الفلسفة'( كتاب أسطورة سيزيف),' لقد فهمت أنه لا يكفي أن ننكر الظلم, بل يجب أن نمنح حياتنا لمحاربته'( مسرحية العادلون),' علي العالم أن يتوقف عن كونه ملكا لأفراد الشرطة وللجنود وللمال, يجب أن يصبح العالم ملكا للرجل والمرأة, وللعمل الخصيب, وللهواية بعد تفكير'( مقال أزمة الإنسان).
وفي صباح يوم4 يناير1960, كان ألبير كامو قد اشتري تذكرة للقطار المتجه إلي باريس من إحدي ضواحيها حيث كان يبيت ليلته, إلا أن صديقه الأعز ميشيل جاليمار أصر علي اصطحابه معه في سيارته! وقد رجحت الأقوال أن السرعة الجنونية وانفجار أحد إطارات السيارة كانا سبب الحادث الذي أودي بحياتهما, لكن تذكرة القطار التي وجدت في جيب كامو والمسودة الخطية لعمله الأخير غير المكتمل' الإنسان الأول' التي وجدت أيضا في حوزته تؤكدان أنه رغم كل حيرته وتساؤلاته عن جدوي الحياة, فإنه كان محبا للحياة ومقبلا عليها. هذا هو ألبير كامو الذي يحتفل مركز الأنشطة الفرنكوفونية بمكتبة الإسكندرية بالتعاون مع المعهد الفرنسي بالإسكندرية بالمئوية الأولي لميلاده هذا الشهر, كعلامة بارزة في تاريخ الأدب والفكر الإنسانيين.
لمزيد من مقالات بقلم :د.شيماء الشريف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.